أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - غبار على رسائل الغرام














المزيد.....

غبار على رسائل الغرام


حسين ابو سعود

الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


وجدت اثناء البحث عن بعض الاوراق المهمة عددا من رسائل الغرام التي انتهت مدة صلاحيتها ولم تعد صالحة للاستعمال البشري اي فات اوانها وقد علاها الغبار والاتربة، لقد فاتني وفات تلك الرسائل القطار ، وما اسرع القطار في الفوات لقد فات قطار السعد وفات قطار العمر وفات قطار الثراء وقطار الصحة وقطار الزواج ، فيا جارة الحزن تعالي اغطيك بجفوني واصد الريح عنك بفنوني وجنوني ، ودعيني ارى دنياي في عينيك ، واريك جمال الدنيا في عيوني ( ولك ياريل لا تصرخ اخاف تفزز السمرة )، ماذا افعل بهذه الرسائل ايتها الحبيبة النائية ، ولم يبق في العمر بقية لبداية جديدة ، وقد ذويت وذوى معي حبي الاكبر ، واجتاز العمر المعبر الاخطر ، وها انا اتكئ على عمود الجسر اتفرس بالرائحين والغادين ، ابحث بين الوجوه عن وجه يشبهك ، فالانهار لم تغير مساراتها من اجل عينيك ، ولا الامطار هطلت في غير مواسمها ولم تخضر الصحاري ، غير انك كنت سرا جميلا في جبين الليل ، لم تشأ الاقدار ان تكوني رفيقة اسفاري، لا ادري ماذا فعل الزمن بك وبمحاسن وجهك الوضئ ؟ وكيف تصبحين كل صباح، أما زلت تملئين الفضاء بالصداح كالاطيار ولا تهتزين امام الاعاصير والرياح كالنخل العراقي الباسق ، فالشمس التي تنتظرينها قد لا تشرق ثانية ، اذ لا يضئ المصباح بلا زيت ابدا ، لكن اخبريني عن وجهك الجميل ، هل لازال يقف عند المداخل يترقب مجئ القوافل ، فانا الان في ارض لاماء فيها ولا سراب ولم اجد في رحلة البحث الطويلة شيئا يدوم ، وقد البسني الظمأ الطويل لباس الوقار ويأخذني بعيدا عن النار والعار والشنار ، ولم يعد الشبق القديم قرمزيا كما كان ولم يعد يسكنني ويهزني ويعذبني ، ابحث عن نهر جار ادس فيه جسدي وكأني غريق ابحث في الظلمات عن طريق.
رسائلك امسح الغبار عنها اشمها اضمها ارى فيها كيف جمعنا القدر وكيف اختلطت عندنا الحواس يومها وصارت الشمس تبزغ قبل القمر ، حتى اذا سكت البلبل من نزفه ونطق الحجر ، كنت تطلعين من مخدعك بكامل زينتك تدفعين عني الارق حتى الشفق وتوسعين بضفائرك دائرة البوح وتسكبين دموعك على جرحي .
لم اعد انتظرك ، لقد انتهى كل شئ وانتهت الوليمة واحالتني رهبة المطارات وبرودة المحطات الى درويش نحيل يتسكع على ابواب الصوامع والمعابد يبحث عن راحة وسكون يغرس ازهارا عند المنعطفات ويغرد مع البلابل ويتناول الاسى مع الرغيف ، فهذه جميع كتب الفلاسفة خالية من تاريخ الجميلات .
نعم تعصف بي الوحدة في منفاي البارد وانا اجر خلفي سنواتي الخمسين ، واعلق احيانا قلبي الحزين على مقبض الشباك كي يتشمس، واسترق السمع لهمهمات ملونة تتراقص في الافق .
لقد الفتني اليمامات والحمامات والفراشات والفتُ القطط البيضاء والازهار البرية وحزم الضوء الملونة ، احيط بالاشياء وتحيط بي الاشياء ، اكشف صدري امام العصافير لتقتات على دفئي ، فالدنيا كلها من ارض وسماء ونجوم وسهول وجبال تعرف باني اعيش وحيدا بلا حبيبة ، وابكي ولا اجد احدا ابثه شجوني ، وكل الجدران والابواب والنوافذ والستائر تدري باني اذا مشيت أمشي على اصابعي كي لا ينتبه لوجودي أحد فيشي بي الى القاضي باني امارس الحب من طرف واحد خفي ، وهنا كل شئ له قرين ، عينين خدين اثنين اثنين والقبلة لا تزهر الا اذا نامت بين شفتين ، وبقي ان اقول : انتظريني عند اشجار السرو ثانية وستصلك قصيدتي التي كتبتها بدمي في عينيك ، فانا هنا من الصباح حتى المساء ، ومن المساء حتى الصباح أقرأ اشعاري على الكراسي والوسائد والمناديل، وابيح بين قطع الاثاث اسراري ، واتنزه ليل نهار مع الشمس والقمر سوية على شاطئ النهر ، وقد أشاعوا عني ظلما باني امارس الشذوذ مع الوسائد.
سأعيد الغبار على رسائل الغرام ولتمر الايام سراعا .



#حسين_ابو_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة تحكم العالم
- حرب بلا راء
- ما اقل الزاد واطول الطريق
- انتحاريون ولكن شرفاء
- فن قلب الحقائق
- سجين في حي سكني
- قرصان ماليزيا
- الطفل العراقي ... وقفة عاطفية
- لا (عراق ) في غوغول
- مختصر تفاصيل الزمن المتوقف
- الشعراء والموت في الغربة
- دم الرضيع ما زال في الفضاء
- العلاقة بين الاعراب والتشريح
- انتظروني بعد منتصف الليل
- عرس داقوق
- المتعبون وموسم العودة
- المقاطع الاخيرة من صهيل التعب
- كركوك ، فلا أكف عن مغازلتها ولا هي تتمنع
- عندما تموت الاغنية على شفاه النهر
- صهيل التعب


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - غبار على رسائل الغرام