أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما مغزى القرار النفطي السعودي؟















المزيد.....

ما مغزى القرار النفطي السعودي؟


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7399 - 2022 / 10 / 12 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كعادته، نظراً لوزن المملكة الطاغي في سوق النفط العالمية، كان الدور السعودي حاسماً في القرار الذي اتخذته قبل أسبوع منظمة الأوبك+، أي الأوبك الموسّعة إلى جملة من الدول المصدّرة للنفط من غير أعضاء الأوبك، وأبرزها روسيا. هذا القرار، الذي قضى بتخفيض الإنتاج النفطي بغية الحفاظ على مستوى الأسعار، أثار ضجة عالمية كبرى، وعلى الأخص في الولايات المتحدة، ليس لوقعه الفعلي على سوق النفط بقدر ما لدلالته في شأن العلاقات الأمريكية ـ السعودية. ذلك أن منتوج الأوبك خلال الأشهر التي سبقت الاجتماع كان أصلاً دون السقف المحدد له سابقاً بسبب عجز العديد من الدول عن زيادة إنتاجها لأسباب تقنية، بينما تبغي دول أخرى، منها الإمارات المتحدة، زيادة انتاجها بعد أن استثمرت في تعزيز قدراتها الاستخراجية.
والحال أن الدور الأكبر في تحديد أسعار النفط ليس لمنظمة أوبك ولا لصيغتها الموسّعة، بل لتقلّبات العرض والطلب في السوق العالمية. ومن هذه الزاوية، فإن أوبك+ إنما تساهم بقرارها في تقليص الاستهلاك العالمي للنفط من خلال الإسهام في دفع الاقتصاد العالمي نحو الركود الذي يتهدّده من جرّاء جملة عوامل. ومن هذه العوامل آثار الأزمة العالمية العظمى التي ولّدتها جائحة كوفيد-19، وعلى الأخص انكماش الاقتصاد الصيني بسبب إصرار بكين على ممارسة سياسة السدّ المطلق في وجه الوباء من خلال الإغلاقات، وهي سياسة باتت تكلفتها على الاقتصاد الصيني باهظة ولا خروج منها في المستقبل المنظور سوى بالتخلّي عنها، إذ إن الوباء يتحوّر باستمرار بينما يحول الإغلاق المستمر دون خلق مناعة جماعية في وجهه.
هذا وتنضاف إلى المشكلة الصينية بالطبع الأزمة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أخذت عواقبه الاقتصادية تتفاقم، ليس على حساب روسيا وحسب، بل على حساب الاقتصاد الأوروبي بوجه خاص. ذلك أن الاقتصاد الروسي قد استفاد من ارتفاع أسعار المحروقات، والغاز على الأخص، الناجم عن المقاطعة الأوروبية المتصاعدة، كي يعوّض جزئياً عن الخسائر التي يتكبّدها من جرّاء الحرب وسائر العقوبات المفروضة عليه، بينما أوروبا هي أول المتضرّرين من ذلك الارتفاع. وقد وضعها الغزو الروسي في موقف حرج، إذ لا تريد الظهور بمظهر من يموّل الآلة الحربية الروسية بالرغم من أنها تدرك أن روسيا ستظلّ تجد من يشتري محروقاتها بحكم طبيعة سوق تلك المواد.


فإن قرار أوبك+ يخدم المصلحة الروسية من حيث إنه يتماشى مع اضطرار روسيا إلى تخفيض انتاجها في جميع الأحوال، وذلك لأسباب عدّة منها انسداد الأسواق الأوروبية التدريجي ومنها المشاكل التقنية الناجمة عن العقوبات. لكن ماذا عن مصلحة المملكة السعودية، صاحبة اليد العليا في قرار التخفيض الذي يعني تخفيض انتاجها بالدرجة الأولى، حيث إنها صاحبة الهامش الإنتاجي الأكبر؟ تشير الدلائل إلى أن قرارها، الذي يقف محمد بن سلمان مليّاً وراءه، إنما يتنافى مع مصلحتها الحقيقية ولأسباب عدّة. فمن شأن القرار أن يفاقم ميل الاقتصاد العالمي إلى الركود وبالتالي ستكون محصّلته في المدى المتوسط تقليصاً للطلب عمّا كان يمكن أن يكون لولاه، وذلك من خلال مفاقمة خشية المستهلكين من الأزمة الاقتصادية.
ثم إن سلوك المملكة هذا قد تنافى مع السلوك الذي سلكته طوال عقود عدّة، بعد أن قامت بتأميم صناعتها النفطية قبل نصف قرن، وهو سلوك التواطؤ مع الولايات المتحدة حاميتها. وقد اتكلت هذه الأخيرة على المملكة في تسيير سوق النفط العالمية بما يتماشى مع مصلحتها، وبلغ الأمر ذروته في حرب أسعار النفط التي شنّتها المملكة على إيران وروسيا بدءاً من عام 2014 والتي كان لها دورٌ هام في تشديد الضغط على طهران بما حداها على توقيع الاتفاق النووي في العام التالي، وفي زيادة وطأة العقوبات الغربية على روسيا، وهي العقوبات التي فُرضت عليها إثر ضمّها لشبه جزيرة القرم وتدخّلها العسكري في غربي أوكرانيا.
وها أن المملكة تتخذ قراراً يخدم المصلحة الروسية بامتياز، بل يبدو كأنه ناجم عن رغبة صريحة في دعم الموقف الروسي في حرب أوكرانيا. وعلى هذا الأمر تترتّب عاقبتان: الأولى أن القرار السعودي يعزّز الشعور الأوروبي بأن الارتهان بالمحروقات مصدر ضرر متعدّد الأوجه، منه الضرر البيئي العظيم ومنه السياسي بما أن المحروقات باتت أكثر مما في أي وقت مضى سلاحاً سياسياً بأياد لم تعد لأوروبا أي ثقة بها. فهذا سوف يسرّع المساعي الأوروبية للاستغناء عن المحروقات من خلال تطوير مصادر الطاقة البديلة، المتجدّدة منها كما والذرّية أيضاً. وكان ميل أوروبا إلى الاستغناء عن المحروقات قد بدأ يتعاظم تحت ضغط المسألة البيئية، ثم منحه الغزو الروسي لأوكرانيا دفعاً قوياً، ومن شأن القرار السعودي أن يشجّع على تسريع خطاه.
أما في الولايات المتحدة، فقد جرى تفسير القرار السعودي بأنه طعنٌ لأمريكا في الظهر وانحيازٌ للجانب الروسي في الحرب الدائرة رحاها في أوكرانيا. وحتى الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه قد أعرب عن خيبة أمله من ذاك القرار، وهو يواجه ضغطاً داخل صفوف حزبه من قِبَل الداعين إلى معاقبة المملكة بسحب الحماية العسكرية الأمريكية عنها، بما في ذلك سحب منظومة الدفاع الجوي الصاروخي «باتريوت» التي تشرف عليها الولايات المتحدة داخل المملكة. ومما يزيد من وقع القرار السعودي أن الرئيس الأمريكي كان قد تراجع عن موقفه المُعلن من وليّ العهد السعودي وزار المملكة ولقيه قبل أشهر، مغلّباً المصلحة الاستراتيجية في ضوء حرب أوكرانيا على الموقف الأخلاقي في صدد حادثة اغتيال جمال خاشقجي.
هذا وثمة قناعة باتت راسخة لدى الديمقراطيين هي أن محمد بن سلمان بقراره الضاغط على أسعار النفط في اتجاه الارتفاع والمساهم بالتالي في مفاقمة ارتفاع الأسعار العام، إنما أراد في الواقع تعزيز فرص الجمهوريين في انتخابات الكونغرس القادمة بعد شهر. والحال أن الجمهوريين يركّزون حملتهم على ارتفاع الأسعار الذي ينسبونه إلى سياسة بايدن الاقتصادية، كما أنهم أشاروا إلى القرار السعودي بوصفه علامة على إخفاق الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية، وهو عنوان عريض يضعون تحته التقهقر الأفغاني والعجز عن ردع فلاديمير بوتين عن غزو أوكرانيا. ولا يُخفى على أحد تفضيل الحكم السعودي الراهن للجمهوريين، وأمله القوي بأن يعود صديقه دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد سنتين.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلف الناتو: من سيء إلى أسوأ
- قراءة في خطاب فلاديمير بوتين
- السلاح بيد الجاهل يجرح!
- تحية لنساء إيران البواسل!
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما مغزى القرار النفطي السعودي؟