أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى














المزيد.....

تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5260 - 2016 / 8 / 20 - 16:01
المحور: الادب والفن
    


تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى
قبل بضعة ايام انتابني ثمة قلق حين شعرت بخدر وتنمل في ذراعي وكفي الايسر فذهبت لمقابلة الدكتور الاخصائي في مستشفى " فنسنت هوسبيتل" في ملبورن ولكن بعد الحاح اصدقائي الذين انتابهم القلق اكثر مما انتابني ورغم عدم اكتراثي لاعراض خدر الذراع.. لكني في النهاية آثرت الذهاب للمستشفى وبعد انتظار قصير في صالة العيادة جاء الطبيب
البريطاني الاخصائي في معاينة الاعصاب والقلب بصحبة ممرضة كانت تحمل جهاز الصدمات الكهربائية.. ثم عرفني الطبيب بنفسه وبالممرضة بعد ان دخلنا الى غرفة الطبيب اخبرني بان الفحوصات باقطاب الشحنات الكهربائية ستستغرق عشرين دقيقة كي يستشف سبب التنمل في اليد اليسرى ثم يقارنها بعد ذلك باليد اليمنى, فكرت بان الغي المقابلة واغادر المستشفى لكني شعرت بالاحراج وقبلت الفحوصات على مضض.. فلم اتوقع حينها ولم يخبرني ايضا طبيبي العام بان الفحوصات سوف تكون عبر الصعقات الكهربائية بفولتية متوسطة.
الصقت الممرضة اقطاب الموصلات الكهربائية بذراعي الايسر المرتبطة بجهاز الفحص العصبي.
ثم بدات الصعقات المؤذية التي كانت تستفزني وكانها لسعات النحل التي تتسرب الى جسدي, كنت اكابر دون اظهار الالم وانا احاول رسم ابتسامة مصطنعة مع كل صعقة كهربائية وكنت اخجل ان ابدي ضعفي وآلامي امام الاخرين .. لاسيما ان ثقافتنا الذكورية كانت تفرض علينا كظم الوجع وعدم الخنوع للالام الجسدية.
عندما فرضت علينا في بواكير الطفولة وصايا اهلنا التي تحذرنا بان لانبكي وعلينا تحمل الالم ونحاول كتم اوجاع عملية الختان لان هذا هو قدرنا شئنا ام ابينا!!
كان الطبيب في مستشفى فنسنت يبدي اعتذاره وراء نهاية كل صعقة كهربائية.
وكنت ارد على الطبيب - لايهمك دكتور واصل مهمتك ساتحمل الصدمات!!
واثناء رحلة الصعقات الكهربائية مرت بي مشاهد وافكار وانا احاول اغماض عينيّ متذكراً مثلا بما قيل عن تفسير النظرية النسبية المعقدة للعالم الفيزيائي البرت انيشتاين.. التي كانت تبسط وتختصر مفهوم النظرية حين يفسرها البعض .. بانك لو وضعت يدك فوق صفيح ساخن لمدة دقيقة ستشعر حينها بان الزمن يمر بطيئا وموجعا وكأنه ساعة كاملة .. بينما لو التقيت بحبيبتك لمدة ساعة ستشعر ان الزمن يمر بسرعة وبخفة اجنحة الفراشة فتشعر بالزمن وكأنه يمر كدقيقة واحدة.
ثم شعرت ايضا بتعاطف يشوبه حزن كبير مع مأساة المناضلين الوطنيين الذين تعرضوا لتعذيب الصعقات الكهربائية في سجون ومعتقلات الانظمة الاستبدادية من اجل اخذ الاعترافات منهم بالقوة والاكراه بواسطة ضباط التحقيق القساة.
وتذكرت ايضا اثناء الفحص الكهربائي .. العالم الغرائبي الذكي والكسول توماس اديسون.. حين اكتشف الكهرباء والمصباح .. لكنه وظف قساوة الكهرباء ايضا لاعدام المجرمين عن طريق الكرسي الكهربائي.
اقتنعت بان طريقة الاعدام بالكرسي الكهربائي اكثر رحمة من طريقة الاعدامات في مملكة آل سعود السلفية عبر قطع الرقاب والتعزير بواسطة السياف المرعب .. كانت رحلة عذابات التخيل لكل هذه الالام لم يوقفها الا انفصال التيار الكهربائي عن جسدي بعد ثلث ساعة .. ثم اخبرني بعدها الطبيب .. ان الفحوصات انتهت .. وكل الدلائل تبشر بخير وان كل شيء على مايرام ..صافحته واخبرته بانها كانت رحلة عذاب .. وسوف لن ارجع مرة اخرى اذا عانيت من نفس الاعراض .. ابتسم مع الممرضة وودعتهم.
ثم غادرت المستشفى لكني بقيت افكر واشعر بصعقات عذاب الاخرين التي مازالت تسري في جسدي!!



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث في مرسم
- رحلة في سوق الطفولة
- ذاكرة القلب
- حديث عابر في قطار
- تمرد ضد الاقفاص
- غزلان البراري واحلام الطفولة
- مابين غيبوبة العاشق ومطارد الشمس
- ابوذية الغناء وصوفية العشق
- ذاكرة الامكنة
- انهم يقتلون الابل
- الحب ليس له وطن او دين
- رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها
- فجيعة الغابة القتيلة
- الحائك والمدينة
- حوار السلحفاة مع الفراشة
- ترانيم المساءات الاخيرة
- عراب الارصفة
- ترنيمة في تضاريس ذاكرة
- حوار مع ظل
- كوابيس تتعقب احلام هاربة


المزيد.....




- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في صناعة الس ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى