أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!














المزيد.....

مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7427 - 2022 / 11 / 9 - 01:58
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إن انعقاد القمة المناخية الجاري في شرم الشيخ لهو مثالٌ متميّز عمّا يسمّيه نشطاء الدفاع عن البيئة بتسميات شتّى تعني عموماً «الطلي بالأخضر»، أي إخفاء ما هو منافٍ لاحتياجات الكفاح ضد التلوّث والتغيير المناخي وراء ورقة توت خضراء، يُقصد منها الإيحاء بأن الاعتبارات المناخية مأخوذة بعين الجدّ. أما شروط انعقاد القمة في مصر فهي أفصح تعبير عن أن النظام المصري لا يريد أحداً أن يمعن النظر في تلبيته للاحتياجات المذكورة، إذ اختار أن ينظّم القمة في شرم الشيخ، مثلما نظّم فيها سائر الاجتماعات الاقتصادية أو السياسية التي أدرك أنها قد تثير معارضة في الشارع، وذلك خلافاً للقمم المناخية السابقة التي انعقدت جميعاً في مدن عادية ومأهولة بكثافة سكانية.
هكذا يؤكد نظام عبد الفتّاح السيسي مرّة أخرى كرهه للقاهرة، حيث لا يزال قلب الثورة ينبض ولو نبضاً خافتاً كنبض من يستعيد أنفاسه استعداداً لوثبة جديدة. فينقل السيسي بعيداً عن القاهرة كل ما يمكنه نقله، بدءاً بعاصمته الجديدة النائية عن أماكن تواجد شعب مصر وكأنها برجٌ عاجي، بل حصنٌ منيع، وسط محيط صحراوي. أما الحركات المدنية المدافعة عن البيئة الآتية من شتى البلدان، فقد أحالها نظام السيسي إلى حيث لن يكون لها تأثير، فارضاً عليها فوق ذلك رقابة بوليسية صارمة جعلت تلك المنظمات تحتجّ احتجاجاً شديد اللهجة أمام المحافل الدولية.
وإنها لمسخرة حقاً أن يدّعي أحدٌ الحرص على البيئة بينما ينكّل بالبشر الذين يعيشون في تلك البيئة! وأن يعالج أحدٌ مصائب مدينة مكتظّة بالسكان تعاني بنيتها التحتية من مشاكل عظيمة بالهروب منها إلى مدينة أخرى مصطنعة، على غرار هؤلاء الأغنياء الذين يعيشون في قصور فخمة، وهم محاطون بسياج منيع وتسهر على أمنهم وراحتهم سريّة كاملة من الحرّاس. هذا ويطأ مجمّع السجون المصرية بثقل عظيم على المناخين الطبيعي والسياسي المصريين، إذ يجمع عدداً من السجناء السياسيين، أي سجناء الرأي الذين لم يقترفوا جرماً سوى تعبيرهم عن معارضتهم السلمية للحاكم، يُقدّر بستين ألفاً! تخيّلوا الكلفة الاقتصادية والمناخية لاحتجاز ستين ألفاً من البشر، مع ما يعني ذلك من تخصيص قوى بشرية لرقابتهم فضلاً عن قواهم البشرية المحجوزة، وكل ذلك بما لا يدرّ على المجتمع بأي فائدة بل بفوّت عليه طاقة إنسانية عظيمة.

فلنأخذ ثلاثة أمثلة بارزة من بين عشرات الآلاف من مساجين مصر السياسيين. ولنبدأ بحالة أشهرهم في الغرب اليوم، ألا وهو علاء عبد الفتّاح الذي يخوض حالياً إضراباً عن الطعام صعّده إلى إضراب عن الشرب بما يعني أنه يواجه موتاً محدقاً إذا لم يجرِ إبقائه على قيد الحياة غصباً عن إرادته. وهذا الأمر مرجّح بالطبع خلال انعقاد القمة المناخية، حيث إن وفاة علاء عبد الفتّاح في السجن من شأنها لو حدثت أن تدمغ جبين عبد الفتّاح السيسي بوصمة عار عُظمى، بالرغم من أن عدد الذين توفوا في سجون السيسي منذ استيلائه على الحكم فاق الألف، ومن بينهم الرئيس السابق محمد مُرسي.
وعلاء عبد الفتّاح، الذي سوف يُكمل الواحدة والأربعين من سنيّ عمره بعد أيام قليلة، قد مضى قسماً هاماً من هذه السنين في السجن، إذ اعتُقل للمرة الأولى لبضعة أيام قبل ستّ عشرة سنة في عام 2006، ثم مرة ثانية في عام 2011، قبل أن يُعتقل لمدة طويلة، ناهزت ستّ سنوات، في عام 2013، في ظلّ حكم السيسي الاستبدادي، ومجدّداً في عام 2019، بعد الإفراج عنه بأشهر قليلة، وهو لا يزال قيد الاعتقال إلى الآن بحيث يُكمل في العام القادم سنته العاشرة في السجن منذ عام 2013، ما عدا أشهر قليلة في عام 2019.
أما المثال الثاني البارز، والذي لم يحظَ بمثل الضجة الإعلامية التي حظي بها علاء عبد الفتّاح في الغرب، فهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، مؤسس «حزب مصر القوية» الذي خاض معركة رئاسة الجمهورية في عام 2012 والذي جرى اعتقاله في فبراير/ شباط 2018، لدى عودته من لندن بعد أن أجرت قناة «الجزيرة مباشر» مقابلة معه انتقد فيها حكم السيسي. وقد كفى الأمر لاعتقاله وزجّه في السجن، ومن ثمّ قيام محكمة صورية بإطلاق حكم عليه بالسجن لمدة خمس عشرة سنة بتهم خيالية متتالية منها تهمة «قيادة جماعة إرهابية»! هذا وقد تجاوز أبو الفتوح الواحدة والسبعين من العمر قبل أقل من شهر، وهو يعاني من حالة صحّية خطرة.
أما المثال الثالث، الذي لم ينعم هو أيضاً بحملة دولية سوى ما تخوضه بقايا «جماعة الإخوان المسلمين» التي هو مرشدها العام في مصر، فهو محمد بديع، الذي جرى اعتقاله بعد انقلاب السيسي في عام 2013 بأقل من شهرين ولا زال مسجوناً بلا انقطاع، بحيث إنه سوف يبلغ الثمانين من العمر في الصيف القادم وهو في السجن، هذا إذا بقي على قيد الحياة حتى ذلك الحين. وليس الرجال الثلاثة الذين ذكرنا سوى عيّنة بسيطة معبّرة عن حال عشرات الآلاف من البشر الذي يقبعون في السجون المصرية لا لسبب سوى لأن آراءهم معارِضة للطاغية. وهي حالة تدلّ على أن شعب مصر يخنقه المناخ السياسي أكثر مما يخنقه المناخ الطبيعي، وهو بحاجة إلى تنقية مناخه السياسي أولاً قبل أن يستطيع الخوض جدّياً في تنقية مناخه الطبيعي، بل لكي تتحرّر الطاقات المناضلة من أجل الدفاع عن البيئة والتي يكبّل حرّيتها نظام السيسي الاستبدادي مثلما يكبّل سائر الحرّيات السياسية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران ومعضلة إسقاط الأنظمة الاستبدادية
- السودان: الطغمة العسكرية سنة بعد الانقلاب
- من الأشبال إلى الأسود: نحو انتفاضة فلسطينية جديدة
- ما مغزى القرار النفطي السعودي؟
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلبير الأشقر - مصر: تغيير المناخ السياسي أولاً!