|
تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 19:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام هناك امر هام ، بل غاية في الاهمية والخطورة ، يمر اليوم من تحت اقدامنا دون ان ننتبه اليه بالشكل المطلوب . وكما هو معروف ، فإن من لا يعرف تاريخه ، لا يمكن ان يعرف حاضره ، وبالتالي يستحيل عليه تغييره في افق بناء المستقبل الذي يريد . إن ما يحدث اليوم بالعالم العربي والإسلامي من فوضى خلاقة ، وفق نظرية ان النظام يولد من الفوضى ، هو ان امريكا بعد فشلها الدريع في العراق ، وأفغانستان ، ولبنان ، وفلسطين ، أدركت بحكم خبراءها ومنظريها السياسيين ، أن القوة العسكرية قد تُحدث التغيير ، لكنها قطعا لا تصنع الولاء ، ولا تضمن المصالح . لذلك رجعت للتاريخ ، ونفضت الغبار على ملف الخلافة الاسلامية الذي كان قد بلوره الماريشال ليوطي في الغرب والانجليزي في الشرق ، لتنفد رؤيته السياسية الجهنمية ، كأداة موحدة وناجعة للتحكم في العالم العربي والإسلامي ، بهدف ضمان مصالحها الحيوية والجيو – سياسية وإستراتيجية التي لم تستطع تأمينها اسرائيل باعتبارها القاعدة الغربية المتقدمة في قلب الشرق الاوسط على مدى اكثر من ستين سنة من العربدة العسكرية . ان قمة السذاجة ان ترى اناس يرفعون شعارات الخلافة الاسلامية او الدولة الاسلامية من داعيشية ، ونصرة ، وقاعدة ، واخوانية ، ودعوية في كل من تونس ومصر وليبيا وسورية والعراق ولبنان والمغرب وغيرها من البلاد العربية ، وقمة الغباء ان يرفع التيار السلفي بشقيه الدعوي والاخواني والجهادي والوهابي شعار تطبيق الشريعة الاسلامية كنظام للحكم ، ومن دون ان يدرك لا هذا ولا ذاك ان اللعبة هي اكبر بكثير من شعارات الخلافة والشريعة الاسلامية معا . ذلك ان هذه الدعوات المشبوهة لا تعبر عن صحوة اسلامية مفترضة كما يروج لذلك مفتي الناتو الجنرال يوسف القرضاوي . لان الصحوة الحقيقية تحتاج لأناس يقضين ومتعلمين ، متشبعين بروح العصر ، ولهم رؤية للدين الذي من المفروض ان يكون لله ، والدنيا التي هي من اختصاص البشر والإنسان والمجتمعات ، ثم توفرهم على ارادة قوية لبناء مجتمع حضاري بمفهومه الانساني السامي ، يعتمد على العقل لا النقل ، ولا مكان فيه لرجل الدين المتزمت الذي يريد تغليف الواقع بأساطير وحكايات ، تغلق منافذ الاجتهاد والإبداع ، ومسايرة لروح العصر ، ولكل الازمنة المتعاقبة . اي مجتمع الشعب كما تؤكده الديمقراطية الكونية لا الديمقراطية الخصوصية ، وعلى اساس من التسامح ، والاحترام ، والتكافل ، والتضامن ، والتعاون ، والعيش المشترك . لا قطعان من الجهلة والأميين ، ينقادون كالخراف الى المذبحة من اجل تحقيق مشروع امبريالي ، تقوده القوى الصهيو – امريكية عن طريق خلق امبراطورية اخونجية صورية ، ومتحكم فيها وبها بالمنطقة . ان الاسلام الذي تدعو اليه جماعة الاخوان المسلمين ، وجماعات الاسلام السياسي والسياسوي من دعوي وجهادي وتكفيري التي تتقاسم معها النهج والعقيدة ، هو اسلام طائفي ، منغلق ، وإقصائي ، ووثني تسعى الى اقامته امريكا بكل الوسائل والسبل . وقد كلفت قطر المارقة ، وتركيا السجلوقية العثمانية ،والسعودية الوهابية للترويج لهذا الاتجاه ، ودعمه اعلاميا وماديا حيث السيولة السعودية من الدولار لبث الفتنة الحالية والقادمة بالمنطقة العربية . انه باختصار اسلام المحور ( السني ) المنغلق والرجعي ضد المحور ( الشيعي ) الذي يدين بفاشية المرشد الفقيه ، حيث اوهموا الاعراب بحتمية مواجهته ، بدل مواجهة اسرائيل المزهوة بهذه الانتكاسات التي اصابت في الصميم دول المواجهة مع العدو الصهيوني . انهم بحق اعراب انجاس ، ومتعصبون ، وجهلة ، وخونة تلعب بهم امريكا ، وتقودهم الى الجحيم . وصدق من قال : " ان الاعراب اشد كفرا ونفاقا " . هكذا إذن تحولت سوريا العروبة ، والمقاومة ، والممانعة الى مغناطيس يجدب جهاديي الناتو من كل اصقاع الارض . ومنذ الازمة ، بدأت الهجرة الى القبلة الجديدة ، " ارض الجهاد " ، لان هذه في منظورهم ستشهد تحقق الوعد الالهي ، اي بناء الدولة الاسلامية . إذن أن يعتقد هؤلاء المجرمون ، أنهم المقصودون في القرآن بألئك " الظاهرين على الحق الذين يقاتلون في اكناف بيت المقدس " ، ويستندون في ذلك الى احاديث شريفة قدسية ، وذات دلالة غيبية اسطورية طوطمية ، ومشكوك في صحتها ، ليخلصوا الى انهم يخوضون معركة فاصلة في بلاد الشام سورية الجميلة ، تسبق تحقيق الوعد الالهي القائل بإقامة دولة الاسلام . ووفق ذاك ، يؤمن هؤلاء المجرمون المتطفلون على الدين ، بأنهم منصورون ، و ان النظام في سورية ساقط لا محالة . فالى هذه الدرجة بلغ المكر والخبث والخديعة واللعب بالدين في سوق النخاسة السياسية والدينية . لقد نجح الغرب الصهيو – امريكي ، بفضل عمالة ، وخيانة ، ونذالة العربان ، وفقهاءهم المنافقين في ضرب اللحمة القومية العربية والسلامية ، الامر الذي مكنه بسهولة ويسر من استنساخ اسرائيل جديدة في جنوب السودان ، وكردستان العراق ، وقطر المارقة ، والبحرين ، والسعودية ، ومصر ، والأردن ، والضفة الغربية ، وليبيا ، وتونس . لكنه لم يقنع ، بل يحاول اليوم جاهدا استنساخها في سورية ولبنان والعراق واليمن ، وليتفرغوا بعد ذلك لعزل ايران وضربها ، لان ايران هي بلد الحضارة الفارسية ، والعلم ، والتكنولوجيا ، والفضاء ، والاكتفاء الذاتي من الاسلحة ، والعلوم النووية ... الخ ، وهذا بغض النظر عن اشكالية المذهب الاسلامي العبثية ( المرشد الفاشي هو الكل في الكل رغم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية ) . كل هذا الوقت الذي لا زالت مصر ( السنية ) التي يقطنها ازيد من 80 مليون تستورد فوانيس رمضان من الخارج . فهنيئا للعربان بالإمبراطورية الصهيو – وهابية الاخونجية التكفيرية من داعيشية ونصرة قادمة . اما نحن بالمغرب فسننتظر ان يبعث الله فينا رجلا من مستوى عبدالرحمان الكواكبي ، ليذكرنا من جديد بان سبب تخلفنا وانهزامنا ، هو في طبيعة حكامنا الفاسدين المستبدين ، وان الخلافة تبقى وهما طوباويا لا يمثل الحل الامثل لمعضلة جهلنا . وفقرنا ، ومرضنا ، وتخلفنا ، وان الحل يكمن في الوصفة السحرية التي تُكرهها العربان . انها " إقرأ " . في خضم صراع مصر والسعودية وقطر من جهة ، وتركيا من جهة اخرى حول من له حق زعامة المحور ( السني ) الظلامي الرجعي في العالم العربي والإسلامي ، لا بد ان نستذكر ما قاله السجلوقي الحربائي العثماني اردوغان غير الطيب ، وفي ما يبدو بأنه نوع من التذكير والبوح العلني عمّا يختلج في الصدور ، وما تضمره نفسيته المريضة " سورية محافظة تابعة لتركية . فنحن السلاجقة ابناء الدولة العليّة " في اشارة منه الى الباب العالي ايام الخلافة التركية العثمانية الفاشية والاستبدادية . وفيما يبدو كذلك ، أنها رؤية جيو – ستراتيجية مخطط لها ، ومتفق عليها مع الامريكي اليانكي لتقسيم المنطقة الى طوائف ، وأعراق ، واثنيات في اطار دويلات صغيرة وضعيفة ، لتكون تركيا وإسرائيل ، هما الدولتان المتحكمتان في المنطقة . وفيما ترى السعودية الوهابية ، أنها بشراء ولاء الاخوان في مصر ( مرسي ) وسورية ( البيوني ) والأردن وليبيا وتونس والمغرب ، يكون بإمكانها قيادة المحور ( السني ) الإبْليسي الشيطاني لخوض الحرب المقدسة ضد المحور الشيعي الايراني حتى القضاء عليه . ولهذا عرضت السعودية على اخوان مصر لما كانوا في الحكم مبلغ 10 مليار دولار ، مقابل مبايعة خائن الحرمين آل سعود ، خليفة للمسلمين ( السنة ) ، وهو ما قام به محمد مرسي ذليلا عندما زار السعودية بوفد رسمي رفيع المستوى ، حيث بايع ابو متعب على ما يريد لسحب البساط من تحت اقدام تركيا العصملية . ولكم ان تتصوروا رجل امي جاهل ، وسكير فاسق ، وعميل خائن ، ووهابي تكفيري ، يقود محور اسلامي (سني ) تعتبره امريكا معتدلا ، وقادر على بسط نفوذه الديني والسياسي لضمان امن اسرائيل ، وتأمين مصالح امريكا . ان كل من ساهم في تدمير العراق ، وسورية ، واليمن ، وليبيا ، وقسّم السودان ، وعينه على لبنان ، ومصر ، والجزائر هو عميل صهيو – امريكي وخائن لشعبه وأمته .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا
...
-
لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من
...
-
مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي
...
-
شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث
...
-
الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج
...
-
المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
-
تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
-
فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
-
محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي
...
-
فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر
...
-
الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع
...
-
تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
-
بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
-
المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
-
من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
-
إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
-
تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
-
محاكمة البيضاء
-
اسباب التطرف ودواعيه
-
تحليل للنظام السياسي المغربي
المزيد.....
-
ماذا نعلم للآن عن محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا؟
-
بوتين وشي يوقعان بيانا بشأن تعميق الشراكة الشاملة والتعاون ا
...
-
باكستان تعلن نجاح تجربة إطلاق صواريخ -فتح-2- بعيدة المدى (في
...
-
كلب بودل أنيق يفوز بجائزة معرض وستمنستر للكلاب
-
غارة إسرائيلية تدمر مبنى سكنيا في مخيم جباليا شمال غزة
-
حياة رئيس الوزراء السلوفاكي بعد الجراحة لا تزال في خطر
-
طرق بسيطة تساعد على النوم
-
شويغو يكشف عن مهمته الأساسية في منصبه الجديد
-
أبو الغيط يحذر من -عمل أحمق- قد تقدم عليه إسرائيل
-
بوتين وشي يوقعان بيانا بشأن تعميق الشراكة الشاملة والتعاون ا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|