هل ولد المسيح في 25 كانون الأول/ ديسمبر ؟


أمجد سيجري
الحوار المتمدن - العدد: 6091 - 2018 / 12 / 22 - 12:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

في 22 كانون الأول / ديسمبر تشهد الأرض أحد أهم الظواهر الفلكية التي تحدث خلال السنة الشمسية وهي حادثة الإنقلاب الشتوي winter solstice لكن ما أهمية هذا الإنقلاب وما هي أسراره التي يخفيها؟
يتميز الإنقلاب الشتوي في نصف الكرة الشمالي بعدة خصائص أهمها :
- في يوم الإنقلاب تكون الشمس عمودية على مدار الجدي و في أقرب نقطة إلى سطح الأرض مما يشكل أصغر قوس ظاهري لحركة الشمس الظاهرية مما يشكل أقصر نهار بالنسبة لليل ما يقارب 14 ساعه ليل و 10 ساعات تقريباً نهار بالنسبة لمنطقتنا إعتبرت بعض الثقافات هذا اليوم منتصف الشتاء لكن القسم الأكبر من الثقافات تعتبره بداية الشتاء.
نحن نعلم أن الإنسان قد إمتهن الزراعة منذ القدم كما أدرك بالملاحظة البسيطة علاقة الشمس وأهميتها في نمو النباتات لذلك نجد أن الشمس كانت من أقدم المقدسات عند الإنسان الزراعي مثلها مثل القمر المقدس عند الإنسان الرعوي الذي يعيش في الصحراء حيث كان القمر ينير دربه ليلاً عموماً حتى لا نخرج عن سياق الموضوع وصل تقديس الشمس عند الشعوب القديمة وتحديداً في الألف الثالث قبل الميلاد لدرجة بناء مواقع اثرية فلكية ترصد الشمس في يوم الإنقلاب الشتوي وأهم هذه المواقع كانت موقع ستونهنج في انكلترا ونيوغرانغ في ايرلندا .
خلال العصور القديمة تم تقديس الشمس إما بشكل عبادة مباشرة أو عن طريق إله ممثل شمسي له منحوتاته وأيقوناته ومن أهم هذه الألهة كان الإله سول انفكتوس Sol Invictus ويعني أسمه " الشمس التي لا تقهر" والذي تمثل بأكثر من إله شمسي إبتداءاً من القرن الثاني الميلادي .
يقترح البعض أن هذا الإله كان مرتبطاً في البداية بالإله ميثرا والأسرار الميثرائية الذي سبق وان تحدثت عنها في مقال سابق :
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=609341&r=0&cid=0&u=&i=10058&q=
لكن فيما بعد وتحديداً في بداية القرن الثالث ميلادي عندما وصل الإمبراطور السوري إيل جبل الى الحكم في روما نقل معه حجر حمص الأسود الممثل لإله الشمس السوري إيل جبل وبنى معبداً له وأطلق عليه لقب Sol Invictus الشمس التي لا تقهر وأصبحت عبادة "سول" إيل جبل هي العبادة الرسمية للإمبراطورية الرومانية حتى سنة 222 ميلادي حيث انتهت بمقتل الإمبراطور إيل جبل
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=605964&r=0&cid=0&u=&i=10058&q=
وفي سنة 274 م وعند سقوط تدمر عادت عبادة Sol Invictus إلى روما على يد الإمبراطور اورليان والتي رأها البعض هي عودة لعبادة الإله إيل جبل لكن البعض رأها عبادة ألهة شمسية جديدة من تدمر استجلبها اورليان معه حيث نهب معبد " بل " في تدمر ونقل عبادته هذا الإله إلى روما فكان هو المعبود " سول انفيكتوس الجديد" كما نعلم ان "بل" في المراحل المتأخرة كان يعتبر إله شمسياً لكن الراي الاقوى أن ما قام به اورليان هو امتداد لما قام به سلفه الإمبراطور إيل جبل بإعادة عبادة إله الشمس الحمصي "إيل جبل" لا أكثر عموماً رفع الإمبراطور عبادة الإله الشمسي من بين ألهة الإمبراطورية الرومانية من جديد و قام ببناء معبد للشمس التي لا تقهر Sol Invictus في 25 كانون الأول وخصصه يوماً خاصاً للإحتفال بهذا الإله الشمسي كما عين عدد من الكهنة المسؤولين عن هذه العبادة الذين كانوا يتمتعون بنفوذ عالي في الإمبراطورية.
في سنة 310 م تم تعريف Sol Invictus بالإله أبولو من قبل الإمبراطور قسطنطين الذي ألغى القوانين الخاصة بإطهاد المسيحين في سنة 313 م وهيأ لقيام مؤتمر نيقية سنة 325 م حيث أُعلن خلال المؤتمر قانون الإيمان المسيحي وأُعلنت الديانة المسيحية دين رسمي للإمبراطورية الرومانية حيث حضر الإمبراطور قسطنطين بنفسه المناظرات التي دارت في نيقية بين آريوس ‏واتباعة من القساوسة المصريين ورؤساء الكنائس بالشام وبين الكسندر رئيس كنيسة اﻻسكندرية والشماس اثناسيوس واتباعهم عموماً إنتصر حينها الكسندر والقائلين بألوهية المسيح على ما يبدوا كان بمساعدة قسطنطين الذي تقاربت أفكارهم مع أفكاره الدينية الخاصة بعبادة سول انفيكتوس حيث أنه كان قد أعاداها في سنة 309 بعد أن أُلغيت عدد من السنوات بعد إعادتها سنة 274 م وأُعلن مذهبهم مذهباً للأمبراطورية الرومانية ومن هنا كان تصدر Sol Invictus الجديد المتمثل بالمسيح .
السؤال لماذا 25 كانون الأول بالتحديد وخصوصاً مع أنه لا يوجد أي نص إنجيلي يدعم هذه الفرضية؟
قدمت لكم في بداية المقال أهمية يوم الإنقلاب الشتوي لدى الشعوب الزراعية القديمة منذ أقدم العصور وتحديداً من العصر الحجري الحديث بالتالي كان ل 22 كانون الأول أهمية كبيرة وبما أن المجتمع الزراعي في منطقتنا وصولاً لروما له تاريخ عريق بعبادة المخلصين الزراعيين كأدونيس/ أتيس / بعل / اوزوريس ....الخ
فكل ما سبق ارتبط بالشمس وكان ممثلاً لها كونه إلهاً نباتياً مخلصاً يمر بالموت في الشتاء ثم القيامة في الربيع كما في حكاية المسيح بالتالي كان هذا اليوم يوماً مهماً في حياة الشمس حيث يعتبر النهار في هذا اليوم في أقصر مدة بالنسبة لليل بالتالي هو موت للشمس تستمر ظاهرة الإنقلاب الشتوي ليوم واحد أي لبداية يوم 23 كانون الأول عموماً في يوم 23 كانون الأول ترتفع الشمس قليلاً إلى الأعلى ويتغبر هنا القطر الزاوي للشمس " أي القطر الظاهري للشمس الذي نراه من زاوية " بنسبة 1/60 وهو مقدار بسيط جداً بالتالي لا نلاحظ أن قرص الشمس قد تغير حجمه إلى اليوم الثالث وذلك في 25 كانون الأول بالتالي تكون الشمس قد ارتفعت بمقدار درجة واحدة تقريباً نحو الأعلى وتكون الشمس حينها في محيط كوكبة شهيرة تسمى كوكبة الصليب crux وهي كوكبة نجمية صغيرة تحتوي على عدد من النجوم قوية الضوء .
بالتالي فإننا نقول أن الشمس قد ماتت على الصليب في 22 و 23 و 24 كانون الأول وقامت في اليوم 25 كانون الأول بعد ثلاثة أيام وهي المقابل الفلكي لموت يسوع على الصليب وقيامته في اليوم الثالث.
قد يتسائل البعض إذا ما علاقة النجم سيريوس الذي بشر بقدوم المسيح وما هي حكاية الملوك الثلاثة أو المنجمين الكلدان الثلاثة ؟
النجم سيريوس sirius أو الشعرى اليمانية إرتبط النجم سيريوس دائماً بالخلاص وقدوم المخلص الذي يمهد لحدوث القيامة الزراعية فعلى سبيل المثال اوزوريس المخلص المصري كان قدومه دوماً مرتبط بظهور النجم سيريوس وفيضان النيل .
ومجموعة كوكبة الجبار المشهورة بإسم حزام
اوريون " الجوزاء " Orion هي وإحدى أشهر الكوكبات في الثقافات اﻹنسانية القديمة ما يميز هذه المجموعة إحتوائها على ثلاثة نجوم مميزة تسمى الملوك الثلاثة وهي أسطع نجوم هذه المجموعة تقع على إستقامه واحده و توضعها كتوضع الأهرامات الثلاثة الكبرى .
فيكون التمثيل الفلكي للولادة والملوك الثلاثة ونجمة المشرق كالتالي :
في 24 كانون الاول يكون النجم سيريوس في أوج سطوعه وليس هذا فقط بل يكون على إستقامه واحدة مع الملوك الثلاثة كأنهم يتتبعونه ليشيرون معاً لمكان شروق الشمس في 25 كانون الأول كانهم يعيدون الحكاية المسيحية المتعلقة بالمنجمين الثلاثة الذين يتبعون نجم المشرق الذي سيدلهم على مكان ولادة المخلص في بيت لحم وفي الحقيقة هذا المخلص ليس سوى شمس 25 كانون الأول.