أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نضال نعيسة - ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟















المزيد.....

ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 09:18
المحور: سيرة ذاتية
    


مع هذه "القفلة"، الطبيعية والنهاية، الحتمية التي ستأتي على كل مخلوق على وجه هذه البسيطة، مهما، علا، وسما، وطار وحلق في السما. وما إن أخذ الله أمانته، وسلم ما يكل جاكسون روحه إلى باريها، في السبع الطباق، حسب التراث الإسلامي، حتى ارتفعت كالعادة أصوات من هنا، وهناك، تقول بإسلام مايكل جاكسون، وأنه فارق هذه الحياة الفانية "على الصراط" المستقيم، ودين الحق المعتمد، والمعترف به، فقط، عند الله.

لا ننكر بداية ما لـ"ألراحل الكبير" من مواهب صوتية، وأدائية، وإبداعية ومواهب أخرى ذاتية، قد تعجب البعض، وقد لا تعني أي شيء للبعض الآخر. لكن هذا الإبداع والتميز والموهبة لا علاقة لها، بأية معايير واعتبارات أخرى، ول يمكن ربطها، بدين، وفئة، وهوية. وقد يكون هناك خوف وخشية من ربط هذه المزاعم والتصورات بنزعات عنصرية وفاشية وغير إنسانية. ونرى فيه شططاً وشطحات، لا تليق بدين من الأديان، ولا فئة من الناس.

ويؤسفنا جداً، بنفس الوقت، أن نخذل كل من احتفى بمايكل جاكسون، واعتبره مسلماً، فإن سلوكه "العنصري"، لم يخرج، بالمطلق، عن نطاق عنصرية جارحة، وفوقية تائهة، لا نرضاها له و لأي من الناس. فعقدة اللون، طغت على سلوك مايكل، وأفنى حياته في سبيل "الخروج من جلده"، وتغييره، والظهور بثوب، ومظهر جديد، وهذا غير لائق بحق فنان كبير، ومبدع، وأصيل كمايكل جاكسون. فالتبرؤ من الأصل واللون والهوية والانتماء الفطري والطبيعي، ومحاولة تلبس هوية جديدة غير متجانسة ومكشوفة هي ما تسيء للإنسان، وهي ليست من سمات أي إنسان سوي. ونستذكر اليوم كثيراً من السلوكيات والمظاهر الاجتماعية للطبقات الاجتماعية محدثة النعمة، والتي هبطت عليها الثروات الأسطورية من "غامض علمه"، واتسم سلوكها بالضياع وأحيانا الكاراكوزية، فلا هي استطاعت أن تتكيف مع الثوب الجديد، كما لم، ولن يكون بإمكانها العودة للثوب القديم، والنتيجة، ضياع قيمي، وسلوكي، وانفصام نفسي وعقلي.

إن المحاولة المستميتة من مايكل جاكسون للظهور بمظهر الرجل الأبيض الوسيم والبورجوازي، أو الاستقراطي النبيل، والتنكر لطبقة، وشريحة اجتماعية أنتجته، هي إهانة لكل تلك الطبقة التي لا تستطيع أن "تغير جلدها"، والكل يعلم ما هي التضمينات غير الأخلاقية والسيئة في التراث العربي والإسلامي بالذات لمن "يغير جلده"، وقد قيل في هذا الشيء الكثير. كما أن الشيء الأهم أن الطبقة الجديدة، التي حاول جاكسون نسبة نفسه إليها، قد لا يعترف كثيرون من "عنصرييها"، بانتمائه لهم، لا بل قد يتهكمون على هذا الوافد الجديد.

ولا أدري لماذا يحاول البعض أن يلصقوا أنفسهم بآخرين، أو يلصقوا آخرين بهم، وما هو المكسب وما هي الفائدة المرتجاة؟ فالإبداع في التاريخ الإنساني ليس ميزة دينية، بقدر ما هي ميزة وسمة بشرية عامة يشترك بها جميع الناس وليس حكراً على مجموعة من الناس. ولو أجرينا حسبة بسيطة على الإبداعات البشرية الكبرى والخارقة والتي غيرت وجه التاريخ، لما وجدنا للمسلمين فيها، وبكل أسف وحسرة، أي نصيب فيها( اختراع الطائرة والتلفون والتلفزيون والسيارة والكومبيوتر والفتوحات الطبية والموبايل والنت وحتى موسيقى البوب والجاز محتقرة ومحرمة في أدبيات الإسلام وخطب وزارات الأوقاف ....إلخ). بل ما زال قسم كبير من المسلمين يقفون بالضد من الحداثة والتنوير والعصرنة والعلمنة التي كانت الحواضن الثقافية لمعظم لإبداعات والابتكارات الإنسانية العظيمة الكبرى التي ننعم بها اليوم.

والسؤال الأهم، لماذا لا يحتفون بآلاف المبدعين والمميزين والعباقرة العرب والمسلمين، ويحاربونهم ويضيقون عليهم ويطاردونهم في كل مكان؟ كما تموت وتدفن كل يوم الآلاف من المواهب والإبداعات. وماذا لو كان مايكل جاكسون، ومثله مثل زيدان وغيرهم كثيرون، قد ولد في أرض عربية ومسلمة، وهو بلونه الأصلي، وعائلته وأصله الفقير وليس من المحسوبين والمقربين والعائلات والقبائل والعشائر والبطون والأفخاذ الناجية، والسلالات القدرية الحاكمة ذات الدم الأزرق؟ لا شك بأن أحداً ما، ما كان سيسمع به على الإطلاق. ولربما كان من محرومي الجنسية، أو البدون، أو عاطل عن العمل.....؟ فلماذا احتفاؤهم بمايكل جاكسون إذن؟ يمكن تلخيصه بكلمة واحدة، وهي عقدة النقص، أو الـ Inferiority Complex التي تشعر الكثيرين بغربتهم عن العصر، وقيمه، وإبداعاته، وعجز فاضح عن إنتاج أي منها، وهم يحاولون من خلال ولوج أبواب "الشرعية العصرية"، من خلال نسبة هذا وذاك لهم.

أثناء عملي في التدريس في مدن البؤس، وأحزمة الفقر، هنا وهناك، مر علي من الطلاب والتلاميذ العباقرة، وذوي العقول النظيفة الخلاقة والمبدعة، وكأنهم حواسيب إليكترونية ذات سرعان عالية، وتعمل على مدار الساعة، وترى الإشعاع الإبداعي في العيون البراقة، وتتلمسه في كل حركة والتفاتة وإيماءة، وما إن كنت أطرح سؤالأً حتى تأتيني الأجوبة الشفوية السريعة والصحيحة. ولكن بعد أن مرت سنون، وتوالت أيام، وتبدلت أزمنة، وجدت بكل صدق وحسرة، من هم من بين نفس أولئك الطلاب العباقرة، من امتهن بيع أوراق اليانصيب، أو أصبح سائقاً عمومياً، أو متصعلكاً في الشوارع، أو حتى خارجاً عن القانون، ومنهم من طواه النسيان وذاب في زحمة الجموع والدهماء وصار منهم، ومنهم من "فقع"، وطق ومات، ومنهم، من أكاد أجزم بأنه أكثر عبقرية من مايكل جاكسون، وزيدان، وربما، وبكثير من التحفظ، والتردد، والاستحياء، إينشتاين.

هناك اليوم الملايين من جياع وفقراء العرب والمسلمين، وفيهم مختلف الطاقات والمواهب والإبداعات، وإذا استثمرت على نحو معقول، فسيكون مايكل جاكسون، مجرد شخصية عادية جداً أمامهم. وبدلاً من أن تسفح الثروات العربية الخرافية عبثاً هنا وهنا، ويسرقها، مادوف آخر في البورصات، فإن أولئك، الأطفال والفقراء هم أولى وأجدر وأحق بالاهتمام من الاحتفاء بإسلام مايكل جاكسون، وهدر الملايين على برامج دعائية عليه، حيث أننا لم نلمس أية فائدة، وأثر، يذكر لإسلامه كما لإسلام غيره من المطربين كيوسف إسلام، مثلاً، سوى الدعاية الرخيصة والبروباغاندا الفارغة لتنظيمات الإسلام السياسي وأبواقها، هنا وهناك.

أليس الأقربون أولى بالمعروف؟ و أليس الحي أبقى، وأفضل من الميت، وكله من تراث وأدبيات الإسلام؟






#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوانين لأحوال غير طبيعية
- هل كان إعدام سقراط عادلاً؟
- الجنس الجماعي الثلاثي
- قانون أحوال غير شخصية
- من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها
- لماذا يحتفي إعلامنا بالفساد في الأرض؟
- إنها لم تنقرض يا...أدونيس
- صفقة دمج عملاق بين إنتل، ونوكيا
- العرب والبكاء على الديمقراطية في إيران
- بين عبير العراقية، وندى الإيرانية
- الموناليزا العارية: حقيقة أم أسطورة؟
- فاغنر والنازية: حقيقة أم أوهام؟
- التكنولوجيا الثورية
- الحيوية الإيرانية
- الزلازل المصرفية تعصف بالخليج
- بدء التحقيقات السرية بشأن الحرب في العراق
- الحل في حل الدولتين
- من يقف وراء فوز أحمدي نجاد؟
- من هو الفائز الحقيقي في انتخابات لبنان؟
- ماذا يحدث في إيران؟


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نضال نعيسة - ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟