|
الحكومة .. وأقلام التأريخ
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4045 - 2013 / 3 / 28 - 12:44
المحور:
كتابات ساخرة
صديقي وإبن عمتي الراحل ( ك ) ، كان طالباً في جامعة الموصل ، كلية التربية ، قسم التأريخ .. في الستينيات من القرن الماضي .. والموصل كانتْ حينها ، مدينة مُغرية وجَذابة ، لاسيما بالنسبة الى شابٍ قادمٍ من قصبةٍ جبلية نائية بحساب ذاك الزمان .. فكانتْ عامرة بالملاهي والبارات ودور السينما ، وكُل ما يبحث عنه ، فتىً يافع في مُقتبل حياته ! . والد ( ك ) كان ميسور الحال الى حدٍ ما .. وكان يدفع الى ولده الطالب الجامعي ، مصاريف دراسته وإقامته .. لكن المبلغ الشهري ، لم يكن يكفي ، لتلبية " المتطلبات الاخرى " غير الدراسية .. ولأن الوالد ( ح ) كان شُبه اُمّي ولايفقه شيئاً في أمور الجامعة ولا تفاصيل الدراسة في المدينة الكبيرة .. فأن ( ك ) كان يلجأ بين الحين والحين ، الى طلب نقود إضافية ، بذريعة انه بحاجة الى شراء [ أقلام لمادة التأريخ القديم ] .. فكان الوالد المسكين يعطيه بضعة دنانير ! .. وبعد أيام يطلب منه مبلغاً لشراء أقلام تأريخ العراق .. وبعدها بفترة ، اقلاماً لتأريخ الحروب الصليبية .. وهكذا ! . بمثل هذه الحِيَل البسيطة والأعذار السهلة ، حصلَ قريبي على تمويلٍ إضافي لإرضاء إحتياجاته .. ووالده ، بالطبع أدركَ مُبكراً حقيقة ما يحدث ، لكنه تغافلَ مُتماشياً مع الفكرة .. في تواطؤٍ غير مُعلَن ، لإستكمال الدُعابة ! .. فحتى الآباء في ذلك الزمان كانوا أكثر إنفتاحاً و أريحية . ................................... غير ان ما يجري في أروقة الحكومة العراقية في بغداد وحكومة الأقليم في أربيل .. بعيدٌ كُل البُعد ، عن المثال أعلاه .. ففي حين ان الراحل ( ك ) كان يصرف خمسة عشر دينارا في الشهر ، مثلاً .. بدلاً من إستحقاقه البالغ عشرة دنانير ، مُبذِراً خمسة دنانير على أشياء زائدة .. لكنه على أية حال ، أكملَ دراسته بنجاحٍ .. وكانَ وفياً وكريماً مع أصدقاءه . بينما من الشائع والعادي ، ان تعقد الحكومة عندنا ، صفقة لشراء طائرات أمريكية ، بِسعرٍ يبلغ ضعف السعر الذي تشتري به " قَطر " نفس الطائرات وبنفس المواصفات والموديل وفي نفس الفترة ! . هذه من إنجازات وزارة الدفاع ، التي تُطالب بميزانية إضافية لشراء [ أقلام تأريخ الحروب الصليبية ] !.. إلا ان وزارة الداخلية ، ليستْ أقل منها فساداً ، فصفقة الاجهزة الكاشفة للمتفجرات والتي كلفتْ الميزانية الشئ الفلاني ، ظهرَ إنها تكشف العطور أكثر من كشفها للعبوات والديناميت ! ومع هذا فأن الوزارة لاتكف عن المُطالبة بمبالغ إضافية لشراء [ أقلام حبر أو باندان لتأريخ حروب الرّدة ] . اما وزارة التجارة ، فلقد بّزتْ الجميع ، فأنها تستورد أسوأ المواد الغذائية بأغلى الأسعار .. وتطلب من مجلس النواب بين الحين والآخر ، مبالغ إضافية كبيرة ، لشراء [ أقلام تأريخ حروب داعس والغبراء ] ! . ووزارة الخارجية التي إستوردتْ وروداً طبيعية من لبنان بقيمة حوالي المليون دولار ، أثناء القمة العربية في السنة الماضية ، للترحيب بالقادة العرب ، الذين لايستحقون غير الأشواك ! .. الوزارة تقول انها بحاجة الى مُخصصات إضافية لشراء [ أقلام تكتب بالحبر السِري ] . لا داعي للإطالة .. فأن جميع الوزارات بدون إستثناء وكُل مجالس المحافظات وأمانة العاصمة .. لايتوانونَ عن شفط الميزانية في كُل سنة ... لشراء الأقلام ! . أن " الأقلام " التي يّدعونَ شراءها .. تخُطُ بِشكلٍ يومي ، أسطراً في سِجل الفساد المُتفشي .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُراسلونَ وخَدَم
-
متى ستسقط الحكومة ؟
-
- صخرة البَصَل - .. والكعبة
-
رسالة أوجلان .. ملاحظات أولية
-
الموصل ... مدينةٌ خطيرة
-
مِنْ حّقِنا أن نَحلَم
-
دُولٌ تأفَل .. ودولٌ تظهَر
-
شعب أقليم كردستان أكثرُ طَمَعاً
-
مُستقِل وليسَ مُحايِد
-
- حَركة الشَواف - ومُظاهرات الموصل
-
ليسَ هنالك ، بشرٌ مُقّدَس
-
بعض الضوء على الساحة الكردستانية
-
مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة
-
إحتكارات .. وتسويق
-
هل ستجري الإنتخابات في 20/4
-
- سعيد - يبتهلُ الى الله
-
المالكي .. وتفريغ البانيو
-
على المُعتدلينَ أن يرفعوا صوتهُم
-
مُظاهرات العراق . الى أين ؟
-
بُقعة ضوءٍ صغيرة
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|