أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز














المزيد.....

الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2062 - 2007 / 10 / 8 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


مع تقدم الزمن كانت الصورة الشعرية تكتسب أهمية متزايدة بوصفها واحدة من أهم تكنيكات شعرية النص ، حتى اذا جئنا الى الشعر المعاصر وجدنا الصورة تتربع على قمة وسئل البناء الشعري وتشغل الحيز الأكبر من ذلك البناء.
غير أن الصورة لما تزل عصية على التعريف، وكما يقول سي دي لويس ان بامكاننا التعرف عيها ولكن ليس بالامكان تعريفها. وتتأتى مشكلة التعريف من كون الصورة لا تبنى بطريقة محددة ولا يعتمد بناؤها على ناصر بعنها، بل ان الطريقة والعناصر ذاتها موضوعات ابداعبة.
تمثل الشاعرة العراقية آمنة عبد العزيز نموذجا جيدا في الإخلاص لنوع معين من الصور الشعرية، فهي تبني صورها اعتمادا على اللغة وانزياحاتها حسب، فالصورة الشعرية في نصوصها قارة في لغة النص ولا يمكن وجودها خارج النظم اللغوي ، فهي ليست صورا حسية أو مستمدة م الخيال، بل قائمة على العلاقات اللغوية لا غير.
في نصها (امرأة من تفاح وطين):

هناك امرأة من ورق ..
الجرائد ..
وأخرى من رخام ..
وثالثة من حديد صلب ..
ورابعة من نار ..
وبينهما امرأة من جليد ..
و أخرى من إعصار ..
أنا أمرأة مخلوقة ..
منك ..

هنا سلسلة من الصور المتداخلة القائمة على التشبيه التقليدي، بيد أن الصورة الكلية لا تكتمل الا عندما نقرأ كلمة (منك)، فالصورة تقوم لى المفارقة اللغوية التي تؤدي بالقارئ الى هزة مفاجئة، كل الصور الجزئية كانت تقرن المرأة بجمادات (رق جرائد، رخام، حديد صلب....)لكن كلمة (منك) تؤدي الى تحول جذري في البناء بشكل مفاجئ، وهكذا توضع المرأة المخلوقة (منك) قبالة كل نساء الجمادات السابقة لتبني المفارقة اللغوية الصادمة.
وفي (حلم لا يحتمل التأويل) نجد أنفسنا أمام تكنيك آخر من لبناء الصورة اللغوية:

حفرت قبري بمعول الحب ..
وأكفاني صبح انتظارك ..
خضبت جسدي برائحة النعناع ..
وارتميت على شاهد لا يحمل عنوانك ..
أمسك بيدي أطراف الوهم ..
أمرر راحتي فوق جسدك الهلامي ..
أمطره حزنا لفراقك ..
(آه) تبقى معلقة تحت أنيني..
تحت أجنحتي المتكسرة ..
وأرشف شوقا سرابا ..
أنتظر قدومك ..

تبنى الصور في هذا النص،على غير المعتاد، على الأسماء فقط، ولا نجد دورا للأفعال في البناء التصويري ، فالصورة تبنى باضافة اسمين الى بعضهما من غير علاقة واقعية بينهما (معول الحب، صبح انتظارك، أطراف الوهم.......) أو بالنعت غير المتوقع (شه لا بحمل عنوانك، جسدك الهلامي...).
وفي ( الولادات بالمصادفة):

الأيام تترى ثقال ..
والأنتظار حكمك المؤبد ..
الأطماع تفقأ عين اللحظات ..
صوب بين عيني نظرة
الحب الأخيرة ..
لعلي أحضى بسلام أبدي..

توظف الشاعرة تعبيرا شائعا بعد ازاحة معناه الى ناحية أخرى، فالتعبير (صوب بين عيني ) معروف في العراق لوصف جرائم القتل اليومي ، اذ تصوب الطلقة الأخيرة بين العينين لتكون الرصاصة القاتلة ، لكن الشاعرة باستبدالها كلمة طلقة أو رصاصة بتعبير (نظرة الحب) حرفت التعبير الشائع ليتحول من عبارة مرعبة الى صورة شعرية، وهذا التكنيك ليس الا لعبا باللغة وتفجيرا لامكاناتها.
ويمثل نصها (شبعادك) نموذج لتكنيك لغوي آخر:

بعض منه أنا ..
وكلي أنا بعض منه..
حكايتي إبتدأت مع هذا الرجل
زرعني في توهان عشقه ..
أنبتني في روحه حلما ..
أخذني إليه قبل ولادتي ..
تكونت به صبحاَ ..ومساء
كنت أعرف أنه هناك !
مقيما في مملكة أور..
إنتظرته وأنا أتسربل بتأريخه ..
كتبته بأول أبجديات حروفي ..
لأعلن به أول أمجادي ..

يتمثل تكنيك بناء الصورة الشعرية هنا بانشاء جملة فعلية فعلها مادي محض لكنها تجعل له فاعلا معنويا ، فالأفعال (زرع، أنبت، أتسربل) لا يمكن أن يقع كل منها في اللغة الطبيعية الا على وسط مادي ، غير انها توقعها على (توخان عشق، روحه، تاريخه) لتنتج تركيبا لغويا جديدا يستمد شعريته من جدته وغرابته.

في الواقع تمتلك الشاعرة آمنة عبد العزيز احساسا ميزا باللغة يعطيها قدرة مثيرة على التصرف باللغة واعتمادها وسيلة رئيسة لبناء الصورة الشعرية.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة نهج البردة الطللية بين البوصيري وشوقي
- المرأة الحلم في شعر المتنبي
- المرأة الاديبة والرجل (المثقف )
- (أنا) الجواهري
- القصيدة المؤنثة. . لميعة عباس عمارة
- قراءة جديدة في (غريب على الخليج)
- فانتازيا الحقيقة في شعر فاطمة ناعوت
- إيقاع النثر
- تأملات في الصورة الشعرية
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(11) الشفاهية و ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية(9) الشفاهية وا ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (10) الشفاهية ...
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية الحلقة (8) تجم ...
- صورة الرجل في نصوص رحاب الهندي
- الاعتراف بالأدب النسوي
- زاوية النظر والبداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (7) الشفاهية و ...
- أسلوب الكولاج في شعر سعدي يوسف
- وظائف البداية في القصة القصيرة
- الشفاهية .. الداء المستعصي في الثقافة العربية (6) الشفاهية و ...


المزيد.....




- أول فنانة ذكاء اصطناعي توقع عقدًا بملايين الدولارات.. تعرفوا ...
- د. سناء الشّعلان عضو تحكيم في جائزة التّأليف المسرحيّ الموجّ ...
- السينما الكورية الصاعدة.. من يصنع الحلم ومن يُسمح له بعرضه؟ ...
- -ريغريتنغ يو- يتصدّر شباك التذاكر وسط إيرادات ضعيفة في سينما ...
- 6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
- كفيفات يقدّمن عروضًا موسيقية مميزة في مصر وخارجها
- عميل فيدرالي يضرب رجلًا مثبتًا على الأرض زعم أنه قام بفعل مخ ...
- انقطاع الطمث المبكر يزيد خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائ ...
- إشهار كتاب دم على أوراق الذاكرة
- مثنى طليع يستعرض رؤيته الفنية في معرضه الثاني على قاعة أكد ل ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - الصورة اللغوية في نصوص آمنة عبد العزيز