|
شبح داعش
احمد الطالبي
الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلن المدعو أبو بكر البغدادي أخيرا نفسه خليفة للمسلملين ،و دعاهم إلى بيعته وطاعته.
وموازاة مع النداء و الإعلان، تم نشر خريطة لما يسمى دولة الخلافة الإسلامية الممتدة من خراسان شرقا ، إلى المغرب و أسبانيا غربا ، مرورا بالحبشة و الكنانة ، وهي خريطة بلون اسود، ولست اعرف هل جاء ذلك اعتباطا أم مقصودا ،و الأرجح أن يكون مقصودا ، لأن الأسود عموما تستعمله جل الحركات الإرهابية المسماة جهادية لونا لأعلامها. حسنا ، هو حدث لا يمكن أن يمر أمام أعيننا مرورا لكرام ، بل يستحق تناوله ولو في بضع كلمات بالنظر إلى أهميته كحدث إعلامي و بالنظر كذلك إلى التحركات التي تعبر عنه في الواقع، بل و أخيرا وذلك أهم ، بالنظر إلى السياقات الجيوسياسية التي أفرزته . ومع أنه لا يختلف اثنان على أن المخابرات الأمريكية وعملاؤها في المنطقة حاضرون بقوة ، فإننا سنعمل على تجاوز هذا المعطى وتناول الحدث كفكرة وعلاقته بانتظارات الشعوب الإسلامية وتطلعها إلى التنمية و الحرية و الديمقراطية ، خاصة و أن الحدث أعقب ما يسمى بانتفاضات الربيع ، التي طالبت بإسقاط الاستبداد و الظلم و الفساد . فهل مشروع داعش يدخل في هذا الباب ؟
للإجابة عن السؤال ، لابد من تناول إعلان البغدادي و تفكيكه و ربطه بسياقات الحاضر في مضمونه الحضاري الكوني ، وليس باليوتوبيا المسيطرة على وعي المسلم البسيط ، والمرتبطة أساسا بوعي تاريخي مقلوب ومزيف ، تم فيه تغييب مجموعة من الحقائق الصادمة ، المرتبطة بما يسمى دولة الخلافة الإسلامية في العهد الراشدي الذي تصر الشكيزوفرينيا الإسلامية على القفز على جراحاته و مآسيه وتغييب فضائحه وووو
- عن الدولة :
لم يعد مقبولا تناول مفهوم الدولة خارج اجتهادات فكر الأنوار ، إذا كنا فعلا نرغب في ترسيخ الحرية و الديمقراطية ، هذا الفكر الذي يعلمنا أن الدولة تعاقد اجتماعي وسياسي لضمان الحقوق والحريات الجماعية و الفردية ، وكل فكرة عن الدولة خارجة عن التعاقد بمفهومه الحديث ، هي بالضرورة باطلة لأنها لا تتماشى و روح العصر ، وهذا ما ينطبق على دولة داعش التي أعلنها البغدادي من جانب واحد و تحت قوة الحديد و النار، وفي المحصلة هي مشروع ضد الديمقراطية والحداثة..
- عن الخلافة الإسلامية
أردف البغدادي نعتا لخلافته ، ونعتها بالإسلامية ، ليوحي لنا بأن الدولة التي سينشئها هي ضد دولة أخرى غير إسلامية ، لإثارة المخيال الجماعي لكثل بشرية حاملة لوعي تاريخي مغلوط ومزيف كما أشرت سابقا ، في حين أن الدول القائمة الآن كلها تنص على إسلاميتها في دساتيرها ، ولم نر منها ومن حكامها غير القمع و الاستبداد و الفساد وتقديس ما لا يقدس ، فماذا ستكون القيمة المضافة لدولة البغدادي ، غير مزيد من الاستبداد المقدس وهدر للحقوق الإنسانية الأساسية تحت طائلة طاعة ولي الأمر و بيعته ، وربما العودة لأزمنة العبيد و الإماء وملك اليمين الذي شرعه النص مما يتنافى وما بلغته الحضارة الإنسانية من رقي بالإنسان وحريته وبكرامته...
- عن الخلافة تاريخيا :
كل المسلمين يعلمون أن الرسول – ص- مات ولم يوصي لأحد بالخلافة من بعده ،ويعلمون كذلك أنه قال بأننا أعلم بأمور دنيانا ، ويعلمون كذلك وقائع سقيفة بني ساعده في الصراع على السلطة بين المهاجرين و الأنصار من جهة ، وبين المهاجرين فيما بينهم من جهة أخرى ، وهي حقائق تاريخية لا يمكن القفز عليها ، ويعلمون كذلك ما أعقب ذلك من صراعات و فتن : مقتل عثمان – حرب الجمل بين عائشة وعلي – حرب صفين وانقسام المسلمين إلى شيعة وخوارج –خدعة التحكيم و انقسام الأمة – مقتل علي – مقتل الحسين بن علي ووووو ، مما يترتب عنه ترجيح إسم : خلافة الفتنة ... وإذا استحضرنا فساد دولة الأمويين وما رافقها من استبداد و عنف ، من قبيل محاصرة إبن الزبير ومعه آلاف العزل في مكة ، وقذف الكعبة بالمنجنيق مرورا كذلك بتجاوزات الخلفاء العباسيين ، وإسرافهم يتبين أن ما يحمله الوعي الإسلامي من صورعن ما يسمى بالخلافة الإسلامية ، ما هو إلا تعويض سيكولوجي عن إخفاقات جماعية في مواجهة تحديات العصر الحضارية التي نجح فيها الآخر نجاحات باهرة ، وما هو كذلك سوى تعبير عن عجز مزمن أمام صدمة الحداثة .
و إذا كان البغدادي سيؤدي دوره كما أداه من قبله سابقا ما سمي بمجاهدي أفغانستان الذين أعادوا البلاد إلى القرون الوسطى ، فإن مسؤولية الأحرار من مثقفين و مفكرين و علماء دين تبقى قائمة في مواجهة هذه أللخبطة ، وتحرير الوعي من أجل بناء الإنسان الحر ، و الانخراط في بناء الدولة المدنية القائمة على حرية الضمير و التفكير واحترام كرامة الإنسان ...
فلتسقط دولة داعش و ليسقط معها الفساد و الاستبداد....
#احمد_الطالبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الحاجة إلى حراك جديد
-
الفعل الكنفيدرالي بتيزنيت بين ضرورتي النقد و التحصين
-
في حقد حزب العدالة و التنمية على الأمازيغ وتهديد تماسك المجت
...
-
.الويسكي و الشمبانيا بين الدين و السياسة...
-
في نقض النقد السوقي/ ليس دفاعا عن الأموي- الحلقة 2
-
في نقض النقد السوقي/ ليس دفاعا عن الأموي
-
السيد عيوش يجرب الشعبوية
-
الوزيرة الحقاوي تتحرش بالمجتمع المغربي
-
بدعة الوزيرة بسيمة الحقاوي
-
إسلامية إسلامية أو محاولة فهم.
-
ما العمل ؟
-
خواطر شيخ علماني
-
أصوات على ركح مصر
-
رسالة إلى معالي و زير الخفافيش
-
وساوس في باب ما جاء في زواج المخزن و الحكومة الجديدة
-
وساوس في السياسة
-
الوطن أولا و أخيرا
-
نحن لا نخاف منهم .
-
عن الفساد و الإستبداد و الإستفزاز
-
فصل المقال في ما بين الديمقراطية و الشورى من انفصال
المزيد.....
-
عبدالله بن زايد يلتقي رئيس القائمة العربية في الكنيست منصور
...
-
حزب الله يُعلن مسؤوليته عن إطلاق عشرات الصواريخ نحو الجولان
...
-
إسبانيا تخطط إلى جانب عدد من الدول الأخرى للاعتراف بدولة فلس
...
-
مسؤولة أممية: رغم أن العقود الماضية من الاضطرابات لا تزال تؤ
...
-
حفارات ذكية وروبوتات لتشييد مبان صديقة للبيئة
-
السودان وغزة: -الحزن واحد والجرح واحد وإن اختلفت الأماكن-
-
مفاوضات اللحظات الأخيرة تبوء بالفشل..توخل سيرحل عن بايرن
-
لقاء مع سعادة السفير احمد الطريفي رئيس قطاع الشئون العربية و
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر ملخص عملياته في عدة مناطق بغزة (فيديوه
...
-
-حزب الله- يرد على غارة النجارية بـ50 صاروخ كاتيوشا
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|