|
- الأجنبي - أحسَن
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 14:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيراً ما تخرج علينا ، وسائل الإعلام ، بإعلانات حول قُرب وصول جّراح العظام ( الأردني ) الكبير الى أربيل .. أو يُكّرِر التلفزيون بُشرى سّارة للمواطنين ، بقبول الطبيب الأردني الشهير في الامراض الباطنية ، بإجراء الفحوصات والتشخيص والعلاج ، في إحدى مستشفيات السليمانية .. أو الحكيم الإيراني الخبير بأمراض العيون .. أو اللبناني المعروف ، بعلاجه للعُقم والامراض التناسلية .. وكذلك إنتشرَتْ عندنا هُنا ، ظاهرة فتح المستشفيات الأهلية " الأجنبية " .. فهُنا مُستشفى ( ألماني ) .. وهنالك آخر ( فرنسي ) وعيادات مُتخصصة ( تركية ) و ( إيرانية ) .. الخ .. بل حتى المدارس والكليات الخاصة لم تَنجُ من هذه الهجمة " الأجنبية " .. فمن معاهد وكليات " عشق التركية " الى المدارس البريطانية والفرنسية ، وحتى المراحل التمهيدية ، توجد فيها إبتدائيات تُدّرِس كافة المواد بالإنكليزية ، لإطفال الميسورين والأغنياء . وهذه الظاهرة ، سواءً في التعليم أو الصحة أو غيرها .. شئٌ طبيعي . فحين تحدث في مُجتمعٍ ما طفرات في التنمية ، فأن من المُتوقع أن يحدث [ إنفتاحٌ ] على العالم . وعلى إعتبار ، ان ( التنمية ) الحاصلة عندنا .. ليست طبيعية ولا هي ناتجة عن النمو في الصناعة والزراعة والسياحة ، وليست هنالك تنمية بشرية مُتلازمة مع ذلك .. بل ان كُل الذي حصل ، هو إرتفاع أسعار النفط عالمياً .. وإزدادتْ الواردات بشكلٍ كبير . فلقد تضاعفتْ ميزانية الأقليم في 2012 مثلاً ، عشرة أضعاف ماكانتْ عليه في 2004 ! . وهذه الزيادة الكبيرة للغاية وخلال فترة قصيرة لا تتعدى بضع سنوات .. أظهرتْ الخلل البنيوي الذي نُعاني منه في أقليم كردستان ، وإفتقارنا الى رُؤيةٍ إستراتيجية متكاملة ، تأخذ بنظر الإعتبار .. التنمية البشرية المُستدامة . فلقد أهملنا إقامة بُنى تحتية متينة كبيرة .. وإنشغلنا بمشاريع ذاتَ بُعدٍ " مَظهَري " بّراق .. فطيلة ما يُقارب العشر سنوات ، أخفقنا في إنشاء شبكة مواصلات مُتقدمة ، ولا زالت شوارعنا الخارجية والداخلية ، تُعاني الكثير من التخلُف والبُؤس .. فشلنا في إقامة مصفى كبير للمُشتقات النفطية ، بمواصفات عالية يستطيع تلبية مُتطلبات الاقليم .. أهملنا الزراعة بصورةٍ شنيعة ، ولم نرتقي لحدود التفكير الجدي ب ( الأمن الغذائي ) .. وإعتمدنا بصورةٍ شُبه كلية على الإستيراد ، ولم نُنشِئ مشاريع صناعية ذات قيمة . إضافة الى عشرات التفاصيل الاخرى ، من قبيل تخّلف النظام التربوي والتعليمي وكذلك تخلف نظام الرعاية الصحية والصرف الصحي والرعاية الإجتماعية ... الخ . وطبعاً .. قبلَ ذلك كله : إفتقارنا الى [ تنمية بشرية مُستدامة ] .. إذ ان أهم ثروة يمتلكها أي بلد ، هي الثروة البشرية ، وليست النفط او غيره . أمتلك تجربة شخصية غنية وطويلة ، مع ( الأطباء ) العراقيين المحليين هنا في الأقليم ، ناتجة عن كَم الامراض التي اُعاني منها منذ سنين .. كذلك زرتُ مُستشفيات تركيا أكثر من مّرة .. ولدي معلومات مُفصلة عن مستشفيات الأردن ولبنان وسوريا وإيران " من خلال الكثير من الأصدقاء والمعارف الذين راجعوها " . بالنسبة لي ، إضطررتُ الى الذهاب الى تركيا ( لإجراء فحوصات لم تكن مُتوفرة هنا في الأقليم ، وأُجرِيتْ لي عملية جراحية هناك ) . أقول واثقاُ ، ان الاطباء العراقيين لايقّلون كفاءةً وعلماً ، عن أقرانهم في دول الجوار والعالم .. إذا لم يفوقونهم فعلاً ! . كُل المسألة ، أن ( نظامنا الصحي ) مُتأخر ، من حيث الإدارة عموماً والأجهزة الحديثة والإهتمام بالكادر وتحديث القوانين .. الخ . وكذا .. التربية والتعليم .. لا نفتقر الى مُعلمين بارعين مُخلصين ، لكن مرةٌ اُخرى : مُشكلتنا ، هي تخلُف ( النظام التربوي التعليمي ) عموماً ، وضعف الإهتمام بالتنمية المُستدامة . ........................ لا المستشفيات الاهلية ذات الأسماء والألقاب الاجنبية المنتشرة في الأقيم اليوم ولا الأطباء الأجانب الزائرين .. سوف يحلون مشاكلنا الصحية .. ولا الكليات والمدارس الاجنبية الموجودة ، ستوقف تخّلف التربية والتعليم عندنا . بل الحَل يكمن ، في : إستثمار الميزانية الكبيرة للأقليم ، في الأوجُه الصحيحة وبالأساليب العلمية الصحيحة ، وتطوير وتحديث الأنظمة التربوية التعليمية والصحية عندنا . ان عُقدة " الخَواجة " كما يقول المصريون .. أي عقدة " الأجانب " ، مازالتْ تفعل فعلها السلبي في مُجتمعنا : فهنالك الكثير من الناس يتأثرون بسهولة ، بمُجرد ان تقول لهم : ان الطبيب " أجنبي " فيثق به أكثر من الطبيب المحلي ، أو ان المدرسة الفلانية أجنبية .. بل حتى ان البضائع الاجنبية عموماً ، عند هؤلاء ، هي أفضل بلا نقاش ، من البضاعة المحلية . انها ممارسة لا واعية للدونية ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( دالغة ) نفطِية
-
يومٌ حزين للصحافة العراقية
-
الطلاقُ بالثلاثة
-
الموصل .. قبل الإنتخابات
-
الإنتخابات الثلاثة في أقليم كردستان
-
الحكومة .. وأقلام التأريخ
-
مُراسلونَ وخَدَم
-
متى ستسقط الحكومة ؟
-
- صخرة البَصَل - .. والكعبة
-
رسالة أوجلان .. ملاحظات أولية
-
الموصل ... مدينةٌ خطيرة
-
مِنْ حّقِنا أن نَحلَم
-
دُولٌ تأفَل .. ودولٌ تظهَر
-
شعب أقليم كردستان أكثرُ طَمَعاً
-
مُستقِل وليسَ مُحايِد
-
- حَركة الشَواف - ومُظاهرات الموصل
-
ليسَ هنالك ، بشرٌ مُقّدَس
-
بعض الضوء على الساحة الكردستانية
-
مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة
-
إحتكارات .. وتسويق
المزيد.....
-
هاجمه بمطرقه وحاول دهسه.. كاميرا مراقبة تلتقط حادثة مرعبة عل
...
-
فيضانات وإجلاء المئات من الأشخاص في جنوب غرب ألمانيا
-
-القسام-: استهدفنا منزلا شرقي رفح تحصن فيه عدد كبير من الجنو
...
-
-هيبة وحشمة-.. تسليم سفيرة السعوديه أوراق اعتمادها لملك إسبا
...
-
لأول مرة في العالم.. روسيا تطور مادة لترميم كلي للعظام
-
إصابات خلال احتجاجات ضد الأجانب في قرغيزستان والسلطات تنشر ف
...
-
تقرير عبري: قطر طلبت بالفعل من قادة حماس المغادرة الشهر الما
...
-
فاجعة على أسوار فيينا.. تسرّعَ الصدر الأعظم وخانَ الخان فانه
...
-
تستهدف من -يتباهون بثرائهم-.. حملة لحذف منشورات -تمجيد المال
...
-
13 جريحاً في تصادم قطارين بالعاصمة الصربية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|