|
لمَ هذا الرحيل ؟
عبد الجبار السعودي
الحوار المتمدن-العدد: 2663 - 2009 / 5 / 31 - 04:27
المحور:
عالم الرياضة
بحثتُ عنك وأسماعي تتردد عليها تلك الصيحات .. تطاولتْ أقدامي وأشتد ساعدها لكي تداعب تلك الكرة المدوّرة .. ونطق الآخرون .. حلوة عمـــّو ! تساءلتُ في أحشائي التي كانت تنمو .. و رددت دون أن أهمس في إذن الآخرين و سؤالي عنك .. من هو عمـّــو ؟ من تلك الساحات المتربة .. وذلك القيــــر الذي يُلهب بواطن الأقدام في تلك الأزقة ، وذلك العشق الجميل للكرة الساحرة ، وذلك العرق المتصبب الذي يرطــّب جباهنا و نطفأه بكفّ من ماء لا نعرف لونه وطعمه ،.. من تلك الهتافات و صيحات المشجعين وهي تتردد .. من كل هذا و ذاك عرفناك يا عمـــو ! وعرفنا بعدك و بعدك وغيرك ، أسماءً جميلة .. طمرتها الأيام العجاف و تلك السنين المُر التي عاشها الرياضيون العراقيون على مدى عقود مضت بين نسيان وتناسي و تمييز و أضطهاد و تقتيل .. عرفنا من خلالك كل الأسماء والمواهب الجميلة التي كسبتَ من خلالها حب الناس وحتى من غير الرياضيين ، لتكون شخصية القرن العشرين وما تلاه بدون منازع .. و يتردد أسمك في صيحات الجميع .. حتى الأمهات اللاتي لا يفقهن شيئاً عن تلك الكرة المدورة .. ردّدن أسمك في مناسبات عدة .. وحيث أختلطت صيحات الأفواه و طفرات القلوب مع أبتسامتك وأنتصاراتك الرياضية التي لا تغيب ! في حي (( عرفـــة )) في مدينة كركوك التي عشتُ فيها صغيراً يافعاً ، متغرباً عن (بصرتي الجميلة) بعد عام 63 ، هتف لي أحدهم .. من أنك موجود هناك في تلك البقعة الجميلة والواحة المزدهرة بطبيعتها و ساكنيها في زيارة ما .. ! طفحتْ الدماء في عروق تلك الأرجل التي عشقت الكرة و فنونها .. وبحثتُ عنك هنا وهناك في خطوات لا تخلو من متعة .. وسألت نفسي في حيرة ، كادت تقتلني .. أين عمـّــو ؟ غاب ذلك الملتقى، المرتجى ، وألتقطت عوضاً عنه صورة ً لك كانت معلقــة في إحدى المكتبات المتواجدة في (سوق العصري) في مدينة كركوك. صورة تفيض حباً للحياة ومعانيها ولمن يطالعها .. وفي أسفلها ذلك التوقيع الجميل الذي كنت تبعث به للقراء و للعشاق و للمطالعين. صورة الشباب الذي لم يكن رحلة عابرة في حياتك يا عمو ! صورة السنين العجاف التي تحديت فيها بحكمتك وشجاعتك وخبرتك .. هَوَس و جنون المتعجرفين والطائشين و الطارئين على الرياضة وكرة القدم بالذات . قلتها بشجاعة وطنية نادرة يوماً ما.. لأبن صدام بعد خسارة للفريق العراقي لكرة القدم عام 96 أمام السعودية: (( بابـــا .. آني ما أفتهم بالسياسة .. فما أتدخــّل فيها .. أنت ما تفتهم بالرياضة ، ليش تتدخـــل ؟ )) لكل ذلك وحتى الذين ناصبوك العداء ، وجدوا فيك تلك الشخصية الشجاعة والمقدامة في عطاءها وهي تسامر الكرة لعبـــاً و تدريباً و عشقاً والتي أبرهت حتى عقول الصغار وأنتَ تقيم لهم ثلاث مدارس كروية للتدريب في سنواتك الأخيرة. ربما يخونني الوقت ، لكي أبحث بين الرفوف والمجلدات عن تلك الصورة التي تحمل حب الناس لك يا عمو ! لكنني وأنا أستمع الى خبر رحيلك الذي كنا لا نريده بهذه العجالة ، فإن العبرات لم تخونني هذه المرّة ، ليس حزناً ، بل تحيــــة لك و لوطنيتك و شجاعتك النادرة والمعطاءة.
ســـــــــلاماً عمو بـــابا ! * * * بصرة - أهـــــــــــوار 30 آيــــــــــار 2009
#عبد_الجبار_السعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحت رحمة عضلات .. ( إخليف ) !
-
ثراءُ أيامك .. يا أبا آزاد !
-
انه الوطن .. انها الأمانة !
-
متى تُثلج صدورنا أيها السيد .. مون ؟
-
حتى لا يسرق ( عبد الشط ) حليب الأطفال وأمانيهم !
-
أنتَ الشاهد .. يا ديسمبر !
-
رغيف الخبز .. يا حكومتنا الموقّرة !
-
فضيحة عرعوري ..و بلبول القوري
-
تسيورة !
-
مو وردْ .. طلع دغل...إ.
-
طبّت البواخر !
-
يوم التاسع من تموز .. بأنتظار صوت المثقفين العراقيين
-
عمال النفط .. ( أبو ضامن ) يناديكم !
-
قراءة في كتاب .. عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية
-
مُديراً ، أم وزيراً مندائياً ؟
-
محطة إستراحة .. في يوم العمال العالمي !
-
محطة إستراحة .. في يوم العمال العالمي !
-
قدّح المشمش .. يا - حكومة !
-
خسارة الميناء .. والعيون المتعبة !
-
أحزان مندائية
المزيد.....
-
الاتحاد الأوروبي يعلن أن الحكام سيناقشون قرارتهم مع قادة الم
...
-
حارس مانشستر سيتي إيدرسون ينفعل بشدة بعد استبداله في لقاء تو
...
-
ريال مدريد يكرم وفادة ألافيس بخماسية
-
شاهد.. رد فعل غوارديولا بعد انفراد سون بحارس مرمى مانشستر سي
...
-
شاهد.. هالاند يقود مانشستر سيتي للفوز على توتنهام وانتزاع صد
...
-
ثنائية هالاند تضع سيتي على مقربة من اللقب
-
رونالدو يجهز مفاجأة لنادي النصر السعودي
-
المغرب.. محاكمة مشجع اقتحم مباراة بركان والزمالك بعلم فلسطين
...
-
بعد أن أسقطتها بالقاضية.. المقاتلة السعودية هتان السيف تشعل
...
-
رئيس رابطة الدوري الإسباني: مبابي سيلعب لريال مدريد وهذه مدة
...
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|