أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!















المزيد.....

الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 570 - 2003 / 8 / 21 - 16:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كاتب أردني

 

لو كانت الولايات المتحدة تبحث عن الطريقة الأفضل لمواجهة التيارات الأصولية الدينية في العالم العربي فإن عليها أن تعلن على الملأ دعمها لهذه التيارات واقتناعها بما تقوم به من جهود لإبقاء العالم العربي متخلفا. مثل هذا الدعم العلني من الولايات المتحدة للتيارات الأصولية كفيل بالقضاء على هذه التيارات خلال أيام معدودة لأن أحدا في العالم العربي لا يمكن أن يتفق مع ما تطالب به الولايات المتحدة.

وفي المقابل فإن اسوأ دعاية للتيار الديمقراطي الليبرالي العلماني العربي هي في أن تدعم الولايات المتحدة هذه التوجهات علنا، لأنها بذلك تقضي على مصداقية التيارات الديمقراطية في الشارع العربي.  أن الملايين من المواطنين العرب وفي مقدمتهم المثقفون والسياسيون المطالبون بالحريات والديمقراطية كانوا سيصفقون لما يقال في واشنطن عن تعميق الديمقراطية والقضاء على الأصولية في العالم العربي، فقط لو لم تكن الولايات المتحدة هي صاحبة هذه الدعوة!!

متطلبات الديمقراطية في العالم العربي كثيرة، والنضال من أجل الحريات في الدول العربية يمكن أن يتسع لكل من يرغب في العمل لهذا الهدف النبيل، ولكن ليست الولايات المتحدة بالتأكيد هي الجهة ذات المصداقية التي يمكن أن تقدم ما هو مفيد في هذا الصدد، وهذا يرتبط مباشرة مع تاريخ وحاضر القمع في العالم العربي، ودور الولايات المتحدة في زيادة الاضطراب وتنامي مشاعر التطرف والأصولية في المجتمع العربي.
من المعروف أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة لغياب الديمقراطية في العالم العربي وهي:
1 ــ طبائع الاستبداد الشرقية المنتشرة في العالم العربي تاريخيا سواء عند الحاكم أو المعارضة المرحلية أو حتي المحكوم، فالخضوع لسلطة الفرد أو المذهب أو القبيلة كان هو السائد تاريخيا ولم تتطور تجارب في الحريات العامة والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وهذا هو السبب الجوهري في غياب الديمقراطية. فكل الأنظمة العربية، سواء أكانت أنظمة عائلية محافظة أو عسكرية ترفع الشعارات القومية أو جمهورية المظهر بوليسية الطابع أو حتي إسلامية المبدأ أو اشتراكية الشعار لم تطبق أياً من مفاهيم الديمقراطية والتعددية والحريات العامة بالشكل الذي من المفترض أن تطبق به.
2 ــ الصراع العربي ــ الإسرائيلي والذي لا يمثل بحد ذاته سببا مباشرا منطقيا لغياب الديمقراطية ولكنه استخدم من قبل الأنظمة كحجة وذريعة لايقاف الحريات وإعطاء شرعية للتسلط بحجة أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، بينما في الواقع لم تكن هناك أية نوايا للعراك مع إسرائيل مقارنة بالحروب الداخلية العبثية والرغبة في التوسع الإقليمي، وباستثناء فلسطين الواقعة تحت الاحتلال فلا يوجد سبب منطقي واحد متعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي كان يمنع قيام ديمقراطيات في أية دولة عربية أخري من المحيط إلي الخليج.
3 ــ لعبت الولايات المتحدة، قبل 11 أيلول (سبتمبر) 2001 دورا كبيرا في إجهاض التحول نحو الديمقراطية العربية حيث أن الوضع السياسي التقليدي كان مناسبا لها من حيث السيطرة علي النفط وحماية إسرائيل بالتنسيق مع النخب الحاكمة في العالم العربي بدون الإضطرار للتعامل مع رأي الشارع العربي واختياراته والسماح له بلعب دور في صياغة قرارات ضد المصالح الأمريكية.
ولكل تلك الأسباب، فأن الولايات المتحدة لا تملك اية مصداقية للترويج للديمقراطية في العالم العربي، بل أن إعلانها عن مثل هذا الدعم للتوجهات الديمقراطية والإصلاحية ومكافحة الفساد سيجعل الشعب العربي وبكل أسف يدافع عن الفساد والقمع والدكتاتورية الموجودة حاليا نكاية بالولايات المتحدة. وفي المقابل تستغل الأنظمة هذه الحالة، وبينما تكون علي أفضل الصلات السياسية السرية والعلنية مع واشنطن فإنها تلعب لعبتها المفضلة في إلصاق تهمة (الأمركة) بكل التيارات والحركات الداعية إلي الديمقراطية والتعددية. وهكذا توظف الأنظمة الدعوة الأمريكية للديمقراطية والإصلاح كدليل علي وجود مؤامرات "امبريالية" للتدخل في خصوصيات العالم العربي، والخصوصيات المقصودة طبعا هي القمع والتسلط وإلغاء دور الشعوب. وربما يتم اتهام كل التيارات العربية المعارضة التي تؤمن بالديمقراطية بأنها عميلة للولايات المتحدة بالرغم من أنها تناضل من أجل الديمقراطية منذ عقود عدة وتدفع ثمنا غاليا في سبيل ذلك.
وهكذا فإن إشارة الولايات المتحدة مثلا إلى (المجتمع المدني) العربي كأحد أدوات التغيير الهامة سيكون وبالاً علي المجتمع المدني العربي والمنظمات غير الحكومية والجمعيات والاتحادات وغيرها، والتي ستتهمها الأنظمة بالتآمر مع الولايات المتحدة لإدخال مفاهيم "غريبة" إلي المجتمعات العربية، وهذه المفاهيم الغريبة هي التعددية السياسية والحريات العامة والانتخابات والمواطنة ومساءلة الحكومات والتنمية السياسية والثقافية ودور المرأة والشفافية في الحكم ونشر المعلومات والحريات الإعلامية، وكلها تعتبر مصادر ذعر وخطورة علي النخب العربية الحاكمة.
والواقع أن التيار العربي الديمقراطي، المؤمن بالعلمانية والحداثة كان من أكبر ضحايا 11 أيلول (سبتمبر) والسياسة الأمريكية العدوانية في العالم العربي، فقد وقع بين مطرقة تحالف الأصولية والجمود الفكري العربي والسلطة القمعية، وسندان الدعوة الأمريكية للديمقراطية المقرونة بسياسات دعم إسرائيل والضغط علي الفلسطينيين والحملة الثقافية والسياسية ضد الإرهاب واحتلال العراق ونشر الفوضى بين أرجائه. وبات المثقف والسياسي العربي الذي يدعو إلي الإصلاحات السياسية والديمقراطية في العالم العربي متهما بالعمالة للمخابرات الأميركية، وقد استمتعت كل من التيارات الأصولية والنخب الحاكمة في العالم العربي بهذه اللعبة وحاصرت التيارات الديمقراطية الحداثية إلي حد الاختناق.
الشئ الوحيد الذي يمكن أن تساهم به الولايات المتحدة في دعم الديمقراطية في العالم العربي هو انتهاج سياسة متوازنة تجاه الصراع العربي ــ الإسرائيلي والعمل بصدق على مساعدة العراقيين في بناء دولتهم الحديثة الحرة وتحقيق مصالحات تاريخية في المنطقة مبنية علي الحقوق واحترام الحريات والتنمية الاقتصادية والسياسية مما يعني فورا تقليص أسباب الكراهية والتطرف في العالم العربي. لأن الذي لا يريد الأمريكيون فهمه علي الإطلاق هو أن السبب الأول لتنامي تأثير الأصولية والتطرف والكراهية للغرب في العالم العربي ليس الغيرة من نمط الحياة الامريكية، وليس لأن العرب ضد الحريات والحضارة، ولكن لأن السياسات الأميركية أدت إلي كل هذه الكراهية ولم يعد بإمكان المواطن العربي العادي أن يثق بأي توجه أو خطاب أمريكي نحو العالم العربي في ظل نمو استمرار الدعم الهائل للجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني والسطو المسلح على موارد العراق.
إن المحاولة الأمريكية المكشوفة لتأدية دور المعلم في الديمقراطية سوف تحقق فشلا ذريعا، لأن الولايات المتحدة قد اختطفت مفهوم (الديمقراطية) النبيل الذي حارب لأجله ملايين المناضلين في العالم العربي سابقا وقضوا حياتهم بسببه وراء القضبان وتحت سياط الجلادين الذين كانت واشنطن تدعمهم. وباتت الولايات المتحدة توظف شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان لمصالحها السياسية المعروفة والتي لا تري في الشرق الأوسط إلا أنبوب نفط وإسرائيل آمنة بدون اي اهتمام أو احترام لسكانه ومواطنيه وثقافته وحضارته وتاريخه.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين القدس وبغداد...تفجيرات بلا معنى!
- إحبسوا أنفاسكم...هذه ليلة السوبر ستار!
- 51 شركة و49 دولة يشكلون أكبر 100 اقتصاد في العالم
- اعتبار المياه سلعة تجارية انتهاك لحقوق الإنسان
- ابتزاز أميركي جديد للعالم الثالث: إما أغذية معدلة وراثيا وإم ...
- التجربة الناصرية والتجربة -الصدامية- نقيضان!
- المشكلة الأخلاقية في تعامل العرب مع مجلس الحكم العراقي
- أهمية احتضان الشعب العراقي عربيا
- توضيح عن مقالة -مطلوب اعتذار عراقي سريع للأردنيين
- مطلوب اعتذار عراقي سريع وواضح للأردنيين
- مساحة من الهواء النقي
- أسئلة الهزيمة: أين الحرية في العالم العربي؟
- أسئلة الهزيمة: أين الدولة في العالم العربي؟
- وداعا لثقافة الرافدين وأهلا بثقافة الماكدونالدز
- لن تجدوا صدام إلا في أسوأ الكوابيس
- وماذا عن -الفرهود- الأميركي؟
- آسف أيها العراقيون...لم أفرح !!
- الولايات المتحدة كدولة احتلال
- رامسفيلد، علي حسن المجيد والكيماوي الثالث!


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - الولايات المتحدة تدمر مصداقية التيار الديمقراطي العربي!