أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلبير الأشقر - حين يصبح السجن طريقة للحكم














المزيد.....

حين يصبح السجن طريقة للحكم


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7152 - 2022 / 2 / 2 - 09:51
المحور: حقوق الانسان
    


أصدرت يوم أمس الثلاثاء 27 منظمة مدافعة عن حرية التعبير، وبينها كبرى جمعيات الصحافيين الدولية، بياناً تطالب فيه بالإفراج الفوري عن الصحافية التركية سديف كاباش وبكفّ حكومة أنقرة عن التضييق على الصحافيين والزجّ بهم في السجون. فمن المعروف أن تركيا هي من البلدان الأكثر قمعاً للصحافيين، إذ بلغ عدد الصحافيين المسجونين لديها أكبره عالمياً في السنوات التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2016، ولو تراجعت تركيا مذّاك من المرتبة الأولى إلى السادسة عالمياً، بعد الصين وميانمار ومصر وفيتنام وبيلاروس. هذا مع ملاحظة لا بدّ منها في هذا الصدد، هي أن العدد المرتفع للصحافيين المسجونين في تركيا يترافق مع قسط من الحريات السياسية يفوق بالتأكيد ما يسود في البلدان الخمسة الأخرى المذكورة، ذلك أن حالة تركيا فريدة من حيث اجتيازها مرحلة تضييق متزايد على حرية الرأي والتعبير منذ المنعطف السلطوي الذي بدأ فيها قبل سبع سنوات، بعد أن كانت شروط الديمقراطية قد بلغت لديها درجة عالية نسبياً.
أما «الجُرم» الذي اقترفته سديف كاباش فهو إرسالها إلى ملايين المتابعين لها على حساب تويتر لتغريدة اقتصرت على نقل مَثل شعبي تركي عميق المغزى، مِثله في ذلك مثل سائر الأمثال الشعبية، يقول: «عندما يأتي الثور إلى القصر، لا يتحوّل الثور إلى مَلِك، بل يتحوّل القصر إلى إصطَبل». وقد امتعض الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أشدّ الامتعاض من هذا المثل الذي شعر أنه هو المقصود به، ولو لم تذكر الصحافية اسمه، فأمر باعتقالها. ولو كُتِب لكل من هجا رئيس الدولة في بلدان كالولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أن يُزَجّ به في السجون لامتلأت هذه واضطُرّت السلطات إلى جمع المعتقلين في معسكرات اعتقال عظيمة المساحة.
هذا وتقول الحكمة الشعبية أيضاً أن لا أحد يشعر بلا سبب بأنه مستهدف بكلام لم يذكره، وما أكثر الذين يحق لهم بمشروعية كاملة أن يشعروا بأن المَثل التركي ينطبق عليهم إذ إنهم أقرب إلى الثيران منهم إلى البشر من حيث نزعتهم إلى العنف ومهاجمة كل من يعترض سبيلهم، حتى ولو كان الاعتراض بإبداء الرأي لا غير.


ومن المناسب أن تعبير «القصر» في المَثل التركي ينطبق على مقرّ رأس الدولة مهما كانت طبيعة نظام الحكم السائد، وما أكثر القصور التي تحوّلت إلى إصطبلات في منطقتنا العربية من جراء نزول أشباه الثيران فيها!
هذا ولو نظرنا إلى عدد المساجين الإجمالي حسب موقع «تقرير السجون العالمية» (World Prison Brief) الذي تشرف عليه جامعة بيركبيك البريطانية، لوجدنا أن تركيا تحتل أيضاً المرتبة السادسة بعدد السجناء الإجمالي، إذ يفوق هذا العدد لديها 290 ألفاً، أي بنسبة 347 لكل مئة ألف من السكان، تليها من منطقة الشرق الأوسط بين الدول الأربعين التي تسجن أكبر أعداد من البشر: إيران (المرتبة العاشرة، 189 ألفاً، النسبة: 228) ومصر (المرتبة 14، 120 ألفاً، النسبة: 118) والمملكة المغربية (المرتبة 21، 85 ألفاً، النسبة: 232) والمملكة السعودية (المرتبة 29، 68 ألفاً، النسبة: 207) والجزائر (المرتبة 30، 65 ألفاً، النسبة: 153) والعراق (المرتبة 34، 57 ألفاً، النسبة: 145). أما الدولة الصهيونية، فيبلغ عدد المساجين فيها 19,400 ونسبة المساجين إلى السكان 234، بما يجعل عدد المساجين فيها نسبة إلى تعداد السكان الأكبر في الشرق الأوسط بعد تركيا. وبالطبع فإن نسبة سجناء الرأي، أي السجناء السياسيين، من عدد السجناء الإجمالي شديدة الارتفاع في منطقتنا، وقد تكون على أعلاها في مصر عبد الفتّاح السيسي حيث يُقدّر أن نصف السجناء معتقلين لأسباب سياسية بحتة.
عسى أن تتمكن شعوب منطقتنا أن تفلح يوماً في استبدال مقرات الحكم ليس بالقصور، بل بالبيوت العادية التي تليق وحدها بسلطة ديمقراطية حقاً تكون فعلاً «حكم الشعب بالشعب وللشعب» حسب عبارة أبراهام لينكولن الشهيرة في عام 1863، وهو يقود الولايات المتحدة في حربها ضد أنصار العبودية (وكم بات من مسافة كبيرة على بلاده أن تجتازها كي تحقق ما نادى به، هي التي يبلغ عدد السجناء فيها أكبره عالمياً سواء أكان التعداد بالأرقام المطلقة أم بالأرقام النسبية، وغالبيتهم من السود!). وقد استوحت الجمهورية الجزائرية من تلك العبارة الشهيرة فجعلت شعارها «بالشعب وللشعب» غير أن واقعها أبعد بَعد عن الشعار مما هو واقع وطن الشعار الأصلي، لاسيما بعد تصعيد القمع السياسي الهادف إلى منع الحراك الشعبي الجزائري، الذي انطلق في مثل هذا الشهر قبل ثلاث سنوات، من أن يتجدّد.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين
- بعد الانقلاب الأرعن: السودان إلى أين؟
- «وقائع انقلاب مُعلَن» في السودان
- لبنان و«الحسابات الخاطئة»
- تأمل أولي في عِبَر الانتخابات العراقية
- شبكة فساد أكبر من شبكة الصرف الصحّي
- قوى تونس التقدمية أمام مسؤوليتها التاريخية
- أمريكا والصين على رقعة الشطرنج الدولية
- إسقاط التيار الإخواني واستكمال هجمة النظام القديم


المزيد.....




- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جلبير الأشقر - حين يصبح السجن طريقة للحكم