الملك إدريمي أقدم لجوء سياسي مدون ومطابقات توراتية


أمجد سيجري
الحوار المتمدن - العدد: 6126 - 2019 / 1 / 26 - 02:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

التمثال ذو الرقم 130738 في المتحف البريطاني
https://www.britishmuseum.org/research/collection_online/collection_object_details.aspx?objectId=368128&partId=1&people=93385&peoA=93385-1-7&page=1
من التماثيل المهمة جداً يعود تاريخه إلى 3500 عام يعود للملك السوري ادرمي 1440-1460 ق. م "Idrimi" تم العثور على هذا التمثال في شمال سوريا في الثلاثينيات من القرن الماضي من قبل عالم الأثار البريطاني ليونارد وولي Leonard Woolley في أنقاض معبد في موقع الألاخ المعروف اليوم بتل العطشانة في لواء اسكندرون المحتل وتم نقل هذا التمثال إلى المتحف البريطاني عام 1939 م حيث جرت أعمال ترميه كونه قد تعرض لأضرار بالغة حيث تم كسر رأس التمثال والقدمين وتم إسقاطه عمداً من على قاعدة التمثال.
يظهر الملك إدرمي في هذا التمثال جالساً على عرشه مرتدياً تاجاً واضعاً يده اليمنى بشكل موازي ليده اليسرى ويظهر على التمثال في المقدمة كتابة مسمارية باللغة الأكادية أصبحت الآن معروفة على نطاق واسع كواحدة من أهم الوثائق المسمارية في التاريخ تروي حكاية مثيرة لهذا الملك لذلك تعد كواحدة من أقدم السير الذاتية السياسية التي تم العثور عليها.
يتضح في الجزء الأول من النقش الأكادي على تمثال الملك إدرمي Idrimi أن حادثة قد وقعت في يمحاض "حلب " هي على الأغلب وقوع المنطقة تحت حكم ملك غير واضح من هو لكن يرجح أنه الملك الميتاني باراتارنا Barattarna أسفر عنه خلع والده عن الحكم مما إضطره هو وأسرته إلى الفرار إلى منطقة إمار بسبب إرتباطه بأسيادها من ناحية أمه فيمكن أن نقول أن الملك إدرمي أخذ لقب أول لاجئ سياسي مدون في التاريخ فيقول :
"أنا إدريمى إبن إيليمليما Ilim-Ilimma I خادم الإله تيشوب و الألهة هيبات و الألهة شاشاگا( تطابق عشتار) سيدة الألاخ عشيقتي.
في حلب " يمحاض " في منزل آبائي وقعت جريمة وهربنا من هناك .
وكان أسياد إيمار (مسكنة في ادلب ) ينحدرون من شقيقات أمي لذلك استقرينا في إيمار.
وكان أشقائي الذين يكبرونني سناً يعيشون معي أيضاً. "
لكن بعد أُجبرت عائلته على الفرار من إيمار أدرك أنه لن يتمتع بسلطة حقيقية هناك وإعتبر معيشة في إيمار كالعبيد نتيجة لذلك ترك عائلته وأشقائه وأخذ حصانه ومركبته وذهب إلى الصحراء وانضم إلى الهابيرو Hapiru وبصورة أدق العابيرو ʿApiruالمتواجدين في صحراء أرض كنعان" وهذا الإسم عبارة عن مصطلح يستخدم في نصوص الألف الثاني قبل الميلاد في جميع أنحاء الهلال الخصيب للأشخاص الذين يوصفون بأنهم متمردون ، خارجون عن القانون ، مُغيرون ، مرتزقة بالإضافة إلى الخدم والعبيد .
كما يوجد في ذات المنطقة لاجئون آخرون من حلب "يمحاض " عاش بين العابييرو سبع سنوات فيقول :
في السنة السابعة ، تحولت الألهة تيشوب نحوي (أتته في الحلم في بعض الترجمات) لذلك قمت ببناء السفن وصعد الجنود معي إلى السفن بإتجاه موكيش .. عندما سمعت بلادي بما أقوم جلبوا الماشية والأغنام قبل أن أحضرها.
في يوم واحد إلتف نيهي و أماي ( شعوب لاجئة ) و بلاد موكيش و الألاخ حولي مثل رجل واحد التفت نحوي مثل رجل واحد سمع إخوتي هذا وجاؤوا إلي وأقسموا على التحالف المتبادل وضعت إخواني تحت حمايتي. ".
قاد أصدقائه الجدد في هجوم معاكس لإستعادة الألاخ حيث بنى السفن و جمع الجنود من العابيرو واللاجئين مما شجع آخوته للإنضمام إليه كان هذا التحالف الجديد مع الحكام المحليين والعابيرو الذي تم إنشاؤه من خلال تبادل الماشية مجرد بداية لترميم مكانة ومركز إدريمي الملكي كملك للألاخ وقد كشف ترجمة إدوارد جرينشتاين وديفيد ماركوس للنقوش والتي أقدم ملخصها لكم في الأسطر 42-51 أنه بالرغم من عداء الملك الميتاني باراتارنا Barattarna أو بارشاتار Paršatar لإدريمي أثناء وجوده في المنفى في كنعان فقد احترم بالفعل تحالف إدريمي و أعد له حساب لذلك يرجح أنه أعاد له عرشه خوفاً من أن يسترد عرشه منه بالقوة بعد أن أعد العدة بجيش ضخم من اللاجئين والعابيرو والحكام المحلين كما أسلفت بالتالي أعاد الملك الميتاني العرش إلى الملك إدريمي وأقسم له الآخير اليمن بالولاء بإعتباره تابعاً مخلصاً فنال حكماً يمكن وصفه بالفيدرالي مع المملكة الميتانية .
بعد نجاح إدريمى فى تأسيس اتفاقية سلمية مع الملك باراتارنا الميتاني فى عام 1490 ق. م
قاد خلال فترة حكمه غارات على سبع مدن مجاورة لمنطقة غازي عنتاب عبر الحدود إلى الأراضي الحثية حيث أخذ أسرى منهم بالإضافة إلى ممتلكاتهم الثمينة ووزعهم على مساعديه وأقربائه وأصدقائه كما إستخدم الغنائم في تلك الغارة لبناء قصره الضخم " وينتهي النقش بلعن كل من يدنس التمثال ويدمره.
ملاحظات :
ملاحظات :
إن أدب بلاد الرافدين كان بمعظمه يعتمد على الأساطير و التي نطلق عليها عند سماعها صفة الخرافة لكن نلاحظ في نقش الملك إدريمي أنه يقدم سيرة ذاتية واقعية مغايرة لأدب بلاد الرافدين الأسطوري والتي نجدها في سيرة بعض الأنبياء التوارتيين بالتالي يمكن إعتبار هذا الأسلوب هو ذاته المتبع في أسلوب التوراة السردي ومن المطابقات المثيرة مثلاً أن شخصية الملك المنفي إديرمي ملك الألاخ وقائد العابييرو تقارب مثلاً حكاية النبي إبراهيم فكلاهما كان عليهما مغادرة وطنهما والسفر إلى أرض أخرى مع عائلتهما فإبراهيم ترك موطنه في أور وكان عليه أن يسافر إلى أرض أخرى مع عائلته لكنه ترك تلك الأرض واضطر إلى السفر مرة أخرى للعثور على مكان لأجياله القادمة في أرض كنعان.
على نحو مماثل غادر إدريمي حلب وسافر إلى إيمار مع عائلته وثم إلى كنعان للانضمام إلى الهابيرو / العابيرو وإيجاد مكان جيد له ولأبنائه ، وهو ما فعله في الألاخ .
كما يمكن ملاحظة مطابقة اخرى مهمة و هي :
أن إدرمي هو أصغر إخوته و كان بقاء إدرمي مدة سبع سنوات بين محاربي العابيرو بعد سبع سنوات جائه الإله تيشوب في الحلم ليعطيه الإشارة وبدأ في بناء السفن وجمع إلى مزيجاً
مختلف المنشأ كالعابيرو والألاخ وغيرهم .
و الملك الميتاني باراتارنا Barattarna بقي على عداء معه لمدة سبع سنوات في السنة السابعة عقد إدريمي مفاوضات مع باراتارنا إنتهت بالسلم كما جمع غنائم من سبع مدن حثيّة ويبني قصره الخاص ووزعها أيضاً على اقربائه وأصدقائه من العابيرو .
كذلك الملك داؤود كان لديه نمط مماثل مع الرقم سبعة أيضا هو الأصغر بين إخوته السبعة كما هرب من بطش شاوول وعند عادت ثقته بالله عاد إلى يهوذا لمواجهة شاوول وجمع حوله جماعة متعددة الاهداف متضاربة المنشأ فمنهم من ﻻ عمل له ومنهم اليائس وغير هؤﻻء ممن بلغ عددهم أربعمائة في البداية ثم ازدادوا إلى ستمائة كذلك مكث سبع سنوات في الخليل قبل فتح قلعة اليبوسين خارج القدس وبنى قصره بعد ان أخضع شعوب المنطقة حسب الرواية التوراتية.
كما أعطى حلفائه شيوخ يهوذا أجزاءً من الغنائم التي إغتنمها خلال غزواته .