|
نصوص الحرب
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3807 - 2012 / 8 / 2 - 11:51
المحور:
الادب والفن
الحرب 1
الى هنادي جليل وزعيم نصّار
جاءوا في فجر الصيف يتحرّون قبور الغرقى ويأملون في العثور على النفيس الذي لا يمكن لنا أن نعطيه الى الغرباء ، مرّوا بين أشجار ريفنا وفي أيديهم أسلحة ، يشحذونها على الشمس المترنحة للصخور ، ولا يقدرون العواقب . نحن الأكثر اتزاناً منهم ، لا يصيبنا الذهول في الحرب المتعطشة الى ما يهلك سلالتنا ، ولا الرايات المطهرة ، نطويها ونعلّقها فوق الأحكام المرتخية للسنوات . صهلت خيول كثيرة على حدود أرضنا ، وفي مراصدنا التي يحرسها رجالنا الأشداء ، تحوّل الليل الذي يعصف فيه الشقاء الانساني ، ويدنس غرائزه ، الى مرايا تعكس الحمق الهائل للأعداء . جروح عميقة أصبنا بها في الماضي وضمدّناها بمطهرات من الأحجية المخذولة لهزائمنا ، وعاودنا الدفاع بآلات لا تقيم وزناً الى الهرب من البأس العظيم لما يحاول تدميرنا . أشجارنا التي تثمر الآن على الضفاف ، تلهو بين طرقها المخلصة صقور الآباء الذين رحلوا ومكثوا في الأزل ، ولا رماد يقاوم نسيمها المشدود الى الينابيع . كلّ حريق نزعزعه بشوك انتصاراتنا الظامئة الى الأمجاد الموحى بها من قبل آلهتنا ذات النهود الكبيرة المليئة بالأمطار .
الحرب 2
الى صلاح فائق
وهبتنا العصبة التي نكَّدت حياتنا في تقدمنا بالسن ، تحت الأدخنة المفتقة لهزيمتها الأخيرة ، النهاية اللاواعية لجروحها البليغة . نحن الآن ، نريد اسبال الهاوية على الأعمال الطائشة للأعداء ، ونريد أن نضَّحي بهذا اليوم من أجل الغائبين . قوارير خمورنا التي عتّقناها في الرفوف العالية لأشجار الكمثرى ، سنستلّها بلذة عظيمة ، وسنمنح الفضاء اشعاعات تحنو على الغيوم الحيوية ، وعلى السنبلة . فترات طويلة عانينا فيها الحصار المشين لمدننا ، وأعدائنا الملوك ، لم يتركوا لنا إلاّ الاصطفاف والاستعداد للتضحية من أجل ما اعتقدناه موضع اعتبار كبير الى إرث الآباء والأجداد الذين خطَّوا وصاياهم على الجص الأزرق لحوائطنا . كلّ معطى في الحرّ اللافح لتضحياتنا ، لا نبدّله بجلال تتعذر الهداية اليه ، وأسلحة الشهداء التي دفنّاها معهم ، وظلت تضيء أجسادهم ، تصلصل على الحديقة الأصلية التي لا تهلك النوائب التي بداخلنا . في جروحنا المفصولة عن ألمها ، نثبَّت ما يستحق التكريم اللائق الى أولئك الذين فارقناهم ، ويضغط علينا الواجب في انصافنا لعدالة نومهم في الأبدية .
الحرب 3
يكفّفنون قتلاهم بين الأريج اللامبالي لحشائش أرضنا في الليل ، ويحّكون مخالبهم في الأضواء العفيفة للمتاريس التي شيّدناها لاطالة هدنتنا معهم . كلّ حركة مباغتة تحت الصخور المتّنزهة في الأنهار ، تجرّدنا من الطمأنينة المحتشمة ، وتطيح بالمفتاح . صلاتنا المختزلة في استعراضاتنا لمحاربينا ، لا تمنحنا القدرة على الجزم بما سيفعله المُبَّوقون على الجانب الآخر وهم يطلقون صوب حقول قطننا الشرارات . مكائد فظيعة في ما مضى من تاريخنا الدامي ، أحوجتنا فيها الخبرة الى تصديّات لأولئك الذين يودون تحقيق انجاز ما ضدّنا . الريبة والحيطة ، تسدلان على سهادنا التراجيدي ، المرايا المفرطة في بروقها ، ويعيننا ورثتنا على التخلص من ثقل الظلمة التي لا تفصح عن حظوظها . نعيد في كلّ فجر ، انشادنا للمراثي التي نحفظها عن أجدادنا الذين قتلوا في حروبنا مع الصليبيين ، ونشحذ أسلحتنا في الأضرحة التي وسدّناهم ينابيعها العذبة . وميض عظيم تمتلأ فيه جباهنا ، والخيّالة الأعداء في مراقبتهم لنا خلف البوّابات العالية للنهار ، يتعلّمون الطَرق على المناحات . تحالفاتنا مع الذكرى التي فقدنا فيها الأجداد ، سفر أمين الى المعجزة المتخفّية للانتصار .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين
-
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
المزيد.....
-
مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20
...
-
دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك
...
-
بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك
...
-
شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا
...
-
برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
-
مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
-الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين
...
-
معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف
-
865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع
...
-
-شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|