داود السلمان
الحوار المتمدن-العدد: 4483 - 2014 / 6 / 15 - 12:32
المحور:
كتابات ساخرة
(اكعد بالشمس لمن يجيك الفي ) مثل من امثالنا الشعبية الاصيلة التي تضرب في كثير من المواقف ، ولها مغزاها ومعناها ، وهي لم تأت اعتباطا او عن فراغ ، قطعا لا ، بل هي خرجت من صميم الواقع الذي مر به المجتمع العراقي ، من ظروف لا يحسد عليه ولا زال يمر بنفس المصير والظروف غير الطبيعية . وهذا المثل الذي اخترناه في هذا المقال يعالج واقع سياسي والاجتماعي ، وربما ايضا امني وخدمي ، ويأتي على مقياس الديمقراطية التي اوجدتها مدينة اثينا ، (خلف الله عليها) ، فالسياسي الذي تسلط على رقابنا منذ عشر سنوات ونيف ، اجلس الشعب طيلة هذه السنوات المنصرمة بشمس الخديعة والكذب والتدليس والمراوغة ، ووعدنا مجيء (الفي ) الذي هو الظل ، واذا احب القارئ الكريم ان يقرأها (الضل ) من الضلال ، الذي هو التيه والاعوجاج ، والانحراف عن جادة الصواب .
ومن الناحية الاجتماعية فالمثل ايضا يقصد بالذي يوعد وعدا في امر يتعلق بموقف اجتماعي ، وربما انساني في نفس الوقت ، فيظل الشخص المعني ينتظر صاحبه ساعات طويلة في الهجير وحر الظهيرة (وشلون حر حرنا تتمناه العدوك ) على امل ان يأتي الظل (الفي ) وبه الفرج ، لكن من دون فائدة .
المسؤول اجلسنا بالشمس واوعدنا حين مجيء الفي سيحل لنا جميع الخدمات من كهرباء الى ماء صافي ينعش الروح ، الى حل مسألة السكن ووداعا للإيجار ، واذا مطرت السماء – لا سمح الله – لا غرق بعد اليوم ، ولا عاصم غير الله . وبقدرة قادر جاء الفي ، لكن النتيجة مثلما قال مثل آخر : ( لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي ) لان العلة تكمن في سيد علي ، الذي قال بانه جاء عن طريق الانتخابات ، وان الشعب هو الذي اختاره ورشحه الى البرلمان وفاز ، لا عن طريق انقلاب كما في الحكومات التي حكمت العراق قبل الفين وثلاث . وهذا صحيح وله الحق . لكن هناك مسألتين جوهريتين : الاولى ان الشعب لم يكن له بعد نظر حينما اختار مثل هؤلاء الاشخاص ، وصوت بواقع طائفي ، وهو جديد عهد بنظام او لعبة الانتخابات ، فكان الذي كان . والمسالة الثانية ، وهي الاهم ، ان المسؤول قد تنصل عن الوعود التي قطعها على نفسه قبل صعوده الى قبة الانتخابات ، حيث وعد ناخبيه بالبناء والاعمار وتوفير السكن والقضاء على البطالة وتجفيف منابع الارهاب واعطاء كل مواطن عراقي حصة من مبيعات النفط ، وغير ذلك مما هو مسطور في برنامجه الانتخابي . لكن بالتالي كما قال المثل : ( اكعد بالشمس لمن يجيك الفي ) .
#داود_السلمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟