أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب















المزيد.....


تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 22:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مرور اربعين سنة على نزاع الصحراء الغربية بين المغرب وبين جبهة البوليساريو المدعومة من قبل الجزائر ، تعود اجواء التوتر من جديد الى سابق عهدها بتهديد البوليساريو بالعودة الى الكفاح المسلح الذي توقف بناء على اتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين طرفي النزاع وتحت الاشراف الفعلي للأمم المتحدة في سنة 1991 . ان ابرام وقف اطلاق النار الذي وقعه المخزن ، ليس له من تفسير غير ان النظام المخزني يعترف بالجمهورية الصحراوية ، كما يعترف بالجبهة كممثل وحيد و اوحد للشعب الصحراوي . ولو لم يكن المخزن يعترف بالجمهورية ما كان للملك الراحل ان يبرق للامين العام للأمم المتحدة يناشده بالإسراع بوقف اطلاق النار ، والشروع في تنظيم مسطرة الاستفتاء ، وتحت اشراف الامم المتحدة ، كما كان منتظرا في افق 1992 ، وعلى ابعد تقدير لم يكن ليتجاوز 1993 من التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار ، وكما تنصص على ذلك كل قرارات مجلس الامن من القرار 1514 الى القرار 2218 الصادر في 30 ابريل 2015 . كما ان المخزن لو لم يكن يعترف بالجبهة كممثل لجزء مهم من الصحراويين ، ما كان ليجلس معها مباشرة في الولايات المتحدة الامريكية وبسويسرا ، للتباحث حول تنظيم الاستفتاء الذي اعترف به النظام منذ ستينات القرن الماضي ، والى حين اكتشافه على حين غرة لحل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
لقد مر على ابرام وقف اطلاق النار اربعة وعشرين سنة خلت ، كما مر على نزاع الصحراء اربعون سنة ، ولا يزال المشكل يراوح مكانته الاولى قبل 1974 . ان هذا الوضع الجامد ، ودون بلورة قرارات اممية صارمة تصدر تحت البند السابع من الميثاق ، جعل البوليساريو تشعر بنوع من الاحباط ، وربما الخيانة من قبل الامم المتحدة في التعاطي الجدي مع النزاع المفترض ، وهو ما جعل الامين العام للجبهة محمد عبدالعزيز وقيادات مختلفة ، يخرجون عن صمتهم ، ويلوحون ، بل يهددون بالرجوع الى الحرب لتحرير ما يسمونه اراضي صحراوية تخضع للاحتلال المغربي . ومما زاد من درجة احتقانهم الداخلي حول اسلوب المرحلة الحالية والمستقبلية ، وزاد من غليان دمهم ، ان الامم المتحدة رغم انها تعتبر الاراضي التي يسيطر عليها المغرب تخضع لنظام تصفية الاستعمار التي ترعاها الامم المتحدة ، إلاّ انها بقيت عاجزة عن تصريف قراراتها على ارض الواقع ، الامر الذي يتطلب من الجبهة التحرك في اتجاه التصعيد الذي وحده سيضغط على مجلس الامن للتسريع بإيجاد حل طبقا للمشروعية الدولية التي تعكسها جميع قرارات مجلس الامن .
فهل المنطقة مقبلة على تطورات جديدة نحو المزيد من التصعيد . وهل ظروف الحرب اصبحت مهيأة بما يجعل الجميع يعود الى سبعينات وثمانينات القرن الماضي ؟ .
ان دعوة الملك الراحل للأمم المتحدة بالإشراف على وقف اطلاق النار ، والشروع في تنظيم الاستفتاء الذي اقرته اتفاقية 1991 ، كان مقلبا ذكيا للعب على ما قد يجود به الزمان من مفاجئات قد تقلب معادلة الجزائر والجبهة رأسا على عقب ، كما كانت انقادا لنظام معقد ، كان يوشك على السقوط ، ومهدد من كل الاتجاهات والدروب . وهنا يجب ألاّ ننسى الخسائر الفادحة في صفوف الجيش ، حيث آلاف الشهداء الذين سقطوا فوق تراب الصحراء ، وسقوط اكثر من اربعة آلاف عسكري اسرى حرب عند البوليساريو ، ناهيك عن الخسائر المادية في العتاد والمؤن وهلمجرا . وإذا كانت انتفاضة الدارالبيضاء في يونيو 1981 ، قد عجلت بالملك الراحل ليقبل بالاستفتاء طبقا للشروط والمسطرة الاممية في مؤتمر نيروبي سنة 1982 ، مع ورود معلومات تفيد بتحرك لبعض الضباط لقلب النظام ، وبتنسيق مع البوليساريو ( الجنرال احمد الدليمي ) ، فان انتفاضة 1990 التي هددت السلم الاجتماعي بالمفهوم المخزني ، كانت دافعا اساسيا في دفع الملك الى مطالبة الامم المتحدة ومجلس الامن بالإشراف على وقف اطلاق النار ، ومن ثم الشروع في تنظيم الاستفتاء الذي كان محتملا في غضون نهاية 1992 . هكذا سيوقع المغرب وجبهة البوليساريو اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991 ، الذي خلق معه ما يعرف ب ( المينورسو ) ، هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية . بطبيعة الحال فان المغرب من خلال الخطاب الاخير للملك محمد السادس بمناسبة مرور اربعين سنة على عودة الصحراء ، اصبح لا يعترف بالاتفاق ، ولا بنتائجه ، واضحى متحللا من كل التزاماته التي وقعها في 1991 . فهل سيصمد المغرب بمواقفه هذه في مواجهة مجلس الامن والأمم المتحدة ؟ وماذا سيكون عليه الحال إذا تمسك مجلس الامن بجميع قراراته الصادرة في حق نزاع الصحراء الغربية ؟ وإذا استمر المغرب في تصلبه ، كيف سيكون الحال إذا عالجت الامم المتحدة الرفض المغربي باللجوء الى القوانين الدولية ، ومجلس الامن ، وبدأت في فرض عقوبات تصعيدية ، للضغط على النظام قصد الاذعان للشرعية والمشروعية الدولية ؟ وهل ماما فرنسا التي هي عضو دائم العضوية بمجلس الامن ستستعمل حق الفيتو لعرقلة اي قرار اممي قد يصيب في الصميم النظام الملكي ؟
وبقدر ما كان ابرام اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991 في صالح النظام المغربي ، حيث غير مع مرور الوقت ، العديد من قواعد اللعبة والمعطيات الجامدة التي بني عليها الصراع قبل 1974 ، بقدر ما كان اتفاق وقف اطلاق النار نكسة للبوليساريو . لان الاتفاق كان خطأ استراتيجيا فادحا حكم على ميليشيات وقواعد الانفصاليين بالجمود والستاتيكو . لقد مر جيلين من الشباب الصحراوي دون ان يتشبعا بثقافة الثورة والتحرير ، والصراع الطبقي ، والعدو الاساسي ، والعدو الاستراتيجي ، وحرب التحرير ، او حرب الشعب ، او حرب العصابات .. لخ ، بل سنجد ان صقور الجبهة الانفصالية شاخوا وغرقوا في مشاريع وبرامج البومديانية ( الهواري بومدين ) والقدافية ( معمر القدافي ) التي ماتت مع سقوط جدار برلين وسقوط ما كان يعرف ب ( الاتحاد السوفيتي ) . هكذا اصبحت الاجيال الحالية تفكر في العيش في اوربة وبالولايات المتحدة الامريكية ، وأضحت كوبا وانغولا وجنوب افريقيا لا تعني شيئا عندهم .
إذن وأمام هذا الاحباط العام الذي ضرب الجبهة الانفصالية ، حيث فقدت بوصلة الاتجاه الصحيح ، وشعورها بان النزاع حول الصحراء اضحى من النزاعات المنسية التي لا تعيرها الامم المتحدة الاهتمام إلاّ مرة واحدة في كل 30 ابريل من كل سنة . نطرح السؤال : هل المنقطة مقبلة فعلا على حرب ستكون كارثة ان حصلت ، ليس على المغرب والجزائر ، بل ستكتوي بشظاياها كل دول المنطقة ؟ .
ان تهديد جبهة البوليساريو بالرجوع الى الكفاح المسلح ، وفي هذا الظرف الذي تمر منه القضية والمنطقة وسط تصاعد الارهاب ، لا يعدو ان يكون سوى فرقعات هوائية لتسخين الطرح اعلاميا ، ولتوجيه رسائل جافة ودون قيمة فعلية لأكثر من جهة معنية بنزاع الصحراء ، خاصة عند تزامن التهديد الفرقعة مع اجتماعات للأمم المتحدة او لمجلس الامن ، او لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف ، او عند شروع المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة في تنظيم جولات استطلاع وحوار مع اطراف النزاع .
لكن إذا كان الامين العام السيد بانكيمون في رده على رسائل الامين العام لجبهة البوليساريو التي تطالب بتفعيل القرارات الاممية بخصوص الصحراء ، واضحا لتمسكه بالشرعية الدولية ، فإن هذا الردود المختلفة ، و مثل الرد الاخير الذي وجهه الى المغرب والى الجبهة بعد مرور اربعين سنة على النزاع ، لا يعني دعوة او تشجيعا من بانكيمون لإطراف النزاع بالعودة الى لغة الحرب ، التي تبقى الى الآن بعيدة الحصول بسبب عوامل سنمر عليها لاحقا ، بل ان رسائل بانكيمون هي فقط ، تذكير الاطراف بضرورة الدخول في مفاوضات مباشرة لتجنيب الحرب ، وحفاظا على السلم العالمي بهذه المنطقة المهددة بالإرهاب الاسلاموي .
ان الحرب وان حصلت ، فهي لا ولن تكون قرارا بإرادة الجبهة ، بل ستكون بإرادة الجزائر التي انشأت الجبهة في ظروف كانت تطبعها الحرب الباردة . ومما يؤكد ان قضية الصحراء هي بين الجزائر وبين المغرب ، استدعاء / وأركز على كلمة ( استدعاء ) / الرئيس الجزائري المريض عبدالعزيز بوتفليقة ، لزعيم الجبهة الانفصالية محمد عبدالعزيز ، وإعطاءه الاوامر الصارمة في ما يخص الموقف الذي يجب على البوليساريو التمسك به خلال الجولة التي يزعم ممثل الامن العام السيد كريستوف رووس القيام بها للمنطقة . فإذا كان نزاع الصحراء ، كما تدعي الجزائر ، هو نزاع بين المغرب وبين البوليساريو ، فما علاقة استدعاء قصر المرادية للانفصالي عبد العزيز قبيل جولة رووس بالمنطقة ؟ . ان هذا الاستدعاء ، الاهانة ، للحضور امام رئيس الجزائر، هو دليل اكيد ، وحجة ساطعة ، على ان الجزائر هي رأس الحربة في هذا النزاع المفتعل الذي عمر اربعين سنة خلت . الم يسبق لعبدالعزيز بوتفليقة ان طالب من الامين العام السابق السيد جميس بيكير بتقسيم الصحراء بين الرباط وبين الجزائر العاصمة كحل للنزاع ؟ . ان هذه هي الحقيقة الساطعة لصراع عمر لأكثر من اربعين سنة ، وربما سيستمر مستمرا لأربعين سنة قادمة ، مما يجعل الفهم الجدلي لطبيعة الصراع ، يجعل اي هجوم او عودة للكفاح المسلح قرارا جزائريا صرفا ، مما سيطرح على المغرب معادلة جديدة عند خوض الصراع او الحرب ، اقلها تطبيق الفصل 51 من ميثاق الامم المتحدة الذي يعطي للمغرب حق مطاردة المهاجمين الى قواعد انطلاقتهم بتندوف . فهل سيعمد المغرب الى مطاردة الانفصاليين الى عقر تواجدهم حيث ستصبح المواجهة بين دولتين جارتين ، ام ان المخزن سيحتفظ بالتكتيك التقليدي بالتمترس وراء الجدار ، وخوض حرب دفاعية كما كان الحال في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ؟
ان تلويح جبهة البولساريو بالعودة الى لغة الحرب ، تبقى للإثارة من اجل دفع المهتمين بالقضية الصحراوية من مجلس للأمن وأمم متحدة ، الى التحرك بما يضمن تطبيق القرارات الاممية بشأن النزاع المفتعل . اما الرجوع الفعلي الى الحرب ، فهو مرتبط اشط الارتباط بالمتغيرات التي تحكم اي تحرك سياسي بالمنطقة ، ومرتبط بأجندات الامم المتحدة التي لا تنظر للصراع بين المغرب والجزائر إلاّ كتكملة للمشروع الذي يتم تطبيقه بالشرق ، اي تفتيت الدولة القومية الى دويلات قومية اخرى متعارضة . لذا فما دامت الامم المتحدة لم تتنصل من دورها في معالجة اصل الصراع ، فان الدخول في حرب محلية يبقى من المستحيلات .
إذا كان نزاع الصحراء الغربية قد عمر لأكثر من اربعين سنة خلت ، فان التحركات الاممية جعلت منه يخضع لقانون تنازل العد العكسي الذي لن يتجاوز 30 ابريل 2017 . وقبل هذا التاريخ فان دعوة بانكيمون لإطراف ، النزاع بالدخول في مفاوضات مباشرة في الشهور القادمة ، اي قبل 30 ابريل 2016 ، ليس لها من تفسير غير انتظار القرار المقبل لمجلس الامن ضد مغربية الصحراء ، وربما هذه المرة ، سيكون محددا ، وواضحا ، وملزما بحث اطراف النزاع على الخضوع لمسطرة الاستفتاء التي سترعاها الامم المتحدة ، اي ان القرار المقبل لن يتضمن الصيغة المعروفة " قرار سياسي مقبول يؤدي الى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية " ، بل سيكون القرار وحسب اللغة التهديدية لبانكيمون " الدخول في مفاوضات لتنظيم الاستفتاء وتقرير المصير للشعب الصحراوي " . ان الخطة التي يعمل عليها مبعوث الامين العام السيد كريستوف رووس هي الاستفتاء كحل واحد و اوحد . اما الحكم الذاتي المقترح من قبل المغرب ، فتطبيقه يبقى معلقا على قبوله من طرف المعنيين به وهم جماعة البوليساريو الانفصالية .
إذا كانت الفترة الفاصلة بين 30 ابريل 2016 و 30 ابريل 2017 مصيرية ومفصلية لقضية الصحراء ، فان سنة 2018 ستكون بامتياز ، سنة الشعب المغربي للنزول الى الشارع للمطالبة بالدولة الديمقراطية ، ووضع حد لنظام المخزن المعادي للديمقراطية . وهنا فان دور الجزائر في التفاعل القادم بالمنطقة خاصة بالنسبة لقضية الصحراء ، سيتبلور بعد ذهاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المريض . لذا فان مستقبل المنطقة سيتحدد من خلال نوع الرئيس الذي سيخلف بوتفليقة : هل ينتمي الى جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، ام ينتمي الى صقور الجيش ؟ . فإذا كان الرئيس المقبل ينتمي الى الجبهة ، فالمؤشرات تفيد باستمرار نفس الوضع كما السابق ، اي استعمال وتوظيف القضية الصحراوية في معاكسة المغرب من جهة ، وفي الاسترزاق بالقضية من جهة اخرى ، والحرب هنا قليلة الاحتمال ، لان الجميع مكبل باتفاق وقف اطلاق النار الموقع سنة 1991 . وهو الاتفاق الذي لا يزال ساري المفعول ، طالما ان مجلس الامن من خلال المينورسو يحرص على الزام اطراف النزاع باحترام بنود الاتفاق . وهنا فان اي عودة الى حمل السلاح ستخضع لأجندات الامم المتحدة ومجلس الامن ، فيما إذا اسقطا من جدول اعمالهما الصراع المغربي الجزائري ، ففي مثل هذا الوضع يكون مجلس الامن بمن يمهد لعودة النزاع المسلح قصد تحريك اوراق المفاوضات وبما ينتهي به الامر الى تطبيق قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة .
لكن اذا كان انتماء الرئيس المقبل في الجزائر ينتمي الى المؤسسة العسكرية ، وخاصة إذا كان من الصقور ، فان درجة احتمال العودة الى الحرب تكون قوية ، ويكون السند القانوني الذي سيركز عليه العسكريون الجزائريون هو انتفاضة الشعب الصحراوي لتطبيق القرارات الاممية التي عجزت الامم المتحدة نفسها عن تطبيقها ، اي تطبيق قراراتها التي اصدرتها.

ما هي الاستراتيجية الدفاعية التي يمكن للمغرب أن ينهجها في حال تعرضه لهجوم مباغت من طرف شرذمة الانفصاليين؟ هل سيدخل الجيش المغربي في حرب مفتوحة مع الجيش الجزائري ،لان العدوان الغاشم جاء من الأراضي الجزائرية ، والمغرب من حقه ممارسة تعقب فلول المرتزقة إلى أماكن انطلاقهم ، أي اجتياز الجيش المغربي للحدود الدولية مع الجزائر كما ينصص على ذلك الفصل 51 من ميثاق الامم المتحدة ؟ . هل سيكتفي الجيش المغربي بالتمترس داخل الحدود الوطنية ، مع الاحتفاظ بحق الدفاع كما كان عليه الحال خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، أي تلقي الضربات والرد عليها دون المجازفة بالدخول الى التراب الجزائري ، بسبب النتائج الخطيرة التي ستترتب عن مواجهة مفتوحة مع الجيش الجزائري ؟ . هل سيغير المغرب استراتيجيته الدفاعية هذه المرة ، حيث سيلجأ بدوره الى ممارسة حرب الكوماندو ، او حرب العصابات التي تقوم بها مجموعات شبه عسكرية محدودة العدد والعدة ، وهي الاستراتيجية العسكرية التي كانت تقوم بها البوليساريو في هجماتها على المغرب ، أي اضرب واهرب مع إمكانية إلحاق اكبر قدر من الخسارة في صفوف العدو مع اسر مجموعة مهمة من جنوده ؟ أم أن استراتيجية المغرب لمواجهة التهديدات التي مافتئت قيادة المرتزقة وعرابهم عسكر الجزائر يلوحون بها ضد المغرب ، سيفرضها التحولات الجيو- سياسية و الجيو – عسكرية التي ستفرض نفسها في ساحة المعركة من حيث قوة الهجوم ، العتاد المستعمل في الهجوم ، طول مدة الهجوم ، وطول المدة التي سيستغرقها النزاع بالمنطقة ، والأطراف الدولية المؤيدة للأعداء في الساحة الدولية . إذن السؤال المرحلي بالنسبة للمغرب هو ما سبق لفلادمير لينين ان طرحه في سنة 1902 ما العمل ؟

اعتقد انه للإجابة عن ( ما العمل ؟ ) لا بد من بحث العلاقة بين حرب الكوماندو او حرب العصابات ، وبين الحرب النظامية التي تقودها الجيوش المركزية ، لإظهار مزايا وفوائد كل من الأسلوبين في مواجهة العدو التاريخي للمغرب ، الذي هو الجزائر وليس البوليساريو الأداة العميلة للجيش الجزائري .
إذن ما هي العلاقة بين حرب العصابات التي تعتمد عليها البوليساريو، وبين الحرب النظامية التي تدخلها الجيوش النظامية ؟. تقوم العلاقة بين الاثنين عندما تكون تركبة الجيش النظامي وطنية ( حال المغرب ) ، اذ يصبح عندها الواحد متمما للآخر . ولكن هذا لا يعني انعدام الفوارق بين قوات العصابات ( الكوماندوهات ) ، وقوات الجيش النظامي التقليدي . إذن السؤال ما هي هذه الفروق ؟.
الفرق الأول هو فرق في التكوين . تتكون قوات العصابات او الكمندوهات من متطوعين يؤمنون بحقهم التاريخي في قضية ، فجاءوا الى القواعد والتزموا بالقتال ، لان أفرادها آمنوا بقضية عادلة يناضل جميع المغاربة من اجلها ( قضية الصحراء المغربية ) . أما الجيش النظامي فينشا عن طريق الاحتراف ، والتجنيد ، والتوظيف ، ويخضع لتراتبية صارمة غير موجودة في قوات العصابات ( حال الجيش النظامي المغربي ) .

- - الفرق الثاني ، فرق في التشكيل . فقوات العصابات تتشكل من وحدات صغيرة ، تكبر نسبيا بحسب التطورات و بحسب الحاجة الضرورية ، ومن ثم فإنها تملك حرية اكبر في التحرك والحركة وطرق المراوغة . وكيف ما كان الحال فإنها تظل اصغر من وحدات الجيش النظامية التي قد تتجاوز الآلاف وتتوفر على أسلحة ثقيلة وطائرات ومروحيات وبوارج حربية .

- - الفرق الثالث ، هو فرق في النظام . فقوات العصابات تخضع لخط استراتيجي سياسي وعسكري واحد ، ولكنها لا تخضع لنظام موحد اكبر في التدريب والتسليح والحياة اليومية ، بينما تخضع القوات النظامية لمركزية حديدية تبدأ من القضايا الأساسية وتنتهي بالقضايا الثانوية . أي لا يغيب عنها أي شيء .
- -أما الفرق الرابع ، فهو فرق في العلاقات الداخلية . فقوات العصابات تشدها الى بعضها بعض العلاقات القبائلية والعرقية والمذهبية والقضايا الاستراتيجية ( الصحراءالمغربية )، بينما تخضع هذه العلاقات لذا القوات النظامية التقليدية لمفهوم تسلسل الرتب العسكرية لا غير ، أي الانضباط العسكري .
- - والفرق الخامس ، هو فرق في التسلح او التسليح . فقوات الكوماندوهات هي قوات مشاة بالأساس ، وبرنامج تسليحها يخلو من التعقيدات التي تعاني منها قوات الجيوش النظامية التقليدية خاصة في البلاد العربية

- - الفرق السادس الذي هو من أهم الفروق الأخرى يتعلق بالتكتيك العسكري . ان الجيش النظامي يقوم بحملات واسعة ، وينظم حملات كبرى على مستوى الجيوش والفيالق والفرق والألوية ، كما يستخدم العتاد العسكري الثقيل ( مدفع ، طائرات ، بوارج ، مزنجرات ، دبابات .. ) ، بينما تقوم حرب الكوماندو على مستوى المجموعات الصغيرة ، وتستخدم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة . ومن حيث التكتيك أيضا ان الجيش النظامي لا يستخدم أسلوب اضرب واهرب مثلا . لكن حرب الكوماندوهات تستخدم هذا الأسلوب .
- إذن الفرق الآن واضح بين حرب العصابات وبين الحرب النظامية للجيوش التقليدية . ان التعامل مع كل أسلوب من الأسلوبين تفرضه المستجدات والتطورات التي تفرض نفسها في آخر لحظة لم تكن منتظرة عند قادة الجيش والقيادة السياسية المسئولة عن الجيش . ومن خلال هذه المقارنة البسيطة يمكن ان نعدد أهم خصائص حرب العصابات وأهميتها في التحكم في مجريات الصراع والتحكم في مختلف مكانزماته التقنية واللوجيستسكية والسياسية

- ان أولى سمات حرب الكوماندو هي أن الإنسان هو العنصر الأساسي فيها ، لا السلاح ولا العدد ولا التكتيك ولا التكنولوجية هي الأساس ، إنما الإنسان صانع المقدرات والمعجزات .
- السمة الثانية هي ان هذه الحرب تكون طويلة ، وطالما ان العدو يتحرش ببلادنا . وهنا يجب تحديد من هو العدو ؟ ما هي مقدراته ؟ من هي أطراف المجتمع الدولي التي تؤازره في عدوانه ؟ وهذا عمل يبقى من اختصاص المخابرات الوطنية العاملة في بلاد العدو ( الجزائر ) ، وبالخارج ( الادارة العامة للدراسات والمستندات المعروفة باسم لا دجيد ) .

- السمة الثالثة هي ان حرب الكوماندو حرب شاملة ، بمعنى أنها تشمل كل مجالات الحياة ( إعلام لمواجهة إعلام العدو ، ثقافة لترسيخ عقائدية القضية الوطنية التي تصبح من المقدسات التي لا يمكن التنازل عنها ...الخ ) ، وعندما نقول ان الحرب يجب ان تكون شاملة ، فان هذا يعني أنها يجب ان تكون مدمرة وموجعة للنيل من العدو اكبر قدر ممكن وفي عقر داره وقواعد انطلاقه .
- -- في عهد الحسن الثاني ، سبق ان تم توزيع الأسلحة على المواطنين الصحراويين من جهة ليدافعوا عن نفسهم من الهجمات التي كانت تقوم بها البوليساريو ، ومن جهة لا شعارهم بان مسؤولية الدفاع عن الوطن ليست فقط من اختصاص الجيش، بل انها مهمة تخص بالدرجة الأولى المواطنين الصحراويين والمغاربة تلبية لواجب التضامن الوطني الذي يفرضه القانون وتفرضه التقاليد في الدفاع عن الوطن ، وهو ما يعني ان على المغرب ألا يعتمد فقط على القوات المسلحة الملكية الذي يبقى دورها أساسيا في المعركة ،بل يجب تكوين فرق كوماندو متطورة ، سواء من داخل الجيش ، مع ضرورة انتسابهم ، ولو من اجل التمويه الى القبائل الصحراوية المرابطة طول الحدود ، حتى يمكن القول ان المغاربة المرتبطون بمغربية الصحراء ، يخوضون حرب الدفاع عن الوطن في مواجهة المغاربة الانفصاليين المضلل به ( البوليساريو) . كما يمكن تكوين مثل هكذا وحدات من قبل الصحراويين والمغاربة المنتسبين الى الأقاليم الصحراوية من اجل إعطاء المعركة زحما شعبيا ، نظرا لما لهذه الكلمة من مدلول دقيق في الوجدان المغربي وفي التاريخ المغربي ، ومن جهة أخرى للرد على عصابات البوليساريو بنفس الطريقة التي هاجموا بها المغرب ، أي خوض حرب العصابات او حرب الكوماندو الذي قد يصل عددهم الى مائة نفر.

-- ان هذه الحرب ، ستجنب الاحتكاك المباشر للجيش المغربي مع الجيش الجزائري في ما إذا طبق المغرب حقه في ملاحقة فلول المرتزقة ، أي اجتياز الحدود الدولية ، حيث التداعيات ستكون خطيرة على كلا البلدين ، لأنها ستؤثر على الوضع الاجتماعي للمواطنين في كلا البلدين (الحرب تعني الزيادة في الميزانية لمواجهة الظروف الطارئة ، ارتفاع في الضرائب ، زيادة الغلاء وارتفاع الأسعار ..) ، ومن جهة للحفاظ على وحدة الشعب المغربي ، خاصة المواطنين المغاربة في الصحراء ، وإشراك الجميع ، ليس فقط في الدفاع عن الوطن ، بل لإلحاق الأذى بالعدو في مراكز تواجده ( تسجيل خسائر جسيمة في صفوفه ، اسر اكبر عدد ممكن من المرتزقة لاستخدامهم ورقة ضغط رابحة في المفاوضات القادمة ) . وهنا و من اجل عدالة القضية ، يجب ان يشارك الجميع في الدفاع عن الصحراء ،أي لا بد ان تتجه قبيلة آل الفاسي التي تسيطر على الاقتصاد والتجارة والابناك والمؤسسات العمومية الكبرى وتسيطر مع أبناءها على المناصب الكبرى في الدولة التي يتوارثونها ابا عن جد ، الى ساحة المعركة لتسيل دماءهم كذلك بالصحراء ، ويسجنون بدورهم لمدد معينة عند البوليساريو . أما أن تقتصر التضحية استشهادا او سجنا على البربر والعروبيين وأبناء الشعب الفقير والمهمش ، فهذا ما لا يقبله عقل سليم ،لان الأمور أضحت واضحة ، وحبل الكذب لم يعد فقط قصيرا ، بل تقطع بالوعي الذي أصبح عليه الشعب المغربي .

- العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم . وان عدتم عدنا ولكل مقام مقال .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
- المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
- من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
- إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
- تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
- محاكمة البيضاء
- اسباب التطرف ودواعيه
- تحليل للنظام السياسي المغربي
- أي صراع نخوض ؟
- حملة تضامن دولية مع الصحفي المغربي علي لمرابط المضرب عن الطع ...
- رسالة مفتوحة الى : - جيش التحرير العربي الصحراوي -
- نشوء الطبقات الاجتماعية
- رسالة الى - الشعب الصحراوي - - الشعب العربي في الصحراء - - ا ...
- العبت
- طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي
- هل لا يزال هناك امل بالوحدة العربية ؟
- الثورة
- شروط التغيير
- على هامش - الاستحقاقات الجماعية - القادمة : المجالس - المنتخ ...
- السيد محمد عبدالعزيز رئيس - الجمهورية العربية الصحراوية الدي ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب