أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص














المزيد.....

السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7455 - 2022 / 12 / 7 - 11:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بمناسبة مرور سنة على انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2021 الذي به أطاحت الطغمة العسكرية الحاكمة في السودان بشركائها المدنيين المنتسبين إلى «قوى الحرية والتغيير»، أجمعت التقارير الصحافية في تقديرها للموقف على أن العسكريين أخفقوا في محاولتهم الاستئثار بالسلطة على أنقاض المساومة التي كانوا قد وقّعوا عليها مرغَمين في أغسطس/ آب 2019.
فإن إزاحة الانقلابيين لعبدالله حمدوك، الذي كان يحظى بثقة الحكومات الغربية نظراً لماضيه في بنك التنمية الأفريقي وشتى المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة، قد أدّت إلى تجميد المساعدات الدولية للسودان بما فاقم أزمة اقتصادية كانت مستشرية أصلاً على خلفية الوضع الثوري السائد في البلاد. ومن جهة ثانية، فإن الانقلاب لاقى على الفور معارضة شعبية عارمة شكّلت «لجان المقاومة» رأس حربتها الشبابية، والتفّت حولها قوى المعارضة للحكم العسكري، سواء تلك التي عارضته بصورة جذرية بحيث رفضت مساومة عام 2019 أو «قوى الحرية والتغيير» التي خلعها العسكر من الشراكة معهم في الحكم. وقد اكتملت لوحة الإخفاق باشتعال جبهات النزاع المسلّح في الأطراف بما أثبت عجز العسكر حتى عن تحقيق المهمة المنوطة بهم أصلاً في حفظ السلام الأهلي داخل البلاد.
كان الإخفاق ساطعاً إلى حد أن الرجل الثاني في الطغمة الانقلابية، محمد حمدان دقلو، زعيم ميليشيات الجنجويد المُجرِمة التي رفعها عمر البشير إلى مرتبة «قوات دعم سريع» متخصّصة بدعم قوات القمع المدنية على وجه السرعة عند الحاجة (وهو الدور الذي قامت به في ارتكابها مجزة الثالث من يوليو/ تموز 2019 أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة)، كان الإخفاق ساطعاً إذاً إلى حد أن دقلو عينه أقرّ بفشل الانقلاب بعد تسعة أشهر فقط من وقوعه.
وقد لاحظنا في التحليل الذي نشرناه على هذه الصفحات بمناسبة مرور سنة على الانقلاب على حكومة حمدوك، أن إخفاق ذاك الانقلاب جعل أركان النظام القائم «يرحّبون بمشروع الدستور الانتقالي الذي طرحته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، إذ يرون فيه خشبة خلاص قد تسمح للطغمة العسكرية عند الحاجة إخراج حلّ وهمي للأزمة المستعصية، يتيح للعسكر تسليم الحكم شكلياً لمدنيين يعملون وسيف القوات المسلحة مسلّطٌ فوق رقابهم» («السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب»، 25/10/2022).

فقد أدّى الإخفاق بالعسكريين إلى أن قرّروا الإمساك بخشبة الخلاص تلك توقّياً الغرق، لاسيما أنهم خضعوا لضغط متواصل من الحكومات الغربية ومبعوثها «الأممي» في الخرطوم، ولم يستطع أصدقاؤهم الخليجيون درء الضغط عنهم. فكان حفل التوقيع على خشبة الخلاص المسماة «الاتفاق الإطاري» يوم الإثنين الماضي، ألقى دقلو خلاله بخطاب كادت دموعنا تذرف لدى قراءة نصّه لشعورنا بأننا أمام معجزة سماوية أدّت إلى تحويل الذئب إلى حمل! وربّما كان خير تعليق على توقيع «قوى الحرية والتغيير»، أو بالأحرى ما تبقّى منها، على ذلك الاتفاق المجدّد، هو ما جاء على لوحة حملها أحد المتظاهرين ضد التوقيع مذكّراً بالحديث الشريف: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين».
والحال أن الاتفاق الجديد أكثر هشاشة بعد من القديم الذي أسقطه العسكر بعد سنتين وشهرين من التوقيع عليه، إذ يأتي وسط معارضة عارمة من طليعة الثورة السودانية ممثلةً بلجان المقاومة، وهي التي نظّمت تظاهرة يوم الإثنين الاحتجاجية التي جرى قمعها باستخدام كثيف للغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. هذا ويتضمّن الاتفاق الجديد تعهّدات عسكرية غير ملزمة، إذ لا ترتبط بإجراءات ملموسة وفق جدول زمني، بحيث يسهل الالتفاف عليها بما لا يتعدّى بأحسن الأحوال تقليد نظام عبد الفتّاح السيسي الاستبدادي.
فقد نصّ الاتفاق الجديد على إصلاح عسكري «يقود إلى جيش مهني وقومي واحد يحمي حدود الوطن والحكم المدني الديمقراطي وينأى بالجيش عن السياسة ويحظر مزاولة القوات المسلحة الأعمال الاستثمارية والتجارية ما عدا تلك التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية تحت ولاية وزارة المالية وينقي الجيش من أي وجود سياسي حزبي». فإن فحوى الكلام هنا التزام الجيش بحياد وهمي عن السلطة السياسية على غرار الحالة المصرية، مع استمراره بمزاولة شتى الأعمال الاستثمارية والتجارية بحجة أنها تخصّ «المهمات العسكرية» من مسكن وملبس ومأكل وملهى، إلخ، للعسكريين، ونأي العسكر عن أي نشاط للقوى الثورية يهدف إلى سلخ أبناء الشعب الفقير في قاعدة القوات المسلحة عن الطغمة المتربّعة على قمة الهرم العسكري.
ذلك أن معارضة قوى الثورة الحيّة للاتفاق وتمسكّها بلاءاتها الثلاث في رفض التفاوض مع الانقلابيين ورفض الشراكة معهم ورفض إضفاء أي شرعية على انقلابهم، في سبيل مواصلة النضال حتى إسقاط الحكم العسكري، تقتضي كي تنجح سلخ قاعدة القوات المسلحة عن الطغمة العسكرية، وهو الأمر الذي تخشاه هذه الأخيرة فوق أي أمر آخر. ولا شك في أن هاجس الطغمة العسكرية من ازدياد التململ في صفوف القوات المسلحة شكّل حافزاً رئيسياً على تعلّقها بخشبة الخلاص التي مدّتها لها الوساطة الدولية بمعونة قوى مدنية لا تزال تحلم بإمكانية تحقيق «هبوط ناعم» على مدرج وعر!



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «هبّات عا مدّ النظر»…
- في التفجيرات والمؤامرات والمناورات
- الفاشية الصهيونية وزملاؤها العرب
- مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار


المزيد.....




- لليوم التاسع على التوالي القوات الإسرائيلية تواصل اجتياحها ل ...
- زيلينسكي يهاجم حلفاءه الغربيين ويتهمهم بالتأخر الدائم في تقد ...
- شاهد: -بيبي خطر على وجود البلاد!-.. مظاهرات ضد الحكومة الإسر ...
- شاهد: عاصفة رملية مُرعبة تجتاح سماء ولاية كنساس الأمريكية
- هولندا تعتزم تزويد أوكرانيا بمدرعات مجهزة بأسلحة يمكن التحكم ...
- حرق جثتها وألقاها بالمقبرة.. الأمن المصري يلقي القبض على الم ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد لعملية استهداف موقعي المالكية وحدب الب ...
- واشنطن: يمكن للجنائية الدولية أن تلاحق روسيا وليس إسرائيل
- تحقيق للجزيرة يكشف عن مقابر جماعية بغزة بعد إعدامات ميدانية ...
- أوكرانيا تستعين بالنساء في مصانع الحديد والصلب لتعويض نقص ال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - السودان: الطغمة العسكرية تتعلّق بخشبة خلاص