أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باتر محمد علي وردم - النزعة الإنعزالية للمثقفين العراقيين














المزيد.....

النزعة الإنعزالية للمثقفين العراقيين


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 581 - 2003 / 9 / 4 - 03:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كاتب أردني

 يحزننا إلى أبعد الحدود ما يجري في العراق من سلب ونهب وغياب للأمن والفوضى العارمة، وغياب كل الخدمات الرئيسية للمواطنين من مياه وكهرباء وارتكاب كل أنواع الجرائم وتفكك المؤسسات الاجتماعية باستثناء مؤسسات الطوائف والمذاهب والأعراق، واستمرار الاحتلال الأميركي وخراب الاقتصاد والمجتمع.

 ولكن ما يثير الذعر حقيقة هو تفشي النزعة الانعزالية الثأرية لدى العديد من المثقفين العراقيين والذين يفترض أن يكونوا في طليعة الفئات الاجتماعية التي تساعد في تحول العراق من دكتاتورية عسكرية دموية إلى دولة حضارية حديثة.
ما نقرأه مؤخرا من كتابات وآراء للكثير من المثقفين العراقيين يؤكد بأن هاجس الثأر يتملكهم من كل ما له علاقة بالنظام السابق، وأنهم قد وقعوا في فخ معاداة العروبة وأن ما يكتبونه يمثل دكتاتورية جديدة ضد الرأي الآخر ولكن مع اختلاف أصحاب السلطة، وعلى ما يبدو فإن العراق ينتقل من دكتاتورية البعث إلى دكتاتورية الانعزالية ومعاداة العروبة وأنهم لن يتمكنوا من تقديم بديل ديمقراطي وحضاري، وسوف تستمر لعبة مصادرة الرأي الآخر.

وهذا طبعا انعكاس لعقلية بعض رموز الحكم في العراق ومنهم أحمد الجلبي رئيس مجلس الحكم في الشهر الحالي والذي أوضح في مقالته في صحيفة نيو يورك تايمز رؤيته للحكم الديمقراطي للعراق وهو يقترح اعتقال الاف الاشخاص من البعثيين واعضاء الاجهزة السابقة وحتى »اخوانهم وابناء اخوانهم وابناء عمومتهم«, واجراء مسح امني ومحاصرة البلدات وتفتيشها بيتا بيتا ومنح سكانها مهلة 48 ساعة لتسليم الاسلحة واعتقال كل فرد بين 15 و50 عاما ممن يعثر على اسلحة في بيوتهم!!
والمثير للإزعاج في الموضوع أن الكثير من المثقفين العراقيين البارزين والوطنيين قد وقعوا في هذا الفخ. فالباحث والمؤرخ العراقي المعروف والمحترم د.سيار الجميل وقع على وثيقة لمئات من المثقفين العراقيين تطالب مجلس الحكم بالانسحاب من الجامعة العربية ومطاردة كل العرب الذين قدموا إلى العراق للمشاركة في صد العدوان الأميركي واعتبارهم "إرهابيين" . ويأتي مثقفون آخرون لينتقدوا مجلس الحكم بسبب زيارته لمصر قائلين بأن المفروض أن يبحث النظام المصري عن شرعيته من خلال طلب اللقاء مع مجلس الحكم لا العكس!!
وخلال الأسابيع الماضية استعرت حملة عجيبة من الشتم والهجوم على دول عربية كثيرة مثل الأردن ومصر وسوريا وخاصة السعودية والتي يتهمها الكثير من العراقيين الآن بإرسال »إرهابيين« إلى العراق لخلق الفوضى هناك، كما لا تنجو من الهجوم اية دولة عربية باستثناء الكويت، وحتى قطر التي انطلقت منها الجيوش الأميركية متهمة بسبب فضائية الجزيرة التي لا تعجب جماعة الاحتلال الأميركي.
هذا المنطق الأعوج الذي يسود تفكير الكثير من المثقفين العراقيين سيقود العراق إلى كارثة، ومعاداة العروبة والتنكر من الهوية والانغماس الكامل في مستنقع الاحتلال لا يمكن أن يبرره القمع الذي تعرض له العراقيون من قبل نظام صدام. العكس هو الذي يجب أن يحدث، والمطلوب من المثقفين العراقيين أن ينتبهوا إلى خطابهم وينزعوا الطابع الثأري القبلي من هذا الخطاب، ويعملوا على تقبل الرأي الآخر وعدم السماح بالقضاء على أي رأي مختلف في العراق كما كان يحدث في عهد جمهورية الخوف البعثية. المطلوب هو التعلم من الأخطاء وعدم تكرارها وإلا تحول العراق من دكتاتورية صدام إلى دكتاتورية الجلبي وأعداء العروبة وأصبح نهبا لتيار انعزالي شبيه تماما بما حدث في حزب الكتائب والتيارات المسيحية اللبنانية في السبعينات والثمانينات.
وعلى كل حال فإنه من الأفضل للعراقيين الآن عدم إضاعة الوقت في شتم العروبة وتحميل الدول العربية مسؤولية تردي الأوضاع الأمنية في العراق. فالدول العربية لم تقصف المؤسسات والمباني العراقية وسوتها بالأرض كي تعيد أعمارها من خلال شركاتها، ولم تدمر الدول العربية المؤسسات العراقية وتترك المجتمع في فوضى شاملة، ولم تكن الدول العربي قطعا هي التي تسببت في نهب التراث القومي والوطني العراقي تحت سمعها وأبصارها.

 على المثقفين العراقيين أن يقوموا بدور فعال في مساعدة المجتمع العراقي على الانتقال من حالة الفوضى التي يعيش فيها حاليا إلى حالة من التنظيم المدني يمكن أن تساهم في تطوير هذا المجتمع وقدرته على أن يحكم نفسه من خلال حكومة عراقية مستقلة بدلا من البقاء تحت مظلة الاحتلال بحجة غياب الأمن. والمثقفون العراقيون هم في طليعة المسؤولين عن هذا التحول وإذا ما بقيت ذهنية الثأر تحكم الخطاب الثقافي العراقي فلن يتقدم العراق نحو الاستقلال بل سيعود إلى شريعة الغاب من جديد وهذه ستكون كارثة لجميع ولا يتمناها أحد من العرب.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدوية الايدز ومخرجات العولمة: أرباح الشركات أهم من حياة المل ...
- تحليل تاريخي لفكرة -حاكمية الله
- جوهر العلمانية: شرعية النص الديني يجب أن تخضع للعقل الإنساني
- لم يحكم المسلمون بما أمر الله طوال التاريخ
- مانفستو العلمانية الإنسانية
- الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!
- بين القدس وبغداد...تفجيرات بلا معنى!
- إحبسوا أنفاسكم...هذه ليلة السوبر ستار!
- 51 شركة و49 دولة يشكلون أكبر 100 اقتصاد في العالم
- اعتبار المياه سلعة تجارية انتهاك لحقوق الإنسان
- ابتزاز أميركي جديد للعالم الثالث: إما أغذية معدلة وراثيا وإم ...
- التجربة الناصرية والتجربة -الصدامية- نقيضان!
- المشكلة الأخلاقية في تعامل العرب مع مجلس الحكم العراقي
- أهمية احتضان الشعب العراقي عربيا
- توضيح عن مقالة -مطلوب اعتذار عراقي سريع للأردنيين
- مطلوب اعتذار عراقي سريع وواضح للأردنيين
- مساحة من الهواء النقي
- أسئلة الهزيمة: أين الحرية في العالم العربي؟
- أسئلة الهزيمة: أين الدولة في العالم العربي؟
- وداعا لثقافة الرافدين وأهلا بثقافة الماكدونالدز


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باتر محمد علي وردم - النزعة الإنعزالية للمثقفين العراقيين