أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون














المزيد.....

رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7206 - 2022 / 3 / 30 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشهد مقزّز للغاية ذلك الذي قدّمه لنا وزراء خارجية أربع دول عربية برفقة زميليهم الإسرائيلي والأمريكي وهم يتكاتفون الأيدي ليمسك كل واحد منهم يد جاره، وكأنهم أرادوا أن يصوّروا لنا قوة العروة التي قامت بينهم في صورة بانوا فيها كأنهم يرقصون الدبكة مع بعض الطرافة وذلك على مقربة من قبر ديفيد بن غوريون، زعيم العصابات الصهيونية التي استولت على أرض فلسطين قبل ما يناهز ثلاثة أرباع قرن من الزمن، الأمر الذي لم يثنِهم عن تقديم تحيتهم له.
بيد أن الأخطر في هذا المشهد المقرف ليس إفصاحه الصريح عن تواطؤ قديم جداً بين الأنظمة العربية الأكثر رجعية والدولة الصهيونية، وهو تواطؤ رعته الولايات المتحدة الأمريكية طوال مرحلة الحرب الباردة، ومرادفها العربي في زمن التخاصم بين المحور القومي بقيادة مصر الناصرية والمحور الرجعي بقيادة المملكة السعودية. ليس ذلك الإفصاح أخطر ما في المشهد المذكور، بل كونه مشهداً لم يعد يحيل إلى انقسام بين الأنظمة العربية مثلما كان في الماضي، بل إلى توافق معظمها. ذلك أن مشهداً مقززاً آخر سبقه، هو مشهد لقاء الجزّار بشّار الأسد بمحمد بن زايد، متولّي حكم الإمارات العربية المتحدة ورائد «التطبيع» مع الدولة الصهيونية، بينما لا يُخفى على أحد تودّد القاهرة لدمشق.
فنحن إذاً إزاء حلف رجعي عربي عريض بات يمتد «من المحيط إلى الخليج»، وفق تعبير كان محبّذاً في زمن المدّ القومي، أي من المملكة المغربية إلى الإمارات، مروراً بمصر عبد الفتّاح السيسي وسودان عبد الفتّاح البرهان وسوريا بشّار الأسد. ولا تحسبنّ كل من تخلّفوا عن المشاركة في الرقصة معارضين لها، بل مؤيدون بمعظمهم، لم يلتحقوا بها خشية من وقع ذلك على شعوبهم وينتظرون فرصة سانحة كي ينضموا بدورهم إلى فريق الدبكة.
لكن ماذا يجمع هذه الأنظمة على اختلاف أشكالها، يا تُرى؟ ليس العداء لإيران كما يحلو للإعلام الصهيوني تصويره، إذ إن الهاجس الإيراني هاجس إسرائيلي بالدرجة الأولى، لا تشاركه الرباط ولا القاهرة ولا حتى الإمارات، التي تربطها بإيران وشائج اقتصادية وسكانية عديدة، ناهيكم بالطبع من ساكن «قصر الشعب» في جبل المزة الدمشقي الذي يدين لإيران ببقائه في قصره. ولا حتى الولايات المتحدة التي لم يخفِ وزير خارجيتها خلافه مع حليفه الإسرائيلي حول الاتفاق النووي الذي تسعى إدارته وراء إحيائه مع طهران.
كما لا يجمع الحلف الرجعي الجديد عداءٌ مشترك لروسيا على غرار العداء للاتحاد السوفييتي الذي جمع الحلف الرجعي الإقليمي في زمن «الحرب الباردة العربية»، بل يتميّز معظم أركانه، لاسيما الحكومة الصهيونية وأبو ظبي والرياض والقاهرة، برفضهم الانسياق وراء الدعوة الغربية إلى عزل روسيا عقاباً على اجتياحها لأوكرانيا. فكلّهم تربطهم بموسكو الحالية أواصر صداقة متينة، مصحوبة بإعجاب بفلاديمير بوتين الذي أصبح بطل اليمين الأقصى العالمي مثلما كان فلاديمير لينين بطل اليسار الأقصى قبل قرن. وبالطبع فإن ساكن «قصر الشعب» مدينٌ في بقائه لبوتين أكثر بعد من دينه لطهران.
ما هو إذاً ذلك الذي يجمع هذا الحلف العريض، متخطّياً شتى الفروقات والتباينات القائمة بين أركانه؟ إنه بكل بساطة العداء لذلك اللاعب الجديد الذي نزل إلى الحلبة العربية قبل أكثر من أحد عشر عاماً، ألا وهو الشعب، الشعب الذي أراد الحياة ذات يوم، بدءاً من تونس في أواخر عام 2010، ولا زال ينتظر أن يستجيب القدر وينجلي الليل وينكسر القيد. ها هو ذا العدو المشترك الذي يجتمع ضده كافة أركان الحلف الرجعي الإقليمي: إنهم مجمعون على الحؤول دون تمكّن الشعب من فرض إرادته الديمقراطية.
فإن عدوّ المملكة المغربية الرئيسي ليس النظام الجزائري، بل الحراك الشعبي المغربي، مثلما أن العدوّ الرئيسي للحكم العسكري الجزائري ليس الجار المغربي، بل الحراك الشعبي الجزائري. وعن عبد الفتّاح السيسي وائد «ثورة 25 يناير» المصرية، فحدّث ولا حرج، وحدّث كذلك، وكم بالأحرى، عن بشّار الأسد وائد الثورة السورية وقاتل مئات الآلاف من أفراد شعب بلده الشهيد. أما أبو ظبي، فقد نصّب نفسه متولّي عهدها في مركز رأس الحربة الرجعية في مجلس التعاون الخليجي، متدخّلاً إلى جانب القوى المضادة للثورة في مصر وليبيا والسودان، ناهيكم من فلسطين ذاتها، فضلاً عن إسراعه في وقف مسرحية عدائه المزعوم لآل الأسد الذين احتضنهم، ولم يتظاهر بمعارضتهم سوى تحت ضغط إقليمي طائفي لا غير، ضغط انتهت صلاحيته الآن. أما عن الولايات المتحدة وربيبها الصهيوني المدلّل، فلم ينفكّا يوماً عن دورهما في حراسة النظام الرجعي العربي، وقد انضمّت إليهما في هذا الدور، بل فاقتهما، روسيا البوتينية، حليفة المحور العربي المضاد للثورة في شتى الساحات المذكورة أعلاه.
أيها السادة الراقصون فوق قبر ديفيد بن غوريون ومن لفّ لفّكم ولم يحضر، نعِدكم بأن يوم آخرتكم سوف يأتي لا مُحال، عندما يواصل الشعب معركته من أجل الحياة، تلك المعركة التي خاضت فيها شعوب منطقتنا موجتين حتى الآن في عامي 2011 و2019 والتي يواصل شعب السودان البطل رفع شعلتها بانتظار موجة ثورية إقليمية جديدة تستعيد الهجوم على أسوار النظام الرجعي الإقليمي. إنها أشبه بموجات متتالية من جيش شعبي كثيف الأعداد، لكنّه فقير الوسائل الحربية، يشنّ هجوماً بعد آخر على قلعة محصّنة وهو ملء الثقة بأنه سوف ينتصر في نهاية المطاف، مهما طال أمد المعركة ومهما تكبّد من خسائر، إذ إنه متفوق عدداً بكثير ومدرك أنه يكافح مع مجرى التاريخ وانتصاراً للحرية، بينما يكافح أخصامه عكس تيّار التحرّر الجارف الذي تغلّب على أكبر العقبات طوال تاريخ البشرية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا
- روسيا واليسار في المنطقة العربية
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...
- تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة
- على من يضحك البرهان وحمدوك؟
- أبو ظبي… رأس حربة الرجعية الإقليمية
- القوى الديمقراطية السودانية أمام نهجين


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون