أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - حكاية معلّقة في لوح الذاكرة















المزيد.....

حكاية معلّقة في لوح الذاكرة


شعوب محمود علي

الحوار المتمدن-العدد: 6651 - 2020 / 8 / 19 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


قبل ثماني وستّين من الأعوام لا اتذكّر العدد
بالدقّة ولكن بتقديري كنّنا نزيد على العشرين شابّاً
على ما اتذكّر منهم جمع الشبلي
صاحب الصوت الرخيم جدّاً والمفتول العضل
وصباح عودة وعقلة شمخي وقاسم سبع من
اهل الكريمات رحمه الله وفاضل خزعل
ذلك الانسان الودود من اهل الكريمات ايضاً
رحمه الله كان صديقي ومن أقرب الناس الى نفسي
وكاظم صالح السبع رحمه الله من اهل
الكريمات ايضاً وعبد الواحد قاسم أبا سلام
رحمه الله وجدّنا الوقور راضي جبر
والأكثر قيمة نموذجيّة بيننا
وفالح صالح من اخوتنا الصابئة
وعلي عبّود من اهل الكريمات ايضاً
وغانم حسن من الجنوب ايضا
وكثير من الأصدقاء من اهل الكوت
حسن الذي لا اتذكّر اسم ابيه
والمحامي القدير والرائع فاضل الخطيب من بغداد
والفلّاح طعمة مرداس الفلّاح والمثقّف الرائع الذي
تجاوز مرحلة الفلاحة ليكون في طليعة مثقّفي العصر
ووعد االله النجّار الموصلي الذي اكلته الذئاب
غدراً رحمه الله ما كان يخشى دخول
الغاب ليلاً ونهراً
وحامد طيّب الذكر من اهل الكوت
وزيدا حيدر من اهل الكوت
ايضاً وغيرهم وغيرهم
كنّا عزمنا على السفر الى البصرة لنعيش مع
اهل الكوت وغيرهم في ذلك المصح ولنلتقي
بالجوهرتين الموصليّتين وعد الله النجّار والشاعر الفذ
المرحوم شاكر محمود اللهيبي
كانت الحياة رتيبة ومملّة بعض الشيء
وكل واحد منّا يمكث في المصيف حسب رغبته
وعلى قدر حبّه للمصيف وللاصطياف
كان البعض منّا قد اختار المكوث في المصيف
لأربة شهور وآخرون زادوا عليها عاماً
وآخرون صعدوا لعامين والاربع وحصل
التزايد الى ثلاث من السنوات والاربع شهور وبعضه
أضاف العام الرابع ملحقة به الأشهر الاربع
وآخر آثر التعلّق بالمصيف فقفز الى
دائرة الخامسة أعوام والأربعة اشهر
وبعد ان حدّدنا
اليوم والساعة للذهاب الى قطار الرحيل
فصاحب السنوات الخمس والاربعة شهور
ندم ورفض الذهاب معنا الى المصيف
كان القطار قد تحرّك مع المساء
وعندما وصلنا البصرة صباحاً
في حدود العاشرة تقريباً
وصحبونا في القطار عدد كبير
ليوصلونا الى المصيف والسفينة التي
سننام فيها وهي ترسو على ضفاف شط العرب
عشنا تلك الليالي مرّها وحلوها تحت
عناية حرس الشط
كانت الشهور تركض والاعوام تسير ببطء
فلجأنا لحرق الوقت
بصناعة شطرنج من العجين
لنتغلّب على الملل وحرس المصيف يتعامل
معنا بلطف والبعض لجأ لصناعة لوحات
جميلة من النمنم الملوّن غابات خضراء
وصناعة خيول وآيات من القرآن الكريم
والبعض مارس الرياضة كوسائل لهو
لحرق الوقت وأخيراً انا لجئت الى الخربشة
على الورق بين الرثّ والجميل
كانوا بيننا ناس من كبار العمر وكبار
العقل في الإدارة لخدمة من يودّون
العيش في المصيف ومع مرور الزمن
وفي بعض الاحيان كنت الجأ الى الخربشة
بالقلم على الورق وكان هؤلاء الكبار
بعض الأحيان يصابون بالتعب والانهاك
اخيراً فكّروا ليجدوا بيننا من يعاومنهم
على خدمة المقيمين في المصيف
وداخل كابينة السفينة الراسية على شط العرب
فاختاروا من بيننا المرحوم عبد الواحد اسم
والايّام تمرّ برتابة.
كنت بطبيعتي اميل أكثر فأكثر الى
الخربشة على الورق كنت أكثر من كتابة
الرسائل الى اهلي والى أصدقائي وفي
مرّة من المرّات حاولت كتابة رسالة
الى المرحوم فاضل
ابن هادي خضيّر بائع الثلج والجص
اعتنيت بالرسالة وامتد حبل الذكريات
واخذت صيغة ادبيّة وتاريخيّة ورست
آخر ورقة على الرقم الأربع
والعشرين صفحة ولم اتدبّر ذلك الامر
اخيراَ تحيّرت كيف ارسلها على جناح طير
ليذهب بلا عودة واخيراً فكّرت ان اضع
عليها طريقة القسمة فابتعت ظروف مناسبة
لاحتضان الورق كان عندنا صندوق كارتوني
مسمّر على الجدار نضع فيه رسائلنا وفي اليوم
القادم صباحاً يأتي أحد الذين كلّف بنقل
الرسائل ليسلّمها الى أحد مسؤولي كابينة
السفينة أو مسؤولي المصيف وأخيراً
طبّقت على رسالتي نظام القسمة
وفي اليوم الاوّل بعد أن اودعت
في الظرف الأوّل
وفيه الصفحات من الصفحة الأولى
الى الصفحة السادسة وفي اليوم الثاني وكان
انتظاري على أحر من النار لحلول اليوم الثاني
فوضعت ستة من الصفحات في
ذلك الصندوق الكرتوني
وفي اليوم الثالث كالعادة اودعت في الظرف
الأوراق الستّة
وفي اليوم الرابع اودعت الأوراق الستة الاخيرة
وبعدها شعرت بالراحة والهدوء
والاستقرار وأنا أعيش الآمال العريضة
وأودّ أن تمر الأيّام سراعاً وذلك لأكتشف
وصولها والفرح يزحمني مرّت الايّام
سراعاً وانا على أحر من الجمر لأتلقّى
جواباً عنها ولكن مضى أسبوع على
تاريخ آخر رسالة القيتها في الصندوق
الحافظ للرسائل ولم اتلقّى جواب وفي
بحر ستّة ايّام او تزيد على ما عددت من ايّام
الغد وعلى غفلة منّا وإذا بأمير من امراء
المصيف يدخل الى الكابينة ومعه أربع
من حرس المصيف وبيدهم العصي وقد
بوغتنا بهذا الاقتحام غير المتوقّع
وعلى الفور سأل عنّي وهولا يعرف
أسماءنا فقلت نعم انا شعّوب محمود
فوضع العصى تحت ابطه ومدّ يمينه
ليصافحني فرحّبت به فقال لي رسالتك
كنت قد وضعت عليها الحضر وذلك
لجماليّتها ولحسن تسطيرها ولجمال مفرداتها
ولتلافي اهتزاز من أرسلتها له وكان بودّي
ان احتفظ بها لنفسي ولكنّ الأمانة اقتظت
ان أطلقها ومع قراءتي لها عدّة مرّات
لذلك جئت اهنّأك ثمّ ودّعنا وعاد الى موقعه
وعلى أثر هذا جنّ جنون الاخوة الكبار.
فكلّفوا المرحوم وصديق العمر عبد الواحد قاسم
وبسرّيّة تامة أن يقرأ جميع الرسائل بشكل
دقيق وعليه ان يتدبّر ان لا يشعر به أحد
كان الموسم صيفاً وجميعنا ننام خارج الكابينة
وتحت النجوم مباشرة
وفي احدى ليالي الصيف وفي حدود الساعة
الواحدة ليلاً ام أكثر بقليل
أوقظني عبد الواحد قاسم وقال
تدارك الوضع قبل ان يتطوّر الامر قلت
أجهل ما تعني قال لي كلّفني الأخوة الكبار
أن اقرأ جميع رسائل الشباب دون ان يشعر
أحدهم وفي الثانية عشر ليلاً وكلّكم نيام
ذهبت الى الصندوق لأنفّذ ما انيط بي
من عمل مثل كلّ ليلة وأنتم نيام
وما ان أخرجت الرسالة وفتحتها
لأقرأ ما فيها من معلومات وإذا بالزميل
فاضل خزعل ينقضّ عليّ مثل الصقر
وهو يرتعش وبودّه قتلي ولا أستطيع ان أقول
له كلّفني الكبار بذلك وأنت أقرب أصدقائه
قلت الصباح رباح كما يقولون
وفي الصباح جلست مع صديق العمر
قلت لماذا أننت تتحدّث بهذه
الحدّة مع عبد الواحد قاسم
الرجل مكلّف من قبل الكبار
فقال هو والكبار لا يحقّ لهم
قلت الرقابة الصارمة تقوم لأجل حمايتنا
ولكنّ فاضل خزعل بعد ان اُتخم بتوسّلاتي
سكت وقال هذه المرّة الأولى والأخيرة
وسوف لن اسمح لايّن منهم ان يشرف
على تصوّراتي وتصّورات عائلتي فهي ملك لنا
ولا مجال للدخول فيما بيننا



#شعوب_محمود_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غليوني بدون دخان
- الناي واللحن الحزين
- الحقّ للسيف
- انكسار قوس السعد
- أصغي لعويل الريح
- كرة في وسط الملعب
- خريف الزمان
- تحت المظلّة
- هواجس في الظلام
- الصوم عن الكلام
- دالعابر يطوي ما تحت الاقدام
- اتخطّى الزمان المكان
- كيف تباع البلاد
- كيف تباع البلاد
- الانسان منذ فجر الخليقة
- اتراق الشقائق
- مرثاة الىصديق العمرالمرحومحيدر حاتم الكندي
- ومضات العشق
- الليل والنجوم
- السهم في المنزع


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شعوب محمود علي - حكاية معلّقة في لوح الذاكرة