أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلبير الأشقر - أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»














المزيد.....

أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7164 - 2022 / 2 / 16 - 10:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


صدرت في عام 1993 رواية أمريكية عنوانها «يهزّ الكلب» (Wag the Dog) صوّرت «عاصفة الصحراء» أي الحرب الأولى التي خاضتها الولايات المتحدة برفقة حلفائها العرب والعالميين ضد العراق في عام 1991، وكأنها حرب كان القصد منها خلق مناخ ملائم لإعادة انتخاب الرئيس جورج بوش الأب لولاية رئاسية ثانية، وقد جرت في الرواية الاستعانة بمخرج سينمائي من هوليوود ليشرف على تنظيم الحرب من أجل هذه الغاية. والحقيقة أن بوش الأب خسر الانتخابات في عام 1992، بالرغم من ابتهاره في الانتصار الذي حقّقه في «عاصفة الصحراء» وفاز بيل كلنتون بالرئاسة.
هذا وقد تبع الرواية في عام 1997 فيلمٌ عرف إقبالاً كبيراً، وقد استند إلى الرواية وحمل عنوانها ذاته. أما قصة الفيلم فهي مختلفة عن قصة الرواية، إذ تدور حول رئيس أمريكي يسعى وراء إعادة انتخابه لولاية ثانية بينما تدنّى حظّه في النجاح بسبب فضيحة جنسية، فيلجأ إلى افتعال حرب في ألبانيا من أجل صرف الأنظار عن مشاكله وإحياء شعبيته. وقد بدا الفيلم وكأنه تنبأ بما حصل بالفعل، إذ انفجرت في وجه كلنتون، بعد صدور الفيلم بأسابيع قليلة، فضيحة لوينسكي الجنسية الشهيرة، فبدا أمره بقصف مصنع الشفاء للأدوية في السودان في ذروة تلك الفضيحة وكأنه محاولة بائسة لصرف الأنظار عنها. وبعد ذلك بسنتين أشرف كلنتون على حرب ليس في ألبانيا ذاتها، بل في مقاطعة كوسوفو الألبانية في صربيا.
ومنذ صدور الفيلم، أصبحت عبارة «يهزّ الكلب» تشير باللغة الإنكليزية إلى نزعة المسؤولين السياسيين إلى افتعال أزمات لصرف أنظار الناس عن قضايا محرجة لهم. ولا يسعنا سوى أن نفكر بتلك العبارة وما ترمز إليه عندما نرى أن الزعيمين الغربيين الأكثر حماساً لتصعيد لهجة المواجهة مع روسيا إزاء أوكرانيا هما جو بايدن وبوريس جونسون، وكلاهما يواجه أقصى الإحراج السياسي. ذلك أن بايدن يتخبّط إزاء فشله في الإيفاء بوعوده الانتخابية في المجال الاقتصادي، بما فاقم انحطاط صورته المتسارع الذي نجم عن خسارته لماء الوجه في تنظيم خروج القوات الأمريكية من أفغانستان في الصيف الماضي. أما جونسون فيواجه منذ أسابيع موجة سخط لا سابق لها بلغت صميم حزبه، حزب المحافظين، تتعلّق بخروقات متكرّرة، جرت في مقرّ رئاسة الوزراء، للموانع التي أملتها حكومته على الجمهور في صدد التجمعات بغية محاصرة انتشار وباء الكوفيد.

ويتصرّف الرجلان، بايدن وجونسون، وكأنهما يتمنيان أن تجتاح القوات الروسية أراضي أوكرانيا كي يلهيا شعبيهما بحالة حربية خطيرة تتيح لهما لعب دور الزعيم التاريخي. ويبدو أن بايدن يحلم بلعب دور الرئيس الأمريكي روزفلت في إدارة الحرب ضد النازية، أما جونسون فمن المشهور عنه أنه طامح بتقليد ونستون تشرشل. وتصل الكوميديا إلى ذروتها مع وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، التي تطمح إلى الحلول محلّ جونسون، وتحلم بتقليد مارغريت تاتشر في خوضها لحرب «جزر فوكلاند» ضد الأرجنتين، إلى حد اغتنامها فرصة سفراتها المتعلقة بالمواجهة الدائرة حالياً من أجل تنظيم التقاط صورة لها على متن دبابة شبيهة بصورة شهيرة لتاتشر، وأخرى وهي مرتدية قبعة فَرو في الساحة الحمراء في الكرملين، على غرار صورة أخرى شهيرة لتاتشر، بالرغم من أن حرارة الجو لم تكن تبرّر ارتداء تروس لمثل هذه القبعة!
طبعاً، نقول كل ذلك ونحن ندرك تماماً أن تهديد فلاديمير بوتين لأوكرانيا ليس من نسج الخيال، بيد أن سلوك الحكمين الأمريكي والبريطاني يختلف اختلافاً ملحوظاً عن سلوك الحكمين الفرنسي والألماني. فبينما يهوّل الحكمان الأولان بالحرب القادمة، بل يؤكدان كل يوم على وشوكها، وكأنهما يحثّان على وقوعها، يسعى الآخران وراء فهم الرسالة التي أراد بوتين توجيهها من خلال إجراءاته العسكرية ويبديان تفهّماً لمطالب روسيا الأمنية التي لا تختلف البتة في الحقيقة عن مطالب أي قوة عظمى بمثل حالتها.
وثمة نفاق كبير في الادّعاء الغربي بأن روسيا في هذه الحالة تتعدّى على سيادة أوكرانيا وحقّها بالانضمام إلى الحلف الأطلسي، في حين أن المطلب الروسي ليس موجّهاً لأوكرانيا، بل للحلف ذاته، تطالبه موسكو بإقرار التوقف عن الامتداد شرقاً وهو ليس بمطلب خارق على الإطلاق. فعلى سبيل المثال، عند أزمة الصواريخ في كوبا في عام 1962، لم تطلب واشنطن من كوبا الكفّ عن استقبال الصواريخ الروسية، بل طالبت موسكو بسحب صواريخها من الجزيرة، والفارق جليّ بين الصراع الدائر بين قوتين عظميين من جهة، وإرادة قوة عظمى فرض مشيئتها على دولة ضعيفة من الجهة الأخرى. وإذا صحّ أن روسيا ارتكبت ضغوطات من هذا النوع الأخير مراراً على مرّ الزمن، يبقى أن الأمر نفسه ينطبق على أمريكا وسائر القوى العظمى.
توخّى لاعب الشطرنج فلاديمير بوتين تحريك وزيره وقلعتيه في هذا الوقت بالذات، مدركاً أن بايدن في موقع ضعف أولاً، وأن حالة سوق المحروقات العالمية تزيد من قدرته على الضغط على الدول الغربية، ثانياً، فضلاً عن وصول العلاقات بين أمريكا والصين إلى الدرك الأسفل بما يضمن تضامن بكين مع موسكو (لاسيما أن مطامع روسيا إزاء أوكرانيا تذكّر الصين بمطامعها إزاء تايوان). ومن المرجّح أن يكون ردّ الفعل الأمريكي قد فاجأ بوتين، إذ تعدّى ما كان يصبو إلى إحداثه ليبلغ حالة وصفتها دوائر الخارجية في موسكو بالهستيرية. أما مصيبة سائر البلدان على رقعة الشطرنج تلك، فهي أن أهميتها لا تعدو أهمية الجنود الذين يسهل على اللاعب التضحية بهم سعياً وراء مبغاه.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين
- بعد الانقلاب الأرعن: السودان إلى أين؟
- «وقائع انقلاب مُعلَن» في السودان
- لبنان و«الحسابات الخاطئة»
- تأمل أولي في عِبَر الانتخابات العراقية
- شبكة فساد أكبر من شبكة الصرف الصحّي
- قوى تونس التقدمية أمام مسؤوليتها التاريخية


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جلبير الأشقر - أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»