أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - الشعراء والموت في الغربة














المزيد.....

الشعراء والموت في الغربة


حسين ابو سعود

الحوار المتمدن-العدد: 1966 - 2007 / 7 / 4 - 10:58
المحور: الادب والفن
    



وهكذا يموتون في المنافي الواحد تلو الاخر
يموتون هكذا بلا ضجة انهم كما يقول المثل الصيني ولدوا فتعذبوا وماتوا ، فالا نسان اذن قصة قصيرة ،ويقال ان الشاعر ناظم حكمت جاء الى حلب وسرعان ما غادرها لظروف طرأت فقال : ما أن اتينا حتى رحلنا ، فليبارك الله حلب .
الموت حق، ولكن الموت غريبا وحيدا يختلف عن الموت بين الاهل والمعارف والاصدقاء ، وان كانت النتيجة واحدة، ومن الصعب على الانسان ولا سيما الشاعر ان يترك هذه الدنيا المليئة بالمباهج وهو الذي طالما تغنى بجمالها وسحرها ومحطاتها وباقي تفاصيلها ، فيترك المباني والمغاني وهذه الساعات المزدانة بالدقائق والثواني
مرة اخرى ان الموت حق ، وانه قدر شعراء العراق ان يموتوا بعيدا عن ارضهم وتغسل اجسادهم بغير مياه دجلة والفرات ، ولكن العزاء في ذلك بان شعراء العراق الكبار تخطوا الحدود الوهمية للبلدان ودخلوا الى العالم الارحب الاوسع وصاروا معروفين في جميع انحاء الوطن العربي والعالم ، فهم ان ماتوا فاجسادهم الى التراب ( منها خلقناكم واليها نعيدكم) واما ارواحهم فتعرج الى السماء ولا جنسية في السماء ، وتبقى اثارهم في قلوب المحبين والعارفين في جميع ارجاء المعمورة .
وانا شخصيا ضد نبش القبور واعادة الجثامين ، فما كان يضر جسد كمال سبتي مثلا الذي مات وحيدا في شقته في احدى مدن هولندا وطلب ان تعنون رسائله بعده الى السماء ان يدفن في تلك الارض بين ازهار التوليب ويكتب على شاهد قبره : هذا الغريب هو شاعر عراقي عاقر الكلمة ورسم لوحات رائعة بالقلم والقلق المستمر ، فيقف اهل المدينة والسياح دقائق حزن على قبره ثم يودعونه بزهرة برية ملونة وهكذا تتكاثر الازهار عنده ثم تاتي الاطيار لتنوح عند الغرباء .
هكذا نحن شعراء وغير شعراء ندفع الثمن الباهظ للغربة ، وقد روى لي احد الاصدقاء انه رأى في احد مساجد لندن جنازة يُصلى عليها بحضور ثلاث رجال وأمراتان وطفل ، فسأل عن هذا الغريب المسجى المحفوف بذل الاستخفاف ، فقيل انه عراقي بلا أهل ولا عشيرة ، وقبل فترة اسقطت زوجة احد العراقيين جنينا لانثى مكتملة التكوين ، فاخبرته الممرضة بان ادارة المستشفى ستتولى دفن الجنين ، فوافق الصديق باعتبار ان الاجنة لا تحتاج الى غسل وكفن وصلاة جنازة ، لكن زوجته رأت جنينها في المنام تعاتبها قائلة بلهجة عراقية أصيلة ونبرة مخنوقة بالعبرة : ( يمه ليش تخلوني وحدي او شلون خليتوني وحدي ) فقام الزوج بعد ذلك بالذهاب الى المستشفى وانهى اجراءات استلام الجسد الصغير وتوجه به الى مقبرة للمسلمين لوحده لولا ان التحق به شخصان فيما بعد ليكونوا ثلاثة لا رابع لهم، وهكذا حتى الاجنة تعيش هاجس الغربة والمنفى وتخاف من لسعات الوحدة .
لتتلقف ايدي الملائكة نازك الملائكة وباقي الشعراء وكان من المفروض ان تحصل الشاعرة على التكريم اللائق لها في حياتها ولكن العادة عندنا جرت ان نكرم المبدعين بعد يأوون الى النسيان في بعض الحفر ، كما جاء في احدى قصائدها .
ليظل الجواهري في الشام ولتنام نازك في ثرى القاهرة بسلام حتى ينهض العراق من خرابه ثانية فتعاد شعائر الدفن مرة اخرى في القلوب ، فلنا اليوم شغل شاغل في دفن احبتنا الذين يسقطون يوميا بفعل مجهول ،يا لله وهذا المجهول كم هو جبار وعنيد .



#حسين_ابو_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دم الرضيع ما زال في الفضاء
- العلاقة بين الاعراب والتشريح
- انتظروني بعد منتصف الليل
- عرس داقوق
- المتعبون وموسم العودة
- المقاطع الاخيرة من صهيل التعب
- كركوك ، فلا أكف عن مغازلتها ولا هي تتمنع
- عندما تموت الاغنية على شفاه النهر
- صهيل التعب
- مادعاك ان تموت مبكرا
- باي حال عدت يا عيد
- رسالة الى الارهابيين الشرفاء
- الشتاء القادم هو شتائي


المزيد.....




- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - الشعراء والموت في الغربة