أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - رسالة الفنان














المزيد.....

رسالة الفنان


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6870 - 2021 / 4 / 15 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


التجديد بالأدب او الفن او أي مجال ابداعي جمالي انما هو تجديد بالمجتمع والعقل البشري ككل، وهي ظاهرة عالمية في ثقافات الشعوب تحيا وتموت هنا وهناك وفقاً لقوانينها الخاصة والمرتبطة بشكل وثيق بالشخصية المنتجة لتلك الاعمال.

هذه القوانين الخاصة هي التي بواسطتها يتم التجديد بالقوى، وهي غالباً ما توصف مجازاً بمصطلحات الحرارة والبرودة، والسبب لان الحرارة هي دائماً رمز إيجابي للأفعال الحيوية والقوية والجديدة، (الخبز الحار والطعام الحار أفضل دائماً من البارد)، فعندما تهمد الحياة (الحرارة) في الفرد او المجموعة فذلك يعني برودتها، يأسها وبؤسها ثم موتها.
هناك ظروف تستدعي وربما تجبر الفنان على ان يحارب ويتخذ موقفًا لايهادن ضد طاغية او عقيدة فاسدة او نظام جائر وما شابه، ويكثف ويركز طاقاته الإبداعية على فضح هذا الخلل في المجتمع لتحريك العقول واثارة الرأي العام، وعندما يزول السبب الذي أنتج من اجله هذا العمل الفني او ذاك فستزول معه قيمة ما انتج بعد ان يتحقق الهدف، وسينسى الجمهور تلك الاعمال و حتى الفنان نفسه سيختفي بين طيات الزمن دونما ذكر، او كما يقول علماء الفلك فان النار التي تموت يحمّر لونها، فهي علامة على موت الكواكب وتحولها الى مجرد احجار باردة كما هو كوكبنا الأرضي والقمر، وعلى هذا المنوال تجري سنن التقدم.
ولكن مالذي سيبقى قائماً هناك من تلك (الحرارة) والطاقات الابداعية؟
أهي البذور العاطفية التحريضية التي زرعها الفنان في نفوس الناس والتي ازدهرت فيما بعد ذلك بأشكال مختلفة لم يخطط لها؟
أهي الهزائم والانكسارات وخيبات الامل؟

الواقع ان الانسان في عزلته او اجتماعياته، وهو يقوم بوظائف غامضة قبل ان يطعن بالسن ويقضي ويصير جماد ورماد ودخان ويكتمل مصيره ويغدو شمساً حمراء غاربة، فهو يستقطب من حوله حشداً هائلاً من السخافات، جنباً الى جنب مع كل ما يمكنه لتأكيد ذاته المتمردة والرافضة او الخانعة الجبانة، فينجح في التناسل والتكاثر مثلاً، بغض النظر عما اذا ما كان رجلاً او امرأة ضعيفاً او قوياً فقيراً او غنياً مستغَلاً او مستغِلاً، لان غريزة التوالد لا تعرف المفاضلة والاختيار بين القوي والضعيف او الذي يملك والذي لايملك، كما يقوم بها موظفين الدولة البيروقراطيون وصراعاتهم التافهة.
وهنا يأتي السؤال الذي لا مجيب عليه: مالذي يفعله اذاً الفنانون والادباء في عالم الغابة الموحشة اليوم ومجتمع البرابرة الضِباع الذي لا يرحم؟
أجيال الثوريين القديمة قد اجابت بما هو اعقل منا الان جميعاً، واجابتهم كانت انعكاس وفعل عملي لعقائدهم وحاجات اوطانهم ولما كانوا يحلمون بتحقيقه، فقالوا بأن الفن للحياة والإنسانية، وان الفنان او الكاتب او الشاعر يحمل رسالة يؤديها في المجتمع، جوهرها النضال ضد كل أعداء الانسان، وقالوا ان كل من يقف بعيداً عن هذا الهدف وينحني للاثرياء والسلاطين وللطغاة والسفاحين فلا يمكن وصفه بانه اميناً للإنسانية والمجتمع، ولذا فينبغي ان يضرب على قفاه وينعزل ويزول ويسدل الستار عليه في قائمة الخالدين.

وهذه الأيدلوجيا الثورية الرافضة هي جوهر جبهة الصراع الفكري والثقافي ضد رأس المال العالمي منذ كومونة پاريس، والتي تحاول الان جاهدة الانتفاض والانبعاث والقيام بالصحوة الثورية من جديد لاسترداد الغار الثوري العالمي العظيم للنصف الأول من القرن العشرين، وحَملتِها هم أكثر الذين يحملون الشقاء بصمت وجَلَد لأنهم بلا سند او دعم ولانهم ليسوا أكثر من تاريخ قديم فقد ظله، ولا يحمل عنواناً او هوية قادرة على تجديد الحياة والثورة والتكيف مع عالم اليوم.

وعليه فان النقاشات التي يثيرها بعض الكتاب بمقالات بين فترة وأخرى هنا وهناك عن المثقف والمثقفين وعزوفهم عن المشاركة بالنضال وغيرها من المصطلحات القديمة والمستهلكة، شيء لا معنى له في عالم اليوم، ولن يؤدي الى نتيجة كما جسدها البلاشفة في ثورتهم الثقافية والتجديدية قبل مئة عام، حتى لو استجاب لتلك الدعوات اليوم ثلاثة ارباع ما يسمى بالمثقفين (وغالبيتهم انتهازيين جشعين متلونين يميلون حيثما مالت الريح).
فيصبح والحال هكذا استمرار الحديث عنها الان مجرد ثرثرة لا داعي لها، لانها لا تعكس أيديولوجيا الثورة وروحها التمردية وحرارتها الاصيلة، بل مجرد رغبات يائسة بائسة وحنين لاحياء ما لا يمكن احياءه ابداً لأننا لا نعيش في زمن ثورات وانتفاضات وغليان عالمي تقدمي كما الأجيال السابقة، نحن في زمن الاعلام والخبر السريع واصناف لا حدود لها من شركات الدعاية العالمية، وبلا اوطان ولا عقائد ولا توجد ارضية صلبة للوقوف عليها ولا شرارات توقد النيران وتبعث الحرارة.
يا سادتي
للبرابرة فنهم، فلنخلق فناً آخر- بريتولد بريخت



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استعمار متجدد
- الحركة والرؤية
- الابتكار والتجديد
- ذهبي الذي ضاع
- حركة الحياة
- الواقعية والشكلية والفن الحديث
- انحطاط الثقافة البصرية العربية
- الملابس والعري
- عام الفأر
- اغتراب
- مشياً بالمطر
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها
- الفخ الديني
- استعداداً لتشرينية جديدة
- المناضلة ماري محمد
- العلمي والعاطفي
- الاختيار والاضطرار


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - رسالة الفنان