أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في سبر غور أردوغان














المزيد.....

في سبر غور أردوغان


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7259 - 2022 / 5 / 25 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من العسير بمكان أن يجد من يتابع سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منطقاً شاملاً لانعطافاته وتقلباته، غير نزواته الشخصية التي تحدّدها حسابات بقائه في الحكم بغياب أي اعتبارات استراتيجية راسخة. فحتى الاعتبار الذي قد يعتقد الناس أنه يأتي في طليعة هواجس الدولة التركية ويفرض نفسه بالتالي على رئيسها كاعتبار ثابت في تحديد سياسته، قصدنا بالطبع الاعتبار الكردي، حتى هذا الاعتبار عرف انعطافاً حاداً في ظل حكم أردوغان بين سنواته الأولى التي حقق خلالها سلاماً ديمقراطياً مع الحركة الكردية، وكانت سنوات ازدهار لتركيا شكّلت أساس شعبية أردوغان التي سمحت له بالاستمرار بمسك زمام السياسة التركية، ومنعطف عام 2015 عندما مُني حزب أردوغان بتراجع انتخابي حدا زعيمه على الانعطاف نحو التعصّب القومي التركي وإعادة إشعال الحرب مع الحركة الكردية والدخول في تحالف مع أقصى اليمين القومي التركي، ما زال قائماً إلى اليوم.
ومن بين مواضع التقلّب في سياسة أردوغان، وهي عديدة تشمل بين ما تشمله الموقف من الدولة الصهيونية ومن محور التطبيع العربي ومن المملكة السعودية وكذلك الموقف من جماعة الإخوان المسلمين ومن النازحين السوريين في تركيا، إلخ، تأتي في الصدارة تقلبات موقفه إزاء روسيا، والكل يتذكّر كيف انتقل من التبجّح بإسقاط طائرة روسية فوق الأراضي التركية عند بداية القصف الروسي لسوريا في خريف عام 2015 إلى تقديم الاعتذار لفلاديمير بوتين بعد أشهر من ذلك تمهيداً للمقايضة بين فسح روسيا المجال أمام اجتياح الجيش التركي لمنطقة عفرين، التي كانت تحت سيطرة الحركة الكردية حتى ذلك الحين، وفسح تركيا المجال أمام قوات نظام آل الأسد مدعومة بالقصف الروسي كي تجتاح شرقي حلب وتحكم السيطرة على كبرى المدن السورية وجوارها.
ومن عجائب السياسة الدولية أن تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي وتستقبل على أرضها إحدى أهم قواعد الحلف المذكور، قاعدة إنجرليك الجوية، تركيا ذاتها قرّرت أن تشتري من روسيا، خصم الناتو بامتياز، منظومة صواريخ أرض ـ جو س ـ 400. واستمراراً على نهج علاقة الحب ـ البغض تلك، فإن روسيا وتركيا تساندان معسكرين متخاصمين يتحاربان على أرض سوريا بينما تتظاهر الدولتان بالتوافق في أستانة وسواها، وكأن الثلاثي المؤلف من روسيا وإيران وتركيا متفقٌ على إبقاء سوريا إلى الأبد على حالتها الراهنة التي يُرثى لها.

كما تتخاصم روسيا وتركيا في القوقاز من خلال دعم الأولى لأرمينيا مقابل دعم الثانية لأذربيجان وتتنافسان كذلك في النفوذ على آسيا الوسطى.
هذا السلوك المتناقض يؤدي في نهاية المطاف إلى أن يصبح من يسلكه «لا مع ستّي بخير ولا مع سيدي بخير»، أي أن تركيا باتت لا مع روسيا بخير ولا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو بخير. وقد بلغ سلوكها الملتبس أوجّه إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا. والحال أن دعم تركيا للقوات الأوكرانية في حربها ضد الانفصاليين في شرقي بلادها، لاسيما بتزويد تلك القوات بالطائرات المسيّرة من طراز «بيرقدار تي بي 2»، كان من العوامل التي دفعت بوتين إلى قراره الأرعن باجتياح الأراضي الأوكرانية في محاولة فاشلة لقلب نظام الحكم فيها.
وبينما تفتخر تركيا بمفعول طائراتها في تمكين مقاومة القوات الأوكرانية للغزو الروسي، وتمنع عبور السفن الحربية لمضيقي البوسفور والدردنيل، وهو قرار موجّه ضد روسيا بوضوح، كما تحظر عبور الطائرات الحربية الروسية فضاءها الجوي، ترفض المشاركة في فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وتقوم بوساطة بين روسيا وأوكرانيا وكأنها محايدة إزاء النزاع الدائر بينهما. وها أن تركيا تعترض على انتساب السويد وفنلندا إلى حلف الناتو بحجة علاقتهما بالحركة الكردية السورية، في حين أن للولايات المتحدة، زعيمة الناتو، علاقة بالحركة ذاتها أقوى من علاقة الدولتين بكثير. ويشكل الاعتراض التركي تأخيراً في تحقيق إحدى أهم النتائج العكسية التي جناها بوتين بغزو أوكرانيا، الذي دشّنه متذرّعاً بالتصدّي لتمدّد الحلف على تخوم روسيا، فانتهى به الأمر إلى إقناع جارتين تفوق قوتهما العسكرية قوة أوكرانيا بالخروج عن حيادهما التاريخي وطلب الانضمام إلى الناتو بدورهما، وهو أمر ما كان ليحصل لولا الغزو.
هذا وتلتقي تركيا في الموقف الملتبس من روسيا مع دولة أخرى عضو في حلف الناتو هي المجر، التي يشترك رئيسها فكتور أوربان مع أردوغان بالنزعة السلطوية الأوتوقراطية، مع تودّدهما لبوتين الذي يمثّل ذروة تلك النزعة، عندما تنتفي الديمقراطية تماماً بمنع قيام معارضة ديمقراطية، وذلك بطرق متعددة من السجن إلى الاغتيال، بحيث تستحيل السلطوية دكتاتورية مكتملة المعالم. وإن كان من درس يُستفاد منه أمام هذا المشهد العالمي فهو أخطار تركّز السلطات بيد حاكم منفرد، إذ يفسح ذاك التركزّ المجال أمام المواقف المتناقضة على طريقة الرئيس التركي (ناهيكم هنا عن تقلبات سياسته الاقتصادية)، وصولاً إلى المغامرات الكارثية الرعناء على غرار قرار الرئيس الروسي غزو أوكرانيا.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا
- روسيا واليسار في المنطقة العربية
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...
- تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - في سبر غور أردوغان