أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحاج - تداعيات العمر (9)















المزيد.....

تداعيات العمر (9)


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 06:35
المحور: الادب والفن
    


زهرة الأقحوان
" كتبت عندما أخبرتني الطبيبة أن موت صديقي قريب . وكان ريمي في السابعة وتوفي بعد أربع سنوات !
نم يا حبيبي !
نم ، يا ربيع كهولتي ، نم يا حياتي !
نم ، يا صديقي ، فوق صدر كلُ هاجسه عناءُ
يا بسمة في ليل آلامي تضاءُ
نم ، يا حياتي !
نم فوق ذاكرة الطفولة ، يا حياتي
سبع من الحب الوفي غدون أحلى ذكرياتي
قد كنت لي سندي وروحي يوم شحّ الأوفياءُ،
وصفاءَ عمري إذ جفا خلّ ، وإذ عز الوفاءُ،
والسرَ في جلدي على البلوى وقد عم البلاءُ
وتفحمّت أطفالنا في القبو ، واغتيل الضياءُ
قد كنتَ هذا عندما اشتعلت على النهرين نارُ
وتناثرت جثث النخيل ، وأنّ من جرح مزارُ،
وهوى الجدار على الرضيع وفوق مرضعة جدارُ
راحوا وقودَ مغامرين طغوا ببغداد وجاروا
ما بين طاغوت وصاروخ تهدمت الديار
وترنح التاريخ من هولٍ وزلزله دوارُ
*********
نم يا حياتي !
يا طفليَ الغالي وقد شخنا معا يا أقحواني ..
إني أخاف عليه من ذل إذا حان الفراقُ
وأخاف من نفسي على نفسي إذا عز العناقُ
قدَري هواك فلا تغب فغياب من أهوى غيابي
لا أنت تحتمل الفراق ولا انا ثبت الجنانِ
ما عاد يمكن ان أرى بيتي وأنك لا تراني
ما عاد يمكن أن أنام وأنت ناءٍ عن مكاني
نم ، يا حبيبي ، ليت رقدتنا تطول مدى الزمانِ
نم يا حياتي ! .. ..
[ 1993 ]

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
من تداعيات العمر
تداعيات العمر (3)

بوّان
غنت الوردة، ورقص البستانْ،
وحن المتنبي في وادي بوّانْ.
وودعت المدينة في كنف الليلِ
ترافقني الذكريات..
فأغرقت همومي في بحر الأحزان.
************
أمي
ضحكت وتسامقت ..صفصافة المساء،
في صالحية بغداد ذلك الزمان..
وكان حصانا الحنطور يركضان لاهثين وبلا لجام..
نحو أمي..
****************
سكرة
سكرت وكانت السكرة فكرة..
واكتويت بنار الذكريات..
وراجعت دفاتر أحلامي،
وأشعار صباي..
فغمرني الامان..
**************
القبّرة *
دخلت الشتاء، فعدت لطفولتي،
واحتضنت الذكريات.. جدتي والحمام..
وعندما تلطمني الأمواج، وتعصف الريح،
ألوذ ببودلير، وأغني لقبّرة شيلي:
" لا أزال أسمع نغمات حبك."
يصفق بجناحيه، ويحلق أعلى وأبعد!
[ * عوان قصيدة الشاعر الرومانسي شيلي ]
***************

النداء..
في الغابة صبية كالزنبقة، تركض وراء فراشة مرحة ..لعوب..؛
الحطّاب يهم باغتيال شجرة كتب الشاعر عندها أشعار حبه؛
العجوز يتحامل على قدمين أتعبهما الزمان،
ووطأة الأحزان.. بغتة تستويان بقوة الشباب، منطلقتين نحو مصدر صوت ينادي، بإلفة وحنان.."أنا هنا تعال.."
والعجوز في عدوه يسبق عاشقة الفراش..
***************
يا ما كان..!
لو كانت لي غرفة من دار.. لركنت في الزاوية منتظرا..
لو وقفت دقات الساعة الكبرى غيرَ دقة،
لكانت دقةَ الذكريات..
أية لوحة! جداول وأنهار، وجبال، ومستنقعات، وزوارق... وجوه حسان.. لحية تكنس الأرض فتزيدها وسخا..
في السماء غيوم..نجمة تهوي ونيزك..
البساط المرفو، ومصباح على الأرض حيث القلم والكتاب..
من حولي صور مبعثرة ، لكنها ناطقة بما كان ..
الأعوام تذوب ، لكن الشموع تتألق بخيلاء.
هاكِ يا من لا اعرفهايدي:
إلمسيها برفق..هزيها بعنف..لكن لا تقطعيها..!
*****************
أغنية الوداع
[ كتبت أواخر 2001]
اذكروني حين لا شمسا أرى، أو طريقا حافلا بالبشرِ ..
حين لا تبصر عيني صفحةً من كتاب ملهم للفِكَرِ
حين لا أسمع أحفادي، ولا صوتَ عصفور، ونقرَ المطرِ
حين لا أسمع،كي تطربني، نفثاتِ العود عند السمرِ
حين لا أبكي على مأساتنا، وأمانٍ أكلت من عمري..
اذكروني عندما يجمعكم حضنُ بغداد، وقصوا خبري..!
*************
في المساء..
في ابتسامتها ما يثير..وفي العينين ما يفجر الشجن الكامن .. هي أمي..
هاهي الأشجار صارت تخاطبني وأفهمها: تحدثني عن همومها ..عن شكاواها ..عن تاريخها .. جارتي هنا شجرة عملاقة لا أعرف عمرها ..أغصانها تكاد تنفذ لشباكي المطل على مقبرة وراءها ..زوار المقبرة نادرون..
شكت لي ظهر يوم من آب باريسي حارق من العطش .كان الحر قاتلا، والجو ملوثا.. قالت إن العطش يكاد يخنق أنفاسها ..سألتها عما تنتظر مني، فطلبت استدعاء سيارة البلدية التي تسقي أشجار الحديقة العامة.. سقوها حتى الارتواء ..رأيتها تكاد ترقص وتغني لي وحدي لحنا عراقيا قديما أحببته منذ صباي : عن الحب، والفراق، وخفايا النفس، وعن أسرار النغم في بغداد التي كانت بغدادنا..
...جارتي كنت أراقبها منذ سكني هنا قبل ثلاث سنوات. كنت أتابع بحزن سقوط أوراقها في الخريف والشتاء، ثم انتظر اخضرارها التدريجي حين الربيع، فأبتهج لها ولنفسي ..غير انني لم أكن أشعر باتصال وجداني بيننا إلا منذ شهور، وبلا سابق انتظار..رحت أتصورها امرأة حسناء ترغب في الحديث.قالت:
" هل تذكر إعصار العام المنصرم، وكم من أشجار باسقة اقتلعت ؟ لقد صمدت بأعجوبة،و أحسست أنك سعدت بنجاتي .." قلت :
" فرحت حقا ، وأية فرحة !"
قرب المساء أرى الأطفال يعودون لبيوتهم ..المرأة السمينة الوديعة تواظب يوميا على إطعام القطط التي لا يملكها أحد.. والتي تعرف مواعيد الطعام، ويدور بينها وبين العجوز حوار مستمر..وكان قطي ريمي ينتظرني وراء الباب عارفا من صوت خطواتي أنني على وشك فتح الباب ..أزوره في مثواه ،ونتناجى ..هاجس موتي يخفف من لذعته نبض الحب، وأغاني محمد عبد الوهاب، وقراءة كتاب، وأي خبر عن العراق يبشر بأمل ما..
.أتذكرين،أماه، باقة زهور جلبتها لك، وأنت على فراشك الأرضي بعد حادث احتراقك بالماء المغلي؟ صحبة الزهور منعشة، وإهداؤها للأحباب لذة فريدة، وفتاوى محرّميها محض هراء وسقوط!!
همهمات شجرتي تبعث على الطمأنينة والأمان في عالم لا أمان فيه ..أتنفس بمشقة، وهواء الحديقة الكبيرة يريحني .. أزورها كل صباح ، متجولا بين الأشجار الباسقة ، فرحا بالأطفال، وبسرب البط السابح، والناس يرمون في البحيرة بالفتات …
تساءل مع نفسي، جالسا تحت ظلال الأشجار، عن أعمارها، عن جنسها، ومسيرة عمرها ، وذكريات سرتها ..وحين ألتقي بمن أحب، ونجلس نتحدث، يعود شباب ، وتغمرني السعادة، وأشعر بتدفق الحياة وعنفوانها ..
الألم والمسرة توأمان، وفي كل دمعة خبر عن فرحة قادمة ..وحصاة الحديقة بساط ناعم الملمس ، يدغدغ الجمال ويغازل..
أخشى عليك وأقلق، يا طفلتي ، يا مدللة الجميع ..فوراء نعومة ملمس قد تختفي أنياب ثعبان..
جارتي الشجرة لم أعد الآن أسمع همهماتها ..لعلها نائمة وتحلم بمن تحب!.. هل عرفتم "صندوق الدنيا"؟ فيه المترادفات والمفارقات ! أحيانا نندفع في مهب ريح دون أن ينتابنا شعور بالخوف، ونعود لتجربة ما قد سبق أن عذّب وأدمى ، وما لا تزال جروحه غير مندملة .. الخطر يغري أحيانا، والأخطر دوامة الحب في شتاء العمر ..وكان أبي يشرب، وينشد باكيا شعر الغزل..لم أكن أفهم، ثم وعيت وعرفت السر ..علمني عشق المرأة فهي الأجمل في الكون / وتشربت منه أن نكترث لهموم الآخر،ونحاول فهمها.. غير أن في بعض الجمال قبحا يصد وينفّر، وشيء من الجمال يملك القلب ..
عالم النساء غريب، وفتاتي كانت وجودي الثاني .. أمي كانت تزورني في الظلمات.. كيف أمكن أن تنتهي بي صحارى العذاب والحرمان إلى شارع ثاءر وأحضان جدتي؟! في الصباح ستعود جارتي الشجرة تحدثني عن مغامراتها، وتسألني عن أحلامي، وهواجسي، وعن شجون، عما أكتب، وتكادنسمع خشخشة صحيفة ورقية أطالعها .. لكن القبور المتناهرة من ورائها لا تكاد تزار إلا قليلا. فما أقسى الأحياء، وما أحلى الحياة، إن لم يعبها عاشق دم وطالب حورية في السماء! ! ا



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران، و-ملأ الفراغ- في العراق!
- ماذا يريد بوتين من جورجيا؟!
- تداعيات العمر (8)
- -كبار- العراق يتصارعون، و-الصغار- يعانون!
- تداعيات العمر (7)
- حرنا: معاهدة، بروتوكل؟، جدول؟، -فضاء-؟، أم ماذا؟!
- البؤس المزمن للسجال العراقي– العراقي..
- طالباني وباراك: لماذا هذه الضجة المفتعلة والمنافقة؟؟
- تداعيات العمر (6)
- إنها في السياسة أيضا، يا صديقي!
- عن الاتفاقية أيضا..
- تداعيات العمر (5)
- تداعيات العمر (4)
- تداعيات العمر (3)
- تداعيات العمر (2)
- تداعيات العمر (1)
- بين السياسة والأدب والحياة [3]
- جيش المهدي وحزب الله
- بين السياسة والأدب والحياة..[ 2 ]
- بين السياسة، والأدب، والحياة.. (1)


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحاج - تداعيات العمر (9)