متى ستسقط الحكومة ؟

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4042 - 2013 / 3 / 25 - 11:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

معظم دول الخليج النفطية ، رغم رجعية ملوكها وأُمراءها ، وتَخّلُف سياساتها الإجتماعية .. فأنها نجحتْ خلال العقود االماضية ، في تقليص الإعتماد الكُلي على النفط ، بدرجاتٍ متفاوتة .. وقامتْ بإستصلاح الأراضي القاحلة ، وتَحلية مِياه البحر ، وإقامة مشاريع صناعية وزراعية وبتروكيمياوية مُتطورة .. بحيث ان بلداً مثل الكويت ، أصبح يُصّدِر بعض المنتجات الزراعية والسعودية مُكتفية تقريباً من حاجتها الى القمح ، والإمارات تحولتْ الى مركز عالمي للتجارة والسياحة .. ورغم اللاعدالة في توزيع الثروات ، وإستحواذ العوائل الحاكمة ، على جُزءٍ كبير من عائدات النفط في بلدان الخليج ، والتعتيم على مصير مئات المليارات من الدولارات ، التي وضعوها ، في بنوك الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي ذهبتْ هدراً خلال الأزمة الكبيرة قبل بضع سنوات التي عصفتْ بالنظام المصرفي الغربي وأفْلَستْ كُبريات البنوك التي كانتْ تحوي مليارات دولارات الملوك والأمراء الخليجيين .. فأن الأزمة التي كانتْ من تداعياتها ، تَعّثُر الإقتصاد الأمريكي نفسه ، وظهور بوادر أزمات خطيرة في أيرلندا واليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا ... الخ .. إلا ان الوضع المالي والإقتصادي في دول الخليج ، أثبتَ متانتهُ ولم يُصَب بالإنهيار .. وذلك بسبب التعامُل الذكي [ نسبياً ] مع موارد النفط ، رغم الفساد ولاعدالة التوزيع . أقول " نسبياً " ، مُقارنةً بالوضع في العراق عموماً .
لا أعتقد انه يوجد بلدٌ في العالم ، توجد فيه نسبة عالية جداً من ( مُستلمي الرواتب من الحكومة ) ، كما في العراق .. وبالطبع ليسَ ذلك ، بسبب نشاط القطاع العام الحكومي او حاجتهِ الى كُل هؤلاء الموظفين والعاملين .. بل بالعكس ، فأنه دلالة على الترهُل والبطالة المُقنعة ، والتعكُز على الدولة في كُل شئ .. مما أدى الى تكريس ، مُجتمعٍ إتكالي خامل غير مُنتِج ، من ناحية .. وتوفير إمكانية للسلطات الحاكمة ، للتحكُم بالجماهير ، من ناحيةٍ اُخرى . فعلى سبيل المثال ، ان المواطن " النرويجي " الذي يعمل ، يدفع جُزءاً كبيراً من واردهِ ، ضرائب .. للحصول على أحسن الخدمات .. لكن هذا المواطن " مرفوع الرأس " لأنه لايعتمد على " مساعدة " أو " مِنّة " من الحكومة .. بل ان الخدمات التي يتمتع بها ، هي من [[ حقوقه ]] الأساسية .. بل ان الحكومة بِكُل أجهزتِها ورئيسها ووزراءها [[ يخدمون ]] المواطن .. في حين ان النرويج دولة نفطية ، ولكنها ، تعرف كيف تستثمر مواردها النفطية ، للتنمية المستمرة لبلدها ، وتأمين أفضل فُرَص الراحة والسعادة ، لشعبها .. ليس الجيل الحالي فقط ، بل الأجيال القادمة أيضاً .
بِكُل خِفة وقِلة إدراك .. تتسابق حكومة بغداد ، مع حكومة اقليم كردستان .. بِخداع نفسها وخداع الشعب : ب [ توفير ] فُرص عمل في كل سنة .. والفُرص التي يوفرونها ، هي بالأساس ، تعيين المزيد والمزيد من الموظفين والعاملين ، في القطاع الحكومي العام بدون أي حاجةٍ فعلية .. وتحميل الميزانية المزيد من الأعباء .. بحيث ان هنالك الكثير من الدوائر ، لايُداوم فيها في الواقع غير نصف المنتسبين فقط ، والجميع يستلمون رواتب .
إذا طرحنا الأطفال واليافعين ، من عمر سنة لغاية السابعة عشر .. فيكاد لايوجد احد ، لايستلم راتباً من الدولة ، في طيفٍ عريض ، يتراوح بين : مُتقاعِد / رعاية / سجين سياسي سابق / مُتعرض للتعذيب سابقاً / موظف / عامل / شرطي او جندي او بيشمركة او رجل امن ... الخ . ومن البديهي ، ان نسبة مهمة من كُل هؤلاء ، مستمسكاتهم غير صحيحة ويتحايلون على القوانين السائدة ، وان رواتبهم التي يستلمونها .. غير قانونية ولا شرعية .
الأحزاب الحاكمة في كُل العراق .. ليستْ مُتحمسة في الحقيقة ، لعمل إصلاحات جذرية في الواقع الإقتصادي ولا في تخطيطٍ علمي ، ولا في تنمية بشرية مُستدامة .. فهي تريد إستمرار الوضع الحالي : سُلطة مُتحكمة بموارد النفط ، تدفع جُزءاً منها رواتب الى جموع الموظفين والعاملين ، وتمُن عليهم بين الحين والحين ، بِمكرمات وعَطايا ، وتبعثر الباقي في متاهات الفساد .. وشعبٌ خنوع ، تابع .. ينتظر رأس الشهر بِصبرٍ وأناة ، ليستلم الدنانير التي تتكرم بها الحكومة الرشيدة وأحزابها الحاكمة ! .
...........................
إذا إنخفض سعر برميل النفط ، الى خمسين دولاراً على سبيل المثال .. فأنا مُتأكِد ان مُستوى المعيشة في النرويج ، لن يتأثر سلباً .. بدرجةٍ ملحوظة .. بينما ، إذا حدث ذلك ، فأن حكوماتنا في العراق ، ستسقط من تلقاء نفسها .. لأنها ببساطة ، لن تستطيع ( دفع الرواتب ) الحالية ، للجيوش الجرارة من الموظفين والمتقاعدين ! .
ان حكوماتنا ، أثبتتْ انها ، لاتحُل الازمات .. بل انها تُديرها فقط .. والأدهى من ذلك ، تُديرها بِشكلٍ سئٍ للغاية !.

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات