جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2566 - 2009 / 2 / 23 - 07:40
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لفظ كلمة الله هي من إبتداع العرب ولم يكن الله يسمي نفسه (الله) بل كان يُعْبَدُ في الصحراء بأسماء مختلفة ومتعددة , ولم يكن لوحده بل كان معه مجموعة آلهات.
عاش الإنسان في بداية مشواره الديني باحثاً عن سر تكوين الكون وسر أسراره ..وإكتشف يوماً أن المرأة خالقة ..ومن ثم عرف الإله الذكر خالقاً فعبده بجوار عبادة الآلهة الأنثى ...ولكنه لم يعرف الديانة التوحيدية , إلا مؤخراً..فقد عرف الإنسان في البداية آلهة متعددة الأشكال فكان : للمطر إله هو الذي يرسل بمائه إلى الأرض متى شاء أن يرسله ..ولا يتدخل إله المطر بإله الشمس , إن لكل إله إختصاصٌ يختصُ به .. ..وللشمس إله هو الذي يرسل بدفئه على البشر ..ولا يتدخل به إله المطر فلإله المطر إختصاصاته التي يختصُ بها .
وكذلك لا ننسى الريح , فللريح إله هو إله الريح , الذي يرسل بتياراته الهوائية على من يشاءُ من البشر والأراضي وكذلك على ألأعداء الذين لايعبدونه ,فحين تأتي ريحٌ وتقلع خيام قوم لا يعبدونه يقولون هذا نصرٌ من إله الريح..وكذلك للسلالات العاطفية آلهة : فللحب إله وللكره إله...وللخير إله ..وللشر إله .
وكذلك العناصر الطبيعية : للتراب إله ..وللنار إله , وللماء إله , ولكل واحد من أولئك إختصاصه العلمي الدقيق .
لقد كان مجمع الآلهة مثل المجامع العلمية فلكل عالمٍ تخصصه الدقيق , والذي لا يستطيعُ أن ينافسه فيه أحد .
لقد مرت البشرية من مرحلة التعددية (بولو ثزم)إلى الترجيحية إإلى التوحيدية (مونوثزم)
وكانت كل فئة ٍأو أمةٍ شعبيةٍ أو كلُ تجمعٍ سكاني يعبدُ إلهاًخاصاً به أو آلهة , وحين كان يدبُ الصراع بين القبائل والتجمعات السكنية مع التجمعات المجاورة لها , كان هذا الصراع سرعان ما يتحولُ إلى صراع ومنافسة شديدة بين آلهة كل تجمع سكاني أو كل قوم, لقد كانت الصراعات تتطور حيث تبدأ بين الصغار لتنتهي بين الكبار وبين الكهنة ومن ثم الآلهة.
وكان الحاكم هو الممثل الشرعي لل‘له على الأرض, وهو خليفة الله , يفعلُ ما يأمره الله به أن يفعله , فيرسله مثلاً على قوم آخرين لا يعبدونه لكي ينتقم له منهم .
ما هذا الهراء : الله بحاجة لمن يعبده وحين لا يعبده ينتقمُ منه , إنه لأمر غريبٌ وعجيب.!!وهذا هو سر الفتوحات الدينية العسكرية , دولة أو إمبراطوريةٌ جالسة ٌ آمنة مع مواطنيها فجأة تظهر لهم دولةٌ أخرى تحاول إجبارهم على عبادة آلهتهم الصحراوية أو الزراعية وإذا رفضوا , قادوا ضدهم حرباً لا هوادة فيها , وأجبروهم على دفع الجزية وهم صاغرون , حتى وإن إستسلموا وعبدوا آلهتهم نجدهم لا ينجون من براثن العنصرية ..وسياسة التمييز العنصري والتفرقة العنصرية وما شابه ذلك إلخ
فإذا كان مثلاً صراع ٌ بين قوم يعبدون القمر وقومٍٍ يعبدون الشمس وكانت الغلبة -مثلاً- للشمس فإنه سرعان ما يتحول عباد القمر إلى عبادة الشمس نظراً لقوة الإله إله الشمس المنتصر , وكان من عادة الشرقيين أن يجلسوا المغلوبين على الخوازيق وهم عراة من الملابس كتنكيلٍ بهم بأمر من إلههم المنتصر .
وكان القوم الذين يعبدون مثلاً إله الشمس , إذا إنتصروا على آلهة القمر كما قلنا كانوا فوراً يجبرونهم على عبادة إلههم :إله الشمس (الشمش), وكلما إستمروا في الإنتصارات , كلما إستطاعوا أن يتغلبوا على آلهة جديدة ليضموها تحت لواء آلهتهم أو إلههم إله الشمس , وهذا هو التفسير المنطقي للديانة التوحيدية التي سادت بابل في عهد حمورابي المنتصر على الأقاليم المجاورة , فقد إستطاع هذا القائد خلال حروبه مع جيرانه بأن يخضع أكثر من خمسين إلهاً خلال فترة حكمه , فتحولت أسماء تلك الآلهة إلى صفات للإله شمس للإله مردوخ المنتصر (مردوخ - مردوك).
وهذا سر أسماء الله الحسنى ال 99 إسماً, فهذه الصفات والأسماء لم تكن يوماً من صفات الله إلا حينما إنتصرت عبادة الله عند عرب الشمال على غيرها , ولنلاحظ جميعنا أن آية (بسم الله الرحمن الرحيم) هي نعوت وأبدال لله , وكانت من قبل ذلك آلهة مستقلة تعبدُ في شبه الجزيرة العربية , فالرحمن كان إلهاً , والرحيم كان أيضاً إلها , وحين إنتصرت القبائل التي تعبدُ الله على القبائل التي تعبدُ الرحمن , والرحيم, إنضمت تلك القبائل إلى سلطة سيد القبيلة المنتصر , ولهذا ضموا آلهتهم معهم لإله القبيلة المنتصر .
ماهذا ؟
الله لم يكن لوحده , من ثم أصبح معه مجموعة آلهة في إتحاد كونفدرالي , ثلاثةٌ يسيطر عليهم واحد أقوى منهم جميعاً, ومن ثم إستطاع أن يسيطر على مُعظم الآلهة الموجودة في منطقته .
وما زالت أسماء الله الحسنى شاهدُ على ذلك وأقواها : الرحمن الرحيم :
-بـ حرف جر وهي في محل مبتدأ محذوف تقديره أول كلامي بإسم الله , وحذفت الألف منه لكثرة الإستعمال فأصبحت بسم بدل بإسم .
-الله لفظ جلالة .
- الرحمن,: صفة لله .
-الرحيم : نعت .
وهكذا فكل أسماء الله صفاتٌ ونعوت ٌ, وهذه الصفات كانت في يومٍ من الأيام آلهة رسمية يعتدُ بها , لها مركزها وثقلها , ولكنها فقدت مركزها وثقلها بسبب إنتصار عبادة الآلهة المجاورة لها وإخضاعها لها .
إن التوحيد هو توحيد سياسي وليس توحيد ديني , فبمجرد أن تستعيد القبيلة المغلوبة عافيتها تعود لعبادة إلهها لتشكره على نصره لها , ولكن الغالبية العُظمى من القبائل مع مرور الزمن وبسبب الإتحادات الكونفدرالية , نسيت إلهها , وآلهتها , وبقيت تعبد الإله المنتصر .
أما بالنسبة لكلمة الله فقد قلتُ مراراً وتكرارأ أنها إدماج مجموعة اللآت في بعضها البعض, لتصبح فيما بعد (الله) لقد كان العرب والعبرانيون معاً يعتبرون أن آلهتهم أعظم من أن تنطقُ إسمها ألسنة البشر , فكانوا يشيرون إليها بأل التعريف , فحين يذكرونها كانوا يقولون بدلاً منها : إل ..إل ..إل ..وهذه الأحرف هي عوضٌ عن جملة مفقودة تقديرها , الإله المعبود (إيل ) أو غيره من الآلهة, ومن ثم أدغمت هذه اللآت في بعضها البعض وأصبحت اللللللللل إلخ ...الله.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟