|
- غول - في بغداد
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 07:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة في الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس التركي " عبد الله غول " الى العراق : - مع الكثير من الفروقات ، بين نظامَي الحكم ، في كل من تركيا والعراق الجديد ، فأن النظام في كلا البلدين ، برلماني ، يتمتع فيه رئيس الوزراء بصلاحيات تنفيذية واسعة ، بينما رئيس الجمهورية مهامه تشريفية على الاغلب . علماً ان رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في تركيا ، من نفس الحزب الحاكم . بينما يمتلك رئيس الجمهورية العراقية ونائبيهِ ، حق نقض مشاريع القوانين المُقدمة من البرلمان . نستطيع القول ان لقاءات السيد " جلال الطالباني " مع " عبدالله غول " ، بروتوكولية ، وحتى الاتفاقيات في حالة توقيعها من الجانبين ، تكون جاهزة مُسبَقاً و" مطبوخة " سلفاً مِنْ قِبَل الجهات التنفيذية الفاعلة في كلا البلدين . - معظم الدول الكبرى ، وغيرها ، والتي لها علاقات دبلوماسية مع العراق ، فتحت قنصليات في أربيل والبصرة . عدا تركيا ، حيث ان لها قنصلية في " الموصل " بدلاً من اربيل ! وشئنا او أبينا ، فان لهذا الامر دلالات سياسية . على الرغم من ان العلاقات بين تركيا وبين اقليم كردستان شهدت تطورات نوعية في إتجاه " الإعتراف الضمني " لتركيا بالأقليم خلال الفترة الاخيرة ، ولو على حساب " تنازلات " قدمها الاقليم الى تركيا ، لعل من ابرز مظاهرها ، إفتتاح [ مكتب ] تركي امريكي عراقي ، في اربيل ، ل [ مراقبة ] تحركات حزب العمال الكردستاني . هذا المكتب او المحطة الإستخباراتية ، اُفتتحت بعد عدة زيارات قام بها وزيرا الداخلية والدفاع العراقيين الى تركيا . هنالك خشية ان لا تقتصر مَهام هذا المكتب على مراقبة نشاطات حزب العمال الكردستاني فقط ! - من الامور اللافتة للنظر ، ورغم قُصر فترة زيارة الرئيس التركي ، الا انه وجدَ الوقت اللازم للإجتماع ب ( أعضاء مجلس النواب التركمان ) . ولو ان " غول " صرح اثناء اللقاء بأن تركيا تقف على مسافةٍ واحدة من جميع مكونات المجتمع العراقي ، الا ان ( مَغزى ) الاجتماع يبقى ضمن التلميح بحماية التركمان من " التهميش " المزعوم الذي يتعرضون لهُ ! - أكثر ما مَّيَزَ اللقاءات التركية العراقية ، هو الجانب الامني ، وخصوصاً ما يتعلق بحزب العمال الكردستاني . ومن الغريب حقاً ان " العقلية التركية " لازالت تعتقد ، بأن ( حل ) المسألة الكردية ، يكمن في إمكانية تصفية بعض قواعد حزب العمال الكردستاني المتواجدة في المناطق الوعرة من كردستان العراق . وكأنه لا توجد مشكلة كردية كبيرة في تركيا ، بحاجة الى علاجٍ جذري . وتتناسى تركيا ان واجهتها الاوربية اسطنبول ، تضم أكبر تجمع سكاني كردي يبلغ الثلاثة ملايين . وان بعض الاصلاحات الترقيعية مثل فتح محطة تلفزيونية او إذاعة ، لم يَعُد كافياً ، ولا الحلول العسكرية تستطيع القضاء المبرم على حزب العمال . والكل يدرك ان تصريحات الرئيس الطالباني التي يطلب فيها من حزب العمال الكردستاني ، اما بالتخلي عن السلاح او الخروج من الاراضي العراقية ، هي مجرد مجاملة للرئيس التركي ! فتركيا بكل آلتها العسكرية الكبيرة وطائراتها وجيوشها ، عجزت لحد اليوم ، عن القضاء على حزب العمال . وان تركيز تركيا على الجزء الصغير من حزب العمال المتواجد في المناطق الحدودية العراقية ، هو مجرد " هروب الى الامام " ، لان حزب العمال وجماهيره موجودون في تركيا نفسها . ومن المحتم على تركيا إذا أرادت ان تجد حلاً للقضية الكردية ، ان تجلس على مائدة المفاوضات لإيجاد مخرجٍ سلمي ، بعيداً عن العنف والفوة العسكرية . - كان الجانب الاقتصادي بارزاً في المحادثات بين الجانب التركي والعراقي . حيث ان تركيا تطمح في مضاعفة النشاط الاقتصادي بين البلدين والذي يبلغ الان حوالي خمسة مليارات دولار سنوياً ، الى عشرين مليار دولار في 2014 . من الجدير بالذكر ، ان تركيا متقدمة على الدول الاقليمية المحيطة بالعراق ، من الناحية الصناعية والزراعية والانشائية . ومن الطبيعي ان تنشأ علاقات إقتصادية متطورة بين العراق وتركيا . ولكن يجب التركيز على نقطة مهمة في هذا الصدد ، وهي انه على الرغم من تواجد مئات الشركات التركية منذ 2003 ، في العراق ولا سيما في اقليم كردستان ، فأن هذه الشركات نادراً ما تُشّغل العمالة المحلية ، بل انها تجلب العمال والفنيين من تركيا . وبهذا يخسر العراق خسارةً مزدوجة ، فهذه الشركات لا تُساهم في إمتصاص البطالة من الشارع العراقي ، ولا تُوّفر فرصاً لإكتساب الخبرات . من المهم ان يفرض الجانب العراقي ، من خلال اللجان المشتركة بين البلدين ، ان تقوم الشركات التركية العاملة في العراق ، بتشغيل نسبة معقولة من العمالة المحلية من مهندسين وعمال وفنيين ، اُسوةً بما يحدث في دول العالم في الحالات المماثلة . كما من الضروري ، الإستفادة من الخبرة التركية في مجالات الصناعات الغذائية والانشائية ، وبناء مصانع في العراق لإنتاج مواد البناء عالية الجودة ، بإستخدام مواد أولية متوفرة محلياً . - صّرح نائب رئيس الجمهورية " طارق الهاشمي " ، بأن الرئيس التركي " غول " ( وَعَدَ ) بأن يُضاعف حصة العراق من مياه دجلة والفرات في الموسم المُقبل . - كما يبدو ، ما زال العراق من الضعف بمكان ، بحيث لا يملك اية " اوراق " مهمة لللعب بها أمام اللاعب التركي الماهر والجشع . فالإنقسامات العراقية الداخلية وخصوصاً العلاقة الشائكة والملتبسة بين بغداد واقليم كردستان ، وّفرتْ لتركيا جواً مثالياً تستطيع من خلالهِ الضغط على العراق بمركزهِ واقليمهِ ، والحصول على أفضل الشروط التفاوضية مُقابل لا شيء تقريباَ . فَعدم التنسيق بين موقفي العراق وسوريا خلال العقود الاربعة الماضية ، وسوء العلاقة المُزمن بينهما ، أفسح المجال لتركيا لبناء سدود ضخمة ، أّثرتْ سلباً على إحتياجات البلدين المائية . وإمتناع الحكومات العراقية المتعاقبة وخصوصاً في عهد صدام حسين ، عن حل القضية الكردية حلاً عادلاً ، واللجوء الى العنف فقط ، وكذلك تجاهل الحكومات التركية لوجود مشكلة كردية لديها ، قاد الدولتين الى عقد إتفاقيات امنية مشبوهة ، منذ منتصف الثمانينيات ، تفرض بتسليم المعارضين من الجانبين ، وكذلك السماح بدخول القوات العسكرية التركية مسافة عدة كيلومترات داخل الاراضي العراقية لمُطاردة " المتمردين " . ومن المعلوم بأنه كانت تجري إجتماعات دورية لوزراء الداخلية في تركيا والعراق وايران وسوريا ( رغم الخلافات بين هذه الاطراف في عديد من الامور ) ، الا انها كانت " تُنّسق " أمنياً مع بعضها البعض ، بالضد من حركة التحرر الكردية . حتى الاتفاقيات الامنية الحالية بين العراق وتركيا ، ينبغي ان تكون شفافة وواضحة المعالم والاهداف . وينبغي على المُفاوض العراقي ان يركز مستقبلاً على النقاط التالية : - مثلما العراق بحاجة الى الدعم التركي ، في سبيل إستتباب الامن والإستقرار ، عن طريق عدم التدخل في الشأن العراقي من مَنفذ كركوك او المُكون التركماني ، فأن تركيا في غاية الحاجة الى تعاون عراقي عموماً وكردستاني خصوصاً ، في سبيل إيجاد حلٍ معقول للقضية الكردية في تركيا . - كما ان العراق يحتاج بشدة الى المياه التي تنبع من الاراضي التركية ، فأن تركيا بحاجة ماسة اكثر الى النفط العراقي الذاهب الى ميناء جيهان . - في الوقت الذي يحتاج العراق فيهِ الى الشركات التركية في مختلف المجالات ، للمشاركة في إعادة إعمار البلد ، فأن الساحة العراقية الواعدة ، التي تستوعب الكثير من الفعاليات الاقتصادية ، تُشكل إنقاذاً حقيقياً لتركيا للإفلات من تأثيرات الازمة المالية والاقتصادية العالمية . إذن حان الوقت ، لكي يُعيد العراق ترتيب أوراقهِ ، والبدء بالتعامل مع دول العالم ومن ضمنها دول الجوار ، معاملة الند للند ، وإيلاء إهتمام أكثر للمصالح الوطنية العراقية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماهير كردستان تُنّدد ب - جريدة هاولاتي - !
-
- فضِّيق الحبلَ وأشدد من خناقهم فربما كانَ في إرخائهِ ضرَرُ
...
-
نِعَم وبركات الشيخ رفسنجاني !
-
برلمانيون ارهابيون !
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى ..أرقام ذات مغزى !
-
الشعائر إقتصادياً
-
حلٌ سحري لمشكلة رئاسة مجلس النواب !
-
الخارطة السياسية الجديدة في محافظة نينوى
-
لجنة - العد والفرز - أم - لجنة العدو - ؟ !
-
لكي لا يتكرر - 8 - شباط اسود آخر
-
على هامش إنتخابات مجالس المحافظات
-
شعارات المالكي .. بين النظرية والتطبيق
-
مليون صوت مُجّيَر مُسبقاً لأحزاب الاسلام السياسي
-
حرب المُلصقات : - مَديونون - و - شنو الداعي ؟ - !
-
- مبايعة - أوباما والدروس المستخلصة
-
القائمة الوطنية العراقية ..تدمير من الداخل
-
دعايات نصف مُغرضة !
-
أهالي ضحايا حلبجة ينتظرون الجواب
-
الإصلاح السياسي في اقليم كردستان .. ضرورة مُلّحة
-
إستثمار نَزْعة العمل الطوعي الجماعي
المزيد.....
-
-الموت أحلى من العسل-.. متظاهرة إيرانية في طهران توجه رسالة
...
-
ماذا حدث بين سفيري إسرائيل وإيران بمجلس الأمن؟
-
مقتل 70 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، واشتباكات في
...
-
بين الغضب واللامبالاة: كيف تنظر الشعوب العربية إلى إيران في
...
-
قصف صاروخي إيراني يشعل حرائق ويتسبب بأضرار في بئر السبع
-
حرب إسرائيلية إيرانية.. هل تتدخل أميركا؟
-
الملاكم ناوروتسكي.. لماذا تخشى أوروبا الرئيس البولندي الجديد
...
-
محادثات إيرانية أوروبية بجنيف وعراقجي: لا حوار مع واشنطن
-
5 مدمرات أميركية في المنطقة لحماية إسرائيل و-نيميتز- تصل خلا
...
-
ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|