|
من القصائد الأخيرة لرسول حمزاتوف( بمناسبة الذكرى الثانية لرحيله )
إبراهيم إستنبولي
الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:29
المحور:
الادب والفن
( 1)
ما الذي بقي ، أخيراً ؟
كم سقطت خلافات ، كم إمبراطورية غابت ، و السلالات تبدلت ، و كل شيء تغير مئات المرات .. فما الذي بقي ، أخيراً ، سوى " أحبُّ " و " أؤمن " ؟ ما الذي بقي ، أخيراً ، سواك يا فاتِمات ؟
دول انهارت ، بدأت المحيطات تجف ، اتلانتيدا - تحت الأمواج و – لن يعود شيء للخلف . فما الذي بقي ، أخيراً ، ؟ فقط الماء بل و النار .. ما الذي بقي ، أخيراً – سواك يا فاتِمات ؟
جنكيزخان ، تاميرلان ، بونابرت - كلهم غابوا ، كما الرمل المذري ، الزمن طواهم بلا استثناء ... فما الذي بقي ، أخيراً ، سوى اللطف و الأغنية ؟ ما الذي بقي ، أخيراً – سواك يا فاتِمات ؟
و الفضاء العظيم اهتز و انقسم ... ليت العَزْم كان كافياً ليكون كل شيء على ما يرام !.. فما الذي بقي ، أخيراً – مهد و قبر ؟ ما الذي بقي ، أخيراً – سوى أنت ، فاتِمات ؟
على الأرض ، المحروقة مائة مرة – تتمزق السماء هباباً : كم من الألم ، كم من الدم جرى هنا ، عبر قرون متواصلة ... ما الذي بقي ، أخيراً – عدا النهار و عدا الليل ؟ ما الذي بقي ، أخيراً – سواك يا فاتِمات ؟
لا تقلقوا بشأني ، هكذا هي الدنيا ، لا بد من الوداع – لا مفرَّ من الفقدان ... سأغادر ، لكن قبل ذلك املئوا الكأس لي – سأشرب حياتي حتى الثمالة ... و لتبقى في الدنيا وحدها فاتِمات . *** (2)
أغنية
النساء ، الخمر و الأغاني في اليوم الصحو و الماطر أهدتني دوماً الأصدقاء ، و الأعداء أيضا أهدتني .
في أي ميزان كان يريد المصير أن يزنهم ؟ يبدو ، كلتا الكفَّتين بالتناوب ستميلان ...
صرت أخشى النساء و لم أعد اقترب من الخمر – الصديق صار فجأة عدواً ، و العدو صديقاً صارْ .
النساء ، الخمر و الأغاني و ثم ، كما في البداية ، قدمتْ لي الأفراح . و بالأحزان ، حَدَثَ ، جاءتني .
النجاح كما الإخفاق على قياسي الخاص أقيس : في ميزان الحب أزٍنْهُ ، في ذلك الميزان الأمين – أثِقْ .
النساء ، الخمر و الأغاني ! عنكن أنا لم أتخلَّ – فقط بالصديق خاب ظني ، و العدو عدواً لم يكن ...
*** (3) بلا عنوان
لا افهم كيف أمكنه أن يحدث ، لكن كل يوم يمرُّ على الأرض ينظر بعيونِ ذئبةٍ مجروحة : فقد سَرَقَ البشرُ جَرْوَها .
و يئن كل مساء يَحِلُّ ، و الليل الأعمى لا يخفي الدموع ، كما الأم ، التي لا شيء يواسيها : فالذئب الرمادي قد اخذ ابنها .
و حصان يبكي : قفزة غير متأنية – و الفارس قد اسقط من على السرج . الكلب ينبح بقلق على الجرو : ما العمل ، كي يختفي الخوف بلا أثر ؟
تضمحلُّ الأنهار . و القرن الصاخب يئن : كيف حماية الأطفال من كل المصائب ؟ ما العمل ، إذ في لجة البحر تغرق سفينة نجاتي البيضاء ؟
أهو الطريق ، أم الحصان هو المذنب – لا أفهم . أم الفارس معطوب في رأسه ؟ ألسنا نحن الذين نبحث عن ظِلٍّ مستقيمٍ لعصاةٍ جرباء و منحنية ؟!
*** (5)
بلا عنوان
حزينٌ الحقل في يوم خريفي رمادي ، و الوقت ، الذي مضى سدى شجيٌّ أكثر . انقضى – و لا مفر من الحزن : حان الوقت كي نفهم هذه الحقيقة.
و الأكثر حزناً هو المرء الكئيب ، مَن لا يُحْسِن شيئاً في هذه الدنيا : كالعمود وقف جامداً في درب الحياة ، أن يدخل – لا يدخل و لا يجيد الذهاب .
( 4)
شكراً
شكرا للدروب : و قد جدلتِ منها حبلاً ، حملتِ العالمَ على ظهرك ، كما الجرّة . و قوس قزح ، وهو يشتعل ، انتصب بحذق ، عندما لامس القمم الحجرية .
شكراً – فقد نَجْوتُ هذا الشتاء ، و الصيف مرَّ – للأسف – كلحظة ! المصير لم يَعْفِني من الكأس – بل شربت الحزن و المرارة . الأمطار لم تكن شحيحة علينا ، و الشمس دفأتنا كفاية – لم تحْرِق . شكرا للبريد : و لو مع التأخير ، جاءت رسالتك مع ورقة حندقوق
شكراً للطير إذ راح ينقر النافذة ، معلناً بداية النهار : راح يدق – إذ أقْلقه كثيراً الأرق ، الذي يعذبني .
تحية إلى الأرض ، لأصدقاء روحي : كم صاروا قلّة – عند النهاية .. كم عانيت من ظلم الأقرباء ، و لكن لن أقول لهم كلمة بغيضة .
شكراً للحب ، للموسيقى و للكلمة ! و لأسكت عن التفاهات و المشاكل . لا أتمنى الشر لمن ارتكب الشر ، لكن أن أتذكرهم ليس بي رغبة ...
*** ترجمة د . إبراهيم إستنبولي
#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليرمنتوف : الشاعر – النبي
-
- ضريح لينين في موسكو : صنم من - لحم و دم
-
نشيد الخلود
-
سحر الشرق في الأدب الروسي - ايفان بونين في الأراضي المقدسة
-
من مظاهر ... العهرلمة - نعم العهرلمة و ليس العولمة
-
من هموم المعارضة السورية : مشاركة هادئة في موضوع ساخن
-
شجرة الماس العتيقة ! أو هل ينتصر الغباء ؟
-
تفجيرات لندن : حلقة في - حرب باردة جديدة - ؟
-
الرواية التاريخية و العولمة
-
فارس آخر يترجل : الشيوعي الشهيد جورج حاوي - وداعاً
-
عذراً ، لقمان ديركي : نحن أيضا سوريون
-
موضوع الوحدة عند تشيخوف
-
الحسن يُظهر ضدَه الحسن : عن حوار الطرشان في بلاد العربان
-
من الشعر الروسي المعاصر
-
- قصص من سوريا - بــتجنن
-
لبننة - التيار العوني ... لمصلحة الجميع -
-
أدباء عظام ... و لكن
-
... حكي من القلب
-
قراءة في البيان الأخير لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا
-
بمناسبة أربعين اغتيال الرئيس الحريري : انطباعات مواطن سوري
المزيد.....
-
تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
-
بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
-
-الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع
...
-
الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
-
-موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|