ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻷﺳﻄﻮﺭﺓ


أمجد سيجري
الحوار المتمدن - العدد: 6438 - 2019 / 12 / 15 - 14:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺍﻷﻓﺎﻣﻲ ﺍﻟﻤﻤﺜﻞ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺳﻄﺤﻴﺔ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻭﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻲ ﺃﻭﻧﺎﺑﻴﻮﺱ .Eunapius
ﻭُﻟﺪ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺛﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻜﻴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﻘﻨﺴﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺣﻮﺍﻟﻲ ﻋﺎﻡ 240 ﻡ ﺗﻌﻮﺩ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻟﻤﻠﻮﻙ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺣﻤﺺ ﻣﻦ ﻛﻬﻨﺔ ﺇﻳﻞ ﺟﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻝ ﺷﻤﻴﺲ ﻏﺮﺍﻡ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺑﺠﺬﻭﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻋﺼﺮﻩ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﺗﺨﺬﻭﺍ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ ﺃﺳﻤﺎﺀً ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﻻﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻢ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻤﺎً ﻷﺣﺪ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﻷﺳﻢ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻻﺭﺍﻣﻴﺔ ﻣﻦ יאא מלך yaa-mliku ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﺟﻢ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺃﻭ יא מלך ﻳﺎﻣﻠﻚ ﺃﻭ ﻣﻦ איאמלך ﺷﻮﺭﻯ ﺃﻭ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﻛﻞ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺇﺷﺘﻘﺎﻗﻬﺎ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤُﻠﻚ .
ﻗﻀﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻂ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻧﻄﺎﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻌﺪﺓ ﻗﺮﻭﻥ .
ﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺃﻧﺎﺗﻮﻟﻴﻮﺱ ﺍﻟﻼﺫﻗﺎﺗﻲ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻳﻀﺎً ﺑﺄﻧﺎﺗﻮﻟﻴﻮﺱ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﺍﻧﻲ ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻊ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺗﺤﺖ ﻳﺪ ﻓﻮﺭﻓﻮﺭﻳﻮﺱ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺃﻓﻠﻮﻃﻴﻦ ﻣﺆﺳﺲ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﻣﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﺇﺧﺘﻠﻒ ﻣﻌﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻮﻝ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺜﻴﻮﺭﺟﻴﺎ ﺃﻱ " ﺍﻟﺴﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭ ﻫﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺍﺋﻴﺎﺕ ﺃﻭ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩﻳﺎﺕ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻟﻬﺔ ﺃﻭ ﺇﺣﻀﺎﺭﻫﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺭﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮﺫﺓ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ .
ﻳُﻘﺎﻝ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺃﻥ ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﺁﺭﺍﺋﻪ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺩﺍﺗﻪ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺣﻤﻠﺖ ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ " ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ " ﺭﺩﺍً ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻓﻮﺭﻳﻮﺱ ﺍﻟﺼﻮﺭﻱ ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺃﻥ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻨﺴﻮﺏ ﻟﻴﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺴﻢ ﺃﻣﺮﻩ .
ﻋﺎﺩ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺃﻓﺎﻣﻴﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻷﻓﺎﻣﻴﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻳﺒﺪﻭ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺴﻘﻂ ﺭﺍﺱ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺛﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﻧﻮﻣﻴﻨﻴﻮﺱ ﺍﻷﻓﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻴﻼﺩﻱ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺻﻤﻢ ﻣﻨﻬﺠﺎً ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﻛﺘﺐ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻪ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺙ ﻳﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻴﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ
ﺃﺷﺘﻬﺮ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺑﺄﻧﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻜﺮ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺎً ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺫﻭ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﺠﻤﻊ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺟﻤﻌﺘﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺩﺓ ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻮﻯ ﺟﺰﺀ ﺑﺴﻴﻂ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﻄﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺍﺳﺘﻮﺑﺎﻳﻮﺱ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﺎﺭﺍﺗﻪ ﻭﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺑﺮﻭﻗﻠﺲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺱ ﻛﺘﺎﺏ " ﺣﻮﻝ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺙ " .
ﺷﺎﻫﺪ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻭﺷﺎﻫﺪ ﻣﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ﺍﻟﻮﺛﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺛﻨﻲ ﻭﺇﺗﺠﻪ ﻹﺣﺘﻀﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺎﻣﺸﻴﺔ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﻭﺱ ﻣﻨﺰﻋﺠﺎً ﻣﻦ ﺷﺤﻮﺏ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﺣﻠﻢ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﻟﻖ ﻟﻠﻮﺛﻨﻴﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﺻﻼﺡ ﻭﺛﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺑﺎﺑﻞ ﻭﺃﺷﻮﺭ ﻭﻣﻨﺎﺑﻊ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﺑﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺙ ﻭﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻭﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ ﻟﻠﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎﻥ ﺩﻣﺞ ﻛﻞ ﻣﺎﺳﺒﻖ ﺗﺤﺪﻱ ﻛﺒﻴﺮ ﻭﺍﺟﻬﺔ ﻳﺎﻣﺒﻠﺨﻴﻮﺱ .
- ﺍﻗﺘﺮﺡ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺑﺄﻥ ﺗُﺪﺭﺱ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺑﺘﺮﺗﻴﺐ ﻭﺍﺿﺢ ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺩ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻣُﻌﺮَّﻓﺔ ﻟﺘﻔﺎﺳﻴﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻳﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ ﺇﻟﻬﺎﻣﺎً ﺇﻟﻬﻴﺎً
ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺃﻓﻠﻮﻃﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ .
ﻟﻜﻨﻪ ﺃﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺭﻭﺡ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﻘﻮﺻﺔ ﻟﻜﻦ ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺴﻴﺪ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﻌﺘﻘﺪًﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﺜﻞ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﻛﺎﻥ ﺍﺳﻢ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻧﺎﺩﺭﺍً ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﺳﻢ " ﺇﻟﻬﻲ " ﺃﻭ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ .. ﺛﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ .
- ﻛﺎﻥ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻘﺪﻭﺍ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺣﻠﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺇﻧﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺃﻥ ﺗﻀﺤﻴﺎﺕ ﻭﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ " ﺍﻟﻮﺛﻨﻲ " ﺳﺎﺫﺟﺔ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ
ﺣﻴﺚ ﺇﻋﺘﺒﺮ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻃﻘﻮﺱ ﻭﺗﺄﻣﻼﺕ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺻﻮﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻯ ﻳﺎ ﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻟﻮﺻﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻫﻲ synthemata ﺳﻴﻨﺜﻴﻤﺎﺗﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ﻳﻌﻨﻲ ﺣﺮﻓﻴًﺎ " ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ " ﺃﻭ " ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﻫﻲ ﺷﻬﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺃﻭ ﻫﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻭﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺮﻯ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ .
ﻛﻤﺎ ﺇﻋﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻼﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﻄﻘﻮﺱ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺠﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺍﻹﻟﻪ .
ﺇﻋﺘﺒﺮ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﺴﺤﺮﻳﺔ " ﺍﻟﺜﻴﻮﺭﺟﻴﺔ " ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﺍﻹﻳﻘﺎﻋﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺗﺘﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺗﺨﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﺗﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﻷﻟﻬﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺪﺃﺕ ﻗﺪ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺠﺮﻱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ .
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺛﻴﻦ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺑﺪﺃً ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺇﻧﺘﻬﺎﺀً ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ .
ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻳُﺨﻀﻊ ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻟﻠﺮﻗﻢ ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﻟﻸﺭﻗﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻭﺗﺤﺘﻞ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻭﺳﻄًﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ .
ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻣﺎﺭﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ ﻭﺛﻨﻲ ﺃﻭ ﻣﺼﻠﺢ ﻭﺛﻨﻲ ﻟﻜﻦ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ ﺗﻮﻗﻴﺘﻪ ﻟﻴﺲ ﺟﻴﺪﺍً ﺍﺑﺪﺍً ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ﻭﻓﺎﺗﻪ 325 ﻡ ﻋﻘﺪ ﻗﺴﻄﻨﻄﻴﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺠﺐ ﺍﻷﺭﺛﻮﺫﻛﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻧﻤﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﻴﻦ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﻦ ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﺎﻓﻌﻠﻪ ﺍﻻﺭﺛﻮﺫﻛﺲ ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﺪﺓ ﻫﻴﺒﺎﺗﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻛﻤﺎ ﺃﻏﻠﻖ ﻣﺪﺭﺳﺘﻬﻢ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺟﺴﺘﻴﻨﻴﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻧﻜﻞ ﺑﻔﻼﺳﻔﺘﻬﺎ ﻭﺍﺧﺮﻫﻢ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺩﻣﺎﺳﻜﻴﻮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ .
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻟﻘﺪ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺗﺮﻙ ﺇﺭﺛﺎً ﺧﻔﻴﺎً ﻟﻪ ﺗﺄﺛﻴﺮﻩ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻛﺘﺐ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﺳﻮﺭﻱ ﻣﺠﻬﻮﻝ ﺑﺎﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭﻧﺴﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺗﺪﻋﻰ ﺩﻳﻮﻧﻴﺴﻴﻮﺱ ﺍﻷﺭﻳﻮﺑﺎﻏﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻟﻴﺔ ﻭﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺛﺮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻮﻓﻴﻦ " ﺍﻟﺒﺎﻃﻴﻨﻴﻴﻦ " ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﻣﻜﺴﻴﻤﻮﺱ ﺍﻟﻤﻌﺘﺮﻑ ﻭﻏﺮﻳﻐﻮﺭﻳﻮﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﺍﻧﺪﺭﺍﻭﺱ ﺍﻟﻜﺮﻳﺘﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺰﺍﺋﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﻮﻧﻴﺴﻴﻮﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭ ﻧﻈﺎﻡ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺣﻴﺚ ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﻬﺮﻣﻲ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺴﻢ ﺍﻷﺟﻮﺍﻕ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﺟﻮﺍﻕ .
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺣﺠﺞ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺣﻮﻝ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺿﻤﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﺍﻹﻓﺨﺎﺭﺳﺘﻴﺎ .
ﻭﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺄﺳﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺗﻨﺎﻏﻢ ﺇﻟﻬﻲ ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻟﻠﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺗﻢ ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺣﺼﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻘﻂ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﺣﻴﺚ ﺗﺮﺟﻤﻬﺎ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻲ ﺍﻷﻳﺮﻟﻨﺪﻱ ﺇﺭﻳﺠﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻮﺛﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻝ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺩﻳﻦ ﻣﺎﺿﻴﻪ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺘﺮﺟﻤﻪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ .
ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻫﻲ :
- ﺣﻮﻝ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺙ
- ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ " ﻣﻨﺴﻮﺏ ﻣﻮﺿﻊ ﺧﻼﻑ "
- ﻓﻲ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ
- ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ
- ﺣﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻡ
- ﺣﻮﻝ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻋﻨﺪ ﻧﻴﻜﻮﻣﺎﺧﻮﺱ
- ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ
ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﻧﺒﻘﻰ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﻋﻨﻪ ﻭﻧﻘﻠﻬﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻭﻧﺎﺑﻴﻮﺱ ﺧﻼﻝ ﺯﻳﺎﺭﺗﻬﻢ ﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﺟَﺪَﺭَﻩ ﻭﻫﻲ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺳﺎﺧﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺄﻡ ﻗﻴﺲ ﻓﻴﻘﻮﻝ :
ﻗﺮﺭ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻣﻊ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﺇﻟﻰ ﺟَﺪَﺭَﻩ ﻭﻫﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﺠﻮﺍﺭﻩ ﺣﻤﺎﻣﺎﺕ ﺳﺎﺧﻨﺔ ﻻ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﺇﻻ ﺣﻤﺎﻣﺎﺕ ﺑﺎﻳﺎﻱ ﻓﻲ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺃﻳﺔ ﺣﻤﺎﻣﺎﺕ ﺑﻬﺎ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﻭﺣﺪﺙ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﺤﻢ ﻭﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻣﻌﻪ ﻭﻋﺎﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﺤﺎﺣﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩ " ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﺤﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺈﺷﺮﺍﻛﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﺘﻪ " ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ : ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻟﻶﻟﻬﺔ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﺃﻥ ﺃﺭﻳﻜﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺄﻓﻌﻞ ﻷﺟﻠﻜﻢ ."
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﺒﻌﺎﻥ ﺳﺎﺧﻨﺎﻥ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻦ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻴﻨﺎﺑﻴﻊ ﻭﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﺃﻟﻄﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻃﻠﺐ ﺇﻟﻰ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻟﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﻤﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﻬﻤﺎ ﺍﻟﻨﺒﻌﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻔّﺬﻭﺍ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ، ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﻳﺪﻋﻰ " ﺇﻳﺮﻭﺱ " ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻪ " ﺃﻧﺘﻴﺮﻭﺱ " ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻟﻤﺲ ﺍﻟﻤﺎﺀَ ﺑﻴﺪﻩ ﻭﺻﺎﺩﻑ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻟﺴﺎً ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺔ ﺍﻟﺘﺒﻊ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻬﺪﺭ ﻣﻴﺎﻫﻪ ﻣﺒﺘﻌﺪﺓ ﻋﻨﻪ ﺭﺩﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺩﻋﻴﺔ ﻭﺇﺳﺘﺤﻀﺮ ﺻﺒﻴﺎً ﻣﻦ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺃﺑﻴﺾ ﺍﻟﺒﺸﺮﺓ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﻘﺎﻣﺔ ﻭﺧﺼﻼﺕ ﺷﻌﺮﻩ ﺫﻫﺒﻴﺔ ﻭﻇﻬﺮﻩ ﻭﺻﺪﺭﻩ ﻳﺸﻌﺎﻥ ﻛﻤﻦ ﻭﺍﺟﺘﺎﺡ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝُ ﺗﻼﻣﻴﺬَﻩ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻗﺎﻝ : " ﻟﻨﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ " ﻭﻧﻬﺾ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎً ﺇﻳﺎﻫﻢ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻪ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺛﻢ ﺃﺩﻯ ﻃﻘﻮﺳﺎً ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎً ﻭﺍﺳﺘﺤﻀﺮ " ﺇﻳﺮﻭﺳﺎً " ﺁﺧﺮ ﺷﺒﻴﻬﺎً ﺑﺎﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﺪﺍ ﺃﻥ ﺷﻌﺮﻩ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺗﻤﺎً ﻭﺻﺎﺭ ﺳﺎﺑﻼً ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻋﺎﻧﻖ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ، ﻛﻼﻫﻤﺎ، ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻭﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﻪ ﺑﺤﻤﻴﻤﻴَّﺔ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺃﺏٌ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﻤﺎ ﺛﻢ ﺃﻋﺎﺩﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺧﺮﺟﺎ ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﻣﻪ ﻣﻜﺮﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ .
ﺗﺸﻴﺮ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﻟﻴﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻭﻧﻬﺎ ﺃﻭﻧﺎﺑﻴﻮﺱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺗﻼﻣﻴﺬ ﻳﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻧﺸﻚ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ ﺟﺪﺭﻩ ﻭﺃﻥ ﺍﺣﺪ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﻦ ﻧﻘﻠﻬﺎ ﻷﻭﻧﺎﺑﻴﻮﺱ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﺸﺄﺕ ﻛﻘﺼﺔ ﺃﺳﻄﻮﺭﻳﺔ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺮﻣﺰﻫﺎ ﻓﻴﺎﻣﺒﻠﻴﺨﻮﺱ ﻫﻮ ﻣﻤﺜﻞ ﻟﻠﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻤﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺣﻠﻢ ﺑﺈﺻﻼﺣﻬﺎ ﻟﻤﺲ ﻣﻴﺎﻩ ﻧﺒﻌﻲ ﺃﻳﺮﻭﺱ ﻭ ﺍﻧﺘﻴﺮﻭﺱ ﻭﺃﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﻳﻄﻮﻗﻬﻤﺎ ﺑﻌﺎﻃﻔﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻛﺄﺏ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺜﺎﻝ ﻟﻠﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻹﺛﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﻮﺙ ﺍﻟﻔﻴﺜﺎﻏﻮﺭﺛﻲ ﻣﺒﺪﻉ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ