أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الرَّجُل!














المزيد.....

الرَّجُل!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2544 - 2009 / 2 / 1 - 10:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحسدهم أم نغبطهم؟!

لو دقَّقنا في حقيقة المشاعر التي تولَّدت فينا، نحن العرب، مُذْ سمعنا ورأينا كلام وفعل أردوغان في منتدى دافوس، لتبيَّن لنا أنَّنا نغبط الأتراك ولا نحسدهم، فَرَجُلِهم الرَّجُل، والطيِّب كثيراً، والمبارَك، صِفةً، وفِعْلاً، لم يأتِ إلاَّ بما جَعَلَ عَجْزُنا (العربي المبين) يُظْهِره لنا على أنَّه "معجزة"، أو "المعجزة"!

"أضعف الإيمان"، ممَّا ينبغي للعرب قوله وفعله، هو ما قاله وفعله أردوغان في دافوس، فما ارتكبه بيريز ( الشخص والرمز) من جرائم نازية تلمودية في حقِّ الأطفال والنساء والشيوخ.. وفي حقِّ "الإنسان" في قطاع غزة، إنَّما يتحدَّانا أن نقف منه موقفاً أعظم بكثير من موقف أردوغان، على عِظَمه؛ ولكن، أردوغان، وعلى علوِّ صوته، لم يُسْمِعنا؛ لأنَّه لم ينادِ حيَّاً.

كنَّا حاضرين، أي ممثَّلين، في دافوس؛ و"عين الإعلام العالمي" رأت، وأرتنا ذلك، فاستمعنا إلى "الخصمين"، وشاهدنا خصامهما؛ ثمَّ "تمرَّدنا"، و"شققنا عصا الطاعة"، إذ تَجشَّمنا النهوض من مقعدنا، ومصافحة هذا الذي صغَّرنا كثيراً بعظيم قوله وفعله، ثمَّ عُدْنا (إذ أمَرَتْنا عين بان كي مون) إلى الاستلقاء على الكرسي، وكأنَّ شيئاً لم يكن، فرأى العالم بأسره الرَّجُل الرَّجُل، ورأى "نقيضه" مُمثِّلاً لنا.

لقد اختلت موازين العالم، فحظيت الجريمة مع محاميها بيريز بالتصفيق، فكان على أردوغان أن يُعرِّف "الرجولة السياسية"، في هذا الزمن، على أنَّها تَجشُّم مخاطر أن تقول "لا" لإسرائيل، أو في مواجهة عصيِّها وجَزَرِها.

أردوغان، الذي "صالح" بين "إسلاميته السياسية" وبين "العلمانية" وعضوية بلاده في حلف الناتو وسعيها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتوسُّطها للسلام بين سورية وإسرائيل، لم يطرد السفير الإسرائيلي، ولم يُغلِق السفارة الإسرائيلية؛ لم يُلْغِ الاتفاقيات (الإستراتيجية) مع إسرائيل، ولم يُنْهِ علاقة معها أقوى بكثير من تلك العلاقة التي أسَّست لها "سياسة التطبيع".

على أنَّ كل هذا (وغيره) الذي يرضي إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في أردوغان، وسياسته، ونهجه، وبلاده، لم يَحُلْ بينه وبين أن يخاطب بيريز قائلاً: "إنَّكم يا سيادة الرئيس قتلة أطفال.. إنَّكم تعرفون جيِّداً كيف تقتلون الأطفال!".

كل هذا الثقل للمصالح التركية في العلاقة مع إسرائيل والغرب لم يمنع أردوغان من أن يغضب للضحايا الفلسطينيين، مُغْضِباً عليه إسرائيل وحلفائها، وكأنَّه أراد أن يقول للعرب جميعاً، والمستمسكين بـ "مبادرتهم" وكأنَّها كل ما يملكون من قول وفعل، إنَّ العيب فيكم، وليس في السلام مع إسرائيل، فأنتم لم تُعِدُّوا للسلام معها إلاَّ بما يطمس، أو يكاد أن يطمس، الفرق بين السلام والاستسلام.

بيريز طلب أن يكون آخر المتحدِّثين، لعلَّ حديثه يجُبُّ ما قبله، فأتى، هذه المرَّة، بما توهَّم أنَّه يمكن أن يكون حجَّة مُقْنِعة، فخاطب أردوغان، المتَّهم بتهمة اتِّهام إسرائيل بارتكاب كثير من جرائم الحرب في قطاع غزة، قائلاً: إنَّنا لم نتعمَّد قتل مدنيين في قطاع غزة، فنحن، وقبل أن نضرب في مكان ما، كنا ندعو المدنيين، وفي طرائق شتَّى، إلى مغادرة منازلهم في المكان ذاته، وفي جواره.

"الواقعة"، وهي قتل الجيش الإسرائيلي للعشرات والمئات من الأطفال والنساء والشيوخ، لم يجرؤ بيريز على نفيها؛ لأنَّها واقعة؛ ولكنه سعى في تشويهها، تفسيراً وتعليلاً.

لقد حرصنا على سلامتهم، فدعوناهم إلى المغادرة، ولكنَّهم لم يغادروا، أو لم يغادروا جميعاً، فَضَرَبْنا، فحلَّ بهم ما حلَّ. هذا هو قوام "الحُجَّة المُقْنِعة الجديدة" التي جاء بها بيريز إلى الندوة في منتدى دافوس، فالضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ هم وحدهم الذين يتحمَّلون مسؤولية ما حلَّ بهم!

لِنَتَّخِذ من هذا الذي زعمه بيريز مسلَّمة، ولنصدِّق أنَّ آلة الحرب الإسرائيلية لم تستهدِف المدنيين الفلسطينيين، وأنَّ هؤلاء ما كان ليصيبهم مكروه لو امتثلوا لتحذير المغادرة.

ولكن، أليست جريمة من جرائم الحرب أن يُشنَّ أي هجوم عسكري إذا ما تبيَّن للمقرِّر السياسي والعسكري للهجوم أنَّ كثيراً من المدنيين، أو من الأطفال والنساء والشيوخ، الذين رفضوا، أو لم يستطيعوا، مغادرة منازلهم سيقتلون؟!

لو كان هذا المقرِّر ملتزماً القوانين الدولية للحرب، وحريصاً، بالتالي، على أن يجتنب ارتكاب جريمة من جرائم الحرب، لقرَّر إلغاء شنِّ هذا الهجوم، الذي سيؤدِّي إلى قتل كثير من المدنيين، وإلى تدمير كثير من المنازل على رؤوس ساكنيها.

بيريز، وبفضل حلفائه وأصدقائه المنظِّمين للندوة، لم يتوقَّع أن يُسْأْل عن السبب الذي منع المدنيين من الامتثال لتحذير المغادرة، والذي إنْ أتاهم فعلاً فلم يأتهم إلاَّ قبيل الهجوم، أو بعده.

إنَّهم لم يغادروا؛ لأنْ لا مكان (آخر، أو آمناً) يذهبون إليه في داخل قطاع غزة، المحاصَر من كل حدب وصوب؛ وقد جرَّب بعضهم، ممَّن دُمِّرت منازلهم، الاحتماء بأمكنة تتمتَّع بالحصانة الدولية، كمدرسة الفاخورة، فهل أتت تجربتهم بما يردع الجيش الإسرائيلي عن أن يرتكب في حقِّهم مجزرة، أو جريمة بشعة من جرائم الحراب؟!

ولم يتوقَّع بيريز أن يُسْأْل أيضاً عن رأي القانون الدولي في "التحذير ذاته"، فهل في منطق هذا القانون، وفي نصِّه وروحه، ما يجيز لجيش أن يدعو مدنيين من بلد يقاتِل فيه إلى أن يغادروا منازلهم، قبل، ومن أجل، أن يُدمِّرها، بدعوى أنَّه لا يستطيع ضرب العدو (موقعاً كان أم مقاتلين) من غير أن يدمِّر تلك المنازل؟!

حجَّة بيريز "المُقْنِعة الجديدة" إنَّما هي في حدِّ ذاتها رزمة من جرائم الحرب التي ارتكبها مع جيشه في قطاع غزة.





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أزمة التمثيل- هي أُمُّ الأزمات فلسطينياً!
- إسرائيل تبتني من الجرائم نظرية ردع جديدة!
- هكذا تحدَّث هيكل!
- كيف نقف من جرائم الحرب الإسرائيلية؟
- إنَّها الحرب الأولى بين إسرائيل وفلسطين!
- غزة.. هي وحدها -القمَّة العربية-!
- وأعدُّوا لهم ما استطعتم من -قِمَم-!
- -أفران الغاز- و-أفران غزة-!
- -القرار- و-المبادرة-.. أسئلة وتساؤلات -موضوعية-!
- السلام الأسوأ والأخطر من الحرب!
- منطق -الحرب- على ما شرحه بيريز!
- أردوغان -المُهان-.. أهاننا!
- إسرائيل يمكن ويجب أن تهزم في غزة!
- جلالة القول!
- في إجابة سؤال -ما العمل؟-
- مجرمون آخرون في خلفية الصورة!
- حروفٌ حان تنقيطها!
- هي حرب ضد الشعب الفلسطيني كله!
- العالم إذ اخْتُصِرَ زماناً ومكاناً!
- لا تسأل -هل الله موجود؟- ولكن اسْأل..


المزيد.....




- هيفاء وهبي وبوسي تغنيّان لـ-أحمد وأحمد-.. وهذا موعد عرض الفي ...
- أول تعليق من روسيا على الضربات الأمريكية في إيران
- الأردن: -إدارة الأزمات- يؤكد محدودية تأثير مفاعل ديمونا حتى ...
- -ضربة قاضية حلم بها رؤساء عدة-.. وزير دفاع أمريكا عن الهجمات ...
- إعلام إيراني: قصف إسرائيلي على مدينة بوشهر الساحلية ووسط الب ...
- صور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيو ...
- طلب رد دائرة الإرهاب: المحامي أحمد أبو بركة يطالب بمحاكمته أ ...
- أبرز ردود الفعل الخليجية على قصف إيران.. دعوات للتهدئة وتحذي ...
- مضيق هرمز تحت المجهر.. هل يتحول الرد الإيراني إلى بوابة الحر ...
- أي مستقبل للحرب بعد الضربات الأمريكية على إيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - الرَّجُل!