أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها














المزيد.....

عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7224 - 2022 / 4 / 20 - 09:45
المحور: القضية الفلسطينية
    



لقد اعتدنا في منطقتنا إلى الخطاب الصهيوني الذي يتهّم ضحايا دولة إسرائيل بأنهم نازيون. وهي حيلة دعائية قديمة، تفاقمت إثر الحرب العالمية الثانية عندما سترت الحركة الصهيونية اقتداء جناحها اليميني الذي تزعّمه فلاديمير (زئيف) جابوتينسكي بفاشية بينيتو موسوليني، وأرادت أن تستر كذلك، وفي المقام الأول، تواطؤها هي بالذات مع الحكم النازي في إرغام اليهود الألمان على الهجرة إلى فلسطين دون سواها، بل وفي تنظيم تلك الهجرة بين عامي 1933 و1941، بما في ذلك التعاون مع المخابرات النازية في تنظيم هجرة سرّية بدءاً من عام 1939.
فما أن انتهت الحرب وبات مصير فلسطين بيد الأمم المتحدة والدول المتحالفة ضد النازية حتى شنّت الحركة الصهيونية حملة مكثّفة لتصوير الفلسطينيين كأنهم كانوا هم أنصار الفاشية والنازية، مستغلةً سِجلّ أمين الحسيني الذي تعاون حقاً مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية بدءاً من عام 1941، لكن لم ينصره الشعب الفلسطيني في ذلك على الإطلاق. وقد بلغت الصفاقة الصهيونية ذروتها عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان في عام 1982 بأمر من مناحيم بيغن، وريث جابوتينسكي الشرعي، وبلغ مشارف العاصمة بيروت فارضاً عليها حصاراً ذكّر كثيرين بأفعال الجيش النازي خلال الحرب العالمية، بمن فيهم يهود عاشوا تلك المحنة ولم يتحمّل ضميرهم أن يعيد جيش يهودي إلى ذاكرتهم أعمال النازيين. كل ذلك لم يثنِ بيغن وقتها عن وصف الفلسطينيين بالنازيين وتشبيه ياسر عرفات في بيروت بأدولف هتلر في برلين!
ذلك أن الصهاينة يعتقدون أن ما يمتّ إلى ذلك التاريخ ملكٌ لهم بحيث لا يجوز لأحد سواهم أن يشبّه آخرين بالنازيين ويقارن جرائم الآخرين بالإبادة النازية لليهود التي درجت تسميتها «المحرقة». هذا التحريم ينطبق حتى لو كان القائم بالتشبيه يهودياً وقع والد جدّه مع أشقاء ثلاثة ضحايا المحرقة مثلما هي حال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. فيكفي أن يكون غير صهيوني لكي يحرّم عليه التشبيه بالمحرقة، وقد أثار خطابه إلى الكنيست في 20 الشهر الماضي احتجاجات حادة لدى الساسة الصهاينة، بمن فيهم رئيس الوزراء نفتالي بينيت، زعيم حزب «اليمين الجديد» وهو أحد أحزاب أقصى اليمين الصهيوني نشأ بالمزايدة على بنيامين نتانياهو نفسه في التطرّف الصهيوني.
فقد أدان بينيت أسوة بسواه من أعضاء الكنيست كلام الرئيس الأوكراني الذي شبّه غاية الغزو الروسي في تدمير بلاده بأفعال النازيين، كما شبّه حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حل نهائي للمسألة الأوكرانية بحديث النازيين عن «الحل النهائي» للمسألة اليهودية، الذي تمثّل بالمحرقة. فأعلن بينيت بعد خطاب زيلينسكي أن «مساواة المحرقة بأي شيء آخر أمرٌ محرّم» (كذا). أما نائب حزب الليكود يوفال ستاينيتز فقد ألمح إلى أن خطاب زيلينسكي كاد ينتمي إلى باب «إنكار المحرقة»!

طبعاً لا يُخفى على أحد أن الغاية من كل هذا العويل هي تغطية حقيقة امتعاض الدولة الصهيونية من كلام الرئيس الأوكراني في توبيخها لرفضها القطيعة مع موسكو، والحال أنها متواطئة مع روسيا على إيران في سوريا كما أن المحور الرجعي الإقليمي الذي يضمّها إلى دول التطبيع يرى في روسيا بوتين دولة حليفة بامتياز. لكنّ الأقبح في ذلك أن الدولة الصهيونية، التي باتت منذ سنوات عديدة مرجعاً يُحتذى به لدى أقصى اليمين العالمي بمن فيه كارهي اليهود، لا زالت تعتقد أن لديها حقاً حصرياً في تشبيه الآخرين بالنازية.
فقد وجد انزلاق المجتمع الصهيوني إلى أقصى اليمين تعبيراً فصيحاً عنه في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية قبل أيام، عندما تبيّن أن النسبة الأقصى من المقترعين التي حاز عليها المرشّح الفاشي الجديد إيريك زمّور، وهو الآخر من أصل يهودي انقلب إلى تبرير مشاركة أقصى اليمين الفرنسي في إبادة اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، إنما حاز عليها بين حاملي الجنسية الفرنسية في إسرائيل الذين منحه المقترعون منهم ما يناهز 54 بالمئة من أصواتهم!
هذا ولم ينبس الساسة الصهاينة ببنت شفّة إزاء لجوء فلاديمير بوتين، على غرارهم وباستمرار وإصرار، إلى تشبيه الأوكرانيين بالنازيين واتهامهم بمعاداة السامية بالرغم من هوية رئيسهم وتاريخه العائلي الذي ينحدر حقاً من ضحايا المحرقة، خلافاً لتاريخ معظم حكام إسرائيل الحاليين (أسلاف بينيت لجهة الأب هاجروا إلى أمريكا في منتصف القرن التاسع عشر بينما هاجر إليها والدا أمّه قبل الحرب العالمية الثانية، أما نتانياهو فقد هاجر جدّه لجهة الأب إلى فلسطين في عام 1920 بينما ولدت والدته في مستوطنة يهودية في فلسطين في عام 1912).
وخلاصة الكلام أن حكّام إسرائيل، ولاسيما جناحهم اليميني المتطرّف وهو الغالب منذ عقود عدّة، يشعرون بوحدة حال مع دولة غازية كروسيا، تدمّر بلداً آخر على طريقة النازيين فيما تتهم من يقاومها بأنهم أشباه النازيين، على غرار ما فعلت أمريكا في تدميرها العراق في عام 1991 وما فعلوا هم عندما غزوا لبنان في عامي 1982 و2006 ويفعلون كلما اعتدوا على غزّة، أولئك الحكام إنما يشعرون بوحدة حال مع أشباههم الغزاة أكثر بكثير مما يشعرون إزاء المقاومين، حتى لو ترأس هؤلاء رجلٌ يهودي كان أسلافه من ضحايا النازية.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا
- روسيا واليسار في المنطقة العربية
- مذكرة حول الموقف المناهض للإمبريالية بصورة جذرية إزاء الحرب ...
- تأملات عسكرية في حروب العراق وسوريا وأوكرانيا
- صدّام حسين وفلاديمير بوتين
- أوكرانيا… وقصة الذيل الذي «يهزّ الكلب»
- البنك الدولي ولبنان… وكيف ينبغي على الناقد أن يبدأ بنقد ذاته
- حين يصبح السجن طريقة للحكم
- حكام القوى العظمى يلعبون بالنار
- الثورة السودانية: إلى أين؟
- «ديمقراطية المحاصصة» و«التوافق»على نهب الشعب
- علامَ يتوقف مصير الثورة السودانية؟
- في الحكم الفردي ونقيضه الديمقراطي
- هل تليق الديمقراطية بشعوبنا؟
- قيس سعيّد والدكتاتورية القراقوشية
- الانتخابات الليبية بين المسخرة والمأساة
- إيران إسرائيل: على أبواب الكارثة


المزيد.....




- إيران ترفض المفاوضات مع أميركا قبل وقف الهجمات الإسرائيلية
- إيران تقدم 3 -مطالب- لعقد مباحثات مباشرة مع أمريكا
- الخارجية الأمريكية: مئات المواطنين فروا من إيران وآخرون يواج ...
- إسرائيل تقصف منصات ومستودعات صواريخ غرب ووسط إيران
- غزة.. عشرات القتلى بنيران إسرائيلية وتحذير من الجفاف
- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخ ...
- قاضٍ أميركي يأمر بالإفراج عن الناشط المؤيد لفلسطين محمود خلي ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصواريخ ثقيلة وتطلق مسيرة على خليج حيفا ...
- بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر
- من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟ ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها