داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 14:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الحروب بكل تفاصيلها وتفرعاتها ومأساتها ، دائما ما تقوم على اسس الدين ، ومن ثم السياسة . هكذا قالت لنا فلسفة التاريخ . وبغداد – منذ دق لها ابو جعفر المنصور اول لبنى - تعرضت ، وتتعرض الى الحروب ، والخراب ، والدمار , فالتتار لعبوا ما لعبوا ، والمغول خربوا ما خربوا ، ثم تلاها الاحتلالين : العثماني والبريطاني . اضف الى ذلك تسلط العتاة والطغاة والسلاطين على البلاد والعباد ، وما جرى من مأساة لهذا الشعب الطيب . الى ان جاء عصر ما يسمى بالديمقراطية ، فتسلطت على بغداد عصابات الفساد والتخريب ، باسم الدين والطائفية والمذهب ، واحتكار السلطة ، وتهميش المثقفين واليساريين والوطنيين ، فزاد الطين بلة . وسوف يكتب التاريخ مثل ما كتب ، عن هذا المرحلة ، لان التاريخ لا يرحم احدا ، ومزابله قد ملئت بنماذج لا تعد ولا تحصى من حثالات دمرت بغداد .
وقد قرأت عن بغداد الكثير ، فستوقفتني ابياتا فيها من الحسرة والتوجع والتألم ، اضافة الى رقتها وعذوبتها وصدق معانيها . قائل هذه الابيات الشاعر عمرو بن عبد الملك الوراق ، وانشدها اثناء حروب الامين والمأمون ، وفيها وصف للمأساة والدمار والخراب الذي جرى ببغداد في تلك الفترة . وحينما قرأت هذه الابيات – والله - قلد سالت دمعتي من مقلتي بألم ، فأحببت ان انقلها الى القارئ الكريم ، كما اوردها الطبري في تاريخه . واليكم الابيات :
من ذا أصابك يا بغداد بالعين ... ألم تكوني زمانا قرة العين
ألم يكن فيك أقوام لهم شرف ... بالصالحات وبالمعروف يلقوني
ألم يكن فيك قوم كان مسكنهم ... وكان قربهم زينا من الزين
صاح الزمان بهم بالبين فانقرضوا ... ماذا الذي فجعتني لوعة البين
أستودع الله قوما ما ذكرتهم ... إلا تحدر ماء العين من عيني
كانوا ففرقهم دهر وصدعهم ... والدهر يصدع ما بين الفريقين
كم كان لي مسعد منهم على زمني ... كم كان منهم على المعروف من عون
لله در زمان كان يجمعنا ... أين الزمان الذي ولى ومن أين
يا من يخرب بغداد ليعمرها ... أهلكت نفسك ما بين الطريقين
كانت قلوب جميع الناس واحدة ... عينا وليس لكون العين كالدين
لما أشتهم فرقتهم فرقا ... والناس طرا جميعا بين قلبين
#داود_السلمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟