أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - أمريكا .. ما بين مسمار جحا و قميص عثمان















المزيد.....

أمريكا .. ما بين مسمار جحا و قميص عثمان


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 775 - 2004 / 3 / 16 - 09:32
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يبدوا أن أمريكا قد أصبحت اليوم الشغل الشاغل لبعض النخب العربية و من يتبعها و يسير ورائها كالأعمى من الشعوب العربية .. فبعد أن أنهت هذه الأمة كل ما عليها من ألتزامات تجاه ربها و تجاه شعوبها و بعد أن أبهرت شعوب العالم بأكتشافاتها العلمية العظيمة و غزت بلدان الكرة الأرضية بأختراعاتها الرهيبة و أغرقتها بنتاجاتها الصناعية .. لم يعد لهذه الأمة ممثلة ببعض نخبها الديناصورية التفكير من شغل شاغل غير أمريكا و ما تفعله أمريكا و ما ستفعله أمريكا و نتيجة للأحساس بالضآلة أمام هذا العملاق الحضاري الهائل و المسمى ( الولايات المتحدة الأمريكية ) أصبح هناك هاجس لدى أغلب هؤلاء بأن كل ما يحدث على سطح كرتنا الأرضية هو بفعل أمريكا و خصوصاً السيء منه .. بل وصل الغباء ببعضهم الى درجة أتهام أمريكا نفسها بتفجير برجيها في 11 سبتمبر و هم أعلم الناس بأن من قام بهذه الجريمة النكراء هم ممن أفرزتهم عقلية هذه النخب و ممن تربوا على تنظيرها الطوباوي الفارغ و شعاراتها الكذابة .
لذلك فمن المهم أن نتسائل هنا عن السبب الذي يدفع هذه النخب و بعض العوام من الشعوب العربية الى أتهام أمريكا بكل ما يحدث من أمور و كوارث في بلداننا بل و في العالم أجمع حالها كحال مسمار جحا و قميص عثمان الجاهزان دوماً لتبرير و تفسير كل شيء .
أن السبب في أعتقادي لا يتعدى مسألتين هما :
- تبرير الفشل المتواصل و المريع لهذه الأمة فكرياً و علمياً و أقتصادياً مقارنة بباقي الأمم التي تعيش على وجه الأرض و تعمل و تبدع و تفكر و تأكل مما تنتج بأستثناء هذه الأمة المسكينة التي تأكل مما تنتجه أمريكا و مما ترسله أليها أحياناً كمساعدات و بدل الشكر تُجابَه بالسباب و الشتائم من على منابر وعاظ السلاطين و أبواق فضائياتهم .
- أشباع الشعور المتضخم بالأنا لدى أغلب نخب هذه الأمة و من يهرول ورائها من الشعوب العربية لا لشيء سوى لأنها و كباقي أمم و شعوب الأرض كانت لها يوماً حضارة ( مع التحفظ على الكلمة ) لعب ظهور الأسلام دوراً كبيراً في ولادتها و بروزها لكنها سرعان ما خبت و خفُت بريقها بسبب أفتقار القائمين عليها لأبسط مقومات بناة الحضارة .
لذا فعندما يتهم هؤلاء أمريكا بكل شيء يحدث لهم و يضعون انفسهم كنِد لها فهم يريدون بهذا أن يقنعوا أنفسهم المريضة و بعض السذج في العالم بأنهم يواجهون أقوى قوة في العالم و التي تستهدفهم هم بالذات لأنهم ( عظماء ) .. في حين أن الحقيقة هي أمريكا تحاول تنظيف بعض بلدانهم من مفاقس الأرهاب التي بدأت تفرخ الأرهاب و تنشره كالوباء في كل حدب و صوب على طول الأرض و عرضها .
فالكثير من هؤلاء و منهم للأسف عراقيون سارعوا و فور حدوث مجازر كربلاء و الكاظمية يوم عاشوراء الى أتهام أمريكا و تحميلها مسؤولية ما حدث في ذلك اليوم و هم يعلمون جيداً بأن أمريكا كثيراً ما عرضت على العراقيين حماية المراقد و العتبات المقدسة ألا أنها كانت تجابه دائماً بالرفض لأسباب عقائدية معروفة .. كما أن الواقع و المنطق العلمي يقول بأن من كان وراء هذه الجرائم هم ممن أنتجتهم مفاقس الأرهاب في دولنا نحن لأن الجريمة و بكل بساطة تحمل بصماتهم الوحشية التي تفوح منها رائحة الطائفية و التكفير و المعروفة لكل ذي عقل و أدراك .. ألا أن السبب الحقيقي لأتهام هؤلاء لأمريكا هو لأنهم يريدون أولاً أن يجذبوا أنظار العالم أليهم كونهم نكرات و ثانياً و الأهم هو أن يقولوا للعالم و لقواعدهم ( التعبانة ) .. أترون ؟ .. نحن نواجه أقوى عدو على وجه الأرض .. عدو سوبرمان .. عدو يسيّر الأرض و يقف وراء كل مصيبة تحدث فيها .. أرأيتم كم نحن أبطال و عظماء ؟
أن العامل الرئيسي الذي يعمل على أنتشار هذه الأفكار و يغذّيها في الشارع العربي الهائم على وجهه و الناعق مع كل ناعق ( بأستثناء الطيبين والعقلاء طبعاً ) هم الأحزاب القومجية و أحزاب الأسلام السياسي التي ليس لها برامج سياسية محددة للبناء و للتنمية و لأنعاش أقتصاد دولها المنهار لأنها أصلاً أحزاب آيديولوجية فقط تؤمن بآيديولوجيا معينة و تحاول تطبيقها رغم أنف الجميع و هذا يتعارض مع الفكر الليبرالي الذي يسود العالم و الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية كدولة .. لذا نرى أن فكرة محاربة أمريكا أصبحت من صميم فكر و آيديولوجيا هذه الأحزاب حتى باتت تفتعل المسببات و تخترع الأساطير لأثبات صحة هذه الآيديولوجيا القائمة أساساً على الهدم و التدمير لا على البناء و الأعمار .
لذلك نرى بأن أغلب هذه الأحزاب و بعد أن تنتهي من هدف كانت تدعي السعي لتحقيقه لا تبدأ بالأعمار و التنمية كما تفعل الأحزاب الديمقراطية ذات الرؤى الواقعية و خير مثال على ذلك ما فعلته حركة طالبان و من ورائها القاعدة في أفغانستان .. فبعد هزيمة الأتحاد السوفيتي خلا الجو لحركة طالبان و القاعدة لكنهما و بدلاً من البناء بدؤا بالهدم و لم يقم بن لادن و رغم ما يملكه من ثروة طائلة ببناء و لا حتى مدرسة أو مستوصف للأطفال الأفغان .. كما أنه و لسنين طويلة لم يذكر يوماً في خطاباته العصماء فلسطين و ما يجري على أرضها من أنتهاكات .. لكنها فجأة و بقدرة قادر أصبحت بين يوم و ليلة قضيته الأساسية و قميص عثمان الذي يناطح به أمريكا حاله كحال صدام الذي ربط بين ليلة و ضحاها عشية غزوه للكويت الشقيقة بين خروجه من الكويت و تحرير فلسطين و كأن أسرائيل أحتلت فلسطين في تسعينات و ليس في أربعينات القرن المنصرم .. فهذه القضية المعضلة أصبحت على ما يبدوا الوتر الذي يعزف عليه كل من يريد كسب الشارع العربي .. أذ ليس على الأدعياء من أمثال صدام و بن لادن و من على شاكلتهم حتى لا يطوي النسيان أمثالهم من النكرات سوى أن يذكروا كلمة ( فلسطين ) السحرية في خطبهم الجوفاء لتخرج الجموع الغفيرة من عوام الشارع العربي و تجعل منهم رموزاً للصمود العربي .. و الأمر نفسه ينطبق على أحزاب أسلامية و قومجية عديدة على الساحة العربية أفلست سياسياً بعد تحقيقها لبعض المكاسب و تبين خواء برامجها السياسية فراحت تعزف على و تر القضية الفلسطينية لتبرر ديمومة بقائها في الساحة السياسية لبلدانها و عدم أنقراضها أمام الأحزاب الليبرالية و الديمقراطية ذات الأهداف و البرامج السياسية الواضحة .
و هنا نأتي لبيت القصيد و للمبرر الذي يتحجج به هؤلاء و يستعملونه عند الحاجة كقميص عثمان لتعليقه على أمريكا التي أصبحت مسمار جحا للكثير من النخب العربية التي كلما ضامها الدهر أمسكت بالقضية الفلسطينية و علقتها على أمريكا لتداري خيبتها و فشل أفكارها و آيديولوجياتها المتصدئة التي لم تكتفي بأن جعلت من هذه الأمة آخر أمم الأرض تطوراً بكل المقاييس في العصر الحديث بل تدفع بها الآن شيئاً فشيئاً الى التلاشي و الأنقراض .



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات
- الأرهاب ملّة واحدة .. صدام و بن لادن
- المتقاعدون .. لماذا لم ينصفهم العراق الجديد ؟
- مجلس الحكم و سياسة المحاصصة و التوافق
- لسنا فقط أمة قاصرة .. بل أننا القصور بعينه
- مرتزقة و مزورون
- نعم للفدرالية .. من أجل عراق مستقر و آمن
- العرق الجديد .. و خطوة الى الوراء
- وزير الدفاع الأمريكي وأسير حربه !
- لماذا ما هو حلال لكم حرام علينا ؟
- و أَ سكَتوا صوت الحق
- العراق الجديد و هيستيريا القومجيون العرب
- العراق الجديد و بعض الأصوات النشاز
- رياح التغيير و الأنظمة العربية
- هل أصبح للطغاة حقوق يدافَع عنها ؟
- هكذا ينتهي الطغاة
- الحوار المتمدن .. تجربة نتمنى أن تكون نموذجاً لحوار متمدن عر ...
- مروجوا نظرية المؤامرة من العرب يتآمرون على العراق
- وليمة لآكلي لحوم البشر
- بوش في بغداد .. موتوا بغيظكم يا أيتام صدام


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - أمريكا .. ما بين مسمار جحا و قميص عثمان