أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي















المزيد.....

مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2710 - 2009 / 7 / 17 - 09:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لا أدري أي قدر " أحمق الخطى"، قاد كثيرين للسفر والعمل في دول المنظومة البدوية في الخليج الفارسي، لولا أنه الحظ العاثر، واللعنة الأبدية الخفية السيزيفية التي تطارد الإنسان مذ وطأت قدماه هذا الكوكب السحري، لعنات مجهولة تحل على الكائن الحي فتحيل حياته إلى سواد بسواد. فهنا، في مشيخات العبيد، لا كرامة لأحد، ولا حق، ولا اعتبار، ولا ضمانات تقاعدية ولا مستقبلية ولا من أي نوع كان لأي إنسان كان، ومهما عمل وأقام وأمضى من الأيام. إنها العبودية والنخاسة والاسترقاق الذي ما زال يمارس علناً في الألفية الثالثة في هذه المنظومة القهرية النخاسية الاسترقاقية الخارجة عن جميع المواثيق والقوانين البشرية وحقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وتتحدى كل ما توصلت إليه البشري من قوننة وجمال ومبادئ وتشريع. إنها تكتب أسوأ فصول التاريخ البشري، وتكمل، وبأمانة عز نظيرها، نفس سيرة الدم، وقصص العنصرية، ومسيرة الظلم، وبرنامج التدمير، ونهج التحثيل والتجهيل والتسفيل الذي اختطه، آنفاً، الغزاة البدو الأعاريب من كبار سفاحي التاريخ، منذ أن عولموا غزوهم البدوي خارج صحراءهم تحت الرايات المقدسة، دمروا بعدها الحضارات الزاهية، وأحرقوا الأخضر واليبيس. إنها تكرّس للأجيال المتعاقبة، جيلاً بعد جيل، رسم تلك الصور الأبدية السوداء، واللوحات المدمـّاة، التي رسمت، باقتدار، ذات يوم، في مرآة التاريخ والأيام.

فكم من صديق، ومعرفة، وقريب، وغريب، عبـّر عن ألمه، وحزنه، وأسفه وندمه، عن كل يوم قضـّاه في تلك الربوع البدوية الخارجة عن القانون الدولي، والتي أكلت من عمره وزهرة شبابه وصحته، دون جدوى، حيث تنعدم الحريات، والكرامات، والحقوق وضمانات الحياة، وحيث ما زال يستعبد، ويباع ويشرى فيها الإنسان. ( أدانت منظمات حقوقية دولية متعددة مشيخات العبيد البدوية لاتجارها غير المشروع بالأطفال، وذلك لاستخدامهم – للأطفال- في سباقات الهجن. (أمـّا وضع المرأة والأقليات والقوميات والإثنيات، فحدث ولا حرج). وكان هؤلاء الأطفال "المستوردين"، والذين ما زالوا يستخدمون في هذا النوع من السباقات المحرمة دولياً، يصابون بأمراض وعلل وعاهات مستديمة، وخلع ورك، وارتجاج بالدماغ، وتهتك بمختلف الأعضاء، نتيجة "ربط-هم" القسري على ظهور هجن المملوكة للشيوخ ( أي يصبح الطفل والبعير هنا في نفس المكانة، ولا ضير في الفقه البدوي). ومن الجدير ذكره، أنه، في ذات الوقت، الذي كان فيه هؤلاء الأطفال اليتامى "المباعون" للشيوخ، يعانون آلاماً نفسية وجسدية مهولة، كان الشيوخ وأزلامهم والمعجبون بعبقرياتهم النادرة، يصفقون لهجنهم وبعيرهم ويطربون فرحين بإنجازاتها التاريخية العظيمة غير آبهين بآلام الطفولة وقيم الجمال، وأية قيمة إنسانية جمالية أخرى لا تعني شيئاً في مشيخات العبيد).

من جهة أخرى، أصدرت السعودية قانوناً جديدا، ًعلنياً، لمكافحة الاتجار بالبشر، ويعتبر هذا اعترافاً علنياً ورسمياً طال انتظاره بممارسة هذا النوع من التجارة المحرمة في بلاد الحرمين، كما يسمونها، غير أنه سيبقى ممارساً، من جهة أخرى، بسبب عدم إلغاء نظام الكفيل العنصري، أي أن القانون ليس إلا نوعاً من ذر الرماد في العيون، وخضوعاً وامتثالاً أمام الضغط الدولي والإحراج الذي تتسبب فيه الممارسات العنصرية والاسترقاقية في المنظومة البدوية. وقالت وكالة الأنباء السعودية، أنه، وبموجب التشريع الذي أقره مجلس الوزراء يواجه التجار عقوبة تصل إلى السجن 15 عاماً، أو غرامة تبلغ مليون ريال، 266700 ألف دولار، أو العقوبتين معاً. ويقضي هذا القانون، أيضاً، بإنشاء هيئة لمكافحة الاتجار بالبشر،(لاحظوا الاعتراف الرسمي العلني)، ومساعدة الضحايا على العودة إلى الوطن الأم أو البقاء في المملكة( هل هناك اعتراف أبلغ من ذلك بالرق والعبودية؟) وكانت أصدرت مؤخراً دول خليجية أخرى، وبعد أن طفح الكيل ووصلت الروائح وفاحت في السماء، مثل سلطنة عمان والبحرين والإمارات قوانين مشابهة، شكلية وغير فعالة، لمكافحة الاتجار بالبشر. علما بأن نظام ما يسمى بالكفيل وحجز جوازات سفر العاملين لدى صاحب العمل ومنعهم من السفر أو المغادرة أو حتى التنقل داخل السعودية دون إذن مسبق يدخل ضمن العبودية والرق والنخاسة والاتجار بالبشر المعمول بها رسمياً في مشايخ العبيد). والغرابة أن هذه الممارسات لا تستفز البلاشفة ولا المراكسة ولا الملابرة المقيمين والمتعيشين على الريع العبودي؟

فلم يكن أي من أولئك الوافدين, هكذا يسمونهم في مشيخات العبيد، يدري بأنه يضع رقبته ومصيره في مهب الريح في ظل ونير قوانين بدوية عبودية جائرة ظالمة لا ترحم ولا تعترف بحق، ولا بقيمة، ولا بكرامة ولا بجمال. ورهن مصيره بيد من لا يعطي أية قيمة لإنسان على الإطلاق. ولا تزال جموع المهاجرين إلى تلك المنطقة الصحراوية من العالم تعاني الويلات من الاضطهاد، والمهانة، وإنكار الحقوق، والازدراء، والعنصرية، والاحتقار، والتنكيل، والانتهاك الصارخ لأبسط حقوق الإنسان.

وبمقارنة بسيطة بوضع "الزملاء"، والأصدقاء، والمعارف، والأقرباء، الذين سافروا إلى ديار "الحرب"، وبلاد اليهود، والنصارى، والمشركين، ( حسب الخطاب الرسمي المعتمد من هيئات الإفتاء في مشيخات العبيد)، يدرك كثيرون حجم الخسارة الفادحة التي حاقت بهم، وكـَمّ المغامرة الفاشلة التي قاموا بها والداهية التي سقطوا فيها، ومدى ما ارتكبوه من جريمة منكرة بحق أطفالهم وأنفسهم ,وأسرهم. فمن مكث أربع سنوات في أي من هذه الدول "الكافرة والمشركة"، سيحصل على جنسية الوطن الجديد وستفتح له طاقات القدر من أوسع أبوابها، وسيتمتع بضمانات اجتماعية وصحية ومستقبلية وحياتية وأسرية ومعاشية مدى العمر، ويحقق ما لا يحلم به من عز وجاه في مشيخات أبطال سباقات الهجن والبعير. فما إن يحصل الإنسان على الجنسية، أو حتى الإقامة النظامية، في بلد "كافر ومشرك"، حتى يتمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الأصليون من العرق الآري أو الإسكندنافي والأنغلوساكسوني السلافي، وينافسهم في أوطانهم، ويرتقي لرتبة نائب، ووزير، وربما يصبح رئيساً لأكبر وأعظم إمبراطورية في التاريخ كما هو الحال مع باراك أوباما. ( (طوبى هنا للكفار والمشركين، وسحقاً للبدو الأعاريب). قال لي بالأمس صديقي (مازن. ش)، في حوار مسنجري طويل، وهو مقيم في دولة أوروبية منذ حوالي العشرين عاماً، بأنه يحصل على تقاعد شهري يبلغ ألف يورو، وزوجته نفس الأمر، أي ألفا يورو شهرياً، ويحمل جواز الاتحاد الأوروبي، ويتنقل بسهولة واحترام في عموم العالم، فيما تجري اليوم، وفي نفس الوقت، عمليات طرد وترحيل جماعي لعشرات الآلاف من العرب والمسلمين من مشيخات العبيد، وهم صفر اليدين، ومن دون أية ضمانات أو تعويضات لا مادية ولا معنوية.

وكم عاد كثيرون من تلك المنظومة البدوية مطرودين، وخاليي الوفاض، ومن دون أية ضمانات، بينما راكم زملاؤهم من حملة الجنسيات الغربية الثروات، وأهم ما استحوذوا عليه هو تلك الجنسية الغربية التي "ترفع الرأس"، وتعني ضمانات حياتية أبدية، لهم ولأطفالهم، من الفقر والجوع والاضطهاد والظلم وبخس الحقوق وهضمها الذي لاقوه في مشيخات العبيد.

لم يبق في العالم أية عبودية قانونية ومشرعنة إلا في هذه المنظومة البدوية الخليجية التي تتجلبب بمظاهر من التمشيخ والتأسلم والتدين والتدروش الكاذب والمخادع،( والله وحده يعلم ما تحت تلك العباءات والجلابيب)، وما زالت تنكر على الناس أبسط الحقوق وتعاملهم كعبيد. لا بل إن نزع الجنسية، وتناسل طبقات البدون المنتشرة بكثرة في تلك المنظومة، وتسلط قبيلة أو عائلة أو أسرة دون غيرها على البلاد والعباد وامتلاك مصائرهم والتحكم بحياتهم، وتماماً، كما في عصور النخاسة والرق والعبودية والسبي ( السبية لم تكن تملك أي حق من الحقوق فكانت تباع وتشرى وتهدى وتوطأ من غير إحم ولا دستور، وهذا هو حال الخادمات والسواقين وأعداد لا حصر لها من "الوافدين" في مشيخات العبيد)، كما بالنسبة لازدياد عمليات الطرد والترحيل الجماعي والفردي والعائلي، والفصل التعسفي والمزاجي من العمل، والحجز اللا قانوني، وعدم وجود قانون ودستور مكتوب أو نظام قضائي وحقوقي ومحامين ومرافعات أو أية حقوق دفاعية للمتهمين، وإنهاء الخدمات و"التفنيش" من دون أية أسباب ولا حتى تعويض هي أبلغ دليل على أن قوانين العبودية والاسترقاق واستغلال الإنسان والحط من كرامته وقدره هي العليا والسائدة، وهي أهم ما يميز الحياة في مرابع البدو الأعاريب. ولا شك أنه حين لا يملك الإنسان أي حق من حقوقه، ولا يستطيع المطالبة به، ولا يملك أية وسيلة لذلك، ولا أحد يعترف لا بوجوده ولا بكيانه، ولا ينظر لمعاناته، ولا يحترم إنسانيته، فعندها لم يكون أكثر من مجرد، عبد، وأي عبد رخيص وذليل.

ألا يبدو العيش، في الغابات والأدغال، ومع الوحوش الضارية والديناصورات الفانية، أكثر أمناً وضماناً ورحمة وأملاً بحياة هانئة، لا بل متعة، من العيش في مشيخات العبيد في مضارب البدو الأعاريب؟


ملاحظة هامة: سيتم إرسال نسخة من هذا التقرير إلى السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. كما سيقوم كاتب هذه السطور بترجمته إلى اللغات الحية، ونشره على أوسع نطاق، تضامناً مع المضطهدين من أجل مكافحة النخاسة، وفي سبيل القضاء على العبودية واسترقاق الإنسان، والاتجار بالبشر الذي تمارسه علناً مشيخات العبيد في الخليج الفارسي.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائح الجنس تطارد الرئيس كنيدي إلى القبر
- جمعيات حقوق الإنسان السورية في قفص الاتهام
- إعادة اكتشاف كونفوشيوس
- أرفعوا أيديكم عن المرأة
- هل الثقافة الجنسية ضرورية في المدارس؟
- إعلام الموبايل من الصين إلى إيران؟
- لماذا المطالبة بالجزر في الخليج الفارسي؟
- ما هو سر هذا الحقد البدوي على إيران؟
- من الذي قطع أذن فان كوخ فعلاً؟
- ماذا يعني إسلام مايكل جاكسون؟
- قوانين لأحوال غير طبيعية
- هل كان إعدام سقراط عادلاً؟
- الجنس الجماعي الثلاثي
- قانون أحوال غير شخصية
- من الفتوى إلى الجهاد: قضية رشدي وتراثها
- لماذا يحتفي إعلامنا بالفساد في الأرض؟
- إنها لم تنقرض يا...أدونيس
- صفقة دمج عملاق بين إنتل، ونوكيا
- العرب والبكاء على الديمقراطية في إيران
- بين عبير العراقية، وندى الإيرانية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - مشيخات العبيد: كنتُ عبداً في الخليج الفارسي