أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحس و الإحساسية















المزيد.....

الحس و الإحساسية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 16:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



الإحساسية Sentience هي امتلاك أعضاء و مستشعرات حسية sensory organs ،أي امتلاك القدرة على الشعور و تلقي المنبهات و الاستشعار (فهم المستقبلات الحسية)،لكنها لا تتضمن بالضرورة إدراك الذات self-awarenessأيضا امتلاك المحاكمة العقلية Sapienceليس ضرورة لوصف كائن حي بالإحساسية .لكن كلا المفهومين الإحساسية والمحاكمة يستخدمان بالتبادل ليشيرا لوجود المعرفة،الوعي consciousness،أو apperception. يأتي هذا الخلط من تداخل و تعدد معاني كلمة واعي conscious والجذور اللاتينية للكلمة هي أساسا sentire بمعنى يشعر و sapere بمعنى يعرف .
مصطلح الإحساسية يرتكز إذن على التعرف المؤدي للشعور بشقيه الفكري العقلي والمادي السلوكي النفسي وهذا لا يعني أبدا التقاطع بين الشقيين ولكن من الممكن أن يكون الشعور المتأتي خليطا تفاعليا بينهما,فالخوف مثلا هو حالة شعورية نفسية مردها عم القدرة على التكيف بين الواقع وبين القدرة على المواجهة بضعف الاستجابة للمقاومة فهي اختلاط وتداخل بين الفهم والعلم كمصدر نفسي يمكن أن يتبعه العقل للتحري عن فعل سلوكي يستجيب للحالة ومن ثم التغلب عليها فهنا نرى التفاعل ما بين ما هو حسي نفسي وبين ما هو حسي عقلي.
والتعرف لا بد أن يأتي من المؤديات له وظيفيا من خلال القوى النفسية الحسية التي بفضل أعضائها الحسية يتمكن الإنسان من استقبال و إدراك عدة إحساسات صادرة من محيطه الخارجي (أصوات ، أضواء ، روائح...) و أخرى تصدر من داخله (ألم الرأس، ألم الأمعاء ...)،و ذلك حسب تخصص كل منها كما يتبين هنا,فأعضاء الحس الحساسية الشعورية الجلد اللمس و الإحساس بالحرارة و البرودة و الضغط و الألم,العين الإبصار,الأنف الشم,اللسان الذوق,الأذن السمع,فأن تحديد الأعضاء المتدخلة في حاسة الإبصار تعتبر حاسةالإبصار من أهم الحواس الخمس و ذلك لكون جل المعلومات الواردة من المحيط الخارجي تصل إلى المخ بواسطة العين ,وهكذا مع جميع الحواس الخمس هي مصادر للأحساسية الأولية القادرة على الكشف عن المؤثرات التي تتصل بها ومن خلال النشاط العصبي الناقل لهذه الأحسسات الى الوعاء الوظيفي القادر على الترجمة والانفعال بها.
خلال هذا النشاط العصبي تتولد السيالة العصبية في الباحة الحركية للقشرة المخية ثم تنتقل هذه السيالة العصبية بواسطة الألياف العصبية الحركية الموجودة بالنخاع الشوكي و الألياف الحركية المتصلة بالعضلات لتصل في النهاية إلى العضلات و هذه الأخيرة هي المسؤولة عن الاستجابات لتأثير السيالة العصبية و لها دور محرك إثناء إنجاز حركة إرادية .
فهي إذن مستجيبات حركية.أما العصب الذي ينقل السيالة العصبية النابذة فيسمى عصبا حركيا,ولو رجعنا الى مثال الإحساس بالخوف نجد أن الآلية السابقة تعمل لتكوين أولا الشعور الحسي من خلال التغيرات السلوكية المرافقة للشعور بالخوف ومن ثم مرحلة ثانية تشكيل الاستجابة السلوكية المنعكسة عن الشعور بالخوف لترجمته ظاهريا كرد فعل لها أو إحداث فعل باتجاه ما للتغلب على حالة الخوف والشعور به.
هذا الانعكاس الفعلي السلوكي إرادي واعي مختار بالشكل الذي أوضحنا ولكن هل يمكن تصور وجود سلوك شعوري لا إرادي غير مختار بالانعكاسات الغريزية فمثلا عندما نلمس جسما محرقا بالصدفة فإننا نقوم بحركة سريعة تجنبا للإحتراق ،هذه الحركة تصدر منا قبل أن نحس بالألم,وعندما تحط ذبابة على وجه نائم،فإن هذا الأخير يطردها دون أن يستيقظ. تدعى مثل هذه السلوكات أللاإرادية .
الانعكاسات الغريزية,و هي عبارة عن رد فعل لا إرادي،متوقعة ناتجة عن تهييج أعضاء الحس الخمس المختلفة الموجودة بالجسم وظيفيا ويستلزم كل انعكاس شوكي تدخل العناصر الأساسية التالية:
•مستقبل حسي: تنشأ في مستواه السيالة العصبية الحسية إثر كل إهاجة فعالة.
•موصل حسي: ينقل السيالة العصبية المركزية الحسية .
• مركز عصبي:حيث تتحول السيالة العصبية الحسية إلى سيالة حركية .
• مستجيب حركي: حيث تؤدي السيالة العصبية إلى حدوث حركة .
نسمي قوس الانعكاس المسير الذي تسلكه السيالة العصبية في الانعكاس الشعوري مع ملاحظة ما يلي:
1: كلما زادت شدة الإهاجة المؤثرة إلا وزاد رد الفعل الانعكاسي سلوكيا .
2: بالإضافة للانعكاسات النخاعية هناك كذلك انعكاسات دماغية فاعلة باتجاه تكوين الفعل اللاإرادي الظاهر.
من هنا نفهم إن الحس كصورة جوهرية لخاصية الإحساسية هي قدرة الحواس الخمس على ترجمة المؤثر بشكل ميكانيكي تلقائي غير متحكم به من أي قوة نفسية أو بدنية مادية يظهر من خلال اتصال المؤثر بالحاسة بشكل أو أخر,ويمكن على ضوء ذلك أن نسجل النقاط التالية فيما يخص فهمنا للحس:
1. إن الحس استجابة سلوكية نفسية أولا وقبل كل شي لأنها تنكشف من خلال قوى النفس الثانية, فهو نشاط نفس بامتياز
2. إن هذه الاستجابة لابد وأن تكون تلقائية غير متحكم بها فهي رد فعل لفعل المؤثر ولا يمكن تصور الحس في مقام الاختيار والإرادة.
3. إن الحس ما هو إلا عمل وظيفة لقوة نفسية فمتى ما كانت القوة عاملة كان من الممكن تصور المحسوسات المتعلقة بها ومنها لمركز الإدراك لذلك ورد نص يبين هذه الصورة{يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ }يوسف87,هذا التحسس من خلال المشاهدة والسمع{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179 .
4. لا بد من وجود رابط بين المحسوس والمتحسس وهذا يعني ضرورة الاتصال بينهما ومتى ما أنقطع الحس اختفى أثر المؤثر رغم وجود وفاعلية الحاسة المسئولة {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ }الشعراء72.
5. الرابط أما أن يكو مادي مباشر أو قد يكون شفهيا غير ماديا فعندما نقول إن لدينا إحساسا بان فلانا يكذب فإننا نعني أن لغة جسد المتكلم لا تنسجم مع كلماته، والحس المتصل بين الملاحظة العينية والصورة المتحسسة منه فيها نوع من الاختلاف إن الصعوبة في الكذب هي أن العقل غير الواعي يعمل مستقلا عن الكذبة الشفهية إذ يرسل طاقة عصبية تبدو كإيماءة يمكن أن تعارض ما قاله الشخص. والملاحظ، أن الذين نادرا ما يكذبون يفضحون بسهولة غير أن الذين قد تنطوي أعمالهم على الكذب مثل السياسيين ومقدمي برامج التلفزيون قد صقلوا إيماءات جسدهم إلى الحد الذي يصعب معه رؤية الكذب{وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ }محمد30.
6. إن عملية التحسس في مجملها عملية بدوية أولية تبنى عليها كل الفاعليات المتصلة بالنفوس الثالثة والرابعة ومنها ينشأ لنا الحل بنوع الاستجابة ومقدارها واتجاهها بموجب ما أعدت للنفس من ضوابط وعمليات تكوينية وهذا نجده في النص التالي {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175, الخوف كشعور بمحسوس مخوف يمكن أن ينصاع له الإنسان بالقدر الذي هيئ به وتهيأ على أساسه, كما يمكن له أن لا ينصاع كما في نموذج النص السابق والتالي {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }القصص7.
7. وأخيرا لابد من الإشارة إلى أن الحس كونه إستثارة مرتبطة بمؤثر من خلال الاتصال فهو متغير ومتنوع حسب القدرة بالاستثارة الحسية من فرد لفرد ومن وقت لوقت فهو من المتغيرات والمتحولات النفسية ولا يمكن صياغتها وفق قانون عام ولكنها تخضع لعوامل ذاتية وموضوعية تؤثر في شكل الاستجابة ولذلك نرى تعدد أشكال الاستجابة مع وحدة المؤثر مع ملاحظة تعدد المستثارين{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7.
الحس إذن بهذه الصورة التي بيناها تعتمد في كثير من نواحي فهمها إلى الربط بين حقيقة كون الحس هو إستثارة تلقائية ميكانيكية وبين الاستجابة للمؤثر الإرادية المتحكم بها بموجب عوامل مشتركة بين ما هو ذاتي محض وبين ما هو مكتسب تحصلي ليتولد من الشعور بالمحسوسات إراديا انفعاليا على القواعد الحاكمة بموجب العلم النفسي العصبي التشريحي للإنسان.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الإنسانية _ تعريف ومفهوم
- وداع مريم الاخير
- حقوق الأقليات _ قراءة في الفكر الإسلامي
- أهمية فهم المعاني لدارس علم النفس
- عقلنة العلم أم علمنة العقل
- في الفهم القرآني للنفس والسلوك _ الجزء الثاني
- فهم النفس فهم السلوك الجزء الاول
- جدلية صراع القيم
- قوة العلم
- أصالة الكينونة
- ما هو التأريخ ج1
- ما هو التاريخ ج2
- أزمة الفهم وتجسيد الأزمة
- البرغماتية الكهنوتية
- دور الفلسفة في التغيير
- أساسيات التغيير الفكري في أوربا
- كل النساء في مدينتي خالاتي
- أنسنة الوجود الكوني
- أغنية لبغداد ,بين نعمانك وكاظميك
- المال العام بين النزاهة والابتزاز


المزيد.....




- وزير الدفاع السلوفاكي يعلن خضوع رئيس الوزراء لعملية جراحية ج ...
- عالم الزلازل الهولندي الشهير هوغربيتس ينشر تغريدة مثيرة عن ا ...
- -رحلة خطيرة عبر طريق سرّي-.. مخرج إيراني يكشف طريقة هروبه حك ...
- في دارفور -قد تظهر إبادة جماعية جديدة- - نيويورك تايمز
- شاهد: إجلاء آلاف الأشخاص من منطقة خاركيف الأوكرانية
- بوتين يشيد بالعلاقات الثنائية المتنامية مع بكين في مجال الط ...
- بوتين معلقا على مؤتمر سويسرا: السياسة لا تقبل -لو-
- وزير خارجية إيطاليا لا يرى مؤامرة سياسية في محاولة اغتيال في ...
- غزة: الجيش الإسرائيلي حرق أجزاء كبيرة من مخيم جباليا
- مصطفى بكري يكشف سرا عن سيارات العرجاني


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحس و الإحساسية