أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء














المزيد.....

مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7336 - 2022 / 8 / 10 - 01:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


عندما رأى آرييل شارون إنهاء الاحتلال الصهيوني المباشر لقطاع غزّة في عام 2005 بقرار إسرائيلي منفرد، كان يدرك بالطبع أنه يقدّم لأهل القطاع هدية مسمومة. فهو لم ينوِ قط «تحرير» الغزّاويين من الاحتلال بالتأكيد، وكيف تكون لدى هذا العدو اللدود للشعب الفلسطيني أي نية طيّبة إزاء أخصامه! بل نوى تحرير الدولة الصهيونية من مشقات الهيمنة المباشرة على القطاع والمسؤوليات التي تقع على دولة الاحتلال بعرف القانون الدولي، والاستعاضة عن ذلك بتحويل غزّة إلى ساحة كبرى من الإقامة الجبرية تتحكّم الدولة الصهيونية بكافة منافذها وتتفرّج على سكّانها وهم يعانون الأمرّين تحت حالة حصار دائمة وبظروف من التخاصم السياسي الحاد بين الفصائل الفلسطينية.
وبالفعل ففي مطلع عام 2007، بعد سنة وبضعة أشهر فقط من انهاء الاحتلال الرسمي، شهد القطاع مواجهة عسكرية بين حركتي فتح وحماس، أدّت إلى قطع الأوصال بين ضفة غربية ما برحت تحت هيمنة «سلطة وطنية» فاقدة للشرعية البرلمانية، يترأسها أكثر القادة الفلسطينيين استعداداً للتعاون مع الاحتلال الصهيوني (وحتى ذلك لم يكفِ الصهاينة الذين ما زالوا يرون في محمود عبّاس عدوّاً ولو كان «معتدلاً» في نظرهم) وقطاع تحت هيمنة حماس بما أتاح لدولة إسرائيل تصويره كإمارة إسلامية على طراز إمارة الطالبان الأفغان والسماح لنفسها بالتالي بالاعتداء الوحشي عليه وتحويله إلى جحيم دورياً بحجة مواجهة «الإرهابيين» مثلما جرى مرّة أخرى في الأيام الأخيرة.
تُحيلنا هذه الحالة المُزرية إلى الوضع الفلسطيني العام وآفاقه. وقد بدا المصير الفلسطيني منذ سنوات عديدة وكأنه يتلخّص في خيارات ثلاث لا رابع لها: استمرار الاحتلال بشكل الهيمنة الراهنة غير المباشرة على القطاع وقسم من الضفة، أو الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والقطاع (وهي أقرب حالياً إلى دويلتين فلسطينيتين منها إلى دولة واحدة) أو دولة فلسطين من البحر إلى النهر الجامعة لليهود والفلسطينيين في إطار يريده بعض دعاة هذا الحلّ ديمقراطياً علمانياً (بمعنى غير الطائفي) لا غير، بينما يريده آخرون مزدوج القومية.
فلنقولها بصراحة: باستثناء الاحتلال، وهو الواقع الراهن الذي مضت عليه خمس وخمسون سنة، فإن «الحلّين» الآخرين من باب الحلم المنقطع عن الواقع. وأي «استقلال» يا تُرى، يمكن أن ينعم به كيانٌ فلسطيني ملاصق للكيان الصهيوني وواقعٌ بالتالي وبالضرورة تحت وصايته العسكرية؟

أما «الدولة الواحدة» فطوبى جميلة، لكنها بلا مستقبل في التاريخ البشري المنظور، الّلهم إلّا إذا اتكلنا على حصول معجزة ربّانية تحوّل الذئاب إلى نعاج. أما بغير مثل هذه المعجزة، فإن الدولة الوحيدة التي يمكن أن تقوم على كامل أرض فلسطين من البحر حتى النهر هي الدولة الصهيونية إذا قامت بحلّ «السلطة الفلسطينية» وضمّ الضفة رسمياً، الأمر الذي لن تقوم به سوى مصحوباً بطرد جماعي آخر للفلسطينيين على غرار نكبة 1948 التي شملت «تطهيراً عرقياً» أخرج ثمانين بالمئة من فلسطينيي الأراضي التي احتلتها الحركة الصهيونية وأقامت دولتها عليها.
والحال أن الدولتين العربيتين اللتين تولّتا الإشراف على كل من الضفة والقطاع إثر النكبة قد غسلتا أيديهما من تلك المسؤولية التاريخية بعدما رأتا في الأراضي المحتلة مجتمعات متمرّدة سوف يستعصي عليهما حكمها لو استردّتا السيطرة عليها. فقد تخلّت مصر رسمياً عن أي مطالبة باسترداد سيادتها على القطاع بموجب «معاهدة السلام» التي وقّعها أنور السادات مع مناحيم بيغن في واشنطن في عام 1979 بنتيجة اتفاقات كامب ديفيد المشؤومة، المعقودة في العام السابق. وكان السادات يعلم آنذاك علماً يقيناً أن أهل غزّة من أكثر المتحمّسين لمناهضة خيانته للقضية الفلسطينية، وأن القطاع قد غدا إثر احتلال 1967 بؤرة التجذّر الثوري الفلسطيني الرئيسية. أما المملكة الأردنية فقد تخلّى رسمياً عاهلها الحسين بن طلال في عام 1988 عن المطالبة بعودة الضفة إلى الكنف الهاشمي وعن مسؤولية المملكة في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية، بعدما بيّنت له الانتفاضة الفلسطينية التي بلغت ذروتها في ذلك العام ذاته أن أهل الضفة باتوا هم أيضاً شعباً ثائراً تستعصي السيطرة عليه.
ومن المفارقة أن قيادات منظمة التحرير الفلسطينية استقبلت ذينك القرارين بالترحاب بالرغم من أن فحواهما كانت التنصّل من المسؤولية التي وقعت على عاتق الدولتين المصرية والأردنية بنتيجة تولّيهما الوصاية على القطاع والضفة بعد حرب فلسطين. ذلك أن القيادات الفلسطينية وقعت في فخّ التوهّم بقرب الحصول على «الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة والقطاع» وقد بلغ ذلك التوهّم أوجه على خلفية الانتفاضة التي أدّت بالقيادة الفلسطينية إلى القبول بالقرارات الدولية وبدء الحوار الرسمي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد إعلان ياسر عرفات «تخلّيه عن الإرهاب» وهو إعلان مُشين فرضه عليه الأمريكيون شرطاً للتفاوض المباشر معه.
وبنتيجة هذه الأوهام والمواقف، جرى القضاء على الخيار الرابع الذي كان قائماً غداة حرب 1967، ألا وهو الخيار المتمثّل بما سمّي آنذاك «محو آثار العدوان» بمعنى انسحاب الجيش الصهيوني من الأراضي الفلسطينية التي احتلّها في حرب الأيام الستة وإعادة تسليمها إلى الدولتين اللتين أشرفتا عليهما بعد النكبة. والحقيقة أن هذا الخيار، وإن لم يكن «مثالياً» مثلما هو «حلّ الدولة الواحدة» إنما هو أكثر واقعية بكثير من ذلك الحلّ الطوباوي وكذلك من سراب «الدولة الفلسطينية المستقلة». ويصعب على أي فلسطيني في الضفة والقطاع تفضيل وضعهما الراهن على الحالة التي كانت سائدة فيهما قبل احتلال 1967، عدا الذين يستفيدون من مشاركتهم في السلطتين الفلسطينيتين البائستين القائمتين راهناً.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء