أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - المتنبي وألكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة 2















المزيد.....

المتنبي وألكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة 2


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 2027 - 2007 / 9 / 3 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


المتنبي ما زال مقتحما لأوراقي دون إذن مني ومعه صديقتي التي بدأتُ بكشف أسرارها الغامضة وأسرار الكترتها التي كانت سريعة ومفاجئة بالنسبة لي. تداخل أمر الكترا الإغريقية مع المتنبي الشاعر العراقي ليس بأمر سهل الحدوث, حتى أن الجمع بينهما أمر صعب وربما مستحيل, لكن الصدف والجنون تلعب أحيانا دورا لا نتوقعه في تطور الأحداث . الآن وبدل التفكير في أمرها وجنونها وهذياناتها والبحث عن حقائق متنبيها وأمها ووالدها علي التفكير في نفسي وفي كيفية إعتاق روحي من سرياليتها المركبة التي بدأت تأخذني إلى جحيم الضياع, رغم انه جحيم لذيذ وجميل بسبب غموضه والبحث فيه عن الماضي والحاضر والمستقبل.
المتنبي في البداية كان بالنسبة لي, حسب اعترافاتها وأقوالها, رجلا وهميا أو طيفا يلاحقها بسبب حبها لشعره الجميل وكتاباته العظيمة ، ثم أضحى بعد ذلك حبيبها الغائب وهي العاشقة المنتظرة له ولطيفه.
تداخلت الامور وأصبح عشقها ينقلب نحو عقدة جديدة أو نحو معضلة لا افهمها, عقدة تشبه عقدة الكترا الإغريقية قاتلة أمها بسبب عشقها لوالدها . فبعد أن كان طيفا أصبح حبيبا وبعدها أصبح والدا تعشقه وتحبه.
همي الوحيد الآن هو محاولة إعادتها إلى إنسانة عادية وطرد جسدها من عالمي بعد ما علمت منها عن أسرارها الخاصة وحبها للقتل والدماء في جيلها الأول, ثم حبها للقراءة والمتنبي وتلبسها في أعماقي وعدم قدرتها على الانعتاق مني . أردت أن اعلمها كيف عليها العيش في لحظتها هذه دون الالتفات إلى أجيال أخرى لتكون تقمصاتها الآتية أسهل من حاضرها.
لم تهذ ِ ولم تصبْ بالجنون كما ادعيتُ أنا, بل أنا التي كنت في قمة الغباء لأني لم استطع كشف سرها إلا ّ الآن وفي هذه اللحظات فلقاؤها مع المتنبي لم يكن وهما, ورؤيتها لخوله لم تكن سرابا, بل بالفعل هذا ما حدث لصديقتي فهي رأته واصطحبته وتمشت معه وذهبت في صحبته إلى افخر المطاعم وأجمل الحدائق . ففي احد أجيالها كانت قد عاشت معه في نفس الصحراء ونفس البيئة بعد أن تقمصت روحها امرأة بدوية جميلة وقوية لم تكن خولة ً بل كانت إحدى نسائه المجنونات به غير الواصلات إليه فقد كان شاعرا قديرا ومعروفا أحبته نساء الصحراء, فربما كانت هي رقما من الأرقام, لكنها الآن وبعد مضي قرون من الزمن أصبحت تكتشف نفسها من جديد وتكتشف أنانيتها وغيرتها المستترة والحيوانية التي ليس لها أي مبرر . فخولة ربما تكون حاضرة في عصرنا هذا, لكن بالوقت ذاته ربما تكون قد وجدت إنسانا آخرَ تحبه بدل المتنبي. صديقتي أرادت أن تعيده ثانية إلى عصرنا الحاضر وهي لا تعلم أن المتنبي الحاضر ما زال يحمل اغلب صفاته في البداوة والمحافظة . ربما هذا هو احد الاسباب التي جعلتها تتخذ من المتنبي والدا وحبيبا في نفس الوقت. انه أمر غامض جدا عشقها وحبها المركب له, حتى آتى يوم وجعلتني أتوهم الكتريتها القاتلة التي هي فعلا حقيقة.
الشرارة الملتهبة التي رماها سوفوكليس على العالم ترافقني منذ سنين ومنذ أعوام. رافقتني في طفولتي ولعبنا سوية في أزقة الحارات وسرقنا الجوز من على سطح جارتنا أم سعيد وبنينا أكواخا من أغصان السرو, فكنا في صف واحد ومدرسة واحدة وحارة واحدة, فكيف انتقلت روحها من جسد إلى اخر عبر مئات الأجيال لتصل إلي ونكون صديقتين أعيرها ألواني وأقلامي وملابسي وأحذيتي وتعيرني هي مقصاتها الحادة وملاقط الحواجب ذوات الرؤوس المسنونة. الآن بدأت الامور تتضح فأدركت سبب براعتها في تقطيع الخضار وفرم البقدونس في تلك السرعة الهائلة دون أن تجرح أناملها أو تخدش أظافرها الطويلة المرتبة.
صديقتي كانت تجيد أيضا تقطيع اللحوم وبكل الأحجام وتحب أكلها في كل أحوالها: نية, مشوية أو مطبوخة, وأكثر ما ميزها هو عدم إضافتها ملح الطعام إلى اللحوم وهذا ليس بالأمر الغريب على الكترا الإغريقية التي قتلت أمها في جيلها الأول ثم تجسدت امرأة صحراوية في أجيال أخرى . أحبت المتنبي وتنقلت بين نسائه وحاولت زرع الفتن بينهن وحاولت إقناعهن بأنه ليس شاعرا للمرأة وانه إنسان ٌ يضطهد النساء, بينما هو في واقع أمره عكس ذلك, يحب المرأة ويحب النساء ويعشق البداوة وقد ظهر هذا في أشعاره. بعد ذلك بدأت روحها بالعبور إلى الزمن الحاضر لتصبح صديقتي التي تحبني وتأتمنني على أسرارها.
مات المتنبي آنذاك ثم ماتت هي ثانية وما زالت تحمل الكتريتها المجنونة في داخلها. ماتت وولدت وتكررت العملية عبر أجيال لتصل إلي وتنام على سريري وتستعمل كتبي ووسادتي وفناجيني وحجرتي.
بانت أسرار تقمصاتها وانكشفت حقيقتها المجنونة, تلك هي الكترا عاشقة المتنبي الجميل, فكيف كنت سأحولها إلى طبيب نفساني وأنا الآن من تحتاج إلى طبيب ليشخص لي حالتي وعسري وتعسري لفهم ما يدور حولي من تقلبات ومن تقمصات ؟ الآن علي التفكير في نفسي قبل جرجرتي إلى المستشفيات العصبية أو إلى أطباء الإغريق أو أطباء الصحاري . لم أكن اعلم أن تلك العاشقة المجنونة هي ليست امرأة واحدة بل عدة نساء في روح واحدة.
هي الآن في غرفتي تجمع زجاجات العطور الفارغة المصنوعة من الزجاج وأنا في الزاوية الأخرى أحاول فهم ما جرى وإنقاذ مصيري من تلك الشرارة في حياتي وربما ستحّملني عقد الإغريق وجنون سوفوكليس. اليوم الكترا هي صديقتي وأنا لا اذكر أني كنت يوما إغريقية أو عشت في بلاد الإغريق أو في عصر المتنبي فبالكاد الملم نبالي واجمع زجاجاتي المسروقة.
دخلت غرفتي أعطتني خيطا طويلا وقالت:
أنا ذاهبة لأبحث عن منفى اخر قبل أن تكتبيني في أسطورة أخرى وتجعليني قاتلة ثانية ...
في زمان الإغريق كنت قاتلة وفي زمانكم أنا قاتلة ومقتولة . في زمان الإغريق كنت أسطورة ومسرحية وفي زمانكم الحاضر الكترا حقيقة موجودة.
أنا الكترا متى شاءت مشيئتكم انتم, وأنا مذبوحة متى أردتم.
أنا معضلة ولست معضلة,أحببت المتنبي شاعرا, المتنبي الذي حاول إعتزال الحياة فقتل ،
وأنا حاولت الاعتكاف على حيواتي فتناقلتموني أسطورة قاسية ومرعبة.
جئت لأكفر عن خطيئتي في زمانكم فوجدت زمانكم كله خطيئة.
أنا سأغيب أو غائبة جسدا, لكني سابقي موجودة ما دمت ِ انت ِ موجودة.
أنا لا أنكر علاقتي بالمتنبي الشاعر لكني أقول انك أنت ِ من جعلتني ألكترا إذْ فشلت ِ في كشف سري.
وضعتْ الخيط في يدي واختفتْ من غرفتي ومعها زجاجاتي وأسرارها الغامضة. تاركة إياي َّ أفكر في أمرها وأمر الخيط الذي تركته معي.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولات اعتكاف 2
- محاولات اعتكاف: هو الفيلسوف الراحل كمال جنبلاط أمدّني بكلم ...
- امرأة لا تعرف التقشف
- المتنبي والكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة
- الكاتبة نبال شمس في حوار خاص مع جريدة الحياة الثقافية
- ماري والحجاج بن يوسف الثقفي... علاقة تبحث عن إثبات
- عدت حاملة رأسي
- خوله ونبوة المتنبي
- أطواق_الجزء4
- أطواق_الجزء 3
- أطواق_الجزء2
- أطواق- الجزء 1
- أريد الكتابة, لكني لا اريد ان اصبح قاصة , شاعرة او روائية
- صديقتي والمتنبي
- حمامة, هاوية ونص
- كوني كما أنت
- علميني ما لا تعلمين
- الدخول من النهاية
- محاولات للتعالي عن أناها
- لغة الروح


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - المتنبي وألكترا المغايرة في تجاوز الاسطورة 2