غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 11:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تـصـريـحـات مستر كـيـري.. ومصير ســـوريـا
كارلا ديلبونتي, القاضية الإيطالية الجنسية, المشهورة بالتحقيقات عن الجرائم ضد الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العديد من القضايا الدولية والإنسانية, صرحت بعد إنهاء تحقيقها عن استعمال الأسلحة الكيميائية في سوريا.. صرحت أن تحقيقاتها الواسعة أوضحت أن محاربي جبهة النصرة هي التي استعملت هذه الأسلحة في بعض المناطق السورية, حتى تدان سلطات دمشق.
بينما السيد كــيــري, وزير خارجية الولايات المتحدة والذي يتابع الملف السوري عن قرب, يؤكد بعد صمت طويل مشبوه, دون أية إثباتات يستطيع تقديمها لوزير الخارجية الروسي السيد لافروف. أن الجيش السوري هو الذي استعمل هذه الأسلحة الكيميائية الفتاكة...دون أي حياء أو خجل. كأنما الكذب الــهــتــلــري, الذي استعمله كل وزراء خارجية أمريكا, من أيام بــوش الأب والأبن وخلفهم وخليفتهم باراك حسين أوباما... وما أبدوه من كذب ونفاق حربجي استعماري, مثلما فعلوا بالعراق الجريح وغير العراق.. لا يكفيهم.. معتقدين دوما أنهم أسياد العالم. يسيدون ويميدون زارعين الفتنة والحرب والخراب في أربعة أقطار المعمورة.
ولكن هذه المرة, تغيرت قواعد اللعبة... وهناك دول كبيرة جديدة لم تعد تصدق كل ما تقوله التصريحات الأمريكية. وتحذر من اعتداءات أمريكا وتحريضها على الدول الآمنة الصغيرة, وما تزرع فيها من دسائس وخراب.. وخاصة عبر الإثارات والدسائس الطائفية... خشية أن هذه الفتنة التي تنشرها بواسطة بعض المؤسسات الإرهابية الإسلامية, التي خلقتها هي نفسها في نهايات القرن الماضي, قد تصل إلى داخل حدودها ومدنها, وتعيث فيها فسادا وتخريبا. وروسيا لديها تجارب وتجارب في هذا المضمار, وعانت سنوات من الإرهاب القاعدي والإسلامي, داخل وخارج حدودها الطبيعية. وهي التي تحذر من نوايا أمريكا الظاهرة والخفية, بكل ما يتعلق بالملف السوري.. وخاصة عندما حاول السيد كيري هذا اليوم, إدخال بعض الشروط الملغومة, بما يتعلق بهذا الملف.. مما دفع الوفد الروسي برئاسة السيد لافروف, إلى رفض هذه التعديلات والتي لم تكن حاضرة أو مقبولة خلال الجلسات السابقة.. وهذا هو السبب الرئيسي لعدم متابعة مؤتمر موسكو, وتأجيله مبدأيا حتى نهاية هذا الشهر. حسب المستشار الإعلامي لكل من الوفدين الروسي والأمريكي................
وفي نفس الوقت اندلعت تفجيرات آثمة في بلدة تركية, على الحدود السورية ــ التركية, راح ضحيتها عشرات القتلى وعشرات الجرحى, بالإضافة إلى عديد من الخسائر في الأبنية والأضرار الظاهرة.. مما يعطي الفرصة ــ حسب الأوامر الأمريكية طبعا ــ للسلطات التركية باتهام المخابرات السورية بهذه العمليات, والتي نــفــتــهــا دمــشــق شكلا وجوهرا كليا. واعتبرتها اتهامات مفتعلة للتصعيد.. وهنا نعود إلى الوسائل الأمريكية الهتلرية المعهودة المعروفة, التي حدثنا عنها مؤرخو الحرب العالمية الثانية. والتي تدرس بأولى صفوف الإعلام.. وفي كل دورات المخابرات البسيطة العادية, لدى جميع الأمم... يعني عندما نريد مهاجمة دولة, ولدينا بعض دعم داخلي أو دولي, نفتعل انفجارا أو تعديا حدوديا من طرف الدولة المقابلة المرغوب الاعتداء عليها.. ونحرك بعض عناصر الطابور الخامس الموالي.. ثم نهاجم بواسطة الجيوش النظامية المكثفة على الحدود.. ونضع البلد المهاجم أمام ديكتات الأمر الواقع... وخاصة إذا كانت جحافل جبهة النصرة والقاعدة واجهزة الناتو الرقابية والعسكرية والهجومية جاهزة كليا لمساعدة هذا الجيش التركي المعتدي... ولفيف من أبناء عمنا العربان يحمسهم ويصفق لهم, وحتى أنهم يغطون كل نفقات اعتداءاتهم... والطيران الإسرائيلي يدخل في المعمعة ويساعدهم, بضربات جراحية مؤذية آثمة.. والقرضاوي بعد كل هذا يفتي لهم بركاته منعما عليهم شكره وجناته.. والناطق بلسان ما يسمى الجيش الحر, يرسل تشكراته عبر التلفزيون الإسرائيلي والتلفزيون التركي الأردوغاني, أن تركيا وإسرائيل والناتو فكوا ضائقته وهمه وحصاره... وأن فرحته لا حدود لها بتهديم ما تبقى من المدن الحدودية السورية... تتبعه إدارات المعارضات المختلفة بالتصفيق في الفنادق الفخمة في الدوحة وجدة واستنبول وباريس ولندن, فاقعة التصاريح الطنانة, مع أو بدون شمبانيا (إذا كان الزعيم المعارض ملتزم بالشريعة أو لا) أن تتابع هذه الجحافل الغازية الغريبة الأجنبية, زحفها نحو دمشق وتحرقها.. وأن تهجر سكانها وتهدمها بالكامل, حسب السيناريو العراقي, أيام الرئيس صدام حسين.. حتى يعودوا إليها فاتحين... ولو أنه لن يتبقى فيها حجر على حجر... ويكتمل ســيــنــاريــو الخيانة!!!... ويضحك مستر كيري ويرضى عنه أسياده في مؤسسة الإيباك الصهيونية في نيويورك.. ويضحك نتنياهو ويزهو ويفتخر..من انتصاره بعد هذه المعركة السياسية الدولية التي لم تكلفه أي شيكل واحد!!!...
*********
تصوروا واحذروا أيها السوريين. أن هذا ما يحاك ضد بلدكم في الظاهر والخفاء.. هذا المساء.. لهذا أرجو من تبقى من العاقلين والحكماء في هذا البلد.. من سلطة أو معارضة وطنية غير مشتركة وداخلة وراضية بهذه المؤامرة الواسعة التي تحاك ضد بلدكم. تحاوروا.. تقابلوا.. تحاوروا.. تقابلوا.. بصدق وعزيمة.. قبل أن يطالكم هذا التسونامي من التآمر والعداء... وحاولوا إنقاذ ما تبقى من سيادة هذا البلد ومستقبله... رصوا صفوفكم متحدين, لرد أي اعتداء سياسي أو حربجي داخلي أو خــارجـي... بحواركم واتحادكم اليوم, قبل الغد.. تنقذون البلد وما تبقى منه من الخراب والدمار الذي تحضره لكم بتركيز وتخطيط هذه الدول العدوانية.. وخاصة إحذروا غدر أبناء عمكم العربان.. ولا تصدقوا وصاياتهم ونواياهم...لأنهم خلال خمسة عشر قرن, نفثوا سموم الغدر والطعن في الظهر والعدوان... آخر قوة لكم تكمن اليوم بمصالحة فورية سـورية ــ سـورية. وهكذا تجندون سوريا كلها للدفاع عن هذا الوطن وحريته وأمانه ومستقبله.. وخاصة سيادته التي يتفاوض عليها المتفاوضون... والذين لا بد سوف يضعون مصالحهم الاستثمارية والرأسمالية والبترولية.. قبل أية مصلحة...
لذلك ــ رجــاء ــ اتفقوا ودافعوا عن مصلحة ســــوريــا قبل أية مصلحة... لأنكم اليوم أمام واجهة التاريخ والحقيقة.
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟