إبراهيم إستنبولي
الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 23:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تذكر عزيزي القارئ أن قلة قليلة فقط من المفكرين و المثقفين و الساسة في العالم يملكون الشجاعة لأن يقولوا رأيهم بصراحة بخصوص قضية الهولوكوست ! و مَن يتجرأ و يفعل ذلك فإنه يتعرض لأبشع أنواع الترهيب و المحاربة و يوصف بمختلف النعوت .. كأن يوصف بالفاشية و بمعاداة السامية .. !
و بالتالي : ألا تجد معي عزيزي القارئ أننا قريباً سنكون شهود مرحلة تاريخية جديدة ، عندما لن يتجرأ أي باحث أو حتى إنسان عادي على مجرد التساؤل بحقيقة ما جرى في 11 أيلول 2001 أو في مدريد أو في نيويورك . ألن يصبح العالم قريباً مهووساً بمحاربة الإسلام و خطره على البشرية ؟ ألن يصبح كل مسلم مشروع إرهابي لمجرد أنه ولد في هذا المكان من العالم ؟ .. مما سيضطر الجميع لأن يكونوا إما ملحدين ( و أنا منهم – لا مشكلة ) و إما من الأصوليين .. و يا ستار ما أكثرهم .. و بالتالي لن تنعم هذه البلدان لا بالأمان و لا بالتنمية و لا بالتحرر أو بالحرية . فالفعل سيتسبب برد العل .. أو العكس لا فرق . المهم أن الخاسر الأكبر هو نحن مَن لديه عقل يفكر .. ألا يقال : " و ذو العقل يشقى " !
و لذلك كانت هذه المقالة .
مع كل احترامنا لأرواح المواطنين ، الذين قضوا نحبهم جراء التفجيرات و مع كل تقديرنا لآلام الجرحى و مع كل تفهمنا للمعاناة و مشاعر الصدمة التي أصيب بها المواطنون البريطانيون ... و لأننا ندين أية عملية قتل و لو فردية و نعارض أي عمل إرهابي سواء في أوروبا أو في روسيا أو فلسطين و في أي مكان من العالم ، لذلك أرجو أن لا يزاود أحد علينا بخصوص الحس الإنساني و بخصوص المنطق و العقلانية ..
لندع " المنطق و العقلانية و البراغماتية " لأولئك العاملين في حقل السياسية الرسمية .. أما نحن فمجرد أفراد نفكر كما يحلو لنا و ليس لكلامنا و لحرية تفكيرنا قيود .. و لذلك تخيل معي عزيزي القارئ :
1- إن اكثر من خمس عمليات " إرهابية " في مترو الأنفاق في مدينة مكتظة بالناس مثل لندن ، لم يذهب ضحيتها سوى عدد محدود ( و مرة أخرى نكرر أسفنا و استنكارنا ) .. عدد يمكن أن يسببه حادث سير كبير أو وسط في أي بلد من بلدان العالم الثالث المبتلي بأنظمة غبية و بطبقة سياسية قاصرة و قصيرة الأفق .
2- إن الغاية تبرر الوسيلة . و ليس سراً أن الدول الغربية ، و في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و غيرهما ، تخطط ، ترسم و تبني سياساتها و إستراتيجيتها لعقود و ربما أكثر قادمة .. و بالطبع ليس لكي يبقى هذا أو ذاك من الأفراد ، أو هذه أو تلك من المجموعات ، في السلطة كما يفكرون عندنا في سوريا و لبنان و السعودية و مصر و .. الخ . بل إنهم يخططون للسيطرة على العالم طوال هذا القرن على الأقل .. و من ثم سيأتي من يفكر لقرن آخر .. و بناء عليه :
3- إن العقل الاستراتيجي الغربي ( و معه الصهيوني بالتأكيد ) بحاجة ماسة لخلق نموذج و صورة العدو الرهيب لأجل تبرير مختلف السياسات في هذه المنطقة من العالم أو تلك ، و لممارسة " الإرهاب " على قيادات هذه الدولة أو المجموعة من الدول أو تلك من أجل إضعاف مقاومتها و ممانعتها لخطط هذه الدول المسيطرة على مسار السياسة العالمية أو القائدة للعولمة و بالتحديد أمريكا و بريطانيا . و هذه تخطط و تريد أن تمارس " الإرهاب " على قيادة كل من فرنسا و ألمانيا و روسيا و الصين و اليابان .. خصوصاً بعد أن بدأت تتبلور سياسة رافضة لهيمنة جهة معينة على السياسة العالم لدى كل من الدول آنفة الذكر ..
4- و لذلك كان الغرب بحاجة ماسة لعدو بعد أن انهار ما كان يسمى المعسكر الاشتراكي . و ليتذكر من لا زال قادراً على التذكر : أن " الغرب الرأسمالي " لم يتعفف عن القيام بأي شيء يمكنه أن يشوه صورة الشيوعي عموماً و السوفييت خصوصاً في عيون الرأي العام الغربي .. بدءاً من الرواية الأدبية ، مروراً بأفلام هوليود , و انتهاء بدفع طائرة الركاب الكورية الجنوبية في عام 1988 لخرق الحدود السوفييتية في منطقة الشرق الأقصى المزروعة بالأسرار العسكرية مع تعريض كل ركابها و طاقمها للموت المؤكد ( و هذا ما حصل بسبب قصور الفكر الاستراتيجي السوفييتي و بسبب الجمود العقلي و البغاء البريجنيفي ... و هذا موضوع آخر ) . و كان ما كان من استغلال لتلك الحادثة المروعة ، التي ذهب ضحيتها حوالي 300 شخص أو اكثر من الأبرياء .. و ذلك فقط لخدمة حلف ريغان – تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي و خططهم لأبلسة الاتحاد السوفييتي و تأكيد مقولتهم بأنه " إمبراطورية للشر " .. إلى أن سقط و ليس من دون مساعدة الإسلاميين السفلة بقيادة بن لادن و بمباركة و دعم و تمويل من السعودية و مصر و الأردن و غيرهم .
5- و لم يكد يغيب المعسكر الاشتراكي عن الوجود حتى طالعنا " العقل الاستراتيجي الغربي بقيادة عتاة المُتَصهينين من المفكرين الغربيين و على رأسهم هتنغتون و لويس و غيرهم بمقولة صراع الحضارات و بأن الإسلام هو في رأس الأخطار التي تهدد الحضارة الغربية . و الآن قولوا لي بربكم : إذا كان الإسلام ( و أنا ضد الإسلام السياسي بكافة أشكاله و أمقت مختلف أشكال الفكر السلفي التكفيري و في مقدمته الوهابي ) هو العدو الأول و الأخطر على العالم ، أليس من الواجب أن يتم تقديمه في أبشع الصور و أن تتكاتف كل الدول " المتحضرة " لمكافحة هذا الخطر ؟ ألا يذكركم هذا بقصة الهولوكوست و مكافحة الفاشية ؟ ألا يذكركم هذا بالخطر الشيوعي و الخطر الأحمر و بضرورة تكاتف الغرب كل الغرب لمحاربته ؟ ألم يكن من الضروري يوماً أن توجد الألوية الحمراء في إيطاليا و جماعة ماينهوف في ألمانيا و ما شابهها في اليابان و غيرها ..؟! أين هي الألوية الحمراء بعد انتهاء المعسكر الاشتراكي ؟ و بالتالي : أليس من الضروري و الملحّ بل و " المفيد " للغرب وجود بن لادن و الظهراوي و القاعدة و الزرقاوي .. ؟ أليس من الضروري حدوث تفجيرات موسكو و مدريد و بوينس أيريس و غيرها ؟ هل هي بـ " الكارثة الكبيرة " مقتل عشرات بل و مئات المواطنين في سياق خطط استراتيجية تريد السيطرة على العالم برمته ؟ ألم تُشن حروب عالمية أولى و ثانية من أجل إعادة تقاسم العالم بين الوحوش الرأسمالية ؟ وألم يذهب ضحيتها ملايين و عشرات الملايين من المواطنين في العالم ؟ هل تصدق عزيزي القارئ أن الحرب العالمية الأولى نشبت بسبب مقتل الأمير الأسوجي ؟ هل تصدق عزيزي القارئ أن فرنسا احتلت الجزائر بسبب إهانة السفير الفرنسي ؟ ألم يكن التاريخ تاريخ صراع بين الضعفاء و الأقوياء ، و فيما بين الأقوياء ؟ لماذا كل هذا الاستهجان عندما يتم الحديث عن المؤامرة في السياسة الدولية ؟ ألم يتغير مسار التاريخ بسبب مقتل أمير أو ملك هناك ، نتيجة لانقلاب هنا و انقلاب هناك و ألم تتبدل ديانات شعوب بالكامل بسبب مؤامرة هنا أو هناك ؟
6- أليس المسلمون عموماً و العرب خصوصاً هم خارج التاريخ منذ اكثر من ألف سنة ؟ أليسوا مجرد كائنات تقتل بعضها و تنهب ثروات بلدانها و تبيع و تشتري أوطانها في المزاد العلني و السري البريطاني و الأمريكي ، على الأقل ، في المائة سنة الأخيرة ؟
7- لماذا لا يصح أن تكون تفجيرات نيويورك و مدريد و لندن و موسكو ولندن عبارة عن سلسلة عمليات من " صنع " أجهزة دولية متعددة و متعاونة ، من صنع جهاز أو " عقل مدبر " عالمي واحد و ذلك في إطار حرب باردة جديدة ضد الشرق عموماً و الإسلام خصوصاً هذه المرة و على مدى القرن الحالي بكامله ؟ و ذلك على غرار الحرب الباردة التي شنها و خاضها الغرب ضد الفكر الشيوعي و ضد الأنظمة الشيوعية خلال مائة سنة ؟
8- ألم يصرّح رئيس وزراء حكومة إسرائيل أرييل شارون : " إننا سوف نبقى رافعين السيف مائة عام .. " ؟
#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟