أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن















المزيد.....


تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5027 - 2015 / 12 / 28 - 17:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحليل: في استحالة ثورة شعب مخزني أكثر من المخزن!



منذ نداء ماركس الشهير “يا عمال العالم اتحدوا”، وإلى الآن، فإن عمال العالم، ورغم الأزمة والأزمات المتنوعة، لم يتحدوا. بل ظلوا مشتتين متفرقين، بين النقابات والأحزاب التي توظفهم بما يقف حاجزا أمام الوحدة العمالية، وبما يعطي للنقابات والأحزاب، سلطات السيطرة وبسط اليد على القطاع العمالي، وحقل العمل الذي أضحى يخضع لاعتبارات تؤبد العبودية والاستغلال من جهة، ومن جهة خدمة مصالح البورصيين ضمن خدمة مصالح الكمبرادور.
إن نداء كارل ماركس الشهير الذي كان زفرة في إبّانها ضد الرأسمال، فشل في تحقيق الوحدة العمالية الأوربية بسبب اندماج هذه الأخيرة في منظومة الانتاج الرأسمالي. إن الوحدة العمالية التي تحدث عنها ماركس اختُزلت مرة في احزاب شيوعية أوروبية سرعان ما تم اتهامها بالستالينية خاصة الحزب الشيوعي في عهد أمينه العام جورج مارشي، كما اختُزلت في تنظيمات سياسية يسارية على يسار تلك الأحزاب، اتخذت تسمية اليسار الجديد. لكن لا هذه (الآروشيوعية) ولا تلك (اليسار الماركسي اللينيني والماوي) نجحت في تحقيق الوحدة العمالية التي بقت متداولة كخطابات فقط بين المثقفين الثوريين، وعلى مستوى الخطاب السياسي والإيديولوجي. فكان أن تم اختزال تلك التجربة ، وذاك النداء في نخبة ثورية مثقفة لا علاقة لها بالعمال من حيث مستوى العيش والتكوين ومعاويل الاشتغال.
لكن المفاجأة التي لم يكن لا كارل ماركس ولا رفيقه فريديريك انجلز يدركانها، أن الثورة العمالية التي بشّرا بها لم تحصل في أوروبا الصناعية، حيث المعامل والمصانع، وقوة العمل والعمال، بل في بروسيا الفلاحية، والصين التي اعتمدت على الفلاحين في تحقيق ثورة 1949، وبعدها في اعادة التصحيح السياسي والإيديولوجي، باسم الثورة الثقافية التي حصدت الآلاف من الضحايا، باسم التغيير، وباسم الثورية.
فهل في هذا الصدد الطبقة الفلاحية أكثر ثورية من الطبقة العاملة؟ وهل المجتمع الشرقي مُعدّ أكثر للثورة العمالية الفلاحية بدل أوروبا التي فقدت فيها الطبقة العاملة حسها الثوري، واندمجت بدون تأخير في منظومة الانتاج الاستهلاكي الرأسمالي؟
إن هذا التناقض والعجز المُسطر في تحقيق الوحدة العمالية، ونجاح الثورة في روسيا والصين الفلاحيتين، وليس في أوروبا الصناعة، دفع بالعديد من المهتمين الماركسيين والاشتراكيين العرب المشتغلين بالشأن العام، إلى إعادة قراءة النصوص الماركسية، بما يعطي تفسيرا مغايرا للواقع، عمّا ساد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث بدأت تحليلات حديثة تستوعب الفشل الذي سقطت فيه المجموعة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتيي السابق، كما بدأت مراجعات عديدة بخصوص انتقال الصين الماوية، من دولة شيوعية خالصة، الى دولة امبريالية تتسابق في غزو العالم اقتصاديا وماليا، فأصبحت تشكل امبريالية منافسة للامبريالية الغربية خاصة الامريكية منها.
الجماعة عوض الطبقة في المغرب
هكذا وبخلاف التفسير الماركسي للصراع الطبقي، سنجد أنفسنا في مغربنا أمام ظاهرة لا علاقة لها بالصراع الطبقي بالمفهوم الماركسي التقليدي الذي فشل فشلا ذريعا، وهي استبدال التعريف الماركسي للصراع، ونشوء مختلف الطبقات المتصارعة بتنوع الأدوار والوظائف الاجتماعية داخل المجتمع، وبالتالي، تعدد الجماعات وليس الطبقات المرافقة لذلك التنوع المجتمعي.
إن هذه الظاهرة، التي عوضت الطبقة بالجماعة، لا شك تبدو شبيهة بما حصل في مجتمعات سبقتنا في سياق التطور الاجتماعي مثل فرنسا وكل الدول الاوربية التي خرجت قواها السياسية، باسم الخصوصية عن المظلة السوفياتية.
نرى إنه على الرغم من أن العديد من الكتابات التي نشرتها 23 مارس وفلولها المختلفة بعد التشتيت، كما عالجتها المجموعات الماركسية التي تميزت كخط، أو خطوط منذ 1979، وإلى حين الحصول على وصل الترخيص لحزب النهج الديمقراطي، قد جزمت بصورة فاصلة عند الكتابة في المراجعات الايديولوجية والتنظيمية، بل سنجد ومع مرور الوقت وإلقاء الواقع بظلال قاتمة على المشهد السياسي والاجتماعي، استمرار الغموض وعدم الوضوح، إلى أننا ربما لا نزال في حيرة من هذه الظاهرة التي عوضت الطبقة بالجماعة الوظيفية. ونعتقد أن العوامل الايديولوجية بفعل التأثر بالتطورات المتسرعة والمتلاحقة تُلام على بعض ما حصل.
إن ظاهرة تنوع الجماعات الوظيفية الحديثة، قد بدأت بصورة ملحوظة في البلدان المغاربية والعربية المنتشرة حول حوض البحر الابيض المتوسط بعد العقد الثاني من القرن التاسع عشر والقرن العشرين، على إثر انتشار التجارة الدولية، وما أحدثته من انفعالات خطيرة على تلك المجتمعات، ومن أهم تلك الآثار، تنشيط التجارة الداخلية إلى درجة يمكن القول معها أن نقول بنشوء السوق الداخلية بشكل صريح لأول مرة في المجتمعات العربية الحديثة.
الإنشطار الطبقي في البلدان العربية
ولهذه الظاهرة آثار متعددة، ونود أن نشير هنا بعجالة إلى اثنين منها ذوي علاقة بالنسبة الى تاريخ الدولة الوطنية والقومية: اولا ، حصل على اثر ظهور السوق الداخلية النشيطة اشتداد في الترابط الاقتصادي والسياسي على صعيد الدولة الوطنية والقطرية، مثلا تونس ، مصر المغرب سورية.. إلخ، مما ساعد على ترسيخ قواعد الدولة القطرية الوطنية.
وقد تلا ذلك عامل آخر كان له الأثر ذاته، وهو إضعاف التجارة المتبادلة بين الأقطار العربية والمغاربية مع بعضها البعض، وبدء الظاهرة التي قد بلغت اليوم حد التفاقم، ألا وهي التجارة بين كل قطر عربي وحده والعالم الخارجي، بخاصة البلدان الاوربية، بسبب قوة الاقتصاد الاوربي التي دفعت في هذا الاتجاه، وقد زاده قوة النفوذ السياسي والاستعماري الاوربي الجديد للدول العربية.
الأثر الآخر لهذه المسألة، هو ان الاقتصاد التجاري هذا ، سبب أخطر انشطار اجتماعي طبقي واجتماعي في المجتمعات العربية. فقد أُحدثت مؤسسة المِلكية الخاصة للأراضي الزراعية، وحُوّلت البادية الى طبقتين أساسيتين: مُلاك الاراضي والفلاحين.
وهنا يجب التذكير، بأنه فيما سبق ظاهرة الملكية الخاصة، كانت العلاقة قائمة بين الدولة (الملتزم) والفلاحين.
إن طبقة المُلاك الزراعيين الكبار اذا حديثة العهد، وما نعتها بالإقطاعية إلاّ من باب الذم. أما تاريخيا، فلا بد من إثبات الوقائع على ما هي عليه، والإشارة الى ان التطورات تلك ، احدثت شبه ثورة اقتصادية واجتماعية ذات أثر كبير على أوضاعنا المعاصرة.
ثانيا ، نلاحظ ان التطورات الاقتصادية تلك، بعثت ايضا الى الوجود بفئة وظيفية اقتصادية اخرى ، وهي تجار المحصول في الداخل ، كما أن تجار الخارج الذين كانوا يقتصرون على الاقليات الاجنبية المقيمة، اتّسعتْ رقعتهم بعد حين لتشمل مواطنين اصليين . وهكذا تكون قد ظهرت طبقة من الذوات ، مؤلفة اساسا من الملاك الكبار والتجار . وقد كانت اللحمة بين فئتي المُلاك والتجار قوية ومتداخلة.
ثالثا ، ضعفت فئة الحرفيين في المدن الكبرى ، وفئة التجار التقليديين الذين كانوا يعملون عبر القارات، ومقابل ذلك ظهرت في المدينة طبقية جديدة هي: موظفو الحكومة، والعاملون في الخدمات ، بخاصة في مدينة الرباط. وهؤلاء أصبحوا أجراء مداومين وأصحاب دخل نقدي. طبعا كانت هذه الظاهرة نتيجة العمل المتزايد في النقد ومركزية الدولة المستحدثة.
نرى إذن، إن التركيبة الاجتماعية تحولت بشكل جذري ، من تصنيف طبقي الى تصنيف وظيفي اجتماعي ، وهو ما يلاحظ بشكل واضح اليوم ، وإن كان المشتغلون بالفلسفة الماركسية يتجنبون هضم الحقيقة التي جعلت تنظيراتهم تصب في واد والواقع العنيد يصب في آخر.
إن هذه العجالة في التطور الطبقي، أو بعبارة أخرى التنوع الوظيفي ، وتعدد الجماعات الوظيفية ، حديث العهد في بلدنا، بما في ذلك فئة ملاك الاراضي والتجار. ثم إن هؤلاء الذوات في البادية والمدن، أصبحوا بالمشاركة مع فئة اخرى حديثة مؤلفة من أصحاب المهن الحرة والمثقفين، قادة الحركة القومية والوطنية ضد الاستعمار المباشر. إن تلك الفئات المستحدثة هي التي قادت حركة الاستقلال في البدء، وورثت المستعمر في النهاية. ولما كانت تلك الجماعات حديثة التكوين وضعيفة البنية، فإنها انحدرت بسرعة امام سلطة الجيش في بضع الدول، وأمام جبروت المخزن في المغرب، وأمام سلطة الجبهة كالجزائر.
تحليل طبقي أم تحليل وظيفي اجتماعي؟
من خلال هذه العجالة يُلاحظ أن تطور المجتمع العربي ومنه المغاربي، قد وُضع في سبعينات القرن الماضي في إطار التفسير الطبقي، ورغم ذلك نود الآن أن نحذر من أمر واستمرار المبالغة والتمادي في التفسير الطبقي الايديولوجي للمجتمع العربي والمغاربي، وللسياسة العربية ككل. ذلك لان اعتبار فكرة الطبقة كمدركة تصلح للتحليل النظري، ليس بالأمر مُسلم به، ويحتاج الى معالجة.
إن الإشكال النظري حول المسألة الطبقية، يبدأ من كون التنوع الوظيفي في المجتمع له علاقة ملحوظة بالاتجاهات السياسية عند الجماعات، وبالتنافس من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية. وهذا الأمر هو أحد الأسباب التي توجه أنظار الباحثين، للتعرض للجماعات الوظيفية ودراستها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يظل أمر ربط الاتجاهات السياسية والفكرية بالجماعات الوظيفية، أو كما يشاء بعض الباحثين، الطبقات، في مرحلة التكهن، ينقصه الإثبات العلمي ويثقله العبء الايديولوجي. وتصبح هذه الملاحظة في الاتجاهات الاقتصادية والسلوك الفعلي ايضا. أضف الى ذلك، أن الإرث الماركسي الكبير في هذا الشأن، قد أضفى على مفهوم الطبقة صفة الاطلاق، مما يكبل ويعرقل مجرى التحري العلمي الاستقرائي.
سعيا وراء الوضوح الفكري ، حول المسألة الطبقية ، سوف نقوم بعرض وتحليل بعض المحاولات النظرية ، لتفسير المجتمع العربي والمغربي تفسيرا طبقيا ، ونبدأ منها بما له جذور ماركسية او ينتمي الى الارث الماركسي بصراحة.
قبل الدخول في المحاولات العربية والوطنية المغربية للتحليل الطبقي ، تجدر الاشارة بعجالة الى محتوى النظرية الطبقية ، وهي على مستويين . سوف نشير الى المستوى الاول بتعبير ” التفصيلية القصوى ” ، والمستوى الثاني ب ” تفصيلية الحد الادنى “.
فالتفصيلية القصوى كنظرية عامة ، تقوم على الاسس التالية:
1) أفراد الطبقة الاجتماعية يعون بصراحة انتماءهم الطبقي الواحد، فيشعرون بهويتهم الجماعية وتميزها عن سائر الطبقات.
2) يحتل أعضاء الطبقة الواحدة موقعا مشتركا تجاه وسائل الانتاج، وبالتالي يشكلون وحدة اجتماعية متلاحمة ومتماسكة.
3) للطبقة ايديولوجيتها السياسية المميزة، والتي تعبر عن موقع افرادها المشترك من وسائل الانتاج. وهذه المقولة مبنية على المبدأ الماركسي القائل: إن الامور الحضارية ، ليست سوى مظاهر فوقية للأوضاع المادية.
4) إن وجهات النظر والمصلحة لكل طبقة في المجتمع ، تتناقض مع وجهات النظر ومصلحة الطبقات الاخرى.
5) تستوجب هذه الاختلافات حدوث صراع طبقي في المجتمع بين سائر الطبقات ، الغرض منه السيطرة السياسية والاقتصادية.

سعيد الوجاني
6) تستغل الطبقة الثرية الطبقة أو الطبقات الادنى منها.
7) إن الأطر الحاكمة ، اي الافراد المتسلمة مناصب في الدولة، هم مجرد أدوات ووسائل تعبر عن مصلحة وإرادة الطبقة السائدة والسيدة.
أمّا تفصيلية الحد الادنى، فهي عامة إلى درجة كبيرة، وتكاد تكون وصفية بحثه، ومن أسسها ما يلي:
1) إن البُنى الاجتماعية، تُؤخذ عموديا، بحيث تكون هناك طبقة تعلو فوق الطبقات الاخرى بالجاه والثروة.
2) إن الطبقة لها صفات اجتماعية تتخطى الفروقات اللغوية والطائفية .
3 ) إن الطبقات العليا تتمتع بالامتيازات السياسية والاقتصادية، وتستفيد على حساب الطبقات الدنيا.
4) تتشابه اتجاهات الرأي بين افراد الطبقة الواحدة ، والتشابه هذا احصائيا وليس مطلقا.
5) تعير تفصيلية الحد الادنى اهمية خاصة للفروقات المهنية وفئات الدخل.
المخزن المغربي وطبقاته الإجتماعية
يمكن ان نقسم المجتمع المغربي على اساس شبه استقرائي بُنِي على معيار استقرائي وليس طبقي ، الى طبقات نحددها كما يلي: المخزن ويضم البرجوازية والبيروقراطية ، البرجوازية الصغيرة ، العمال البروليتاريون ، اشباه البروليتارية .
ا – المخزن كنظام يستغل تناقضات هذه الفئات والمجموعات الوظيفية ليستعملها بعضها ضد بعض، وكلما سنحت الظروف للّعب على التناقضات وتقوية نفوذه ومعسكره. كما أن المخزن وهو يتحالف مع هذه الجماعات بعضها ضد بعض، فتعامله معها يبقى مرهونا بطبيعة الظروف السياسية التي يجتازها البلد.
هكذا يمكن لجماعة وظيفية أن تكون اليوم في صف المخزن، لكنها غدا قد تصبح ضده وهكذا. إنها نفس الاستراتيجية اعتمدها الاستعمار عند احتلاله للمغرب وهي فرِّق تسد. لذا سنجد أن الدستور يحرم نظام الحزب الوحيد، وينص على التعددية من سياسية الى نقابية الى جمعوية وهكذا. تتكون الجماعات الوظيفية الداخلة في اللعبة المخزنية من:
– جنرالات الجيش والضباط الكبار من رتبة عقيد ركن (كلونيل ماجور) فما فوق. أما الضباط الذين هم أسفل هؤلاء من رتبة عقيد (كلونيل) إلى ملازم (ليوتنان) وضباط الصف والجنود، فرغم انتسابهم إلى الجيش، إلاّ أن انتماءهم الاجتماعي (الطبقي) يبقى هو الشعب، لأنهم نسخة حية لطبيعة التناقضات الاجتماعية التي تنخر القاعدة التحتية للمجتمع. لذا يُعول على هؤلاء الارتماء الى جانب الشعب عند حصول هزة ثورية شعبية حيث لا يمكن لهم تطبيق الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين.
– كبار موظفي الدولة من ولاة، وعمال، ومُدراء الادارات الاستراتيجية المختلفة، ومدراء عامين، وسفراء، ورؤساء محاكم النقض ووكلاء الملك العامين بها، رؤساء محاكم الاستئناف والوكلاء العامين بها، رؤساء وعمداء الجامعات والكليات والمدارس العليا.
-كبار المهنيين من أطباء بدرجة بروفيسور ومحاسبين كبار ومحامين كبار ونقباء سابقين وصحافيين وفنانين يحرص الملك على توشيحكم بمناسبة عيد الجلوس على كرسي الحكم.
– التجار الكبار خاصة تجار الجملة المسيطرين على كل شيء.
– رجال الاعمال والمقاولون الكبار.
– مديرو الادارات الحكومية والكتاب العامون للوزارات.
– الأطر الخاصة في الحكومة مثل رؤساء المحاكم الابتدائية والوكلاء العامين بها وقضاتها من الدرجة الأولى.
– ولاة الأمن والمراقبون العامون بالمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
– ضباط ومدراء العاملين بالإدارة العامة للدراسات والمستندات… إلخ.
أما بالنسبة للبرجوازية الصغيرة فهنا يمكن أن نميز بين جزء من هذه البرجوازية يمكن اعتباره جزءا من نظام المخزن، وجزء آخر يمكن اعتباره مرة مع المخزن ومرة ضده، أي أن المواقف تتحدد من خلال المصالح المتضاربة والمختلفة وميزان القوة في الساحة.
هكذا، فبالنسبة للبرجوازية الداخلة ضمن كتلة المخزن، سنجد ما يسمى بالبرجوازية الحديثة التي تتكون من:
– الفنيون والمهنيون الاداريون العاملون في قطاع الصناعة والخدمات.
– الموظفون في الادارات العمومية من كتاب عامين للعمالات والأقاليم ، الى باشوات ، الى رؤساء دوائر ، الى رؤساء اقسام ، فرؤساء مصالح ، فمُكلفون بالدراسات والأبحاث وهكذا.
– أساتذة الجامعات والكليات والمدارس العليا ، مدراء المستشفيات العمومية من مستوى رؤساء اقسام ، رؤساء المصالح الاستشفائية بالمستشفيات العمومية ، مدراء المصحات الخصوصية والأطباء رؤساء الشعب الطبية.
– مدراء الوحدات الانتاجية الكبرى والمشرفون ورؤساء العمال بها .
أما البرجوازية الصغيرة التقليدية التي تتحدد مواقفها من نظام المخزن بتداخل المصالح وتضاربها فهي تتكون من:
– الشريحة الدنيا من ارباب المهن.
– صغار تجار التجزئة.
– الحرفيون الذين يعملون لحسابهم الخاص.
– الباعة ومساعدوهم.
ب) أما عن الفئات التي من المفروض أن تكون ضد المخزن من حيث تركيبتها ووظيفتها فهي تتكون من:
– البروليتاريا، او ما يسمى بالطبقة العاملة التي تبيع عرق جبينها ، وهذه تتكون من:
– جميع عمال الانتاج بما في ذلك عمال المطارات والموانئ والسكك الحديدية.
– جميع العمال في الخدمة المدنية مثل عمال الأزبال ، وعمال الجماعات المحلية ، وعمال النظافة.
– أشباه البروليتاريا الذين يتكونون من:
– ماسحي الاحذية.
– بائعو المتلاشيات المختلفة بالجّوطيّات.
– عمال البناء العرضيون.
– عمال الصيانة والأمن الخاص ، وبما في ذلك بوابو العمارات والحراس.
– الحراس الليليون للمتاجر ومواقف السيارات.
– العمال القرويون الذين يبيعوا عرق جبينهم للإقطاعي الفيودالي.
– العاطلون عن العمل بالمدن الحضرية وبالقرى ، ويشمل هؤلاء اليوم حملة الشواهد الجامعية من مستوى ماستر ودكتوراه.
– الاشخاص الذين لا حرفة او مهنة مشروعة لهم.
وإلى جانب هذا التصنيف الاستقرائي الذي يركز على الوظيفي لا الطبقي ، يمكن ان نقوم بتصنيف آخر للمجتمع مبني على أساس الدخل، لنخلص الى تراتبية أخرى للمجتمع، تتكون من الأغنياء والإقطاعيين الكبار، البرجوازية البيروقراطية التي تسيطر على الحكومة والقطاع العام، وهي تتكون من أطر إدارية وعسكرية وفنية، نابعة من أصول برجوازية صغيرة ومتوسطة.
إن أفراد هذه الطبقة يتميزون بوجودهم في موقع متماثل من وسائل الانتاج، وفي الاطار القانوني لملكية الدولة لتلك الوسائل، حيث إن هذه الطبقة هي التي تحدد طريقة التصرف في الفائض الاقتصادي المتولد في قطاع الدولة، أي إنها هي التي تقوم بإعداد الخطة الاقتصادية الوطنية، وهي التي في النهاية تتابع تنفيذها.
إن أول ملاحظة عن هذه الطبقة، انها فئة غير متجانسة ، لا في تركيبها الاجتماعي ، ولا في تكوينها المهني او الايديولوجي ، لكنها تمتلك القدرة كطبقة رأسمالية للدولة ، في تغيير موقفها الطبقي ، وموقع الطبقات الاخرى ايضا من وسائل الانتاج، وتستطيع بواسطة السياسات التي تتبعها، إن تُحوّل ذاتها الى طبقة رأسمالية صرفة ، أو تعمل على خلق طبقة من ذلك النوع.
ثم هناك الفئات المتوسطة والفئات الصغيرة والفقراء والمعدمين.
يمكن إن أردنا أن نقوم كذلك بتقسيم المجتمع المغربي على أساس قَبلي وعِرقي، خاصة منذ أن طُرحت المسألة الاثنية كتناقض عرقي و اثني في ثمانيات وتسعينات القرن الماضي.
وإذا كانت الحماية الفرنسية قد فشلت في تكريس هذه القنبلة حين اصدرت الظهير (البربري) فإن نفخ الدولة الصهيونية والغرب المتصهين في هذه الآفة، قد يجلب للبلد العديد من المصائب التي تهدد كيانات عربية اليوم مثل سورية والعراق. وهنا لا ننسى الاستعمال المرتقب لنزاع الصحراء في تفتيت المنطقة، بما يسهل خلق كيانات قزمية ستؤثر على قوة الدولة الواحدية.
استحالة قيام ثورة عُمالية في المغرب
إذا عدنا إلى أصحاب نظرية الصراع الطبقي، فإننا سنجد أن هؤلاء بسبب انبهارهم بما حدث من تغييرات ثورية راديكالية في العديد من الدول باسم الطبقة العاملة، فإن ضالتهم، إنهم حين حاولوا إسقاط منظومة ثورية لائيكية على مجتمع غارق في الطقوس الرجعية ومحكوم بالتقاليد المرعية.
والسؤال المحير: إذا كانت جميع الثورات التي حصلت في التاريخ قد تمت باسم العمال، فان هؤلاء ظلوا مبعدين عن مركز التقرير الذي كانت تحتكره جماعة المكتب السياسي البرجوازية بالأحزاب (الشيوعية) فكيف لهذه الثورة العمالية ان تقع مثلا بالمغرب، والحال ان هذه الفئة تجهل تمايزها الطبقي الذي يميزها عن باقي الفئات الاخرى؟
إن ما يسمى بالطبقة العاملة بالمغرب وبالعديد من البلاد العربية، تجهل وضعها الطبقي، ولا تعتبر نفسها كطبقة، بل إنها تجهل وضعها حتى كفئة إنتاجية من بين الفئات الانتاجية بالدولة.
لذا فان تعطيل التفسير الماركسي للطبقة العاملة بالمغرب مرده، إلى أن هذه الفئة، وليس الطبقة، مسكونة منذ القدم بالتقليد والمحافظة، حيث تتردد على المساجد لصلاة التراويح في رمضان، وتجدها جماعات وزرافات تتسابق لأداء صلاة الجمعة، وتزور الأضرحة والقبور والموتى، وتتسابق لحضور المواسم السنوية، بل إنها تُعادي القوى الثورية وتتخندق الى جانب الرجعية، وهم الذين اجتهدوا في إخبار الدرك والأمن بالمناشير التي كانت توزعها منظمات الحركة الماركسية اللينينية المغربية ليلا بأبواب المصانع والمعامل، بل لم يترددوا في إخبار الدرك عن الطلبة الماركسيين الذين تطوعوا كعمال زراعيين في مواسم الحصاد بالبادية المغربية، من أجل الاستقطاب والشحن وإعداد الثورة (العمالية الفلاحية) كما أن هؤلاء هم من تطوع مع الدرك والجيش والبوليس، في اقتفاء آثار الضباط والسياسيين الذين فروا من المعتقل السري (النقطة الثابتة رقم 1) في صيف 1975.
إن السؤال الموجه لدعاة الصراع الطبقي بالمغرب هو: ماذا يجدي تفهيم عامل بروليتاري مسكون بالشعوذة، وتتحكم فيه التقاليد المرعية المخزنية، بأن صاحب المعمل يستأثر بقسم من عمله وأتعابه، إذا كان هذا العامل الأمي البليد يؤمن، بأن الاستغلال الذي يتعرض له، هو من قضاء الله وقدره، أو إنه امتحان في الحياة الدنيا، أو إنه جزاء له لما اقترفه من جرائم وآثام في الأجيال السابقة من حياته وغيرها؟

إن القول بالصراع الطبقي وبدكتاتورية الطبقة العاملة، ليس له من معنى وتفسير غير تأجيج الصراع بين الطبقة العاملة غير الموجدة أصلا بالمفهوم الماركسي، وبين باقي الطبقات التي يتكون منها المجتمع، وهذا يعني استعمال كل أساليب القمع المادي والإيديولوجي ضد الطبقات المخالفة لتثبيت بناء دكتاتورية العمال.
فهل يستقيم هذا التنظير الخارج عن الواقع المغربي المعاش مع ما ينشده الشعب من نظام ديمقراطي يقطع مع كل اشكال الديكتاتورية التي ستفرخ نظاما قمعيا لا يختلف في شيء عن النظام المخزني الفاشي؟
إن الدعوة الى نظرية الصراع الطبقي (خلق صراع مع طبقات ثورية معادية للمخزنية والفيودالية القروسطوية) ودكتاتورية الطبقة العمالية (وهذه غير موجودة ماركسيا)، هي دعوة الى فرض الاستبدالية البرجوازية الصغيرة للعمال، وباسم هؤلاء، أي العمال، لن تتردد البرجوازية الصغيرة المثقفة وما فوق الصغيرة المتوسطة من ممارسة القمع الطبقي البرجوازي الصغير على العمال وباقي الطبقات التي يتكون منها المجتمع. أي فرض دكتاتورية المثقف البرجوازي الصغير على الشعب، وهنا سيتحول هذا البرجوازي إلى عدو للعمال وللفلاحين ولباقي الطبقات أو الفئات العاملة ومنها الشعب.
إن مصالح مَن يشغل بالقلم والدواة، ليست هي مصالح من يشتغل بالمعول والمنجل والمطرقة. إن هذه الحقيقة التي يرفضها المنظرون الدوغماتيكيون هي أساس تحلل الاتحاد السوفيتي، وأساس سقوط أنظمة حكمت باسم الشيوعية المُفترى عليها في أوربا الشرقية ، وهي السبب في تحول الصين الى امبريالية شرسة غازية للقارات الخمس.
خلاصة:
بعيدا عن المنهج الطبقي الذي يركز على طبقة غير موجودة، أو المنهج الاستقرائي الذي يعتمد الوظيفة وليس الطبقة، أو المنهج المبني على الدخل المادي، أو المنهج الاستعماري العنصري ألاثني الذي يبني على الاثنية والقبيلة، فإن أحسن منهج لتقييم الوضع الاجتماعي المغربي، هو منهج الواقع الكشّاف الواضح.
إن هذا المنهج يقسم المجتمع المغربي الى فئتين أو طبقتين متضادتين ومتناقضتين ومتعارضتين، وفي وجود إحداهما يعني حذف الآخر. هناك المخزن الفاسد الذي يعيش على الإجرام والنهم والنهب.. ويمارس العنصرية والتمييز بين المغاربة ويحتقرهم ويذلهم ويهينهم، وهناك الشعب المُستضعف والمُستلب والمُبلّد.
إن هذا هو التقسيم الحقيقي للمجتمع المغربي، أما غيره من التقسيمات فلا تعدو أن تكون اجترارا وتقليدا لما حصل في دول لا تربطها روابط تاريخية أو اجتماعية أو ثقافية مع شعبنا.
فإذا كان الفقهاء المجتهدون يدعون الى مراجعة القرآن فكيف لا نراجع جميع النظريات التي فشلت فشلا ذريعا؟
إن الاستمرار في هذا الخلط يطيل عمر النظام المخزني الذي يبني كل حساباته على التفرقة (فرق تسد). إن وحدة الشعب هي وحدها القادرة على إسقاط النظام المخزني كنظام خارج الزمن الحديث، وينتمي الى الزمن الميت.
إن الفرق بين نظام يكرس العبودية ويعيد إنتاجها بشكل مقزز في مناسبات عدة، وبين الشعب، هو الفرق بين النظام المستبد الفيودالي، وبين الدولة الديمقراطية التي تقيم كل شيء على الحساب.
إن التناقض واضح، وما عداه لن يكون غير تكالب مقصود على هذا الشعب الذي مخزنوه أكثر من المخزن.



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
- محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي ...
- فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر ...
- الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع ...
- تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
- المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
- من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
- إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
- تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
- محاكمة البيضاء
- اسباب التطرف ودواعيه
- تحليل للنظام السياسي المغربي
- أي صراع نخوض ؟
- حملة تضامن دولية مع الصحفي المغربي علي لمرابط المضرب عن الطع ...
- رسالة مفتوحة الى : - جيش التحرير العربي الصحراوي -
- نشوء الطبقات الاجتماعية
- رسالة الى - الشعب الصحراوي - - الشعب العربي في الصحراء - - ا ...
- العبت
- طبخة طنجرة وزارة الداخلية والمسخ السياسوي الانتخابوي


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن