أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - قولبة شخصيات النص في أبعاد معدة سلفاً رواية أيناس لعلي جاسب














المزيد.....

قولبة شخصيات النص في أبعاد معدة سلفاً رواية أيناس لعلي جاسب


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 14:53
المحور: الادب والفن
    



يكاد موضوع الحرب أن يكون القاسم المشترك للنص الروائي العراقي المكتوب في العشرين سنة الأخيرة سواء أكان في داخل العراق أو المنفى. فالحرب شكلت منعطفاً فاصلاً في كينونة الفرد والمجتمع العراقي، إذ أدت إلى تغيرات بنيوية عصفت في منظومة القيم والعادات والتقاليد، فلم يعد العراقي نفسه الذي كان قبل الحرب. هذه المتغيرات الدرامية يحاول النص المكتوب في المنفى رصدها في روايات وقصص من كتاب جدد مهاجرين ممن عايشوا تفاصيل الحياة في فترة الحرب. "علي جاسب" واحد من أولئك الكتاب، صدر له في عام(1995) رواية بعنوان "مثلث النار" عن دار الكنوز الأدبية ـ بيروت ـ. وهي رواية ميدانية أن صح التعبير تصور حياة الجنود في الوحدات العسكرية الأمامية وما يعانونه من صعاب في معارك ـ الفاو ـ الطاحنة في نفس تسجيلي يصور التفاصيل والعلاقات، وما يعانيه الجندي والمراتب الأخرى في الجيش من قمع وإرهاب وخوف من السلطة ومن الموت في المعارك، وعن أحلام السارد وأمنياته الصغيرة في الحب والحلم بحياة لا حرب فيها، والنص كان معنياً في عالم الجندي الخارجي في محنة الجبهة وتلك المعركة الطاحنة، ولم يكن للسارد فسحة من الوقت وسط ذاك الاحتدام الذي فرضه منطق السرد ووجهة نظر السارد المعني في معركة محددة ـ الفاو ـ من الالتفات إلى عالم المقاتل الداخلي. في نصه "إيناس" الصادر عن دار نينوى ـ دمشق ـ (2001) يلتفت "علي جاسب" إلى عالم المقاتل الداخلي، فعلى مدى خمس وتسعين صفحة من القطع المتوسط، يبوح لنا السارد بضمير المتكلم عالمه الداخلي المتشظي في منولوغ داخلي طويل يتداخل مع الوصف غير المحايد، من وجهة نظر السارد، ومع العديد من القصص المبثوثة من وجهة نظر السارد أيضاً في جسد ذلك المنولوغ الذي لا ينتهي بنهاية النص. يبدأ النص بوصف ساحة "سعد" وهي ساحة شهيرة في البصرة يقع قربها محطة السيارات الرئيسية التي تقل الجنود من وإلى البصرة زمن الحرب العراقية الإيرانية، ومن خلال عيني السارد نقع على طبيعة المكان وبشره المتعبين وعلى حالة الشخصية المحورية بلغة خشنة فظة "وعلى مقربة يضج الكراج الموحد ويقيئ ويستقبل زبالة حروب وحثالات آمال. حفاة ومفلسين ومعاقين. مجذومين بالموت والحب والجنون وشراكه لابد منها تجعل من يمر هناك يعطس ويسعل ويبكي ويصرخ ويجن عندما تتخلع موازينه والتوابيت تجري كنحس طويل والجنود النائمون تعباً وإفلاساً ونسياناً ليس لهم إلا أن يناموا هكذا وقتاً طويل"(ص11). بهذه اللوحة الموحشة ندخل مع السارد عالم النص اللاهث. سينتقل السارد بين ضميري المتكلم والمخاطب في خطة عشوائية يفرضها منطق النص وتقنية المنولوغ التي تستوعب كل ضمائر السرد. الراوي مقاتل قي الجبهة يسمح له أمره بالنزول إلى البصرة ست ساعات يشعر بدونية وضعه كإنسان، جندي في وحدة أمامية يحوم حوله موت محتمل، ويعاني من تجربة حبٍ مجنون لزميلته في الجامعة "إيناس" التي نعلم لاحقاً أن "ظافر" رجل الأمن منذُ أن كان طالباً معهم تمكن من تخريب تلك العلاقة بفضحها لأهل "إيناس" ليستحوذ عليها كزوجة لاحقاً. إشكالية الراوي مركبة فهو من ناحية سيق إلى جبهات الحرب، ومن ناحية أخرى وجد نفسه ضئيلاً إزاء "ظافر" الذي أصبح مدير أمن الناصرية، وإزاء تعلقه بـ "إيناس" المستفحل باطراد مع اشتداد شعوره بالدونية. في الساعات الست وهو زمن الرواية الافتراضي نرى تفاصيل مدينة البصرة بعيني الرواية المتجول في أمكنة حميمة كان يلتقي فيها مع "إيناس" أيام الجامعة، ومن خلالها نطلع على تفاصيل تلك العلاقة الحميمة واللقاءات الجسدية الساخنة، ثم يتنقل السارد فجأة في ص(37) إلى حدث أخر دون تمهيد ليقص علينا زيارة قام بها إلى مديرية أمن الناصرية، للتوسط كي يطلقوا سراح "حسون" وهو من عشيرة الراوي، صاحب جواميس، لا دخل له في السياسة مدله بسميرة توفيق، يبصق في لحظة غضب على شاشة التلفزيون، حينما قطعوا أغنية "سميرة" ليظهر محلها الرئيس في نقلٍ حي. فيجد "ظافر" غريمه القديم مديراً مما يجعله يرجع عن محاولة التوسط لإطلاق سراح حسون. يتشجر السرد حول الشخصيات الثلاثة، إيناس، حسون، ظافر، في معادلة مكشوفة تحاول أن ترمز لطبيعة الصراع، حسون الفرد العراقي المسكين، إيناس المرأة الحبيبة المغتصبة بفعل تكاتف سلطة العشيرة والسلطة السياسية، وظافر رمز صارخ للسلطة. بالإضافة إلى الراوي. هذه القوالب المعدة سلفاً بذهن الكاتب أضعفت مخيلة السارد، فظل طوال النص يتنقل عشوائياً بينها، يتذلل بضمير المخاطب لإيناس، ويشتم متوعداً ظافر، ويبرر عجزه أمام حسون، مما أضعف بنية النص القصير ومادته الخام التي تصلح لقصة قصيرة منها إلى الرواية. وهذه الإشكالية الجدية يقع فيها الكثير من الكتاب العراقيين الجدد الحالمين بالكتابة عن موضوعات كبيرة روائياً. فالشخصية القصصية "الراوي" لم يستطع الغور في أبعاد مختلفة في عالمه الخاص، ولا الغور في أبعاد الشخصيات الأخرى إيناس، ظافر، حسون، بل أنحسر همه في بعد واحد من أبعاد العلاقة إلا وهي السياسة. يضاف إلى أنه جعل من السياسة المدخل لفهم الشخصية الإنسانية، في حين أن النص من هذا النمط الأقرب إلى النفسي والمستخدم تقنية "المنولوغ" ينشغل بكل أبعاد الإنسان الأخرى الاجتماعية والنفسية كي يلقي الضوء على البعد الظاهر "السياسي". النص فنيا يعاني من خلل في بنيته، إذ لم يحكم زمن السرد الافتراضي وهي ساعات النزول إلى البصرة بالعودة في نهاية النص من المنولوغ الطويل، فينهي نصه وهو لم يزل في زمن أخر، في الناصرية بعد خروجه من مديرية الأمن وهو زمن مسترجع بالذاكرة فبدا النص كبناء لا سقف له. كما قلت في مدخل المقالة أن لغة النص فظة خشنة تعكس حالة من التأجج والغضب لكنها بدت في مواقع عديدة فجة، كما أن الجملة السردية والحوارات ضعيفة الصياغة، فقيرة الفكر والدلالة وتشكل تراجعاً عن نص "مثلث النار" التي بدت في اللغة وبناء الجملة أصفى وأمتن. أخيراً بدت هذه الرواية كقصة قصيرة مطت قسراً كي تصبح رواية.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص ...
- بنية روائية تؤسطر الوقائع وتدفعها إلى حافة الجنون قلعة محمد ...
- المنفى هو منفى أبدي بعد مجيء الطير مجموعة إبراهيم أحمد القصص ...
- بنية قصصية تبحث عن دلالتها بالرمز -ما يمكن فضحه عن علاقة أبي ...
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا مصاطب الآلهة مجموعة محم ...
- مجلس جالية أم مجلس أحزاب الجالية؟!
- المولود في المنفى كائن مكونٌ من الحكايات -أمسية صيفية-* مجم ...
- المنفي ميت حي -البيت الأخضر - مجموعة عبد جعفر القصصية
- قاب قوسين مني- مجموعة -هدية حسين- القصصية تصدع بنيان المجتمع ...
- أصغي إلى رمادي لحميد العقابي الذات حينما تدمرها الطفولة والح ...
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة5
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة 5
- ما بعد الحب رواية هدية حسين 1
- ما بعد الحب رواية هدية حسين2
- الحرب خربت كل شيء كم كانت السماء قريبة- رواية -بتول الخضيري-
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة2
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة3
- الكتابة والتجربة الكاتب النص الحياة4
- كتاب يهجو الطغاة ويعرض لصريخ الضحايا -مصاطب الآلهة- مجموعة - ...
- عن معاناة اللاجئين في الشمال الاسكندنافي التأليف بين طبقات ...


المزيد.....




- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - قولبة شخصيات النص في أبعاد معدة سلفاً رواية أيناس لعلي جاسب