أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء














المزيد.....

سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7329 - 2022 / 8 / 3 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما معنى أن تستفزّ رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الحكم الصيني بالإعلان عن نيّتها زيارة جزيرة تايوان؟ وما معنى أن تُضطرّ بالتالي إلى إحاطة المشروع بالكتمان بحيث نكتب هذه الأسطر صباح الثلاثاء والإعلام ما زال يتكهّن بشأن زيارة السيدة بيلوسي ومن رافقها لتايوان؟ وهل يُعقل أن تُعلن بيلوسي عن ذلك المشروع قبل استشارة الدوائر المعنية بالأمن الاستراتيجي في واشنطن، كما بدا من الإشارات التي صدرت عن البيت الأبيض والبنتاغون مُحذّرة من خطورة المشروع ومُبدية شيئاً من عدم الرضا عنه؟
هذا ويزيد من خطورة التخبّط الذي ينمّ عنه مشروع بيلوسي أنها تنتمي إلى حزب الرئيس وليست معارِضة له مثلما كان نيوت غينغريش، عضو الحزب الجمهوري وسلفها في رئاسة مجلس النواب الذي سبقها إلى هذه الزيارة في عهد الرئيس بيل كلنتون، عضو الحزب الديمقراطي، من باب المزايدة على هذا الأخير في مواجهة الصين. والحال أن عهد كلنتون كان قد شهد تدهوراً خطيراً في العلاقات بين واشنطن وبكين، بعد أن زايد كلنتون في حملته الانتخابية على سلفه جورج بوش الأب، بما حدا بوش على بيع طائرات حربية لتايوان. وعندما تولّى كلنتون مقاليد الرئاسة، زاد من حجم مبيعات السلاح الأمريكي للجزيرة بما أغاظ بكين، ثم أرسل قوة بحرية إلى جوار تايوان في وقت كانت بكين تمارس عليها ضغوطاً عسكرية تعبيراً عن سخطها من صعود نجم الانفصاليين فيها على مشارف انتخابات.
هكذا باتت الصين، لاسيما من خلال قضية تايوان، محطّ مزايدات في السياسة الداخلية الأمريكية انعكست بصورة خطيرة على سياسة البلاد الخارجية. وإنه بذاته عيبٌ كبير أن تغدو سياسة أعظم قوة على هذا الكوكب، وإزاء أمور تخصّ مصير الكوكب برمّته، أسيرة مزايدات رخيصة في السياسة الداخلية. وقد جاء تصعيد حدّة الخصومة الأمريكية تجاه الصين عقب عقدين شهدا تودّداً بين الدولتين، كانت قد بادرت إليه إدارة ريتشارد نيكسون التي واجهت وضعاً حرجاً في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، عندما تضافرت بسالة مقاومة الفيتناميين للغزو الأمريكي لبلادهم مع صعود الحركة الشعبية المناهضة لذلك الغزو داخل الولايات المتحدة بالذات، على خلفية أزمة خطيرة أصابت الاقتصاد الأمريكي وأدّت إلى فك الارتباط بين الدولار والذهب.


في ذلك الحين أشرف هنري كيسنجر بصفته مستشاراً للأمن القومي لدى نيكسون على انعطاف استراتيجي بالغ الأهمية، قضى بتثليث العلاقات بين واشنطن من جهة وكل من موسكو وبكين من الجهة الأخرى. فعوضاً عن مخاصمة البلدين كما جرت العادة منذ أن وصل الشيوعيون إلى الحكم في بكين غداة الحرب العالمية الثانية، رأى كيسنجر ومعه نيكسون أنه أفضل لواشنطن أن تستفيد من العداوة التي كانت قائمة بين موسكو وبكين. فدشّن عهد نيكسون مرحلة تودّد بين الدولتين دامت عقدين من الزمن ووصلت إلى حد بيع أمريكا أسلحة للصين.
كانت أبرز نتيجة لذلك الانعطاف انتقال واشنطن من اعتبار حكم تايوان ممثلاً شرعياً وحيداً للصين الواحدة إلى الاعتراف ببكين في هذا الدور بما أدّى إلى حلول جمهورية الصين الشعبية محلّ تايوان في كرسي الصين دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة. والحال أن حكم تايوان كان هو الأكثر إصراراً على مبدأ الصين الواحدة حتى ذلك الحين، قبل أن يحلّ الانفصاليون محلّ اللاجئين من الصين القارّية في حكم الجزيرة. وقد أتاحت السياسة الأمريكية الجديدة لواشنطن تخطّي ورطتها بأفضل حال.
أما الحدث الأبرز في تغيير السياسة المذكورة فقد كان تزامن بدء انهيار المنظومة السوفييتية مع ربيع بكين الذي جرى القضاء عليه بقمع عنيف للحشد الكبير الذي احتلّ ميدان «تيان آن من» في عام 1989، والذي كان شبيهاً بالحشد الذي شهده ميدان التحرير في القاهرة في عام 2011. فإن ذلك الحدث، الذي جاء في سياق تبجّح الولايات المتحدة بفوزها في الحرب الباردة وانتصار الديمقراطية التي ادّعت تمثيلها، كان مدخلاً إلى شنّ هجوم سياسي على الحكم الصيني الذي تحوّلت صورته من حكم منافس لعدو أمريكا الأكبر، أي الحكم الشيوعي السوفييتي، إلى آخر بلد كبير يحكمه شيوعيون.
ومع ذلك فإن النموّ الاقتصادي المُذهِل الذي عرفته الصين بدءاً من التسعينيات في إطار انفتاحها على الرأسمالية جعلها شريكاً أساسياً للاقتصاد الأمريكي بما خفّض من حدّة خصومة واشنطن إزاءها في أولى سنوات القرن الجديد… إلى أن وصل دونالد ترامب إلى الرئاسة في عام 2017 ودشّن تصعيداً خطيراً في سياسة أمريكا تجاه الصين، شمل حرباً اقتصادية مُرفَقة باستفزازات في شأن تايوان أعادت توتير العلاقات السياسية والعسكرية بين واشنطن وبكين بصورة خطيرة.
وقد فعلت المزايدة بين تكتلّي السياسة الداخلية الأمريكية فعلَها بحيث رأينا جو بايدن عند تولّيه الرئاسة يواصل سياسة سلفه بدل أن يعدل عنها. لكن إذا كان تثليث العلاقات الذي أشرف عليه كيسنجر من باب الدهاء، فإن سلوك إدارة بايدن الاستفزازي إزاء بكين في وقت عادت العداوة بين واشنطن وموسكو إلى حدّة مماثلة لتلك التي عرفتها زمن الاتحاد السوفييتي، إنما هو من باب الغباء، إذ يدفع بالصين إلى توثيق علاقتها بموسكو بما يناسب تماماً مصلحة هذه الأخيرة.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة
- أسئلة مصيرية حول الانتخابات الرئاسية الفرنسية
- عندما يعتقد مقلّدو النازية أنهم معصومون منها
- شبحٌ ينتاب العالم – شبح الفاشية الجديدة
- في ارتكاب الفظائع والمحاسبة عليها
- رقصة الدبكة فوق قبر بن غوريون
- ستّةُ أسئلة بشأن مناهضة الإمبريالية اليوم والحرب في أوكرانيا


المزيد.....




- حقوق المحاربين الأمريكيين القدامى تتراجع.. غضب ضد سياسة ترام ...
- مسؤول أميركي من بيروت: انخراط حزب الله في الحرب بين إيران وإ ...
- الشرق الأوسط بين حربين.. تحوّلات ربع قرن وصدامات تتجدد
- خطوة واعدة.. دواء جديد لإنقاص الوزن يتفوق على أوزمبيك
- المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران: في حال تدخل طرف ثالث في ...
- الجيش الإسرائيلي: إيران استخدمت صاروخا متعدد الرؤوس الحربية ...
- الخارجية الليبية تعترض على طرح اليونان عطاءات للتنقيب في منا ...
- زاخاروفا: نتوقع اعتذارا من روما عن دعوة شبكة RAI الإيطالية ل ...
- إعلام: ترامب غادر قمة مجموعة السبع مبكرا بسبب ماكرون وزيلينس ...
- زاخاروفا: يجب مواصلة مفاوضات البرنامج النووي الإيراني السلمي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء