أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة














المزيد.....

مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4022 - 2013 / 3 / 5 - 12:17
المحور: المجتمع المدني
    


قبلَ أيام ، هنا في مدينتي .. كانتْ مجموعة من طالبات الصف التاسع ، أي الثالث المتوسط ، في ساحة أحدى المدارس .. يتبادَلنَ أثناء الفُرصة أو الإستراحة بين الدروس ، الحديث والصياح والنكات والضجيج .. شأنهنُ شأن الفتيات في عُمر الورود في كُل مكان .. يتضاحكَنَ ويتشاقينَ .. وكما يحدث في أحيانَ كثيرة في مثل هذه الاوقات ، حيث تجتمع الفتيات لدقائق قبل دق الجرس .. فأن الطالبة " ل . ع " قالت : ان المُدّرِس الفلاني سخيف . فما كانَ من بعض الطالبات ، إلا وهرعنَ لإخبار إبنة المُدرِس المعني ، والتي هي طالبة أيضاً في نفس المدرسة .. وسارعتْ الإبنة لإخبار والدها ... الذي بادرَ فوراً بإخبار المُدير وطالبَ بفصل الطالبة من المدرسة .. والمدير قام فعلاً بمُعاقبة الطالبة وفصلها لمدة ثلاثة أيام بِتُهمة [ طول لسانها وتطاولها على المُدرِس ]! .
هذا كان موجزاً للفصل الاول من المأساة .. عادت الطالبة " ل . ع " ذات الخمس عشرة سنة ، حزينةً الى منزلها ، وأخبرتْ عائلتها بما حدث . فذهب ولي أمرها صباح اليوم التالي ، الى مديرية التربية ، في مُحاولة لتسوية الأمر ، وأبدى إستعداده لتقديم الإعتذار للمُدرِس والمُدير والتعهد بعدم تكرار ذلك .. والسماح لإبنتهِ بالعودة الى الدوام .. إلا ان جهوده لم تثمر كما يبدو ! . وسمعتْ الأبنة المُنهارة ، ان الإدارة ، قد وزعتْ أمر فصلها لثلاثة أيام وحسم عشرة نقاط من درجة سلوكها ، على كافة الصفوف في المدرسة .. فلم تتحمَل ذلك .. وقامتْ بإشعال النار في جسدها ! . هذا موجز القسم الثاني من المأساة .
نُقُلِتْ الفتاة المسكينة ، على عَجل .. الى المُستشفى .. ولكن نسبة إحتراقها كانت في حدود 95% .. ولم تنفع كافة الإسعافات في إنقاذ حياتها .. فلقد فارقتْ الحياة في وقت مُبكر من صباح أمس ! .. لتكتمل بذلك فصول المأساة المُروِعة .
..........................................
الحادثة هذه ، هّزَتْني من الأعماق .. فمَنْ هو المُلام ومَنْ المسؤول عن هذه التراجيديا السوداء ؟ هل هي الطالبة التي نعَتَتْ المُدرِس بكلمةْ غير لائقة ؟ هل هُن الطالبات اللاتي أخبرنَ إبنة المُدرِس ؟ هل هي إبنة المُدرس التي بَلغتْ والدها ؟ هل هو المُدرِس ؟ هل هو المُدير ؟ هل هي عائلة الطالبة ؟
هل حقاً .. ان إطلاق " كلمة " .. أي كلمة مهما كانتْ قاسية أو نابية أو غير لائقة .. لاسيما مِنْ قِبَل فتاةٍ لم تتجاوز الخمسة عشر سنة .. قالتْها ممازحةً او حتى مُتعمدة بِحق مُدرِسٍ ، أمام بعض الطالبات .. تؤدي الى هذه المضاعفات ، والتصعيد والتوتر ، الى درجة الإنتحار ؟
لو ان الطالبات كُنَ أكثر نضوجاً ، ولم يخبرنَ إبنة المُدرِس لإغاضتها .. لو ان الإبنة لم تُبَلِغ والدها .. لو ان المُدرِس كانَ أكثر تسامُحاً وتساهُلاً .. لو ان المُدير كان أفضل خبرةً وتفهُماً .. لو كان الأهل أحسن وأسرع تصرُفاً .. ولو كانتْ الضحية ، أقل حساسية ورهافة .. لِما كانتْ هذه المأساة .
...................................
لازالَ أمامَ نظامنا التربوي والتعليمي ، الكثير لكي يرقى الى مُستوى يُؤهله ، للتعامل الصحيح مع الفئات العُمرية من الذكور والإناث لاسيما في مرحلة المُراهقة ، والتصرُف الحكيم والواعي مع كُل حالة حسب ظروفها ، والتحّلي بالمسؤولية والترفُع عن ردود الفعل العاطفية ، وعدم التسرُع بإتخاذ القرارات ... ان شعور الفتاة المسكينة ، بالظُلم والحَيف ، وان عقوبتها كانتْ قاسية للغاية ولا تتناسب مع ما إقترَفتْهُ من ذنب ، ولرهافة حسّها المُفرطة ، ولقلة وعيها وهشاشة إدراكها، ولشعورها بالعجز ، فلقد قامتْ بإشعال النار في نفسها ، وفقدتْ حياتها على أثر ذلك .
مَنْ مِنّا ، في طفولته وشبابه ، لم يتفوه أحياناً ، خلال الحديث مع أصدقاءهِ ، بكلماتٍ قاسية او غير لائقة او سّمِها ماشئت ، بِحق المُدرس أو المُدير ، أو حتى بِحق أقرب المُقربين إليهِ ؟
.......................................
تباً لهذه " الكرامة المُزيفة " التي بذريعتها الواهية ، فقدتْ هذه الإنسانة اليافعة حياتها .. تباً للأساليب الخاطئة في التعاطي مع مثل هذه الحالات البسيطة .. تباً للقِيَم المجتمعية البالية .. تباً للإستهتار والسطحية المُستخدمة في معالجة الأمور ..
في مثل هذه الأيام ، وعشية الإحتفال باليوم العالمي للمرأة .. أليسَ من الجنون أن تنتحر فتاة صغيرة ، لمثل هذا السبب البالغ التفاهة ؟.



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إحتكارات .. وتسويق
- هل ستجري الإنتخابات في 20/4
- - سعيد - يبتهلُ الى الله
- المالكي .. وتفريغ البانيو
- على المُعتدلينَ أن يرفعوا صوتهُم
- مُظاهرات العراق . الى أين ؟
- بُقعة ضوءٍ صغيرة
- ميزانية الاقليم : اللحم والعَظم
- طرطور
- إشاعات من الموصل
- أم كلثوم المُنّقبة والمعّري المقطوع الرأس
- نحنُ مُستعجلون .. والعَجلة لا تدور
- قضية - سيمون - وتداعياتها
- نصيحة
- صديقي الراحل والجّنة
- لا وجود لأي فسادٍ في أقليم كردستان
- بين تركيا وحزب العمال .. مُلاحظات
- مُحّمَد ( ص ) يدعمُ مُظاهرات الموصل !
- كيفَ سيكون تشييع المالكي ؟
- مَشهدٌ بسيط من الحِراك الفكري


المزيد.....




- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - مأساةٌ .. عشية اليوم العالمي للمرأة