أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!















المزيد.....

أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 08:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


السياسة القوية الحيوية الفاعلة ليست دائما على وفاق مع المبادئ التي تضرب جذورها عميقا في عالم آخر هو عالم العقائد الفكرية على اختلاف منابتها وأصولها، مع أنَّ الاختلاف الطبيعي بين العالمين، عالم السياسة وعالم العقائد، لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ سورا صينيا يفصل بينهما، أو يجب أن يفصل بينهما.

والسياسة، حتى في القذر منها ممارسةً وفعلاً وعملاً، هي الطريق إلى المبادئ التي تُرْجِمت بـ "أهداف نهائية"؛ ولكنها ليست بالطريق المستقيمة، فهي طريق من خواصها الجوهرية: الانعطاف إلى اليمين، أو إلى اليسار، التراجع كثيرا، أو قليلا، الصعود والهبوط، السير خطوة خطوة، أو القفز، الإسراع في السير، أو الإبطاء.

هندسياً، الخط المستقيم هو المسافة الأقصر بين نقطتين؛ أمَّا في العالم الواقعي للسياسة فالخط المنحني، المتعرِّج، هو المسافة الأقصر بين نقطتين سياسيتين؛ ولقد أتت التجارب السياسية الكبرى بما يقيم الدليل على أنَّ "التنازل" ليس شرَّا خالصا، فطالما أفضى التنازل، الذي تُكْرِهنا عليه الوقائع العنيدة، إلى اختصار وتقصير الطريق إلى الهدف النهائي، الذي هو العقيدة الفكرية وقد لبست لبوس السياسة.

على أنَّ هذا لا يعني أنَّ السياسة القوية الحيوية الفاعلة هي التي يستبد بها، وبأصحابها، الميل إلى التنازل، فالتنازل جزء من هذه السياسة؛ ولكنه لا يَعْدِلها. إنَّ الواقع، والواقع وحده، هو القوة التي يمكنها، ويحق لها، أن تدعونا إلى التنازل، وأن ترغمنا عليه.

أمَّا ما حملني على الدخول إلى السياسة في عالمها الفلسطيني من هذا المدخل فهو مؤتمر شرم الشيخ بما قرَّر، وبما أنتج من تحدٍّ جديد للفلسطينيين كافة.

لقد أظهر المانحون الماليون في هذا المؤتمر كرما وسخاء عجز عن إظهارهما حتى حاتم الطائي؛ وعلى الفلسطينيين الآن أن يتغيروا سياسيا بما يسمح لهم بتحويل هذا المبلغ الضخم من القطع النادر إلى سلع وبضائع وأجهزة ومعدات ومواد.. لا بد منها من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية أوَّلا (الجوع، والمرض، ونقص الدواء، والمنازل والمدارس المدمرة..) ومن أجل إعادة بناء البنى التحتية من ثم.

ليَتَّفِق القادة الفلسطينيون أوَّلا على ما يدعوهم الواقع إلى الاتفاق عليه، والذي لا يمكن أن يختلفوا فيه، ويتنازعوا، إلاَّ إذا ظلوا مستمسكين بمواقف تنبع من مصالح فئوية ضيقة، وتجعلهم حتما منفصلين تماما عن الواقع، الذي كلَّما أمعنوا في الانفصال عنه اتسعت الهوة بينهم وبين المصالح العامة والحقيقية للشعب الفلسطيني.

ولا شك في أنَّ الإقرار بأن مهمة الساعة هي إعادة إعمار قطاع غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية لسكانه، هو أوَّل وأهم شيء يمكنهم، وينبغي لهم، الاتفاق عليه. على أنَّ هذا الاتفاق على ما يشبه بديهية هندسية لن يكون بذي معنى، ولا بذي وزن واقعي، إذا لم يتحلُّوا جميعا بفضيلة التنازل المتبادل، والتنازل للواقع نفسه أأعجبهم أم لم يعجبهم، فليس من سياسة فلسطينية سليمة وصائبة الآن سوى التي يمكنها أن تذلل العقبات من طريق إعادة إعمار قطاع غزة.

ولقيادة "حماس" نقول: لا تستخذوا أبدا للضغوط السياسية الكامنة أو الظاهرة في ما قرَّره مؤتمر شرم الشيخ من مساعدات مالية من أجل إعادة إعمار قطاع غزة؛ ولكن لتُظْهِروا، في الوقت نفسه، القدرة على القيام بإعادة الإعمار، التي لا مهرب منها، بمنأى عن تلك الضغوط. لتَجْمَعوا ما يكفي من "المال الحلال سياسيا"، ولتُدْخِلوه إلى قطاع غزة، ولتُحوِّلوه (وهذا هو الأهم) إلى ما يكفي من سلع وبضائع وأجهزة ومعدات ومواد.. لإعادة الإعمار.

إذا استطعتم إلى ذلك سبيلا فإنَّ الامتثال لتلك الضغوط، أو لبعضٍ منها، هو أسوأ سياسة يمكن أن تأخذوا بها. أمَّا إذا لم تستطيعوا فيجب ألاَّ تقفوا مواقف يمكن أن تمنع إعادة الإعمار، أو تُظْهِركم على أنكم عقبة في طريق إعادة الإعمار.

أمرٌ واحدٌ فحسب أنتم محقُّون فيه تماما، ولا بدَّ لكل فلسطيني من أن يؤيِّدكم فيه ولو كانت العاقبة هي بقاء المُدمَّر مُدمَّرا في قطاع غزة، هو أن ترفض "حماس"، بصفة كونها منظمة سياسية فلسطينية، تلبية الشروط الثلاثة للجنة الرباعية الدولية، وفي مقدَّمها شرط الاعتراف بإسرائيل، من أجل إعادة إعمار قطاع غزة.

والسؤال، الذي ينبغي لإجابته أن تستبد الآن بتفكير قيادة "حماس"، على ما أعتقد، إنَّما هو الآتي: كيف يمكن جسر الهوة بين رفض الاستخذاء لشرط الاعتراف بإسرائيل، وغيره من شروط اللجنة الرباعية، وبين تذليل، وضرورة تذليل، العقبات من طريق إعادة إعمار قطاع غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية لسكانه؟

في الإجابة التي أقْتَرِح، والمبنية على فرضية أنَّ "حماس" لن تتنازل عن حقها في أن تكون جزءا، وجزءا كبيرا، أو الجزء الأكبر، من حكومة ائتلافية فلسطينية جديدة، يُتَّفق على قيامها في آذار الجاري، أقول إنَّ "حماس" مدعوة إلى أن تقف موقفا سياسيا متناقضا؛ ولكنه متسم بالإيجابية إذا ما قيس بميزان المصلحة العامة للفلسطينيين الآن. وقوام هذا الموقف المتناقض هو أن تعلن "حماس"، بصفة كونها منظمة سياسية فلسطينية، استمرار التزامها رفض الاعتراف بإسرائيل، ورفض الاستخذاء لشروط اللجنة الرباعية الدولية، وأن تعلن، في الوقت نفسها، مشاركتها في حكومة ائتلافية فلسطينية، مستوفية لشروط اللجنة الرباعية الدولية.

ويترتَّب على ذلك أنْ تتمثَّل "حماس" في هذه الحكومة بما يسمح لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن يخاطب العالم قائلا إن لديَّ الآن حكومة فلسطينية مستوفية الشروط الدولية لإنهاء الحصار، وفتح المعابر كافة، ولديها من "الالتزام الأمني"أيضا، ما يخلق بيئة أمنية ملائمة لاستثمار الأموال الدولية في إعادة إعمار قطاع غزة.

وعند الحديث عن "الالتزام الأمني الفلسطيني" لا بدَّ من توضيح أنَّ "الهدنة" بين إسرائيل وقطاع غزة هي الآن، وأكثر من ذي قبل، حاجة فلسطينية، فإذا لم تتحقق فلن يُعاد بناء قطاع غزة، وسيُدمَّر، مرة أخرى، المُعاد بناؤه.

و"الهدنة" لجهة مدتها لا تُحسب إلاَّ سياسيا، فالقائلون بضرورة ألاَّ تزيد عن ستة أشهر إنَّما يغفلون حقيقة أنَّ إعادة إعمار قطاع غزة ستستغرق سنتين على الأقل. إنَّ للفلسطينيين في قطاع غزة حقا لا جدال فيه في أن يقاتلوا جميعا دفاعا عنه إذا ما شنت إسرائيل الحرب عليه؛ ولكن لهم، في الوقت نفسه، مصلحة، ومصلحة حقيقية وكبرى، في أن يفهموا ويمارسوا المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، والتي هي حق لا جدال فيه أيضا، بما يدرأ عن قطاع غزة وسكانه مخاطر وشرور آلة الموت والدمار الإسرائيلية، فليس من المصلحة الفلسطينية في شيء أن تُضرب سديروت بصاروخ يخلِّف أضرارا نفسية، لتقوم آلة الحرب الإسرائيلية، بعد ذلك، وبذريعة ذلك، بتدمير عشرات الألوف من المنازل الفلسطينية على رؤوس قاطنيها.

ونحن يكفي أن ننظر إلى الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بعيون لا تغشاها أوهام الطرفين المتنازعين حتى نتأكد أنَّ للفلسطينيين هناك أربع حاجات أساسية، متَّحِدة ومتناقضة في آن، وهي الحاجة إلى مزيد من الديمقراطية، وإلى الانتخابات الحرة الديمقراطية، والحاجة إلى الاحتفاظ بخيار المقاومة وممارسته بذكاء سياسي، والحاجة إلى معارضة برلمانية قوية ومسؤولة، والحاجة إلى سلطة تنفيذية (رئاسة وحكومة) مستوفية شروط الاعتراف الدولي بشرعيتها.

ويكفي أن ينهار التوازن بين تلك الحاجات حتى تحل المصائب والكوارث بالفلسطينيين، وقضيتهم وحقوقهم القومية.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
- -تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
- أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
- على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
- أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
- تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
- جريمة الإنكار وإنكار الجريمة!
- نتنياهو يملك وليبرمان يحكم!
- -العبثية- في وجهيها!
- الفلسطينيون بين ليبرمان وأشباهه من العرب!
- خُبْث اولمرت!
- الرسالة الجوابية الفلسطينية!
- -المبادرة العربية- تتمخَّض عن ليبرمان!
- إذا ما -فازت- استطلاعات الرأي!
- الأهم من -إعادة بناء- المنظَّمة!
- أين -الرباعية الدولية- من هذا الحزب الإسرائيلي؟!
- معركة -إعادة البناء- في قطاع غزة
- عندما يتكاثر -القادة- وتتلاشى -المرجعية.. فلسطينياً!
- بديل -المنظَّمة- هو -المنظَّمة-!
- الرَّجُل!


المزيد.....




- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...
- جبران باسيل لـRT: الهزيمة ستكتب لإسرائيل في حال انتقالها إلى ...
- ?? مباشر: بايدن يهدد بإيقاف إمداد إسرائيل بالأسلحة إذا اجتاح ...
- بايدن: لن نزود إسرائيل بالأسلحة إن دخلت رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!