|
عودة الصدر ليسَت غريبة
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 20:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عودة الصدريين أو التيار الصدري أو كتلة الأحرار ، أو بالأحرى عودة مقتدى الصدر إلى التحالف " الوطني " صار موضوعاً تناوله الكثير من الكتاب ، سواء المنحازون إلى ذلك ومحبذوه أو المناوئون ومعارضوه . تناول الكتاب الموضوع كلٌّ من موقعه وأسلوبه في الإستقراء والتحليل والإستنتاج ، ومن توجهه الفكريّ سواء كان توجّهأ دينياً أو قومياًّ أو لبراليّاً ، لكن الملاحظ ، من ما كتبه معظم الكتاب ، العجب والإستغراب من هذه الحركة الجديدة لمقتدى ، وتعكّزه على " قبول " التحالف الوطني " شروطه " للعودة إليه !! . لا تنفع الأساليب المستخدمة من قبل أولئك الكتاب للوصول إلى تحليل موضوعي ، سواء لهذه القضية أو مثيلاتها ، لأنها تعتمد نفس العوامل التي تجعل مقتدى يعود إلى التحالف الوطني ، ويقبل التحالف الوطني شروطه " بعد تعديلها " . هذا الأسلوب في إستقراء المعلومات وتحليلها والوصول إلى " إستنتاجات " تتوافق وتتساوق عند أولئك الكتاب مع ذات الفكر التحليلي للأحداث وتقييم مواقف الجبهات السياسية الفاعلة ، لدى أولئك السياسيين ، الأسلوب الذي يعير الأهمية الحاسمة لقرارات " القائد أو الزعيم " دون الغوص في التحليل للوصول إلى الأسباب الحقيقية التي تجعل هذا القائد أو الزعيم يتخذ هذا الموقف في هذا اليوم ويتخذ موقفاً مغايراً في يوم آخر ، ولذلك فإن نتاجاتهم تدور في ذات الفلك ، وكأنها في حلقة مفرغة ، ومن هنا يأتي إستغرابهم من بعض تصرفات مقتدى أو من أسباب قبول التحالف الوطني لشروطه . إن الأسلوب العلمي في دراسة طبقات الشعب ومصالحها ، والصراع الطبقي الذي يمتد في البلدان النامية والمتخلفة إلى صراع حتى بين شرائح الطبقة الإجتماعية السائدة " وفي عراقنا الشريحة المتحكمة بالسلطة " هو المعيار الحقيقي لتفسير ما يجري من توافقات ومساومات . إن الفئات السياسية ، قد تتخاصم أو تتقاتل ولكنها لا تتقاطع فيما بينها ما دامت هناك مصالحٌ متشابكة بينها ، لا تتحقق إلاّ بتعاونها ، ومن هنا أصبح مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " من المبادئ التي تتبعها تلك الحركات السياسية ، وبذلك تكون في جميع الأوقات في عملية " بيع وشراء " ويتم التوافق بينها عندما يصلون إلى الحد الذي يشعر فيه كل طرف أنه حصل على أحسن صفقة . يصنّفُ " ماو تسي تونغ " الشعب ، في كتابه " تحليل طبقات الشعب " إلى جبهتين ؛ جبهة الشعب وجبهة أعداء الشعب . جبهة الشعب ، عند ماو تسي تونغ ، تمثل كافة الطبقات الإجتماعية من الشعب ، بغض النظر عن إنتماءات أفرادها الدينية أو الأثنية ، ذات المصلحة في التقدم إلى أمام لتحقيق الهدف الآني المرسوم ، بينما جبهة أعداء الشعب تتمثل بالطبقات الإجتماعية ، التي تتطلب مصالحها إيقاف أو تعطيل عملية التقدّم ، رغم أن أفرادها من ذات الإنتسابات الدينية والأثنية . إن هذا التصنيف لطبقات الشعب لا يكون في حالة إستقرار دائماً ، بل أن حركة التقدّم أو التأخر ، بفعل الصراعات على جميع أشكالها ، بين الشعب وأعدائه ، تفرض إصطفافات متقابلة بالسلب أوالإيجاب ، فقد تكون شريحة إجتماعية معينة اليوم منضوية ضمن جبهة الشعب ، ولسبب حدوث حدث ما تشعر بالقلق على مصالحها من زخم التقدّم فتغيّر موقفها وتنحاز إلى الجبهة الأخرى ، سواءٌ وجدت لهذا التغيير عكازة أم لا . إن مرحلة التطوّر الإقتصادي والإجتماعي التي تمر بها البلدان النامية أو المتخلفة ( ومنها عراقنا ) نموذجٌ حيٌّ لما يدور من مساومات وتوافقات ، يراها البعض غير منطقية ، ولكنها ليست كذلك ، بالنسبة للماركسيين ، وبالتالي لا غرابة في عودة مقتدى إلى التحالف ، كما لا يكون كذلك إذا خرج على التحالف في غدٍ. يُفترض بالحركات السياسية والأحزاب التي تعتمد التحليل الماركسي لطبقات الشعب ، أن تكون مؤهّلة لتحليل المجتمع الذي تناضل فيه ، وتمتلك الميزان الذي إفترضه ماوتسي تونغ ، لتُشخّص أية شريحة من شرائح المجتمع ستكون مع جبهة الشعب اليوم وخارجها في غدٍ . إن إمتلاك هذه القدرة في التحليل يساعد تلك الحركة السياسية أو الحزب على رسم هدفه الإستراتيجي المركزي وبناء سياساته بعيدة المدى من جهة ومن رسم خطواته التكتيكية قصيرة المدى ، والقدرة على تجميع كافة شرائح الشعب ، ذات المصلحة المشتركة في الآن ، وزجها في الصراعات الواحدة تلو الأخرى في توجهها نحو هدفها المركزي . من هنا نخلص إلى أن الحركات السياسية والأحزاب هذه تكون اللولب المتحرّك بين جميع القوى السياسية ، بصورة ديناميكية فاعلة ، إيجابيّاً ، ولا ولن تعتمد الأسلوب الإنعزالي من أية حركة سياسية في المجتمع .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تَوَجُّهان مُتَضادّان في المسرَحِ السياسيِّ العراقيّ
-
أزمة الفكر القوميّ
-
الدّينُ والعقلُ
-
الدناءة
-
قنّ الدّجاج ومجلس القضاء الأعلى
-
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
-
إحذَروا المُتآمرين
-
ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
المزيد.....
-
على وقع مظاهرات حاشدة.. نتنياهو يواجه مهلة غانتس ودعوة لبيد
...
-
-صندوق أسود مظلم-.. عائلة في تكساس تكشف مصير -الأب- في سوريا
...
-
بالفيديو.. الأمطار تتساقط داخل طائرة متجهة إلى نيويورك
-
ما تأثير الحيوانات الأليفة على الإصابة بالخرف؟
-
أطعمة ومشروبات تسبب التورم
-
استخباراتي أمريكي سابق يحلل ما سيفعله ترامب بعد فوزه لرأب ال
...
-
تركيا.. أردوغان يصدر عفوا عن جنرالات متقاعدين مدانين في انقل
...
-
فقدان 3 بحارة سوريين بعد غرق سفينة شحن قبالة رومانيا
-
المرصد: مخلفات الحرب تقتل وتصيب عدة أشخاص بسوريا
-
-سيارات إسعاف محمَّلة بأسلحة ثقيلة-.. مصر توضح حقيقة المنشور
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|