|
حذاري من الصحوات
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2606 - 2009 / 4 / 4 - 02:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طالما حّذرنا من " تضخيم " الصحوات ، ودورها المُفتَرض في دَحر الارهاب . فمنذ البداية ، كان معظم هؤلاء الاشخاص الذين شكلوا الصحوات ، أما منضوين فعلياً تحت لواء العصابات الارهابية مباشرةً ، من قاعدة او ميليشيات او عصابات الجريمة المُنظمة ، او يوفرون لهم الملاذ والدعم اللوجستي ، او على اقل تقدير متواطئون معهم إقتناعاً او خوفاً . وما ( صَحوا ) الا بعد ان وصلتْ ألسنة لهب الارهاب الى منازلهم وعوائلهم ! وبدعة " الصحوات " ظهرت برعاية أمريكية ودعمٍ وتشجيع وتمويل منها ، بحيث كانت الحكومة العراقية " مترددة " في البداية ومتوجسة من هذه التشكيلات المدعومة من الجيش الامريكي . لانه ببساطة كانت كل الصحوات المتشكلة في البداية ، تنحصر في مناطق " سنية " لا سيما في محافظة الانبار . وكانت الحكومة وعلى رأسها المالكي " تتخوف " ان تتحول هذه الصحوات الى ميليشيات غير مُسَيْطر عليها ، خاصةً وهي مدعومة وممولة من قِبل الامريكان مباشرةً . اصبحت " الصحوات " أمراً واقعاً ، في اغلب مناطق الانبار التي لم تكن تتواجد فيها حتى مراكز الشرطة ، والحديث عن ( المعارك ) الكبيرة بين القاعدة والصحوات مجرد خرافة ! فكل ما في الامر ، ان العشائر في هذه المناطق ، كّفَت عن إيواء ودعم عصابات القاعدة وفلول البعث . فكان من الطبيعي ان " تنسحب " هذه المجاميع المسلحة الاجرامية الى اماكن اخرى . والكلام المُكرر عن انه " لولا " الصحوات لِما استطاع احد كسر شوكة الارهاب ، فيهِ الكثير من الخطأ والمبالغة ، إذ الصحيح هو : انه لولا هذه العشائر" التي اصبحت صحوات لاحقاً " ، لِما كان هنالك إرهابٌ بالأصل ! فَحتى لو أرسلت الاردن مئة زرقاوي ، وصّدرَتْ مملكة الشر السعودية الوهابيين الانتحاريين وسّهلتْ سوريا عبورهم ، وبذلَتْ ايران جهودها لتخريب العراق ، كُل هذا ، لم يكن لِينفع مُطلقاً ، لولا دعم هذه العشائر في الانبار ونينوى وصلاح الدين وبغداد وديالى وبابل وغيرها ، وتوفيرها للملاذ الآمن والرعاية والحماية لهذه العصابات ، تحت يافطة خادعة " مقاومة الاحتلال " ! فكانوا لكي يقتلوا او يجرحوا جندياً امريكياً ، يتسببون في مقتل وجرح مئات العراقيين الابرياء ، ناهيك عن عمليات التهجير القسري والخطف والسلب والنهب والاغتصاب ، التي هي إسترجاعٌ للتراث التأريخي المُخجل لل "الغارات" العشائرية . بعد ان " ذاق " شيوخ العشائر طعم التعامل مع الامريكان وإستساغوهُ ، توسعت عملية الصحوات لتشمل مناطق عديدة من العاصمة بغداد وتكريت وسامراء والحلة وبعقوبة والموصل ، وبادر الامريكان بإشراك الحكومة العراقية في الامر ، وناهز عدد " الصاحين " المئة ألف . فبدأ المالكي بالتملق للصحوات خصوصاً وانه حصل على الدعم المالي من خلال التخصيصات الضخمة تحت بند " فرض القانون " و " المصالحة الوطنية " ومحاربة الارهاب ، هذه المصطلحات الفضفاضة التي يستطيع من خلالها ان يلعب " شاطي باطي " بدون ان يكون خاضعاً لأية مسائلة ! ومن خلال الصحوات لَمعتْ فكرة إستغلال ورقة " العشائر " في ذهن المالكي ومستشاريهِ منذ منتصف 2007 ، فخطط لمؤتمرات العشائر في الفنادق الفخمة ، وشرح للصحوات الموجودة فعلاً ، بأن " ملف " الصحوات سينتقل قريباً الى الحكومة العراقية بالكامل ، ولن يبقى للأمريكان علاقة بالامر ، وأطنب في إمتداحهم ، ووعدهم بضم عناصر الصحوات الى الاجهزة الامنية والدوائر الحكومية في القريب العاجل . ومن خلال السيولة المالية الكبيرة المتوافرة تحت تصرفهِ ، لم يكتفي المالكي بالصحوات القديمة المُشكلة من قِبَل الامريكان ، بل بادر الى تشكيل " مجالس إسناد " عشائرية في الكثير من المناطق ، وحتى التي تتمتع بقدرٍ كبير من الاستقرار الامني ! وأسْكَتَ كل مَنْ إعترض على ذلك ببساطة : هل انتم ضد " فرض القانون " ، هل انكم لا تريدون " المصالحة الوطنية " ؟ أن إستمالة العشائر وتغذية الروح القبلية المتخلفة وعقد المؤتمرات العشائرية الباذخة ، وتوزيع الاموال والهِبات على الشيوخ من السليمانية الى البصرة ، هو مجرد هدرٌ للمال العام وإستغلالٌ للمنصب والسلطة من اجل غايات حزبية ضيقة . ان ( رضوخ ) المالكي ومستشاريهِ ، الى ضغوطات بعض الدول العربية ، وبعض الاطراف السياسية في الساحة العراقية ، التي تُمّثل بدرجة او اخرى البعث المقبور وفلوله ، في " الاسراع " بالمصالحة الوطنية ، التي يعنون بها تحديداً عودة البعث . شّجع هذا الامر ، العناصر السيئة في الصحوات ، على ممارسة هواياتهم في فرض الاتاوات والقتل والسلب والتهجير ، في مناطقهم والمناطق المجاورة . وإذا قامت القوات الامنية بإلقاء القبض على هؤلاء المجرمين يأوامر قضائية ، مثلما حدث في " الفضل " مؤخراً ، تقوم دنيا البعث ولا تقعد ! ويعلو صراخهم حول " عودة الطائفية " و " إستهداف السنة وقادة الصحوات تحديداً " ، والتشكيك حول التُهم الموجهة الى المقبوض عليهم : هل هذه التُهم عن الجرائم هي قبلَ قانون العفو العام ام بعده ؟! وكأن القتل العمد بحق الابرياء ، إذا كان قبل قانون العفو ، فأنه يزول ويُسامَح عليهِ ! وكذلك المُفرَج عنهم من السجون الامريكية والعراقية حسب قانون العفو ، والذين يتجاوزون المئة الف . يُحاول المسؤولون الامنيون التقليل من أهمية الذين يعاودون ممارسة الافعال الخارجة على القانون ، على إفتراض ان هؤلاء مُراقبون مِنْ قِبل الجهات الامنية . فهل حقاً تمتلك الاجهزة الامنية إمكانية السيطرة على هذه الاعداد الكبيرة ؟ ان إستغلال " الصحوات " و " مجالس الاسناد " و " العفو العام " و " المصالحة الوطنية " و " فرض القانون " لغايات سيئة ، وتمرير العديد من الجرائم والتجاوزات والإنتهاكات ، من خلالها ، يفرض على الحكومة وأجهزتها التنفيذية ، التحلي بالحذر والحكمة في التعامل معها .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كشف المصالح المالية .. إحراج !
-
حكومة الاقليم - الوليدة - متى ستصبح - رشيدة - ؟ !
-
- غول - في بغداد
-
جماهير كردستان تُنّدد ب - جريدة هاولاتي - !
-
- فضِّيق الحبلَ وأشدد من خناقهم فربما كانَ في إرخائهِ ضرَرُ
...
-
نِعَم وبركات الشيخ رفسنجاني !
-
برلمانيون ارهابيون !
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى ..أرقام ذات مغزى !
-
الشعائر إقتصادياً
-
حلٌ سحري لمشكلة رئاسة مجلس النواب !
-
الخارطة السياسية الجديدة في محافظة نينوى
-
لجنة - العد والفرز - أم - لجنة العدو - ؟ !
-
لكي لا يتكرر - 8 - شباط اسود آخر
-
على هامش إنتخابات مجالس المحافظات
-
شعارات المالكي .. بين النظرية والتطبيق
-
مليون صوت مُجّيَر مُسبقاً لأحزاب الاسلام السياسي
-
حرب المُلصقات : - مَديونون - و - شنو الداعي ؟ - !
-
- مبايعة - أوباما والدروس المستخلصة
-
القائمة الوطنية العراقية ..تدمير من الداخل
-
دعايات نصف مُغرضة !
المزيد.....
-
كيف أدت حرب أوكرانيا إلى التقارب بين الصين وروسيا؟
-
بوتين وشي جين بينغ.. كيف تعززت العلاقات بينهما؟
-
محامو جنوب إفريقيا في العدل الدولية: هدف إسرائيل بمحو غزة من
...
-
بنثر الورود.. شاهد الوفود في الممر إلى قاعة انعقاد القمة الع
...
-
صهر ترامب ينوي الاستثمار في مبنى قصفه الناتو في بلغراد عام 1
...
-
إسرائيل.. انقسام علني على أعلى المستويات بسبب -اليوم التالي-
...
-
حرب غزة: ما الذي نعرفه عن مقاضاة جنوب أفريقيا لإسرائيل أمام
...
-
البيان الختامي للقمة العربية يدعو إلى نشر قوات حماية دولية ف
...
-
زيلينسكي يلتقي بكبار القادة العسكريين في خاركيف
-
تشكيلة المنتخب الألماني ليورو 2024 - جيل جديد يدعمه بعض المخ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|