|
كيتساف والقاضي العربي جورج قرّا
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2602 - 2009 / 3 / 31 - 09:12
المحور:
المجتمع المدني
قد نَمقِتُ أحيانا ظرفًا مُعيَّنًا ... قد نمقت تصرّفًا مُعيّنًا...فنصرخ ونرفع عقيرتنا قائلين : ظلم وقع...إجحاف حلّ !!! ولكنّ الحُّرّ هو رجل المواقف ، رجل المهمّات الصّعبة ، الرجل الذي يقول للأعور أعور " بعينه" وللحقّ زِه وبوركَت يمينكَ. ولعلّ التربية الصحيحة ، المُمنطقة بالحرّية ، والمُسوَّرة بالديمقراطية الحقيقية ، هي هي الميزان الحقيقي، فالديمقراطية تُربّي وتُدرّب النّفس على قولة الحقّ ، بل على الفصل بين القمح والزؤان ، والغثّ والسمين ، حتّى ولو كان الأمر موجعًا لا يروق لنا.
مَن مِنّا لم يسمع عن قضيّة موشيه كتساف رئيس دولة إسرائيل السابق ، والذي أتهم بالاغتصاب والتحرّش الجنسي ، وأحيل إلى القضاء ، وسيُبتّ بمصيره قريبًا. موقف لا يزيد إسرائيل شرفًا ولا يرفع من قيمة هذا الرجل المسئول الذي كان الى عدة أشهر خلت الرجل الأوّل في الدولة ، كيف انحدر به الزّمن إلى مزالق مُخجلة قد تطيح به إلى إحدى الزنزانات . لستُ أعرف إن كان بريئًا أم مذنبًا ، فالمحكمة هي وحدها التي ستُقرّر ، والعدل هو الذي سيقول كلمته ، مع أنّ الاتهام شائك ، مُخزٍ وفظيع. لا أدّعي المعرفة ولا أعرف الحقيقة ، ولكنني أعرف حقيقة اخرى واضحة وضوح الشّمس : أنّ هذه المحاكمة على ما فيها من إحراج كبير لإسرائيل ، تحمل وتُظهر الديمقراطية الإسرائيلية في أبهى حُللها ، في منطقةٍ لا تخلو من كنسٍِ المخالفات والجرائم تحت السُّجاد ، فكم من زعيم عربيّ يغتصب ليس فقط الحسناوات بل مقدرات الشعب كلّه ، ويصول ويجول في دنيا الرذيلة ، ولا يلقى الا التصفيق والتأليه. وكم من سيّاسيّ كبير في عالمنا الشّرقيّ غزا المُحصنات ، فلم يفز الا بالتهليل والتكبير والتصفيق لرجولته وفحولته. لست بصدد أن القيَ التُّهم جُزافًا ، ولكنه الواقع المرير المُبطَّن بالكلام المعسول ، والمُصان بالجند والمخابرات وقوى الظلام المرئية وغير المرئيّة. واستمرارا لهذه الحقيقة ، حقيقة الديمقراطية الإسرائيلية الحقّّة ، تأتي خطوة أخرى لا تقلّ عنها انفتاحًا ، حيث أن القضاء الإسرائيلي أختار لهذه المهمّة الصعبة، والأولى في تاريخ الدولة ، اختار قاضيًا عربيًا . صحيح أنه قاضٍ مشهود له بالعدل والحزم والمواقف الجريئة ، وقد سبق وبتّ في الكثير من القضايا الجنائية الشرسة ونال إعجاب الجميع ، نعم انه رجل المهمّات الصعبة ، والقضايا الشائكة ، والعارفون ببواطن الأمور الناصتين أبدا لصوت الحقّ يُقرّون أنّه لا يخشى في الحقّ لومة لائم ولا يهاب الا ساكن الأعالي ، ولكنه يبقى عربيًا ، ومن الأقلية العربية . انّه قاضي المحكمة المركزية ، ابن يافا البارّ جورج قرّا ، فتأملوا معي ...قاضٍ عربيّ يُنتخب ليحاكم رئيس دولة اليهود !!! أليس هذا الشيء ملفت للنظر ويدعو الى الوقفة والوقفات ؟ ...أليس هذا سبَقٌ يضاف إلى هذه الديمقراطية سواء أحببنا أعمالها أو لم نحبّها ، وسواء صفّقنا لها ام لم نُصفِّق ، ولكنها قولة الحق العاري !!!...
عربيّ من الأقليات ينتخب الى جانب قاضيتين !!-أيضًا مكرمة- ليحاكم رئيس الدولة السّابق ..أمر جلَل . جورج قرّا سيكون المسئول الاوّل ، وهو الذي سيدير الدّفة ، وهو الذي سيقول الكلمة الفصل : " أنت مذنبٌ "...أم "أنت بريء" ...الى غياهب السجن أو إلى الهواء الطّلق !!! أمر يدعو الى الاحترام .
سعادة القاضي جورج قرّا نرفع قبعتنا احترامًا لك ، ونُصلّي لساكن الأعالي أن يهبك حكمةًُ ، لترفع الحقّ كعادتك عاليًا ورؤوسنا كذالك..
وأخيرًا ماذا علينا لو تعلّمنا من غيرنا أصول اللعبة الديمقراطية؟!!!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديثُ النَّهر
-
آه منك يا زمن
-
أمّاه.....أنتِ لوحةُ الأزل
-
الأمّ والأمّ الأخرى_ قصّة للأطفال
-
إمّي ...شعر للاطفال
-
وعُدْتُ الى بحر الجليل
-
نحنُ لا نُتقن اللُّعبة
-
يخافون ...מפחדים
-
الزّهرةُ المُنسحقةُ تفوحُ شذىً
-
عُرس الثّامن من آذار
-
لسْتَ مَدينًا لأحدٍ
-
فيروز....نُحبُّكِ كما أنتِ
-
شوقي اليْكَ يزيد
-
شلاين إنّنا نسامحكَ
-
مملكة الاحلام - قصّة للاطفال
-
نفسي مُستكينة
-
رسالة منسيّة الى باراك اوباما
-
كانت خاطئة
-
وانتصرت الإنسانيّة
-
وطني الغالي-لحن على دلعونا-
المزيد.....
-
النيابة التونسية -تتحفظ- على مدافعة بارزة عن حقوق المهاجرين
...
-
تونس: توقيف رئيسة منظمة -منامتي- التي تناهض العنصرية وتدافع
...
-
رئيس البرلمان التونسي: الادعاءات بالتعامل غير الإنساني مع ال
...
-
أزمة مياه الشرب تزيد محنة النازحين في القضارف السودانية
-
الأمم المتحدة: غوتيريش سيوجه رسالة إلى بوتين بشأن تنصيبه
-
رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: إسرائيل غير راغبة
...
-
تحقيق لبي بي سي يكشف شبكة عالمية لتعذيب القرود
-
-كرّمها بلينكن-.. القضاء التونسي يأذن بالاحتفاظ برئيسة جمعية
...
-
الأمم المتحدة: مخزونات الغذاء بغزة تغطي الاحتياجات من يوم إل
...
-
كاميرا العالم تنقل جانبا من معاناة النازحين الفلسطينيين في ر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|